فصل: الزوج:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.القاعدة العاشرة:

في العزم على ترك ما حلف أنه يفعله هل يكون بمنزلة ترك فعله أو لا ولم أر في ذلك نصًا إلا ما حكاه ابن الحاجب في القائل لامرأته: إن لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي، قال: إنما يكون مظاهرًا بالإياس أو العزيمة، وأفتى شيخنا شهاب الدين القرافي رحمه الله فيمن قال لامرأته: إن لم أفعل كذا فأنت طالق، وعزم على أن لا يفعله أنه يحنث.

.القاعدة الحادية عشرة:

إذا تعذر المحلوف عليه عقلاً لم يحنث كما لو حلف ليذبحن هذا الحمام فيموت، وإن تعذر شرعًا كمن حلف ليطأن زوجه فوجدها حائضًا ففي حنثه قولان، ثم إن وطئها وهي حائض فقد بر في يمينه، وإن كان إثمًا وقيل: لا يبر، وإن تعذر عادة مثل أن يحلف ليبيعن هذا الثوب فيسرق أو يغصب أو يستحق حنث.
وقال أشهب: لا يحنث، وهذا كله إذا ضرب لذلك أجلاً وإن لم يضرب له أجلاً، فإن لم يفرط حتى حصل التعذر لم يحنث وإن فرط حنث.

.القاعدة الثانية عشرة:

التمادي على الفعل كابتدائه في البر والحنث بحسب العرف.

.القاعدة الثالثة عشرة:

المعتبر في الولاية على المحل حال النفوذ، فلو قال العبد لزوجه: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثًا، فدخلت بعد أن عتق طلقت ثلاثًا، ولو قال: طلقتين، وقعتا وبقيت له واحدة.

.القاعدة الرابعة عشرة:

إذا تغير المحلوف عليه عن صفته، فهل يلحقه ذلك التغير بجنس آخر أو لا قولان مثاله أن يحلف ليأكلن هذا الطعام، فيفسد ويتغير عن حاله وفي بره أو حنثه قولان.

.القاعدة الخامسة عشرة:

إذا حلف لأفعل كذا ففعله فحنث ثم فعله ثانية وثالثة فلا يتكرر عليه الحنث، إلا أن يأتي بلفظ يدل على التكرار مثل: كلما ومهما وفي متى ما اضطراب، ففي الجواهر هي مثل كلما، وفي المدونة هي مثل إن، إلا أن ينوي بها معنى كلما، ولو اقتضى العرف التكرار مثل قوله لا تركت الوتر أو كقوله لامرأته متى تزوجت عليك فأمرك بيدك.

.القاعدة السادسة عشرة:

إذا تكررت ألفاظ اليمين بالله على شيء واحد، فالأصل أنها على التأكيد ما لم ينو الإنشاء فإذا قال: والسميع العليم فكفارة واحدة، وكذلك إن قصد الإنشاء على المشهور ما لم ينو كفارات، فإن نواها أو قال على عشر كفارات أو عشر نذور لزمه ما نواه ولو كرر أسماء الصفات مثل قوله وعلم الله وقدرته وجلاله، فقولان، والأصل في أيمان الطلاق الإنشاء ما لم ينو التأكيد.

.القاعدة السابعة عشرة:

في بيان الفرق بين اللغو والغموس، فاللغو هو اليمين على ما يعتقده فيتبين خلافه ماضيًا كان أو مستقبلاً، وقيل: هو ما يسبق إليه اللسان بغير عقد، والقولان مرويان عن عائشة رضي الله عنها، ويدخل اللغو في الطلاق على التفسير الثاني، فإن حسرته النية لم يصدق في عدم القصد، ولا يدخل على التفسير الأول، والغموس هو اليمين بالله تعالى على تعمد الكذب أو على غير يقين.
قال مالك: والله ما لقيت فلانًا أمس وهو لا يدري ألقيه أم لا، ثم علم بعد يمينه أنه كلما حلف بر وقد خاطر فسلم، وإن كان على خلاف ذلك فهو كمتعمد الكذب.

