فصل: فصل فِي بَيَانِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) صَرَّحَ فِي الْإِرْشَادِ بِسَنِّهِ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طُهْرًا أَثْنَاءَ النَّهَارِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يُسَنُّ الْقَضَاءُ لَهُمَا.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا خَالَفْنَا ذَلِكَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْفَوْرِ عَلَى النَّاسِي وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْفَوْرِ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ نِسْيَانًا.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُسَافِرِ نَدْبُ الْإِمْسَاكِ ع ش.
(قَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ: مَنْ ذَكَرَ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَمَنْ أَفْطَرَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ مَنْ أَفْطَرَ إلَخْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ إلَخْ) خَبَرٌ فَنُقِلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَمَا تَرَى) فِيهِ تَأَمُّلٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِكَلَامِهِمْ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) وَيُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ أَيْضًا لِمَنْ طَهُرَتْ مِنْ نَحْوِ حَيْضِهَا وَلِمَنْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَيُنْدَبُ لِهَذَيْنِ الْقَضَاءُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ شَرْحُ بَافَضْلٍ عِبَارَةُ سم صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِسِنِّهِ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَا أَثْنَاءَ النَّهَارِ. اهـ. وَعِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَلْ يُسَنُّ وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا أَوْ بَاطِنًا فَقَطْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ. اهـ. وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ يَشْمَلُ مَنْ أَفْطَرَ لِعَطَشٍ أَوْ جُوعٍ إلَخْ فَيُسَنُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لَهُمَا إلَخْ) أَيْ: لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ وَمِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ زَالَ عُذْرُهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَقَامَ وَشُفِيَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ لَيْلًا) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَلْزَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَأْكُلْ) وَنُدِبَ لَهُ نِيَّةُ الصِّيَامِ عُبَابٌ زَادَ النِّهَايَةُ أَيْ الْإِمْسَاكُ. اهـ. قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوَائِلَ النَّهَارِ. اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر أَيْ: الْإِمْسَاكُ قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةَ الْإِمْسَاكِ فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِ اسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ يَكُونُ الثُّبُوتُ قَبْلَ نَحْوِ الْأَكْلِ هَذَا وَالْمَشْهُورُ إبْقَاءُ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا حِينَئِذٍ إذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا إنْ قَلَّدَهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
وَفِي ع ش مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَكَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: آنِفًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مُسَافِرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَهُنَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ فِطْرَهُ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَقْصِيرٍ لِعَدَمِ الِاجْتِهَادِ فِي الرُّؤْيَةِ وَطَرْدًا لِلْبَابِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ هِيَ أَنَّ الْمَعْذُورَ لَا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فِي الْقَضَاءِ وَقَوْلُهُ وَطَرْدًا لِلْبَابِ إلَخْ أَيْ: فِي صُورَةِ مَا إذَا بَذَلَ جَهْدَهُ فِي طَلَبِ الْهِلَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا خَالَفْنَا ذَلِكَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْفَوْرِ عَلَى النَّاسِي وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْفَوْرِ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ نِسْيَانًا سم.
(قَوْلُهُ فِي نَاسِي النِّيَّةِ) يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ عَلَى تَارِكِهَا عَمْدًا وَإِلَّا لَقَالَ فِي تَارِكِ النِّيَّةِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْفَاضِلِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ.

.فَرْعٌ:

فِي الْخَادِمِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ وَلَوْ عَمْدًا قَضَاؤُهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ وَاعْتَرَضَ السُّبْكِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَمْدِ. اهـ. انْتَهَى بَصَرِيٌّ عِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ عَمْدًا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ سَهْوٌ مِنْهُ. اهـ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ.
(قَوْلُهُ وَيُثَابُ مَأْمُورٌ بِالْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِمْسَاكِ لَا ثَوَابِ الصَّائِمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ لَهُ مَا يُشْرَعُ لِلصَّائِمِ مِنْ السُّنَنِ وَالْآدَابِ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ) فَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَحْظُورًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الصَّائِمِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا وَيُؤَيِّدُهُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ.

.فصل فِي بَيَانِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ:

