فصل: فصل فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ كَانَ قَالَهُ أَوَّلَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ) أَيُّ حَاجَةٍ لِلَّفْظِ أَوَّلَ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) أَيْ: وَالْجُودَ وَزِيَادَةَ التَّوَسُّعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْجِيرَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَفْرِيغُ قُلُوبِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ لِلْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ و(قَوْلُهُ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) أَيْ: فِي كُلِّ مَكَان غَيْرِ نَحْوِ الْحَشِّ حَتَّى الْحَمَّامُ وَالطَّرِيقُ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ تَدَبُّرُهَا وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْجَهْرُ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ وَلَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ قَوِيَ حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ وَتَدَبُّرُهُ بِقِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) أَيْ وَمُدَارَسَتَهُ وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ الْإِيعَابُ مَا قَرَأَهُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. اهـ. عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ غَيْرُهُ إلَخْ أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ الْأَوَّلُ فَمِنْهُ مَا يُسَمَّى بِالْمُدَارَسَةِ الْآنَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالْإِدَارَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَعْرِضُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ وَيُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ كَانَ مَرَّةً يُدَارِسُهُ وَمَرَّةً يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَعْتَكِفَ) لَوْ قَالَ وَالِاعْتِكَافُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نِهَايَةٌ لَكِنْ سِيَاقُ كَلَامِ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْعَشْرُ الْأَخِيرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَاسِيَّمَا) سِيّ مِنْ سِيَّمَا اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ مِثْلٍ وَزْنًا وَمَعْنًى وَعَيْنُهُ فِي الْأَصْلِ وَاوٌ إلَّا أَنَّهَا قُلِبَتْ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ الْيَاءِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَفِي الرِّضَى أَنَّ الْوَاوَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى سِيَّمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ اعْتِرَاضِيَّةٌ؛ إذْ مَا بَعْدَهَا بِتَقْدِيرِ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ فَمَعْنَى جَاءَنِي الْقَوْمُ وَلَاسِيَّمَا زَيْدٌ أَيْ: وَلَا مِثْلُ زَيْدٍ مَوْجُودٌ بَيْنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ جَاءُونِي أَيْ: هُوَ كَانَ أَخَصَّ بِهِ وَأَشَدَّ إخْلَاصًا فِي الْمَجِيءِ وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ الْجَرُّ) أَيْ: عَلَى الْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ أَشْمُونِيٌّ وَهَلْ هِيَ لَازِمَةٌ أَوْ يَجُوزُ حَذْفُهَا نَحْوَ لَا سِيَّ زَيْدٌ زَعَمَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ الْأَوَّلَ وَنَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى الثَّانِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً تَامَّةً وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ صَبَّانٌ.
(قَوْلُهُ وَقَسِيمَاهُ) أَيْ: الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وُجُوبًا وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالْجُمْلَةِ وَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ إذَا كَانَ نَكِرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْرِفَةً فَالْجُمْهُورُ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِصَابِهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا كَافَّةٌ وَأَنَّ لَاسِيَّمَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ إلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَيَنْتَصِبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَقَدْ تُوصَلُ بِظَرْفٍ أَوْ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ. اهـ. أَيْ: كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّرْفِ مَا يَشْمَلُ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مَا مَوْصُولَةً وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِلَتُهَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الَّذِي فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَمْكُثَ مُعْتَكِفًا إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنْ يَعْتَكِفَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَنْبَغِي لِمُعْتَكِفِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَيَخْرُجَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَمُكْثُهُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى أَوْلَى. اهـ. قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَيُسَنُّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ قَبْلَ الْعَشْرِ لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ فَيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَنَا) أَيْ: بِاتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى اخْتِلَافِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ خِلَافٌ طَوِيلٌ بَيَّنْتُ طَرَفًا مِنْهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي نِهَايَةٍ م ر لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا نَحْوُ ثَلَاثِينَ قَوْلًا، وَفِي بُلُوغِ الْمَرَامِ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهَا عَلَى أَرْبَعِينَ قَوْلًا أَوْرَدْتُهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ إلَخْ) أَيُّ حَاجَةٌ لِلَّفْظِ أَوَّلَ سم.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي يَوْمِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَثَلًا إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ لُزُومِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِلَيْلَةٍ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَعَدَمُ دَوَرَانِهَا فِي لَيَالِيِهِ وَهَلْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى اللُّزُومِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ حَنِثَ) خَبَرُ إنَّ و(قَوْلُهُ أَوْ لَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَحْنَثُ وَعَدِيلٌ لَهُ.