.القاعدة الثامنة عشرة:

إن المعتبر في اليمين بالله على ما أذكره من التفصيل النية، فإن عدمت اعتبر بساط اليمين وهو السبب الباعث عليها، فإن عدم حملت على المقصد العرفي، وقيل: على اللغوي، وقيل: على الشرعي، والأول أصح، ثم المعتبر في النية نية المستحلف إن حلف له على حق، وإن حلف له متبرعًا أو مكروهًا أو بعد أن استحلفه، ففي المذهب أربعة يفرق في الثالث، فإن حلف متطوع فله نيته، وإن حلف بعد أن استحلفه فهي على نية المستحلف والرابع عكسه حكاه القاضي عياض، وإن لم يحلف بغيره وكانت يمينه مما لا يقضي بها فله نيته إن كان ما ادعاه قريبًا كما لو حلف بالمشي إلى بيت الله، وقال: أردت المسجد، وكان بعيدًا، فيجري على ما ذكرته آنفًا، وإن كانت مما يقضي بها كالطلاق والعتق وادعى خلاف ظاهر اللفظ نظرت فإن كان ما ادعاه احتمالاً قريبًا قبلت نيته في الفتيا دون القضاء، مثل أن يقول: لا لبست ثوبًا، ويقول: أردت ثوبًا وشيئًا، أو لا أكلت سمنًا، ويريد سمن ضأن، وإن كان احتمالاً بعيدًا لم تقبل نيته مطلقًا، مثل أن يحلف بطلاق امرأته على أمر كذب فيه، ويقول: أردت امرأتي الميتة أو المطلقة، ولو كان الاحتمال سواء، فقال ابن بشير: قد يقال هنا تقبل نيته، ويستظهر عليه باليمين.

.القاعدة التاسعة عشرة:

إذا حلف لا أكل شيئًا فأكل، أصله مثل أن يحلف لا أكل تمرًا فأكل بلحًا لم يحنث، وإن كان فرعه، وأتى بلفظ من حنث مثل أن يقول: لا أكلت من هذا القمح فأكل خبزه.
وقال أشهب: إلا أن يبعد استحلاله، مثل أن يقول: لا أكلت من هذا الطلع، فأكل من رطبه لمخالفته له في الاسم والطعم، وإن أتى به منكرًا، فقال ابن بشير: لا يحنث إلا أن يقرب جدًا مثل: لا أكلت زبدًا، فأكل سمنًا، ففيه قولان، وكذلك حكى ابن الحاجب في التعريف والتنكير مثل أن يقول: لا آكل القمح أو اللحم أو الطلع، أو لا آكل لحمًا أو قمحًا أو طلعًا، قال: فلا يحنث على المشهور، إلا أن يقرب جدًا كالسمن من الزبد، فقولان ابن المواز، واختلف في الحنث بما يخرج من الشيء ولم يره ابن القاسم إلا في خمسة في الشحم من اللحم، والنبيذ من التمر والزبيب، والعصير من العنب، والمرق من اللحم، والخبز من القمح، قال: وما سوى ذلك فلا يحنث به إلا أن يقول منه، والمذهب أن الشحم داخل في مسمى اللحم بخلاف العكس.

.القاعدة العشرون:

في الاستثناء بإلا وإخوانها، وذلك نافع في جميع الأيمان، ويشترط فيه ما يشترط في الاستثناء بالمشيئة من الاتصال، واختلف إذا قصد الاستثناء به أو بالمشيئة بعد تمام الكلام، وقبل القطع، وأتى به متصلاً، فالمنصوص أن ذلك ينفعه.
وقال ابن المواز: لابد من القصد إليه ولو عند آخر حرف، وأما إن اقتضت وهو غير قاصد، ثم أتى به متصلاً من غير صمات لم ينفعه، واختلف في نية الاستثناء، هل تنفع أو لابد أن يحرك بها لسانه كالاستثناء بمشيئة الله تعالى على قولين.
تنبيه:
فروع هذا الباب يضيق عن ذكرها هذا المختصر، وفي هذه القواعد كفاية، والله الموفق للصواب.