وَأَنَّهَا تَارَةً تُجَامِعُ الْقَضَاءَ وَتَارَةً تَنْفَرِدُ عَنْهُ (مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) بِأَنْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِ ثَانِي الْعِيدِ أَوْ اسْتَمَرَّ بِهِ نَحْوُ حَيْضٍ أَوْ مَرَضٍ مِنْ قُبَيْلِ غُرُوبِهِ أَيْضًا أَوْ سَفَرِهِ الْمُبَاحِ مِنْ قَبْلِ فَجْرِهِ إلَى مَوْتِهِ (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) أَيْ: لِفَائِتٍ بِفِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَلَا إثْمَ) كَمَا لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَجِّ إلَى الْمَوْتِ هَذَا إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ وَإِلَّا أَثِمَ وَتَدَارَكَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِفِدْيَةٍ أَوْ صَوْمٍ (وَإِنْ مَاتَ) الْحُرُّ وَمِثْلُهُ الْقِنُّ فِي الْإِثْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا التَّدَارُكُ؛ لِأَنَّهُ لَا عَلَقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ حَتَّى يَنُوبُوا عَنْهُ نَعَمْ لَوْ قِيلَ فِي حُرٍّ مَاتَ وَلَهُ قَرِيبٌ رَقِيقٌ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لِلْإِنَابَةِ عَنْهُ (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) وَقَدْ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَثِمَ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا فَأَخَّرَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ إلَى أَنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَيَعْصِي مِنْ آخِرِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ كَالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْآخَرُ كَانَ التَّأْخِيرُ لَهُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْمُؤَقَّتِ الْمَعْلُومِ الطَّرَفَيْنِ لَا إثْمَ فِيهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ إمْكَانِ أَدَائِهِ.
و(لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ)؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَقْبَلُ نِيَابَةً فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِمَاتَ مَنْ عَجَزَ فِي حَيَاتِهِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا (بَلْ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّ طَعَامٍ) مِمَّا يُجْزِئُ فِطْرُهُ لِخَبَرٍ فِيهِ مَوْقُوفٍ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ الْإِطْعَامُ عَنْهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ بَدَنِيٍّ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِطْعَامِ فِي الْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ بِلَا إذْنٍ فَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْكَفَّارَةِ فَمَا هُنَا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّتِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ بِهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ.
(وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) بِأَنْوَاعِهَا أَيْ: صَوْمُهُمَا فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَائِهِ فَلَا تَدَارُكَ وَلَا إثْمَ إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ بَعْدَهُ فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا وَجَبَ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ فِيمَنْ مَاتَ مُسْلِمًا بَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَيْضًا أَنْ يَصُومَ عَنْهُ بَلْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ثُمَّ إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً وَجَبَ أَحَدُهُمَا وَإِلَّا نُدِبَ وَظَاهِرُ قَوْلِ شَرْحِ مُسْلِمٍ يُسَنُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ الْقَوِيُّ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قُلْت الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ) وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ اخْتِيَارُهُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ الْجَدِيدُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ تَصْحِيحُ الْجَدِيدِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا إلَى تَصْحِيحِ الْقَدِيمِ وَهُوَ الصَّوَابُ بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ. اهـ. وَانْتَصَرَ لَهُ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَبِهِ أَفْتَى أَصْحَابُنَا فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الصِّيَامِ فِي الْخَبَرِ عَلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ كَمَا سُمِّيَ فِي الْخَبَرِ التُّرَابُ وُضُوءًا لِكَوْنِهِ بَدَلَهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَائِلَةٌ بِالْإِطْعَامِ مَعَ كَوْنِهَا رِوَايَتَهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ (وَالْوَلِيُّ كُلُّ قَرِيبٍ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صُومِي عَنْ أُمِّك لِمَنْ قَالَتْ لَهُ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ» وَهُوَ يُبْطِلُ احْتِمَالَ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَلِيُّ الْمَالِ أَوْ وَلِيُّ الْعُصُوبَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرُ فَصَامَهَا أَقَارِبُهُ أَيْ أَوْ مَأْذُونُو الْمَيِّتِ أَوْ قَرِيبُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَتْ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَاسَهُ غَيْرُهُ عَلَى مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجُّ إسْلَامٍ وَحَجُّ نَذْرٍ وَحَجُّ قَضَاءٍ فَاسْتَأْجَرَ عَنْهُ ثَلَاثَةً كُلًّا لِوَاحِدَةٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
الشَّرْحُ:
(فَصْل فِي بَيَانِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ إلَخْ).
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَنْ فَاتَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ الْأَحْرَارِ. اهـ.
وَفِي النَّاشِرِيِّ فِي فِدْيَةِ التَّأْخِيرِ الْآتِيَةِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ هَذَا فِي الْحُرِّ أَمَّا الْعَبْدُ إذَا فَاتَهُ صَوْمٌ أَوْ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَأَخَّرَ الْقَضَاءَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْقَضَاءِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ تَلْزَمُهُ فَمِنْ أَيْنَ يُكَفِّرُ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا تَلْزَمُهُ فَهَلْ يَكُونُ قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ إذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصِّيَامِ دُونَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ هَذِهِ فِدْيَةٌ مَالِيَّةٌ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِيهَا بِحَالٍ وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي نَظِيرٍ لَهَا فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَفِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الشَّيْخِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَقُلْنَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَكَانَ مُعْسِرًا فَأَيْسَرَ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا تَجِبَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ. اهـ. أَيْ: بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ الْعِبْرَةُ فِي الْكَفَّارَةِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَقْتُهُ لَكِنْ اخْتَلَفَ حَالُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ لَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَا بَعْدَهُ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَجْزِ لِنَحْوِ هَرَمٍ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ التَّأْخِيرِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ بَلْ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْضِعَةِ إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً نَعَمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ لَا يَبْعُدُ أَنَّ لِسَيِّدِهِ بَلْ وَوَلِيِّهِ الصَّوْمَ وَالْإِطْعَامَ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر.
(قَوْلُهُ مِنْ قُبَيْلِ غُرُوبِهِ) فِي التَّقْيِيدِ بِقُبَيْلَ نَظَرٌ بَلْ يَكْفِي مُطْلَقُ الْقَبْلِيَّةَ.
(قَوْلُهُ أَوْ سَفَرُهُ الْمُبَاحُ مِنْ قَبْلِ فَجْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا عَدَمُ الْعُذْرِ.
(قَوْلُهُ مِنْ قَبْلِ فَجْرِهِ) يَنْبَغِي وَكَذَا بَعْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا أَثِمَ) أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَتَدَارَكَ عَنْهُ) أَيْ: فِي الْحُرِّ دُونَ غَيْرِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آنِفًا.
(قَوْلُهُ لَا التَّدَارُكُ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي التَّدَارُكُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ لِقَرِيبِهِ أَنْ يَتَدَارَكَ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ سِيَّمَا وَالرِّقُّ زَالَ بِالْمَوْتِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَثِمَ) قَضِيَّتُهُ الْإِثْمُ إذَا تَمَكَّنَ وَقَدْ فَاتَ بِعُذْرٍ قَالَ فِي الْعُبَابِ فَرْعٌ لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ قَوْلُ الْإِمَامِ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَأَفْطَرَ مُتَعَدِّيًا الظَّاهِرُ أَنَّ وَلِيَّهُ يَصُومُ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ. اهـ.