.فصل فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ:

(شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا وَيَجِبُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ نَعَمْ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ وَأُخِذَ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهِ حُرْمَةُ إطْعَامِ الْمُسْلِمِ لَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا نُعَامِلُهُ بِقَضِيَّةِ كُفْرِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إقْرَارِهِ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا مُعَاوَنَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ (وَإِطَاقَتُهُ حِسًّا وَشَرْعًا) فَلَا يَلْزَمُ عَاجِزًا بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ إجْمَاعًا وَلَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِهِ شَرْعًا وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ جَدِيدٌ وَقِيلَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ وَعَلَيْهِمَا يَنْوِيَانِ الْقَضَاءَ لَا الْأَدَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فُعِلَ خَارِجَ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَغْرَقَ نَوْمُهُ الْوَقْتَ يَنْوِي الْقَضَاءَ وَإِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْأَدَاءِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَى نَحْوِ حَائِضٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لَا وُجُوبُ التَّكْلِيفِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمْ لِلْخِطَابِ وَمَرَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُخَاطَبٌ بِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ فَمُرَادُهُ أَنَّهُ بِوَصْفِ الرِّدَّةِ لَا يُخَاطَبُ بِهِ أَصَالَةً بَلْ تَبَعًا لِمُخَاطَبَتِهِ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا الْمُسْتَلْزِمِ لِذَلِكَ فَكَانَ خِطَابُهُ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ بِالصَّوْمِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَلَا يُرِيدُ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ خُوطِبَ بِالْإِسْلَامِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ فَلَمْ يَسْتَلْزِمْ خِطَابَهُ بِالصَّوْمِ أَصَالَةً وَلَا تَبَعًا فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءٌ؛ إذْ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ.
الشَّرْحُ:
(فَصْل فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ).
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ بِمَعْنَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بِتَعَدٍّ أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهِ حُرْمَةُ إلَخْ) أَفْتَى بِالْحُرْمَةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُهُ حُرْمَةُ إطْعَامِ الْمُسْلِمِ لَهُ) يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي الدُّنْيَا بِالْأَحْكَامِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرْعُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ أَحَدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدَائِهَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّوْمَ تَلَبُّسٌ بِمَعْصِيَةٍ وَأَنَّ إعَانَتَهُ عَلَيْهِ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ نَعَمْ حُرْمَةُ إطْعَامِهِ تُشْكِلُ بِجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ جُنُبًا فَيَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) قَدْ يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلٍ حَكَاهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ عَلَيْهَا أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ.
(قَوْلُهُ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ يُفِيدُ أَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ إلَخْ) الْمُلْحِقُ بِهَؤُلَاءِ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ فَإِنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ. اهـ. أَيْ: لَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ هَؤُلَاءِ إذَا مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ وَفِي هَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدُّ يُرِيدُ الشَّيْخَ جَلَالَ الدِّينِ الْمَحَلِّيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَرَضُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي شَارِحَ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عَدَمُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ ظَاهِرُهَا أَنَّ حُكْمَهُ كَالْحَائِضِ وَلَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَهَا أَوَّلًا وَآخِرًا اسْتَفَادَ مِنْهَا هَذَا الَّذِي حَاوَلَهُ الشَّارِحِ نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُطَالَبُ بِهَا أَيْضًا فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ اتَّجَهَ اعْتِرَاضُهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَعَرُّضِنَا لَهُ بِالْأَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي عَدَمَ مُخَاطَبَتِهِ مُطْلَقًا حَتَّى يُفَرِّعَ عَلَيْهِ عَدَمَ الِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ وَكَيْفَ يَصِحُّ نَفْيُ الْمُخَاطَبَةِ أَصَالَةً وَتَبَعًا مَعَ عِقَابِهِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ) قَدْ يُنَافِيهِ تَعْلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا أَسْلَمَ بِالتَّرْغِيبِ بَلْ الْوَجْهُ حِينَئِذٍ تَعْلِيلُهُ بِعَدَمِ الْخِطَابِ وَعَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ.
(فَصْل فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ):
(قَوْلُهُ فِي شُرُوطِ) إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ أَلْحَقَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَجِبُ إلَى: وَالْإِسْلَامُ وَقَوْلَهُ وَأَخَذَ إلَى: الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى: وَبِمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ وَمُرَخِّصَاتِهِ) أَيْ: مَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِ رَمَضَانَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَالْفِدْيَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ بِمَعْنَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ فَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بِتَعَدٍّ أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ سم.