فصل: بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ:

(سُئِلَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِ أَدَبِ الْقَضَاءِ الْمُسَمَّى بِعِمَادِ الرِّضَا عَمَّنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ قَالَ بِعْته قَبْلَ أَنْ أَمْلِكَهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. اهـ.
فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ دَعْوًى حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْبَائِعُ عُذْرًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَ بِنَقْصٍ ثُمَّ ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٍ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لِلْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ وَفِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ إذَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا وَلَا يَكْفِي لَهُمْ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ رَضُوا بِهَا. اهـ.
فَمَا صُورَةُ هَذَا وَكَيْفَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّ الْمُدَّعِي وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي لِنَفْعِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْسِهِ إلَّا إذَا قَالَ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى. اهـ.
فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِهِ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَفْهُومَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى صَحِيحٌ مُصَرَّحٌ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ بَائِعُهُ وَهُوَ مِلْكُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ بِأَنَّ دَعْوَاهُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبُطْلَانِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَى آخِرِهِ صُورَتُهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْحَقِّ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ فَمَجَازٌ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ ذِكْرُ التَّحْلِيفِ، وَأَمَّا مَفْهُومُ الثَّالِثَةِ فَصَحِيحٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ نَفْسِ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَنْ إنْكَارٍ وَهُوَ لَاغٍ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُ قَوْلِ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّيْخِ الْإِسْنَوِيِّ أَمْ لَا يُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَيَحْلِفُ خَصْمُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ وَهَلْ حُكْمُ دَعْوَى النِّسْيَانِ حُكْمُ دَعْوَى التَّخْصِيصِ بِلَا فَرْقٍ كَمَا عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ دُونَ التَّخْصِيصِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ إلَّا لِتَحْلِيفِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّهُ نَكَحَهَا عَلَى مَبْلَغٍ جُمْلَتُهُ كَذَا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَهَلْ يُقْبَلُ هَذَا الْجَوَابُ إذْ قَدْ يَنْكِحُهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ تَكُونُ مُفَوَّضَةً، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَتُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ تُقِيمُهَا عَلَى مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ لَمْ تُقِمْهَا وَطَلَبَتْ يَمِينَهُ فَذَكَرَ قَدْرًا دُونَ مَا ادَّعَتْهُ فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ بَلْ يُكَلَّفُ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ عَلَيْهِ تَحَالَفَا، وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ لَهَا بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِفُضُولِ كَسَاوِي فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ ثُبُوتُ الْكَسَاوِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَى التَّمَكُّنِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ إذْ الْأَصْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ عَدَمُ النُّشُوزِ الْمُسْقِطِ لِلْكِسْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ التَّمْكِينُ فَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الزَّوْجَةِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى عَدَمَ تَمْكِينِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ حَضَرَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مِنْهُمَا لَا يُصَوِّرُ دَعْوَاهُ فَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَنْتَ تَدَّعِي عَلَى غَرِيمِك هَذَا بِمَا هُوَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ إذْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْمُدَّعِيَ إذَا أَهْمَلَ وَصْفًا فَإِنْ أَهْمَلَ شَرْطًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنِينَ مِنْ جُمْلَتِهِ نِصْفُ أَنْشَابِ غَيْطٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِجَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ فِي جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ إلَى صُدُورِ الْوَقْفِ، وَثَبَتَ جَمِيعُ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجَبِ جَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَاضِعِينَ الْيَدِ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مُسْتَنَدًا نَاطِقًا بِأَنَّ أَبُوهُ اشْتَرَى سُدُسَ أَنْشَابِ الْغَيْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ فُلَانٍ وَفِيهِ فَصْلُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ مَثْبُوتٌ جَمِيعُ مَا فِيهِ مَحْكُومٌ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ أَيْضًا مُؤَرَّخٌ بِتَارِيخٍ مُقَدَّمٍ عَلَى تَارِيخِ الْوَقْفِ، وَالْحَالُ أَنَّ أَبَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى مَا خَصَّهُ مِنْ جَمِيعِ نِصْفِ أَنْشَابِ الْغَيْطِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ لَدُنْ آلَ إلَيْهِ مَا خَصَّهُ مِنْ الْوَقْفِ إلَى أَنْ مَاتَ وَوَضَعَ ابْنُهُ يَدَهُ كَذَلِكَ وَبَقِيَّةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ إلَى أَنْ ادَّعَى أَنَّ سُدُسَ أَنْشَابِ نِصْفِ الْغَيْطِ الْمَوْقُوفَةِ مِلْكُهُ بِمُقْتَضَى الْمُسْتَنَدِ الشَّاهِدِ لِوَالِدِهِ بِمَا تَقَدَّمَ فَهَلْ الْمُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ مُقَدَّمَةٌ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَالْيَدُ فِيمَا ذَكَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجِبِهِ فِي الْمُسْتَنَدَيْنِ وَمِنْ مُوجِبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَفْعِ الْخِلَافِ أَمْ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي عَلَى بَيِّنَةِ الْوَقْفِ لِإِضَافَتِهَا الْمِلْكَ إلَى سَبَبِهَا وَلِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا فَإِنَّهَا انْفَرَدَتْ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَمْ تُعَارِضْهَا فِيهِ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ فَوَجَبَ وَقْفُ الْمُتَعَارِضِ، وَإِمْضَاءُ مَا لَيْسَ فِيهِ تَعَارُضٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَلَمْ تُعَارِضْ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ يَدٌ إذْ الْيَدُ فِي الْأَنْشَابِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاتِّصَالِ بِهَا وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي تَضَمَّنَتْ أَنَّ يَدَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِلْكِهِ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لَا لِمَنْفَعَتِهَا فَقَطْ بِسَبَبِ الْوَقْفِ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْمُسْتَنَدِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ مَتَى غِبْت عَنْ زَوْجَتِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ أَحْضُرْ إلَيْهِمَا كَانَتْ طَالِقًا وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ لَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا هَلْ لِلْحَاكِمِ سَمَاعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتِهَا وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ السَّمَاعَ وَالْحُكْمَ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَطَلَبَ الْحَلِفَ مَعَهُ هَلْ يُجَابُ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ لِقَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَتَعْبِيرِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَك حُجَّةٌ قَالَ نَعَمْ وَأُرِيدَ حَلِفُهُ مُكِّنَ أَوْ لَابُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَزِيزِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَمَا حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سُمِعَتْ وَقَضَى بِهَا وَقَوْلُ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ وَقَوْلُ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَبَعْدَ هَذَا أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقَامُ جَوَازُ الْبَيِّنَةِ أَيْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ أَيْ حَلِفِ الْخَصْمِ وَهَلْ تَعْبِيرُهُمْ بِالْبَيِّنَةِ يُخْرِجُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ حَتَّى لَا يُجْزِئَ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجَابُ الْمُدَّعِي إلَى حَلِفِهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ، وَتَعْبِيرُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ بِالْبَيِّنَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَمِثْلُهَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ بِقَوْلِهِمْ مَا ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا إذْ الِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَسْأَلَتِنَا صَاحِبُ الْعُدَّةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْضَهُمْ عَمَّا قَالَهُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمَسْئُولُ قَدْ قَصَدْتَنِي بِقَوْلِك السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ نِسْبَةُ شَيْءٍ إلَيْك بَلْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ الْقَاضِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا اُحْتُمِلَ الْمَنْوِيُّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلِمَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوَهُ تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ إذْ اللَّفْظُ شَامِلٌ لِلْمَنْوِيِّ أَوْ مُحْتَمِلٌ لَهُ سَوَاءٌ جُعِلَتْ أَلْ فِي السَّاكِتِ اسْمًا مَوْصُولًا كَمَا هُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى الَّذِي إذْ هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَمَدْلُولُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمَسْئُولِ أَنْتَ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ لِسُكُوتِك عَنْ الْحَقِّ أَمْ جَعَلْته حَرْفَ تَعْرِيفٍ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ إنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَمَا مَرَّ أَوْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ الْمَقْصُودِ بِهِ الْمَسْئُولَ فَذَاكَ أَوْ لِلْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِفْرَادِ فَالْجِنْسُ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَسْئُولِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرٍ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ أَوْ حَلَالٌ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ حَرَامٌ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ تُقَدَّمُ الْأُولَى؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْأُولَى فَقَدْ قَطَعَ الدَّمِيرِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ إلَى الْمُسْلِمِ فَقَالَ الْمُسَلَّمُ هُوَ لَحْمُ مَيْتَةٍ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، وَقَالَ الْمُسَلِّمُ إلَيْهِ هُوَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ فَعَلَيْك قَبُولُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُسَلِّمُ.