.اللواحق:

وهي هاهنا أحكام الكفارة، وهي إنما تجب بوجود السبب والشرط، فالسبب: اليمين، والشرط: الحنث، والحنث غير حرام، لكن الأولى أن لا يحنث إلا أن يكون الخير في الحنث أنواعها ثلاثة على التخيير لنص الكتاب: إطعام عشرة مساكين مد لكل مسكين من أوسط العيش، ثم إن كان بالمدينة فمده صلى الله عليه وسلم، وكذلك إن كان في غيرها، قاله ابن القاسم.
وقال غيره: بل يخرج الوسط من الشبع، وقيل: هو رطلان بالبغدادي من الخبز، وشيء من الأدام، وذلك وسط من الشبع في جميع الأمصار. وأفتى ابن وهب بمصر بمد ونصف، وأفتى أشهب بمد وثلث، ويشترط أن يكونوا أحرارًا مسلمين، ويعطى الفطيم ما يعطى الكبير، ويعطى منها من له دار وخادم لا فضل في ثمنهما، فإن اختار الكسوة فثوب لكل رجل ساتر لجميع جسده، أو للمرأة درع وخمار، وفي إعطاء الصغار ما يستر أو مثل الكبار كالطعام قولان، ويشترط في الرقبة ما يشترط في الصيام والظهار، فإن عجز عن جميع ذلك صام ثلاثة أيام، وتتابعها مستحب، وهذا حكم الحر، وأما العبد فيجزئه الصيام بلا خلاف، ولا يجزئه العتق؛ لأن الولاء لسيده، وأما الإطعام والكسوة، ففي المدونة إن فعل ذلك بإذن سيده رجوت أن يجزئه وما هو بالبين والصوم أحب إلي، وحكى المتأخرون في الإجزاء قولين.

.النذور:

.حقيقته:

لغة: الالتزام، وشرعًا: التزام فعل طاعة تقربًا لله تعالى.

.حكمه:

الاستحباب إن كان على وجه الشكر ابتداء، والكراهة إن كان على غير ذلك، بشرط كان أو بغير شرط، فإذا صدر ذلك من الناذر وتعلق بفعل مندوب إليه وجب الوفاء به، ويعزى لابن القاسم أن ما كان معلقًا على وجود شيء أو خرج مخرج اللجاج والغضب فيه كفارة يمين، ومال إليه جماعة من المتأخرين.
والحكمة في لزومه: التأدب مع الله تعالى بالوفاء بما التزم من طاعته.

.أركانه:

ثلاثة: الناذر، والمنذور، والصيغة.

.الناذر:

مسلم مكلف، فلا نذر لكافر ولا صبي ولا مجنون.

.المنذور:

ما فيه قربة، فلا نذر في معصية ولا مباح.

.الصيغة:

لفظ يدل على التزام ما فيه قربة، كقوله: لله علي صوم كذا، وما أشبه ذلك، ثم إن صدرت مطلقة، كقوله: علي نذر، فحكمه حكم اليمين بالله تعالى في الكفارة الاستثناء واللغو، وإن صدرت مقيدة نصًا أو نية، ثم عرفًا، ثم مدلول لفظ عمل بمقتضاه، فإن كان له مقتضيان، ففي حملها على الأقل أو الأكثر خلاف، فإذا نذر أن يصلي ونوى عددًا لزمه ما نواه، فلو لم ينو شيئًا صلى ركعتين، فلو نوى أن يصلي قاعدًا مع قدرته على القيام جاز، ولو لم ينو القعود لزمه القيام؛ لأنه المعروف، وإذا قال على المشي إلى مكة لزمه المشي إليها.
قال مالك: ولو حلف بالمشي إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس لم يلزمه المشي، وليأتهما راكبًا، وإنما يمشي من قال على المشي إلى بيت الله تعالى ابن القصار، إنما لم يجب عليه المشي إلى هذين المسجدين، إذ لا طاعة في المشي إلى الصلاة، ولزمه ذلك في قوله: علي المشي إلى بيت الله؛ لأن ذلك ينصرف إلى الحج والعمرة، والمشي فيهما طاعة، فإذا أوجبه على نفسه وجب، ولو نوى الصلاة كان له أن يركب، قال عنه ابن شاس، وإذا لزمه إتيان مكة للصلاة في مسجدها، فإنه لا يدخلها إلا محرمًا. وإذا نذر صيام شهر فبدأ الصيام من أول شهر، فكان تسعة وعشرين أجزأه، وإن ابتدأه في أثناء الشهر كمله ثلاثين، ولو نذر صيام سنة بعينها، فإن نص على قضاء الأيام التي لا يصح صومها أو نوى ذلك أو نص على عدم قضائها أو نواه عمل بمقتضى ذلك، وإن لم ينص على شيء، ولا نواه، فقال مالك: يفطر يوم الفطر وأيام الذبيح ويصوم آخر أيام التشريق يعني الرابع ولا قضاء عليه فيها ولا في رمضان ولو نذر صوم سنة، ولم يعينها صام اثنى عشر شهرًا ليس فيها رمضان ولا الأيام المحرمة، قاله مالك.
قال: ويجعل الشهر الذي يفطر فيه ثلاثين فيقضي على قوله إذا كان شوال ناقصًا يومين يوم الفطر ويوم النقص.
وقال ابن عبد الحكم: إنما يقضي ما أفطر فيه خاصة ولو نذر يوم يقدم فلان فقدم ليلاً صام يومه ولو قدم نهارًا فلا قضاء على المشهور، ولو قدم يوم عيد لم يقض ولو نذر صوم يوم بعينه فنسيه، فقال سحنون أولاً: يختار يومًا ويصومه.
وقال أيضًا: يصوم الأيام كلها.
وقال أيضًا: يصوم آخر يوم في الجمعة، وهوي يوم الجمعة، وقاله ابن القاسم في العتبية. وإذا نذر صدقة فإن أطلق خرج على العهدة بأقل ما ينطلق عليه الاسم ولو قال: مالي أو جميع مالي نذر وصدقة أو في السبيل أو هدي أو لوجه الله تعالى أجزأه إخراج الثلث من العين والطعام والرقيق وغير ذلك، إلا أن ينوي العين خاصة ويخرج ثلث قيمة مكاتبه، فإن عجز يومًا ما وكان في قيمة رقبته فضل أخرج ثلث الفضل، ولو قال: نصف مالي أو ثلاثة أرباعه أخرج جميع ما سمى.
قال محمد: وكذلك لو قال: مالي إلا درهمًا، فإنه يخرج جميعه، ولو عين قال: داري أو دابتي أو ثوبي صدقة، أو في سبيل الله، ولا مال له غير ما سمى وحنث، فقال في المدونة: يخرج ما سمى، ولا يكفيه ثلثه، وقال ابن نافع: إذا حلف بجميع ماله فإنما يلزمه إخراج الثلث إذا كان مليا، فأما قليل المال الذي يجحف ذلك به، فيخرج قدر زكاة ماله والفقير يكتفي بكفارة يمين.
وقال سحنون في جميع ذلك: يخرج ما لا يضر به إخراجه عين أو لم يعين.

.كتاب النكاح:

.حقيقته:

لغة: التضام والتداخل، يقال: تناكحت الأشجار إذا دخل بعضها في بعض، ويطلق على العقد مجازًا من باب إطلاق السبب على المسبب.

.حكمه:

الندب، وقد يعرض له ما يصيره واجبًا ومكروهًا ومباحًا وحرامًا، فيجب على من لا ينكف عن الزنا إلا به ويكره لمن لا يشتهيه وينقطع عن عبادة ربه، ولمن لا يجد الطول ولا حرفة له ولا صناعة ويحرم إذا لم يخف العنة وكان يضر بالمرأة لعدم القدرة على الوطء أو على النفقة أو يتكسب من الحرام. ومباح لمن لا سبيل له ولا أرب له في الاستمتاع.

.حكمة مشروعيته:

دفع التوقان وغوائل الشهوة والاستدلال باللذة الفانية على اللذة الباقية وموافقة إرادة الله تعالى في بقاء النسل إلى الوقت المعلوم، وإرادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المكاثرة.

.مستحباته:

سابق وهو الخطبة وما قل أفضل ومقارن وهو وقوعه في زمن ترجى بركته.
قال أبو عبيد: يستحب يوم الجمعة بعد صلاة العصر لقربه من محل السكون وهو الليل ويكره صدر النهار لما فيه من التفوق والانتشار ويستحب في رمضان لفضله، وفي شوال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة فيه، وابتنى بها فيه ولاحق وهو إظهاره والوليمة والدخان.

.أركانه:

خمسة: الصيغة، والزوج، والولي، والزوجة، والصداق.

.الصيغة:

من الولي لفظ يدل على التأبيد مدة الحياة كأنكحت وزوجت وملكت وبعت ووهبت بتسميته صداق، وهي من الزوج ما يدل على الرضا، فلو قال: زوجني ابنتك، فقال: زوجتك، لزم، وإن قال: لا أرضى، لم ينفعه؛ لأن هزل النكاح جد.
وقال مالك في السليمانية: لا يجوز هزل النكاح.
قال سليمان: إذا علم الهزل ثم الصيغة إن صدرت مطلقة فواضح، وإن صدرت مقيدة فلذلك صور ثلاث:
الأولى: أن تقيد بخيار، فإن كان في المجلس أو ما قرب جاز، وإن كان إلى اليوم واليومين والثلاثة فمنعه في المدونة.
الثانية: أن يتقيد الإيجاب بوقت، فإن كان الوقت معينًا مثل إذا مضت سنة، فقد زوجتك ابنتي بطل ولو علقه على الموت مثل إذا مت فقد زوجتك ابنتي، وكان مريضًا جاز، وإن كان في الصحة، ففي منعه قولان لابن القاسم وأشهب.
الثالثة: أن يتقيد بأجل وهو نكاح المتعة ويفسخ أبدًا بغير طلاق، وقيل: بطلاق، وهل لها المسمى أو صداق المثل، قولان، ويعاقبان ولا يبلغ الحد والولد لاحق.
قال مالك: وبالعراق النهارية تتزوج على أن لا يأتيها إلا نهارًا أو ليلاً، ولا خير فيه. ابن القاسم: ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل، ويفسخ الشرط، ولو تزوج المسافر يستمتع ثم يفارق، فإن كان شرطًا فمتعة، وإن فهمت المرأة ذلك ولم يكن شرطًا ففي الجواز والمنع قولان لمالك ومحمد، وروى أشهب إن كان أخبرها قبل النكاح فليفارقها والإشهاد شرط في الدخول لا في العقد، فإن دخل ولم يشهد فسخ بطلقة بائنة، وله نكاحها بعد الاستبراء، ابن الماجشون، ويحدان عالمين كانا أو جاهلين، ما لم يكن أمرهما فاشيًا.
قال: والشاهد الواحد لهما بالنكاح أو بإفشائهما باسم النكاح وذكره واشتهاره كالأمر الفاشي والجاري على أصل المذهب أنهما لا يحدان، إذ لا يؤاخذ أحد إلا بما أقر به.
وقال ابن القاسم: إن لم يعذرا بجهالة حدا وإن كان أمرهما فاشيًا والأول أصوب. ونكاح السر قيل: هو الذي دخل ولم يشهد فيه، والمشهور أنه المتواصي بكتمانه.
قال ابن حبيب: ويفسخ إن دخل ما لم يطل بعد البناء، قاله مالك وأصحابه، ولها صداقها بالمسيس ويعاقب الزوجان والشهيدان بما كتبا. وحكى ابن يونس أن الشهيدين لا يعاقبان.
وقال يحيى بن عمر: إذا أشهدا عدلين فليس بسر، وإن أمرهما بالكتمان ويؤمر الشهيدان بأن لا يكتما.

.الزوج:

إما أن يتولى هو العقد بنفسه، أو يعقده عليه غيره، ثم عقد الغير إما بوكالة أو بغير وكالة، أو بتولية، ثم التولية للسيد أو الأب أو الوصي أو الحاكم ووكيله، إذ لا ولاية إلا على ناقص لرق أو صغر أو جنون أو سفه، فإن تولى العقد بنفسه فيشترط في جواز نكاحه التمييز، وألا يكون له فرجان لا مزية لأحدهما على الآخر، ويشترط في نكاحه أن يكون مطلق اليد والاختيار، وإن عقد عليه غيره بوكالة لزم إن عمل بمقتضى وكالته نصًا وعرفًا، ولو زوجه بعد العزل وقبل علمه به، ففي اللزوم قولان، وإن عقد عليه بغير وكالة وكان حاضرًا صح إذا أجاز فعله، وإن صمت فلما فرغ قال: لا أرضى، وإنما صمت لعلمي أن النكاح لا يلزمني لزمته اليمين، قاله في المدونة في الأب يزوج ولده المالك لنفسه، وأنكر سحنون اليمين في ذلك ابن القاسم إنما يحلف إذا ادعى أبو الصبية أن مخبرًا أخبره أن الابن أمر أباه أن يزوجه، وإذا قلنا: يحلف، فنكل، فقال ابن أبي زيد: لا يلزمه شيء؛ لأن يمينه استظهار، وقيل: يلزمه نصف الصداق، ولا يلزمه نكاح ولا ترد اليمين؛ لأنها يمين تهمة. وعن ابن القاسم: إن ادعى أبو الصبية أن مخبرًا أخبره بأنه أمر أباه، فإن أبا الصبية يحلف إذا نكل ويثبت النكاح، وإن كان غائبًا فجائز إذا بلغه؛ لأنه يجوز بالقرب ابن دينار وابن حبيب، والقرب مثل المسجد والدار، فإن عقد السيد على عبده النكاح لزمه لأن له إجباره على النكاح.
قال مالك: وليس له أن يضربه فيزوجه ممن لا خير فيه، وللأب أن يزوج الصغير. وفي الوصي ثلاثة الإجبار في المدونة. وعدمه في الموازية والتفرقة فإن كانت المرأة ذات شرف أو ابنة عم فله الإجبار وإلا فلا، قاله المغيرة، ووصي الحاكم في ذلك بمنزلة وصي الأب، وذكر ابن الحاجب أن للحاكم تزويجه، ولم يحك فيه خلافًا. والمجنون يزوج إن احتاج، وفي مختصر ما ليس في المختصر: ما رأينا من زوج مثل هذا. وأما السفيه البالغ، ففي إجبار الأب والوصي والحاكم له قولان، القول بإجبار الوصي له لابن القاسم وابن حبيب، والقول بعدم الإجبار أحسن، إذ لا يؤمن أن يطلق فيغرم نصف الصداق ولو تزوج بنفسه، وأذن له أبوه أو وصيه جاز، وإن لم يأذن نظر فيه الأب والوصي فأمضاه إن كان صوابًا، وإلا فسخه بطلقة، وعن ابن القاسم إن كان حين العقد بحالة رشد مضى، وإذا فسخه بعد البناء فقال ابن الماجشون: لا يترك لها شيئًا، والمشهور أنه لابد من الترك، وفي قدره خمسة.
قال ابن القاسم ومالك في رواية ابن وهب: يترك لها ربع دينار، وبه الحكم.
وقال ابن القاسم أيضًا: يجتهد في الزيادة لذات القدر، ويترك للدنيئة ربع دينار.
وقال أيضًا: يترك من المائة ثلاثة دنانير أو أربعة أو نحو ذلك.
وقال ابن نافع: إن كان نقدها مائة ترك لها عشرة.
وقال أصبغ: تعوض بما تلذذ منها ما هو دون صداق مثلها، ولم يجد مالك في ذلك شيئًا، بل قال: يترك لها ما يستحل به فرجها. وإذا لم يعلم الوصي حتى رشد لم يفسخ نكاحه، قاله ابن المواز وغيره، وقيل: يعود النظر إليه، وإن لم يعلم حتى مات أحدهما فثلاثة.
قال ابن القاسم: إن مات الزوج فلا ميراث، وإن ماتت هي ورأى الولي إمضاء النكاح وأخذ الميراث فعل، وإلا رده وترك الميراث.
وقال أيضًا: يتوارثان لفوات النظر.
وقال أصبغ: إن ماتت وكان تزويجه غبطة، فله الميراث ولها الصداق، وإلا فلا ميراث ولا صداق، وإن مات هو فلها الميراث، ثم إن كان نكاح غبطة فلها الصداق أيضًا، وإن كان مما يرد فلا صداق لها، إلا أن يكون دخل، فلنا ربع دينار ولو مات أحدهما بعد علم الوصي، فقال ابن الماجشون: إن كان يحدثان النكاح حلف ما رضي ولا أجاز، ثم لا ميراث ولا صداق، وإن طال فلا كلام له.