وَعَلَّلَهُ الْعَبَّادِيُّ بِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ بَيِّنَةَ التَّذْكِيَةِ أَوْ الْحِلِّ مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ، وَالنَّافِلَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لَا يُقَالُ الْقِيَاسُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ التَّعَارُضُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةِ مَنْ عُرِفَ بِالتَّنَصُّرِ كَلِمَةُ النَّصْرَانِيَّةِ وَأُخْرَى بِأَنَّهَا كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَادَّعَى أَحَدُ أَصْحَابِ الدُّيُونِ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى مَا بَقِيَ بِدَيْنِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ أَخَذَهَا كُلَّهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ حَتَّى لَا يَحْلِفَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ مُدَّعٍ مِنْهُمْ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ الْيَمِينُ الْأُولَى لِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالُوهُ فِي بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا إنْ طَلَبَ الْخَصْمُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدُوا أَوْ فِيمَا إذَا طُولِبَ شَخْصٌ بِدَيْنٍ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يُحَلِّفُهُ لِثُبُوتِ إعْسَارِهِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى.
وَكَمَا قَالُوا لَوْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَنَكَلُوا حَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ حَقًّا، وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَيْهِمْ حَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ وَنَكَلُوا وَرَدُّوهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً جَازَ. اهـ.
وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِهِمْ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا ذَكَرْته الْبُلْقِينِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ: سُئِلَتْ عَمَّا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَرَثَةٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَقْوَامٍ فَحَلَفَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَوْجُودٍ لِمُوَرِّثِهِ فَجَاءَ مُدَّعٍ آخَرُ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ التَّحْلِيفِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الثَّانِيَ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَرَّةً أُخْرَى إنَّمَا حَلَّفَهُ مُدَّعٍ آخَرُ، وَالْحُكْمُ وَارِدٌ عَلَى الشَّخْصِ لَا عَلَى الْعُمُومِ. اهـ.
(سُئِلَ) هَلْ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاعْتَمَدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ سَمَاعِهَا فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِثَلَاثَةِ أَرَادِبِ سِمْسِمٍ، وَأَقَامَ بِهِمَا شَاهِدَيْنِ سَلَمًا أَوْ قَرْضًا أَوْ بَيْعًا أَوْ إتْلَافًا أَوْ إقْرَارًا وَاخْتَلَفَتْ مَكَايِيلُ النَّاحِيَةِ أَوْ اخْتَصَّ السِّمْسِمُ بِمِكْيَالٍ وَغَيَّرَهُ بِغَيْرِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ كَالنَّقْدِ أَوْ الْمُخْتَصِّ بِهِ أَوْ الْأَقَلِّ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ التَّحَالُفِ فِي الْعَقْدِ وَتَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِهِ كَذَلِكَ أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ اخْتَصَّ السِّمْسِمُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِمِكْيَالٍ حُمِلَتْ الْأَرَادِبُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمِكْيَالِ الْغَالِبِ فِيهَا فِي مَسَائِلِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْإِتْلَافُ كَالنَّقْدِ الْغَالِبِ، وَفِي الْإِقْرَارِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَقَلِّ فِي حَالَةِ الِاخْتِصَاصِ وَيَجِبُ الْبَيَانُ فِي غَيْرِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لِلْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ قَالَ شَيْئًا مِمَّا يَصِيرُ بِهِ مُقِرًّا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ وَحَرَّجَ عَلَى إثْبَاتِهِ يَجِبُ التَّرْسِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَهُ إذَا لَمْ يَرْضَ غَرِيمُهُ بِإِرْسَالِهِ أَمْ لَا وَهَلْ قَوْلُهُمْ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا فَلَا يَرْسِمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِإِضْرَارِهِ بِهِ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُمْ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خُصُوصًا إنْ خِيفَ مِنْ إطْلَاقِهِ هَرَبُهُ وَفَوَاتُ الْحَقِّ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَبْلَغٍ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَحَلَفَ ثُمَّ ثَبَتَتْ الْحَوَالَةُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَيْنُهَا أَمْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الْيَمِينِ لِاحْتِمَالِ الْمُسْقِطِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ الِاكْتِفَاءَ بِنَحْوِ هَذَا الْجَوَابِ وَهَلْ الْإِعْسَارُ كَافٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ أَمْ تَكُونُ الْيَمِينُ فَاجِرَةً وَهَلْ إذَا وَرَّى فِي يَمِينِهِ نَفَعَتْ التَّوْرِيَةُ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك الْآنَ وَيَكُونُ جَوَابًا كَافِيًا وَتَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فَإِذَا قِيلَ بِذَلِكَ فَانْتَقَلَ الْمُدَّعِي إلَى الدَّعْوَى لِأَجْلِ الثُّبُوتِ كَالدَّعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَجْلِ ثُبُوتِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الْيَمِينِ، وَالْإِعْسَارُ كَافٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا وَهُوَ مُؤَجَّلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ الْأَجَلَ كَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَهُ وَحَلَفَ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُدَّعِي بَعْدَ أَيَّامٍ كُنْت مُعْسِرًا لَا يَلْزَمُك شَيْءٌ وَقَدْ أَيْسَرْت الْآنَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ دَعْوَاهُ تُسْمَعُ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَنْفَعُ الْحَالِفَ التَّوْرِيَةُ إنْ خَالَفَتْ نِيَّةَ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك الْآنَ مَقْبُولٌ وَهُوَ جَوَابٌ كَافٍ تَنْصَرِفُ بِهِ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا ثُبُوتَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَسَلَمٍ وَقَصَدَ بِدَعْوَاهُ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ سُمِعَتْ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ بِيَدِهِ جَامُوسَةٌ أَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهَا بِهَا فَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهَا وَشَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ وَامْتَنَعَ بَائِعُهُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ فَهَلْ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ تِلْكَ الْيَمِينَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَحْلِفَهَا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِهَا مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَتُنْقَلُ مِنْهُ إلَيْهِ كَالْوَارِثِ فِيمَا يُثْبِتُهُ بِهَا مِلْكًا لِمُوَرِّثِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَقَدْ قَالُوا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا وَيَحْلِفَ عَلَى الْمَشْهُودِ أَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو، وَأَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ فَأَنْكَرَ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَيْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ قَاضٍ فَسَأَلَ الْقَاضِي عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَقَالَ لَهُ أَنْتَ خَصْمِي فَأَعَادَ الْقَاضِي سُؤَالَهُ الْمَذْكُورَ، وَأَعَادَ هُوَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مِرَارًا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَّفَهُ لَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَحَكَمَ لَهُ بِمُقْتَضَاهَا فَهَلْ يَكُونُ نُكُولًا وَيَصِحُّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ وَالتَّحْلِيفِ وَالْحُكْمِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ نُكُولٌ وَمَا فَعَلَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بِيَدِهِ مَكَانٌ ادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَأَظْهَرَ مِنْ يَدِهِ مَكْتُوبًا شَرْعِيًّا يَشْهَدُ بِالشِّرَاءِ وَالتَّسْلِيمُ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ صُدُورِ الْبَيْعِ فَأَظْهَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَكْتُوبًا شَرْعِيًّا يَشْهَدُ لَهُ بِشِرَائِهِ لَهُ مِنْ مَنْصُوبٍ شَرْعِيٍّ عَنْ وَرَثَةِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَالتَّسْلِيمُ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ وَثُبُوتِهِ لِلْوَرَثَةِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَنْصُوبِ الْمَذْكُورِ، وَاتَّصَلَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَنَدَيْنِ وَنَفَذَ عَلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ وَيَكُونُ الْحَقُّ لَهُ أَوْ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ السَّابِقِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ السَّابِق لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَبَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ مُسْتَصْحَبَةٌ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بِيَدِهِ عَيْنٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ مِنْ مُدَّةِ سَنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ مِنْ مُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ كَمَا لَوْ ادَّعَى كُلّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ السَّابِقَةُ التَّارِيخِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي دَعْوَاهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ زَيْدٍ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ أَوْ الْبَيْعِ مَثَلًا فَهَلْ يُلْزِمُهُ الْقَاضِي بِالْمُدَّعَى أَمْ لَابُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِالِاسْتِحْقَاقِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُلْزِمَهُ الْقَاضِي بِالْمُدَّعَى بِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ بِيَدِ آخَرَ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ سَنَتَيْنِ فَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ سَنَةٍ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَمْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمَدْرَكِ الثَّالِثِ مِنْ مَدَارِك التَّرْجِيحِ فَقَالَ وَلَوْ نَسَبَ الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَهَذَا بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَالسَّابِقُ أَوْلَى لَا مَحَالَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَصْلِهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَمَّا إذْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْ التَّارِيخِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَسْبَقَ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَسْبَقَ تَارِيخًا فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ سَبْقَ التَّارِيخِ مُرَجِّحًا فَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الدَّاخِلُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُرَجِّحًا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهُمَا تَرْجِيحُ الْيَدِ.
ا هـ كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ بِتَقْدِيمِ سَابِقَةِ التَّارِيخِ فَأَفِيدُونَا الْجَوَابَ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ السَّابِقَةِ التَّارِيخِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِانْتِقَالِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مِنْ مُنْذُ سَنَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ، وَيَدُ الثَّانِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى إلَّا الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا نَعْمَلُ بِهَا وَنُقَدِّمُهَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ حُدُوثَهَا فَإِذَا عَلِمْنَاهُ فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأُولَى أَمَّا إذَا اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا مُرَجِّحًا وَهُوَ الْيَدُ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَصْلِهَا إلَخْ الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ فِيهِ قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا كَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ نَسَبَا الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِإِخْرَاجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ إفْتَائِي بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَادَّعَتْ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهَا وُقُوعَ إبْرَائِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَالزَّوْجُ وُقُوعَهُ فِي صِحَّتِهَا، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُدَّعَاهُ فَمَنْ الْمُقَدَّمَةُ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمَرَضِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا.
(سُئِلَ) عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هَلْ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بِهَا أَمْ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ سَمَاعَ الدَّعْوَى وَقَبُولَ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمَ بِهَا إذْ الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ لِلْقَاضِي ثَابِتَةٌ لِلْإِمَامِ بَلْ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَلِهَذَا حَيْثُ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا صَرَّحُوا بِهِ كَانْعِزَالِ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
(سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ الْقَاضِي شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِحَقٍّ فَهَلْ تُقْبَلُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا جَدِّي وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ وَمَا الصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ: وَإِنْ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ فَقَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَظُنُّ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ فِيمَا أَعْلَمُ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ جَدِّي وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ مَا عَلِمْت وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَقَدْ قَيَّدْت النَّفْيَ بِالْعِلْمِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ بَيِّنُوا الرَّاجِحَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَإِذَا ادَّعَى الْغَلَطَ أَوْ النِّسْيَانَ، وَأَبْدَى عُذْرًا مُحْتَمَلًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً هَلْ تُقْبَلُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ فِيمَا أَعْلَمُ وَعَدَمُ قَبُولِهَا فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا ظَاهِرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ قُبِلَتْ.
(سُئِلَ) عَنْ مُشْتَرٍ أَقَرَّ حَالَ شِرَائِهِ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ حَالَ الْإِجَارَةِ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ رُؤْيَتِهِ لَهَا وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَيَكُونُ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ لِمُخَالَفَتِهَا لِإِقْرَارِهِ فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ أَقْرَرْت لِعَزْمِي عَلَى الْإِتْلَافِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ عَنْ الْعَقْدِ، وَإِنَّ النَّاسَ يُقِرُّونَ بِهِ لِأَجْلِ رَسْمِ الْقِبَالَةِ لِيَقْبِضُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الرُّؤْيَةُ فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَلَا الشَّرْعُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ: إنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِأَجْلِ رَسْمِ الْقِبَالَةِ لِيَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَا تَأْوِيلٌ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي عِمَادِ الرِّضَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَلَا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَالْكَفَّارَةِ كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْك كَفَّارَةُ قَتْلٍ أَوْ حَجٍّ، وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ. اهـ.
هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ وَيَشْمَلُ الْأَوْقَافَ الْعَامَّةَ كَالْمَسَاجِدِ وَالْأَوْقَافِ الْمَبْرُورَةِ، وَأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَمَاعِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَلَيْسَتْ الْأَوْقَافُ الْعَامَّةُ، وَأَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ سَمَاعِهَا الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، وَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ظَفَرَ الْكَافِرُ فِي حَقِّهِ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ هَلْ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ فَلَوْ تَمَلَّكَهُ لَمْ يَصِحَّ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى بِالدَّارِ لِي فِي يَدِهِ وَلَا يَقُولُ لِي عِنْدَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَفِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ يَجُوزُ لِي عِنْدَهُ وَفِي لِي عَلَيْهِ خِلَافٌ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ جَوَازُهُ لِصِدْقِهِ فِيهِ إذْ عَلَيْهِ حِفْظُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ وَهُوَ قِيَاسُ تَسْوِيَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ بَيْنَ لِي عِنْدَهُ وَلِي عَلَيْهِ فِي الْمَنْعِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُسْمَعْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ وَإِبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ سَمَاعَهَا مُطْلَقًا كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوْضِعٍ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِيَدِهِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَتُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْأَمْلَاكِ حَيْثُ قُدِّمَ فِيهَا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَفِي الْإِيضَاحِ لِلْمَسْعُودِيِّ وَأَمَالِي أَبِي الْفَرْجِ الرَّازِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مِنْ سَنَةٍ، وَالثَّانِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مِنْ شَهْرٍ، وَتَنَازَعَا فِي سَبَبِهِ فَصَاحِبُ الْمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ مُقَدَّمٌ لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ غَيْرُ مُهَذَّبٍ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْيَدِ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ النَّسَبِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُهَذَّبٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ قَالَ، وَهَذَا أَمْرٌ لَابُدَّ مِنْهُ وَلَعَلَّهُمْ أَهْمَلُوهُ لِمَعْرِفَتِهِ مِنْ الْقَوَاعِدِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ وَمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخِهَا وَقَدْ عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ التَّدَاعِي بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَمْ تَرْجِعْ الْأُخْرَى بِمَا أَنْفَقَتْهُ قَطْعًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَلَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ كِفَايَةُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الْبِكْرَ بِوِلَايَةِ الْإِجْبَارِ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهُ كَانَ مُعْسِرًا حَالَ عَقْدِهَا بِحَالِ صَدَاقِهَا، وَأَنْكَرَ وَالِدُهَا ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ مُوسِرًا بِهِ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تَتَعَارَضَانِ فَتَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى النِّكَاحُ، وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَهَا وَإِرْثَهَا مِنْ التَّرِكَةِ أَمْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِيَسَارِهِ بِحَالِ صَدَاقِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِاطِّلَاعِهَا عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ بِهِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُهُ صَحِيحًا فَيَسْتَحِقُّ مَهْرَهَا وَإِرْثُهَا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ كَغَيْرِهِمَا وَلَا تُحْضَرُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مُخَدَّرَةٌ أَيْ لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا وَلَا بِحُضُورٍ لِلتَّحْلِيفِ إلَّا لِتَغْلِيظِ يَمِينٍ بِمَكَانٍ هَلْ يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلَا لِغَيْرِهِ إجْبَارُهَا عَلَى الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِهِ أَوْ بَيِّنَتِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ فَقَالَ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ الْحَاكِمُ إلَيْهَا وَلَوْ أَحْضَرَهَا لِمَجْلِسِهِ كَانَ الْحُكْمُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. اهـ.
وَهَلْ يُفَرَّقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْمُؤْتَمَنِ غَيْرِ الْمُتَعَنِّتِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ لَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَتِهَا وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا يَلْزَمُهَا.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ هَلْ تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا لَا كَالْمَرِيضِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ إنَّمَا يَتَحَتَّمُ حُضُورُ الْمُخَدَّرَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلتَّحْلِيفِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَيُمْنَعُ فِيهِ بِالتَّوْكِيلِ مِنْ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي الْأَمِينِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ فَمَا الْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَقَدْ وُجِدَ مَعَهُمَا مُرَجِّحٌ آخَرُ وَهُوَ الْيَدُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ وَوَضَعَ مَنْ آلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَمْ يَصِحَّ بِمُقْتَضَى أَنَّ الْوَاقِفَ مَلَّكَهُ ذَلِكَ قَبْلَ وَقْفِهِ أَوْ أَنَّهُ أَوْقَفَهُ عَلَى جِهَاتٍ أُخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ هَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَلَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِيمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْوَاقِفَ مَلَّكَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْفِ حَيْثُ أَجَابَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ وَلَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ لِتَقَدُّمِ الْوَقْفِ لِتَرْجِيحِهِ بِالْيَدِ وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ. اهـ.
أَوْ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ كَمَا فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ عِمَادِ الرِّضَا حَيْثُ قَالَ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ، وَأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ زَيْدٌ وَبَاعَهُ لِلدَّاخِلِ أَوْ اكْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ مُطْلَقًا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.
وَهَلْ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَهَبَتْ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ السَّابِقَةِ التَّارِيخِ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي الْفَتَاوَى عَلَى نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَدَدْت مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْمُخَالِفُ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَاعَ مَكَانًا أَوْ وَقَفَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ لَهُ وَحِيَازَتِهِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ وَحَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَمِنْ مُوجِبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ مَلَّكَهُ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَيُعْمَلُ بِهَا بِشَرْطِهِ إذْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ لَاغٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً وَمِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا ذَهَبًا عَلَى رَجُلٍ فَادَّعَى الِابْنُ بِالْأَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لَمْ يُوَكِّلُوهُ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ وَيَذْكُرُ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَذَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً ثَبَتَ جَمِيعُ الدَّيْنِ، وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ نَصِيبُهُ فَقَطْ وَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى أَنَّ أَبَا زَوْجَتِهِ مَاتَ قَبْلَهَا فَوَرِثَتْهُ وَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ أَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَتَعَارَضَانِ فَتَتَسَاقَطَانِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِمَوْتِ الْأَبِ قَبْلَ بِنْتِهِ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ، وَالشَّاهِدَةُ بِمَوْتِ الْبِنْتِ قَبْلَ أَبِيهَا مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فَتَعَارَضَتَا.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي كِتَابِهِ عِمَادِ الرِّضَا فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِيهِ وَيُرَجَّحُ بِحُكْمِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ خِلَافُهُ. اهـ.
وَقَالَ فِيهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ أَمَّا مُجَرَّدُ التَّعَارُضِ كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي حَكَمَ بِهَا فَلَا نَقْضَ فِيهِ وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِهِ فَهَلْ الْمُفْتَى بِهِ وَالْمَعْمُولُ بِهِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَوْ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَوْ مَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ الْمَذْكُورِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِمُرَجِّحٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ لَا يُخَالِفُهُ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ خَطَؤُهُ فِي حُكْمِهِ بَلْ حَصَلَ مُجَرَّدُ التَّعَارُضِ لِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ حُكْمِهِ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي رَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمَهُ، وَأَطْلَقَتْ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ الْمِلْكَ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِعَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعَارُضَ فِيمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا قُلْنَا إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِمُرَجِّحٍ، وَإِلَّا فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا تَعَارُضَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى التَّعَارُضِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ إلَّا بِمُرَجِّحٍ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ كَالْيَدِ أَوْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ أَوْ سَبْقِ التَّارِيخِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى مَكَان ثُمَّ تُوُفِّيَ فَوَضَعَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ يَدَهُ عَلَيْهِ بِسُكْنَاهُ وَبِيَدِ بَعْضِهِمْ مَكْتُوبٌ وَقْفُهُ عَلَيْهَا فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ السَّاكِنُ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَضْعِ يَدِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِ وَالِدِهِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ وَحَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَحَكَمَ بِوَقْفِيَّتِهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَمَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا الْحُكْمُ بِوَقْفِيَّتِهِ لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ وَاعْتِمَادِ بَيِّنَةِ الْمِلْكِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَهِيَ كَلَا يَدٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَيَدُهُ يَدُ مُتَعَدٍّ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَيَدُهُ يَدُ مِلْكٍ مِنْ عَيْنِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهَا.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ عَنْهُ وَعَنْ أَخِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا خَلَّفَهُ لَهُمَا قَاعَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا لِشَخْصٍ فَادَّعَى أَخُوهُ أَنَّ وَالِدَهُ وَهَبَهُ جَمِيعَ الْقَاعَةِ، وَأَحْضَرَ شَاهِدًا بِذَلِكَ وَحَلَفَ مَعَهُ فَنَازَعَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى أَنَّ وَالِدَهُ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ، وَأَثْبَتَ مُدَّعِي الْهِبَةِ مُسْتَنَدَهُ عَلَى حَاكِمٍ يَرَى عَدَمَ الرُّجُوعِ وَمُدَّعِي الرُّجُوعِ مُسْتَنَدَهُ عَلَى حَاكِمٍ يَرَى الرُّجُوعَ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرُّجُوعَ صَحِيحٌ فَيَسْتَمِرُّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ وَمُجَرَّدُ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا وَعَلَى تَقْدِيرِ حُكْمِ الْحَاكِمَيْنِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ الْهِبَةِ قَدْ ثَبَتَ وَالْحُكْمَانِ لَمَّا تَعَارَضَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَسْبَقِهِمَا تَسَاقَطَا وَبَقِيَ الرُّجُوعُ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ سَبْقِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي لَا يَرَى الرُّجُوعَ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ.
(سُئِلَ) عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِإِفْضَاءِ امْرَأَةٍ وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ شَهِدَتْ أُخْرَى بِعَدَمِهِ فَهَلْ يَنْقُضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْإِفْضَاءِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ مَضَى بَيْنَ شَهَادَتَيْهِمَا زَمَنٌ يَحْتَمِلُ الْتِحَامُ الْإِفْضَاءِ فِيهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا تَبَيَّنَ تَعَارُضُهُمَا وَتَسَاقُطُهُمَا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَأُ إحْدَاهُمَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْحُكْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ إحْدَاهُمَا عُمِلَ بِالْأُخْرَى.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ يَتَمَلَّكُهُ. اهـ.
هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَابُدَّ مِنْ إحْدَاثِ التَّمَلُّكِ أَمْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمَنْقُولَ الثَّانِي، وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَغَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَحْضَرَ وَرَقَةً حَرَّرَ فِيهَا دَعْوَاهُ وَقَالَ أَدَّعِي بِمَا فِيهَا أَوْ أَدَّعِي ثَوْبًا بِالصِّفَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي مَا ذَكَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ أَوْ بِالْعُكُوسِ أَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْمَكَانِ فَامْتَنَعَ كَانَ نَاكِلًا هَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُعْتَمَدٌ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ مَاتَ وَخَلَّفَ أَوْلَادًا قَاصِرِينَ وَبَالِغِينَ وَتَرَكَ مَوْجُودًا وَمِنْ جُمْلَتِهِ عَقَارٌ وَعَلَى الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ دُيُونٌ شَرْعِيَّةٌ فَأَقَامَ الْقَاضِي مُتَحَدِّثًا عَلَى الْقَاصِرِينَ وَبَاعَ الْبَالِغُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَبَاعَ مَنْصُوبُ الْقَاضِي عَنْ الْقَاصِرِينَ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِسَبَبِ وَفَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إجْهَارِ النِّدَاءِ وَانْتِهَاءِ الرَّغَبَاتِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ مَضْمُونُ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ ذَلِكَ وَفِيمَا قُوِّمَتْ بِهِ، وَأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ فِي ذَلِكَ أَلْفٌ نُصِّفَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجِبِ ذَلِكَ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً ادَّعَى شَخْصٌ مِنْ الْقَاصِرِينَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَهَلْ دَعْوَاهُ مَقْبُولَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِأَنَّ قِيمَةَ الْعَقَارِ وَقْتَ بَيْعِهِ كَذَا وَكَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا بِيعَ بِهِ بِقَدْرٍ لَا يُتَسَامَحُ بِهِ تَبَيَّنَ خَطَأُ الْبَيِّنَةِ السَّابِقَةِ وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُمْ إذَا اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ فِي قِيمَةِ عَيْنٍ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْأَقَلِّ مَحَلُّهُ فِي عَيْنٍ تَلِفَتْ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ وَرَثَةِ رَجُلٍ مُتَوَفَّى حِصَّةً فِي دَارٍ قَدْرُهَا سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَخُمُسَانِ وَادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْجَارِيَ فِي مِلْكِهِ رُبُعُ الدَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِلْمُدَّعِي حِصَّةً وَيَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ فَالْتُمِسَ يَمِينُهُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَمْ عَلَى الْبَتِّ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَقَصَدَ الْحَاكِمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ وَامْتَنَعَ يَكُونُ نَاكِلًا أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ لَا وَحَلَّفَ الْحَاكِمُ خَصْمَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِكَافٍ وَالْجَوَابُ الْكَافِي أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَك فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَا ادَّعَيْته، وَإِذَا حَلَفَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ كَانَ نَاكِلًا فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ ثَبَتَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ.