فصل: كِتَابُ الشَّهَادَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الشَّهَادَةِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الرَّهْنَ وَالْآخَرُ الْبَيْعَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ أَوْلَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الشُّهُودَ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْدِيلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو قِطَعَ أَرَاضٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَيْعَ فَهَلْ إذَا أَحْضَرَ الشُّهُودَ عِنْدَهَا وَشَهِدُوا عَلَى أَعْيَانِهَا وَأَشَارُوا إلَيْهَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ بَيَانِ الْحُدُودِ وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ الْمَزْبُورَةُ وَيُقْضَى بِالْبَيْعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الرَّفِيقِ الْعَدْلِ لِرَفِيقِهِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ هَلْ تُقْبَلُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ لَا مَانِعَ هُنَالِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْأَخِ الْعَدْلِ لِأُخْتِهِ وَزَوْجِ أُخْتِهَا الْعَدْلِ لَهَا بِطَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا هَلْ تُقْبَلُ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ شَرَائِطُ الْقَبُولِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ أَجِيرٌ خَاصٌّ مُيَاوَمَةً لِمُسْتَأْجِرِهِ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ التَّابِعِ لِمَتْبُوعِهِ كَالْخَادِمِ الَّذِي يَطْلُبُ مَعَاشَهُ مِنْهُ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَا شَهَادَةُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِمُسْتَأْجِرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ فِي الْحَدِيثِ التِّلْمِيذُ الْخَاصُّ الَّذِي يَعُدُّ ضَرَرَ أُسْتَاذِهِ ضَرَرَ نَفْسِهِ وَنَفْعَهُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا شَهَادَةَ لِلْقَانِعِ بِأَهْلِ الْبَيْتِ} وَأَصْلُ الْقُنُوعِ السُّؤَالُ وَالْمُرَادُ مَنْ يَكُونُ تَبَعًا لِلْقَوْمِ كَالْخَادِمِ وَالْأَجِيرِ وَالتَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّائِلِ يَطْلُبُ مَعَاشَهُ مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ الْقُنُوعِ لَا مِنْ الْقَنَاعَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَجِيرُ مُشَاهَرَةً؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ فَيَسْتَوْجِبُ عَلَى مَنَافِعِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ كَأَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بِأَجْرٍ، كَذَا فِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ وَالدُّرَرِ وَفِي الْمُنْيَةِ عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ لَا يَشْهَدُ لَهُ خَادِمُهُ وَكَاتِبُهُ وَمُشْرِفُهُ وَرَعِيَّتُهُ وَالْمُتَكَلِّمُ فِي أَحَادِيثِ الرَّعِيَّةِ وَقِسْمَةِ النَّوَائِبِ وَكَذَا رَاكِبُ بَحْرِ الْهِنْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَدِينِهِ وَكَذَا مَنْ سَكَنَ دَارَ الْحَرْبِ وَكَثَّرَ سَوَادَهُمْ وَعَدَدَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مَالًا.
(سُئِلَ) فِي أَمِيرٍ كَبِيرٍ ادَّعَى فَشَهِدَ لَهُ خُدَّامُهُ وَكُتَّابُهُ وَرَعَايَاهُ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ وَالْفَهَّامَةُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوَاهُ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي وَالْقُنْيَةِ وَعَنْ الْمَنْظُومَةِ وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ أَحَدُهُمْ حَلَّاقٌ وَزَكَّاهُمْ مُزَكُّونَ فَتَعَلَّلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ حَلَّاقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِ حِرْفَتِهِ وَأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الشُّهُودِ وَالْمُزَكِّينَ خُصُومَةٌ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ قَبْلَ الْحَلْفِ تَشَاجَرَ مَعَهُمْ عَلَى قِمَارٍ وَلَعِبٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى أَمَّا تَعَلُّلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِ أَحَدِ الشُّهُودِ حَلَّاقًا فَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ كَوْنِهِ عَدْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا وَشَهَادَةُ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ جَائِزَةٌ إذَا كَانُوا عُدُولًا ثُمَّ قَالَ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ الْمُجَوِّزُ الْعَدَالَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَيْ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْعَدَالَةِ الصِّنَاعَاتُ الدَّنِيئَةِ كَالْقَنَوَاتِيِّ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالصَّحِيحُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ عَدْلًا. اهـ.
فَثَبَتَ أَنَّ شَهَادَةَ الْحَلَّاقِ صَحِيحَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا وَأَمَّا تَعَلُّلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِ الْمُزَكِّينَ أَخْصَامًا يَعْنِي أَعْدَاءً لَهُ فَإِنَّ تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ شَهَادَةٌ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ سِوَى لَفْظِ أَشْهَدُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فَإِذَا كَانَتْ شَهَادَةٌ وَطَعَنَ فِيهَا الْخَصْمُ بِأَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ لِي عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ بَطَلَتْ تَزْكِيَتُهُمْ وَبَقِيَ الشُّهُودُ بِلَا تَزْكِيَةٍ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ وَالْعَدُوُّ مَنْ يَفْرَحُ بِحُزْنِهِ وَيَحْزَنُ لِفَرَحِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْخُصُومَةُ إذَا جَرَتْ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهِيَ دُنْيَوِيَّةٌ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَدَاوَةَ آخَرَ يَكُونُ مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ اعْتِرَافًا مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي عَدَالَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ عَدُوُّهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ بِسَبَبِ الدُّنْيَا لَا تَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْسُقْ بِسَبَبِهَا أَوْ يَجْلِبْ مَنْفَعَةً أَوْ يَدْفَعْ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مَضَرَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. اهـ.
فَفِي الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولُ عَنْهَا رُبَّمَا أَنَّهُ فَسَقَ بِهَا إذْ الْعَدَاوَةُ جَرَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ قِمَارٍ وَلَعِبٍ مُحَرَّمَيْنِ شَرْعًا وَلَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ فَسَقَ بِهَا أَوْ لَا وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ شَاهِدٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا {لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ} وَالْغَمَرُ الْحِقْدُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحِقْدَ فِسْقٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَصَرَّحَ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ بِعَدَمِ نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ دَوَّارَةٌ فِي الْكُتُبِ. اهـ.
فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَدَاوَةَ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالتَّزْكِيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِثُبُوتِ عَدَاوَتِهِمْ بِالسَّبَبَيْنِ الْمَرْقُومَيْنِ الْمُحَرَّمَيْنِ شَرْعًا وَسَبَبُ الْحِقْدِ أَنَّهُمْ مِمَّنْ يَفْرَحُونَ بِحُزْنِهِ وَيَحْزَنُونَ لِفَرَحِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا رَوَّحَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ بِدَارِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(أَقُولُ) وَفِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ قَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ الْمُتَفَقِّهَةِ وَالشُّهُودِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَاصَمَ شَخْصًا فِي حَقٍّ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا أَنَّهُ يَصِيرُ عَدُوَّهُ فَيَشْهَدُ بَيْنَهُمَا بِالْعَدَاوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَدَاوَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْت نَعَمْ لَوْ خَاصَمَ الشَّخْصُ آخَرَ فِي حَقٍّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ كَالْوَكِيلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ إذَا تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي حَقٍّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ. اهـ.
قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي رَجُلٌ خَاصَمَ رَجُلًا فِي دَارٍ أَوْ فِي حَقٍّ ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حَقٍّ آخَرَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ آخَرُ فَخَاصَمَهُ فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ كَذَا لِئَلَّا يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ الرَّدَّ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ فَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ جَرْحٌ مَقْبُولٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ.
سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ شَتَمَ آخَرَ وَقَذَفَهُ فَهَلْ تَثْبُتُ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْقَدْرِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ لَا تُقْبَلُ أَجَابَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ تَثْبُتُ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّهَا أَيْ الْعَدَاوَةَ تَثْبُتُ بِنَحْوِ الْقَذْفِ وَقَتْلِ الْوَلِيِّ.
(سُئِلَ) فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِشَيْءٍ عَلَى رَجُلٍ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ طَلَبَ مِنْهُ الرَّجُلُ تَزْكِيَتَهُمَا فَلَمْ يُصْغِ لَهُ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ؟
(الْجَوَابُ): الْقُضَاةُ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ لَا قَبْلَهُ فَحَيْثُ حَكَمَ قَبْلَهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ الْعَلَّامَةُ يَحْيَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ الْأَنَامَ أَنَّ الْقُضَاةَ لَيْسُوا مُوَلِّينَ أَنْ يَحْكُمُوا مِثْلَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ بَيِّنَةِ مَنْ يَدَّعِي صِحَّتَهُ مِنْهُمَا فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ؟
(الْجَوَابُ): الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَعَلَّلَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ الصِّحَّةَ ثَابِتَةٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْفَسَادَ أَمْرٌ حَادِثٌ يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا فَكَانَتْ أَوْلَى وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ وَبَرْهَنَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادَ هُوَ الزَّوْجُ ثَبَتَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بِإِقْرَارِهِ وَمَتَى قَبِلْنَا بَيِّنَةَ الْفَسَادِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إذْ الْفَاسِدُ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ كَيْفَمَا كَانَ إذْ الْفَسَادُ يَنْفِي حِلَّ الْوَطْءِ لَا ثُبُوتَ النَّسَبِ. اهـ.
وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ وَالْخَانِيَّةِ وَوَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ والتتارخانية فُرُوعٌ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْهُمَا؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ بِيَمِينِهِ. (أَقُولُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادَ وَفِي الْبَحْرِ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا صِحَّةِ الْوَقْفِ وَفَسَادِهِ فَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِشَرْطٍ فِي الْوَقْفِ مُفْسِدٌ فَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ فَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ أَجَلًا فَاسِدًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ يَدَّعِي الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ الْخَمْرِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ شَهِدَ عَمْرٌو الْعَدْلُ لِزَيْدٍ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً ادَّعَى زَيْدٌ إرْثًا فِيهَا وَطَلَبَهُ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ أَخٌ لِلْمُتَوَفَّى لِأَبٍ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَادِلَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ وَأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بَعْدَ الزَّوْجَةِ وَالْبِنْتِ غَيْرُهُ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَهُ أَخْذُ مَا خَصَّهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِذَا شَهِدُوا بِكَوْنِهِ وَارِثًا وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ وَارِثٍ آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّهَادَةِ وَلَا بِمَا أُقِيمَ مَقَامَهَا مِنْ تَلَوُّمِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَظَرَ الْقَاضِي وَاحْتَاطَ ثُمَّ قَضَى لَهُ بِكُلِّهِ وَذُكِرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحْتَاطُ وَيَتَلَوَّمُ زَمَانًا قَدْرَ مَا يَقَعُ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَظَهَرَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِشَيْءٍ وَذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَدَّرَ لِذَلِكَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ قَدْ تَمْتَدُّ إلَى الْحَوْلِ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى التَّقْدِيرَ بِالِاجْتِهَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ بَلْ هُوَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِقْدَارَ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا قَالَا فِي التَّعْزِيرِ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْأَقْضِيَةِ شَهِدَا بِأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَا طَرِيقَ الْوِرَاثَةِ لَهُ وَالْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ وَكَذَا إذَا قَالَا مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ فَإِنْ قَالَا هُوَ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَكَذَا فِي الْمُتَقَدَّمِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَالشَّرْطُ فِي سَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إحْضَارُ الْخَصْمِ وَهُوَ إمَّا وَارِثٌ أَوْ غَرِيمُ الْمَيِّتِ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ مُودِعُ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ أَوْ بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ أَوْ مُنْكِرًا بَزَّازِيَّةٌ فِي الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى شَهِدَا أَنَّ هَذَا ابْنُ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَالْقَاضِي يَتَلَوَّمُ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ وَمُدَّةُ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الثَّامِنِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ وَلَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْأُمِّ أَوْ الْجَدِّ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ الْجَدِّ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَخِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْجَدِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ اسْمُ الْأَبِ وَالْجَدِّ عِمَادِيَّةٌ مِنْ السَّادِسِ رَجُلٌ طَلَبَ الْمِيرَاثَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَأَنْ يَقُولَ أَيْضًا: وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ لِلشُّهُودِ أَنْ يَنْسُبُوا الْمَيِّتَ وَالْوَارِثَ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَيَقُولُ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ شَهِدُوا بِذَلِكَ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ ادَّعَى إرْثًا عَنْ مَيِّتٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى النَّسَبِ وَذَكَرَ الشُّهُودُ اسْمَ أَبِيهِ وَجَدَّهُ وَاسْمَ أَبِي الْمَيِّتِ وَجَدَّهُ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ جَدَّ الْمَيِّتِ فُلَانٌ غَيْرُ مَا أَثْبَتَهُ الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ وَبَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَامَتْ لِلنَّفْيِ وَهُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي إثْبَاتِ جَدِّ الْمُدَّعِي خَانِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ أُشْهِدَتْ عَلَى شَهَادَتِهَا فِي حَقِّ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَشَهِدَا عَلَى شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَنَقَلَهَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةٍ وَقَعَتْ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى ثُمَّ أُعِيدَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَاتَّفَقَتَا هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إذَا كَانَ الشُّهُودُ ثِقَاتٍ عُدُولًا مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ أَعَادُوا الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ وَاتَّفَقَتَا تُقْبَلُ. اهـ.
وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ ش أَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ بِلَفْظٍ مُخْتَلِفٍ فَلَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي ثُمَّ أَعَادَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ شَهَادَتَهُمَا بِلَفْظٍ مُوَافِقٍ تُقْبَلُ هَذَا إذَا كَانَ اتِّفَاقُهَا بِلَا تَلْقِينٍ مِنْ أَحَدٍ وَإِلَّا لَا تُقْبَلُ. اهـ.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الشَّهَادَاتِ شَهِدَ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ خَلَلٌ ثُمَّ أَعَادَ الشَّهَادَةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِدُونِ الْخَلَلِ فَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ فَزَادَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تَنَاقُضٌ وَإِنَّمَا كَانَ إهْمَالًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا شَهَادَةَ عِنْدَهُ إلَّا عَلَى مَا شَهِدَ أَوَّلًا وَإِنَّمَا زَادَ ثَانِيًا لِتَلْقِينِ إنْسَانٍ تَزْوِيرًا وَاحْتِيَالًا فَلَا يُقْبَلُ اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ شَهِدَ وَلَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَقُولَ أُوهِمْت بَعْضَ شَهَادَتِي إنْ كَانَ عَدْلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
فَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَحْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَرِحَ ثُمَّ عَادَ لَا تُقْبَلُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَبْرَحْ أَيْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّهُ غَرَّهُ الْخَصْمُ بِالدُّنْيَا وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ إطَالَةَ الْمَجْلِسِ كَالْقِيَامِ عَنْهُ وَهُوَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَيَّدَ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ شُبْهَةِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي قَدْرِ الْمَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ مِثْلَ أَنْ يَدَعَ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْكُلِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْجُدُودِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ ذَلِكَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ أَيْ التَّقْيِيدُ بِالْمَجْلِسِ وَعَدَمِ الْبَرَاحِ عَنْهُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى بِنْتَيْ هِنْدٍ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُمَا بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهِمَا الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ مُصْطَفَى بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ يُونُسَ الدِّيرِيُّ وَأَنَّ الْمُتَوَفَّاةَ دِيبَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ بْنِ يُونُسَ الدِّيرِيُّ وَأَنَّ وَالِدَ دِيبَةَ وَهُوَ سُلَيْمَانُ وَجَدَّ الْمُدَّعِي وَهُوَ حَسَنٌ أَخَوَانِ وَالِدُهُمَا يُونُسُ الْمَذْكُورُ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الثَّانِي بِأَنَّ بِنْتَيْ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا أَقَرَّتَا عِنْدَهُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ عَمِّ وَالِدَتِهِمَا دِيبَةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الشَّهَادَاتِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ شَهِدَ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ وَالثَّانِي شَهِدَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ وَالِدَتِهِمَا وَأَسْقَطَ ابْنًا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ شَهِدَ بِالنَّسَبِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ.
وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدَّاهُ وَالْآخَرُ أَنَّ الدَّائِنَ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِالْفِعْلِ وَالْآخَرَ بِالْقَوْلِ. اهـ.
وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدَّاهُ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهَا بِهَذَا الْعَيْبِ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَهَذَا الْعَيْبُ بِهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛
لِأَنَّهُمَا مَا شَهِدَا عَلَى أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ لَا يَخْلُو عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنْشَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَكُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي فِعْلٍ مُلْحَقٍ بِالْقَوْلِ أَوْ عَكْسِهِ.
أَمَّا الْفِعْلُ كَغَصْبٍ فَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَحْضُ كَبَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمُلْحَقُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْقَرْضُ فَلَا يَمْنَعُ وَأَمَّا عَكْسُهُ كَنِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ. اهـ.
فَالشَّهَادَةُ بِالنَّسَبِ شَهَادَةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ فِعْلٌ فَعَلَى هَذَا لَا يُقْبَلُ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ حَيْثُ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَهُمَا أَمْرَانِ مُخْتَلِفَانِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبِالنَّسَبِ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَوَاحِدٌ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ عَلَى غَيْرِهِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْجَدِّ وَابْنِ الْعَمِّ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالْإِرْثِ إذَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ. اهـ.
وَلَمْ يُوجَدْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْإِقْرَارِ أَيْضًا حَتَّى يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِمَا عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَذْكُرَا أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَمْ يَذْكُرَا أَنْ لَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ.
وَفِي دَعْوَى الْعُمُومَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ أَنَّهُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لَهُمَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَتَقْدِيرُ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضٌ إلَى الْقَاضِي وَقَدَّرَ الطَّحَاوِيُّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِالْحَوْلِ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى التَّقْدِيرَ. اهـ.
وَمَعْنَى يَتَلَوَّمُ أَيْ يَتَحَرَّى زَمَانًا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَظَهَرَ كَمَا فِي الْوَجِيزِ فَتَلَخَّصَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمَرْقُومَيْنِ حَيْثُ اخْتَلَفَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ بِالسَّمَاعِ بِطَرِيقِهَا الشَّرْعِيِّ إذَا قَالَ الشُّهُودُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا ذَلِكَ وَلَمْ يُفَسِّرْ الشَّاهِدُ أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالتَّسَامُعِ هَلْ تُقْبَلُ وَيَحِلُّ لِلشَّاهِدِ الشَّهَادَةُ إذَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَعَدْلَتَانِ اعْتِمَادًا عَلَى إخْبَارِهِمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الشَّهَادَةُ بِالنَّسَبِ جَائِزَةٌ وَتُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي غَالِبِ كُتُبِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِهَا خَوَاصُّ مِنْ النَّاسِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامٌ تَبْقَى عَلَى انْقِضَاءِ الْقُرُونِ وَانْقِرَاضِ الْأَعْصَارِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ إمَّا بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَهِيَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُتَوَهَّمُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِأَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فَيَسَعُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْهَدَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْهُمْ الْعَدَالَةَ وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ بِأَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِمَا وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا فَيَسَعَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ نِصَابٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ.
وَذَكَرَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَمَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدْلَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْحَدَّادِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ تُجَوِّزُ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَرِوَايَةُ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا سَمِعَ مِنْ وَاحِدٍ ثِقَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بِاسْتِشْهَادِ صَاحِبِ النَّسَبِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَلَوْ فُسِّرَ لَا تُقْبَلُ أَمَّا لَوْ قَالُوا لَمْ نُعَايِنْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَلَوْ فَسَّرَ لَا يُقْبَلُ كَمُعَايَنَتِهِ لِشَيْءٍ فِي يَدِ إنْسَانٍ يُطْلِقُ لَهُ الشَّهَادَةَ وَإِذَا فَسَّرَ لَا يُقْبَلُ. اهـ.
أَمَّا لَوْ قَالُوا اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا كَمَا فِي السُّؤَالِ فَهُوَ مَقْبُولٌ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ شَهِدُوا بِالشُّهْرَةِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ وَقَالُوا لَمْ نُعَايِنْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا تُقْبَلُ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَشَرَطَ فِيهَا لِلْقَبُولِ فِي النَّسَبِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ الرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ غَرِيبًا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَا عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ قَالَ الْخَصَّافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ دِمَشْقَ بَلْدَتِهِ إلَى بِلَادِ الْحِجَازِ مِنْ مُدَّةِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ وَلَهُ أَخٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَانِ وَعَلَى الْغَائِبِ دَيْنٌ لِجَمَاعَةٍ أَخْبَرَ الْأُخْتَ الْمَزْبُورَةَ رَجُلٌ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ مَشْهُورًا تَزْعُمُ الْأُخْتُ وَأَصْحَابُ الدُّيُونِ أَنَّهُ ثَبَتَ مَوْتُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ أَطْلَقَا الشَّهَادَةَ إطْلَاقًا وَلَمْ يُبَيِّنَا شَيْئًا أَوْ قَالَا لَمْ نُعَايِنْ مَوْتَهُ وَإِنَّمَا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُ فُلَانٍ مَشْهُورًا فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ مَشْهُورًا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَكِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ أَخْبَرْنَا بِذَلِكَ مَنْ شَهِدَ مَوْتَهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ إذَا صُرِّحَ بِالسَّمَاعِ وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ إذَا أَقَرَّ بِالْيَدِ كَمَنْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّف فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُهُ لِأَنِّي رَأَيْتهَا فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَدْ عَثَرْنَا عَلَى الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ.
وَكَذَا إذَا قَالَا دَفَنَّاهُ أَوْ شَهِدْنَا جِنَازَتَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِالْمَوْتِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بَزَّازِيَّةٌ وَالنَّسَبُ وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالْمَوْتِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ عَدْلَيْنِ صُوَرُ الْمَسَائِلِ.
وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلُ وَلَوْ أُنْثَى هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مُتَّهَمًا كَوَارِثٍ وَمُوصَى لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ شَهِدَ أَنَّهُ شَهِدَ أَيْ حَضَرَ دَفْنَ زَيْدٍ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِيَّ يَقْبَلُهُ إذْ لَا يُدْفَنُ إلَّا الْمَيِّتُ وَلَا يُصَلَّى إلَّا عَلَيْهِ.
دُرَرٌ آخِرَ الشَّهَادَاتِ. (أَقُولُ) وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَإِنْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ لِلْقَاضِي أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ رُدَّتْ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ إذَا فَسَّرَا وَقَالَا فِيهِ أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خُلَاصَةٌ بَلْ فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ أَنْ يَقُولَا شَهِدْنَا؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ أَمَّا لَوْ قَالَا لَمْ نُعَايِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا جَازَتْ فِي الْكُلِّ وَصَحَّحَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَغَيْرُهُ. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَ الشَّاهِدِ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ لَيْسَ مِنْ التَّسَامُعِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّهُ مِنْهُ وَكَتَبْت أَيْضًا نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَنَّ مَا فِي التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْمُتُونِ وَقَدْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَفَتَاوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَشْهَدُ بِمَا لَمْ يُعَايِنْ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَأَصْلِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ اسْتِحْسَانًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ. اهـ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَفِيضَةٌ فِي الْكُتُبِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا أَنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ قَالَ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا وَلِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شُرُوطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْتَهَرُ إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ عَلَى الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ.
أَمَّا الشُّرُوطُ فَلَا تَشْتَهِرُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرُوطِ بِالتَّسَامُعِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ أَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا بِسَبَبِ قَرْضٍ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ كَذَا وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَطَالَبُوهُ بِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ دَفَعَ مِنْهُ مِقْدَارَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ثَامِنِ شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ فَأَحْضَرَ لِلشَّهَادَةِ كُلًّا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَشَهِدُوا بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَزْبُورِ فَأَحْضَرَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً شَهِدَتْ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشَهِدُوا دَفْنَهُ فَأَجَابَ زَيْدٌ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَلْزَمُ زَيْدًا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}}.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ قَالَ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مُتَّكِئًا قَالَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَقَوْلُ الزُّورِ فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ} أَيْ شَفَقَةً عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَمَنْ عُلِمَ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا يُشَهَّرُ وَلَا يُعَزَّرُ وَعِنْدَهُمَا يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَدَّعِ سَهْوًا وَلَا غَلَطًا كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ؛
لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّفْيِ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سِرَاجِيَّةٌ وَزَادَا ضَرْبَهُ وَحَبْسَهُ مَجْمَعٌ وَفِي الْبَحْرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَخِّمَ وَجْهَهُ إذَا رَآهُ سِيَاسَةً. اهـ.
وَقَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا يُشَهَّرُ وَلَمْ يُعَزَّرْ وَقَدْ قِيلَ إنْ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ لَا تُعْلَمُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ وَلَا تُعْلَمُ بِالْبَيِّنَةِ.
(أَقُولُ) قَدْ تُعْلَمُ بِدُونِ الْإِقْرَارِ كَمَا إذَا شَهِدَ بِمَوْتِ زَيْدٍ أَوْ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ زَيْدٌ حَيًّا وَكَذَا إذَا شُهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَيْسَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. اهـ.
وَأَمَّا الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ قَدْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ارْتَكَبَ الْكَذِبَ وَقَدْ آذَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ فَيُعَزَّرُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَعُزِّرَ كُلُّ مُرْتَكِبِ مُنْكِرٍ أَوْ مُؤْذِي مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ أَوْ إشَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَظْرِ فَمُرْتَكِبُهُ مُرْتَكِبُ مُحَرَّمٍ وَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا فِيهَا التَّعْزِيرُ.
أَشْبَاهٌ. اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ الْعَلَامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي حَادِثَةٍ وَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُمَا شَهِدَا زُورًا فَهَلْ عَلَى مَنْ زَكَّاهُمَا ضَمَانٌ أَوْ تَعْزِيرٌ أَجَابَ لَا ضَمَانَ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى مَنْ زَكَّاهُمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالَ إنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ فَهَلْ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِرُجُوعِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْمَالِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رَجَعَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُفْسَخُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ يُنَاقِضُ أَوَّلَهُ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالتَّنَاقُضِ وَلِأَنَّهُ تَرَجَّحَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْقَضُ بِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ بِأَنْ عَلِمَ أَيْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذَاكَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ دُونَ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ وَضَمِنَ الشَّاهِدُ نِصْفَ مَا شَهِدَ بِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَامَةُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ التَّسَبُّبَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي سَبَبُ الضَّمَانِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَقَدْ تَسَبَّبَ لِلْإِتْلَافِ تَعَدِّيًا وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُبَاشِرِ وَهُوَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَالْمَلْجَأِ إلَى الْقَضَاءِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ صَرْفُ النَّاسِ عَنْ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَاضٍ فَاعْتُبِرَ السَّبَبُ وَهُوَ الشَّاهِدُ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا بِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَيَّدَ ضَمَانَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالدُّرَرِ بِمَا إذَا قُبِضَ الْمَالُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ قَبْلَهُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ وَالتَّصْحِيحُ الصَّرِيحُ أَقْوَى وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ الشَّاهِدَانِ إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا رُجُوعًا مُعْتَبَرًا يَعْنِي عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ ضَمِنَا الْمَالَ الَّذِي شَهِدَا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَخِيرُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الْمَالَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا. اهـ.
وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ يُفْتَى مِنْ عَلَامَاتِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاَلَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ وَالْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَعَلَّهُ رُجُوعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَكَانَ عَلَى الثَّانِي الْمُعَوَّلُ وَحَيْثُ أَخْبَرَ الشَّاهِدُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا وَلَمْ يَدَّعِ سَهْوًا وَلَا غَلَطًا كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ.
قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَزَادَ الْإِمَامَانِ ضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَخِّمَ وَجْهَهُ إنْ رَآهُ سِيَاسَةً وَقِيلَ إنْ رَجَعَ مُصِرًّا ضُرِبَ إجْمَاعًا وَإِنْ تَائِبًا لَمْ يُعَزَّرْ إجْمَاعًا وَتَفْوِيضُ مُدَّةِ تَوْبَتِهِ لِرَأْيِ الْقَاضِي عَلَى الصَّحِيحِ كَيْفَ لَا وَقَدْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «شَاهِدُ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ} رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُحَجَّبَةِ بِنِكَاحٍ أَوْ تَوْكِيلٍ هَلْ تَصِحُّ وَمَا طَرِيقُ صِحَّتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَصِحُّ وَطَرِيقُ صِحَّتِهَا مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى مُحَجَّبٍ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْقَائِلُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ أَوْ يَرَى شَخْصَهَا أَيْ الْقَائِلَةِ مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَالنَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا لَا يُشْتَرَطُ عَنْدَهُمَا إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِلَيْهِ مَال الْإِمَامُ خواهر زاده كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي الدُّرَرِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَخْصِهَا لَا وَجْهِهَا وَقَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بَعْدَمَا نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ وَمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ مَوْتِ الْمَرْأَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حَيَّةً وَأَشَارَ الشُّهُودُ إلَيْهَا وَقَالُوا هَذِهِ نَشْهَدُ عَلَيْهَا وَنَعْرِفُهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ قَالُوا تَحَمَّلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ هَذِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا أَمْ لَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَكَانَ عَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي سَمَّوْهَا وَنَسَبُوهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ فِي شَهَادَاتِ الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَقَالُوا نَعْرِفُ الدَّارَ وَنَقِفُ عَلَى حُدُودِهَا إذَا مَشَيْنَا إلَيْهَا لَكِنْ لَا نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إذَا عَدَلَا وَيَبْعَثُ مَعَهُمَا الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمِينًا لَهُ لِتَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ بِحَضْرَةِ أَمِينِ الْقَاضِي فَإِذَا وَقَفَا عَلَيْهَا وَقَالَا هَذِهِ حُدُودُ الدَّارِ الَّتِي شَهِدْنَا بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يَرْجِعُونَ إلَى الْقَاضِي وَيَشْهَدُ الْأَمِينَانِ أَنَّهُمَا وَقَفَا وَشَهِدَا بِأَسْمَاءِ الْحُدُودِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّارِ الَّتِي شَهِدَا بِهَا بِشَهَادَتِهِمَا.
وَكَذَا هَذَا فِي الْقُرَى وَالْحَوَانِيتِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ الْعَالِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَتْ امْرَأَةٌ مَعَ أُمِّهَا أَنَّهَا اشْتَرَتْ مِنْ أُمِّهَا الْمَذْكُورَةِ بُشْخَانَةً مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تَحَمَّلَ شُهُودُ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِمَا بِتَعْرِيفِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَابْنِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعَرِّفَانِ الْمَذْكُورَانِ وَالْآنَ أُمُّ الْمَرْأَةِ تُنْكِرُ الْبَيْعَ فَهَلْ يَلْزَم ابْنَتَهَا إثْبَاتُ الشِّرَاءِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَارِفَةٍ بِأُمِّهَا غَيْرِ شَهَادَةِ مَضْمُونِ حُجَّةِ الْمُصَادَقَةِ حَيْثُ تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِثْبَاتِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُنْتَقِبَةِ عِنْدَ التَّعْرِيفِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَشْبَاهِ وَيَصِحُّ تَعْرِيفُ الزَّوْجِ وَالِابْنِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ شَاهِدًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَارَهُ النَّسَفِيُّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَبِمِثْلِهِ أَجَبْت.
وَرَأَيْت فَتْوَى أَيْضًا بِخَطِّ الْجَدِّ الْعَلَامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ بِمَا صُورَتُهُ فِيمَا إذَا كُتِبَ فِي صَكِّ بَيْعٍ أَنَّ زَيْدًا بَاعَ لِعَمِّهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ أُخْتِهِ الثَّابِتَةِ وَكَالَتُهُ عَنْهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ حِصَّتَيْهِمَا الْمَعْلُومَتَيْنِ فِي قَاعَةٍ وَبُسْتَانٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ بِيَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي عَنْ وَرَثَةٍ وَجَحَدَتْ أُخْتُ زَيْدٍ تَوْكِيلَهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَفَا عَنْهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ قَالَ فِي الْكَافِي لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ. اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمَالِكِيُّ وَبِخَطِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لَا عِبْرَةَ بِالْحُجَّةِ وَلَا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِمَضْمُونِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِتَفَاصِيلِ مَا فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَكِّلَتَيْنِ بَيِّنَةً عَادِلَةً بِأَنَّهُمَا وَكَلَّتَاهُ بِقَبْضِ مَالِهِمَا فِي ذِمَّةِ الدَّافِعِ وَبِالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ أَيْضًا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْوَكَالَةِ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِمَا أَصْلًا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِالتَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو السُّعُودِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ زَيْدٍ مِنْ مَالٍ مَعْلُومٍ لِعَمْرٍو وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُون شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِمَّا يُعَادُ وَيَتَكَرَّرُ كَمَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ سَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فَقَالَا لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُكَلَّفَا بِهِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْقَذْفِ تُقْبَلُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إذَا كَانَ قَوْلًا كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَوْلًا لَكِنْ الْفِعْلُ شَرْطُ صِحَّتِهِ كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ وَحُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ فِعْلٌ وَهُوَ شَرْطٌ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرُ الْفِعْلِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ. اهـ.
وَفِي الْأَقْضِيَةِ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِدَيْنٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ مَالٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَيَكُونُ عَيْنَ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَشْهُودُ بِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مِنْ الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ مَالًا مَعْلُومًا فَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ دَفَعُوهُ لَهُ مِنْ مُدَّةِ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُمْ فِي التَّارِيخِ الْمَزْبُورِ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً بِطِبْقِ مَا أَجَابُوا بِهِ غَيْرَ أَنَّ الشُّهُودَ ذَكَرُوا أَنَّهُ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ؟
(الْجَوَابُ): هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ كَثْرَةِ التَّنْقِيرِ وَالتَّفَحُّصِ عَنْهَا لَمْ نَجِدْ نَقْلًا صَرِيحًا فِيهَا غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا مَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مِنْ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ ضِمْنَ مَسْأَلَةٍ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ. اهـ.
وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ فِي الشَّهَادَاتِ الشَّهَادَةُ لَوْ خَالَفَتْ الدَّعْوَى بِزِيَادَةٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا أَوْ نُقْصَانٍ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ لَوْنِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَا يُكَلَّفُ إلَى بَيَانِهِ فَاسْتَوَى ذِكْرُهُ وَتَرْكُهُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ. اهـ.
وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْمُنْتَقَى شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِمَالٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الْبُلْدَانِ قَالَ الْإِمَامُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ عَلَى الشَّاهِدِ حِفْظَ عَيْنِ الشَّهَادَةِ لَا مَحَلِّهَا وَمَكَانِهَا وَقَالَ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ لِكَثْرَةِ الشَّهَادَاتِ بِالزُّورِ وَلَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ تُقْبَلُ وَلَوْ سَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَقَالَا لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُكَلَّفَانِ بِهِ بَزَّازِيَّةٌ فَبِمُقْتَضَى مَا يَلُوحُ مِنْ النُّقُولِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَالتِّسْعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَضُرُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) دَعْوَى دَفْعِ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْفِعْلِ وَقَدْ مَرَّ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ الْكَافِي أَنَّ اخْتِلَافَ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْفِعْلِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ مَانِعٌ بِخِلَافِ الْقَوْلِ وَهُنَا قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي الْفِعْلِ فِي الزَّمَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَانِعٌ كَالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَأَرَّخَهُ فَشَهِدُوا لَهُ بِلَا تَارِيخٍ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ أَقْوَى وَعَلَى الْقَلْبِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ كَانَ لِلشِّرَاءِ شَهْرَانِ فَأَرَّخُوا شَهْرًا تُقْبَلُ وَعَلَى الْقَلْبِ لَا تُقْبَلُ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى الشِّرَاءَ مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَشَهِدُوا بِالشِّرَاءِ مُنْذُ شَهْرٍ قُبِلَتْ وَبِقَلْبِهِ لَا. اهـ.
أَيْ: لَوْ ادَّعَاهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَشَهِدُوا بِهِ مُنْذُ شَهْرَيْنِ لَا تُقْبَلُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَى لِإِثْبَاتِ الشُّهُودِ زِيَادَةَ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أُرِّخَ وَشَهِدَا مُطْلَقًا. تَأَمَّلْ.
وَحَيْثُ كَانَ مَانِعًا فِي الشِّرَاءِ وَهُوَ قَوْلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ فِي دَفْعِ الْمَالِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَغَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ ذَلِكَ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْفَاهُ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِكَوْنِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ إقَامَةَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً تَشْهَدُ لَهُ بِطِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الدُّرَرِ الشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ الْمُدَّعِي مُكَذِّبَهُمْ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا شَهِدُوا بِالْأَقَلِّ تُقْبَلُ لِلِاتِّفَاقِ فِيهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ الْغَائِبَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الزَّوْجِ؟
(الْجَوَابُ): الشَّهَادَةُ عَلَى الطَّلَاقِ يُشْتَرَطُ لَهَا حُضُورُ الزَّوْجِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَصْمِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا قَالُوا لِامْرَأَةِ الْغَائِبِ إنَّ زَوْجَك طَلَّقَك أَوْ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَاحِدٌ عَدْلٌ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ وَذُكِرَ فِي دَعْوَى الذَّخِيرَةِ إذَا شَهِدُوا عَلَى غَائِبٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ حَاضِرًا وَالْمَرْأَةُ غَائِبَةً تُقْبَلُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْخَامِسِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ وَدَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ.
(سُئِلَ) فِي الشَّاهِدِ إذَا تَوَقَّفَ فِي إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ إقْرَارَهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إذَا قَالَ الشَّاهِدُ لَا شَهَادَةَ لِي ثُمَّ شَهِدَ قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ لِجَوَازِ النِّسْيَانِ ثُمَّ التَّذَكُّرُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَائِيٌّ مِنْ الدَّعْوَى وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ أَوْ قَالَ الشُّهُودُ لَا شَهَادَةَ لَنَا ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَوْ شَهِدَ الَّذِي قَالَ لَا شَهَادَةَ عِنْدِي قَالَ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقُولَ كَانَ لِي شُهُودٌ وَكُنْت نَسَيْت أَوْ تَقُولُ الشُّهُودُ كَذَلِكَ كَانَتْ لَنَا شَهَادَةٌ وَكُنَّا نَسِينَا ثُمَّ تَذَكَّرْنَا جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى.
(سُئِلَ) فِي شَاهِدَيْ طَلَاقٍ أَخَّرَا شَهَادَتَهُمَا مُدَّةَ شَهْرٍ وَنِصْفٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمَا لِلزَّوْجَيْنِ وَأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ اجْتِمَاعَ الْأَزْوَاجِ فَهَلْ يَفْسُقَانِ بِتَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُدَّةِ التَّأْخِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى يَسَارٍ مَدْيُونٍ وَقَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ عَقَارَهُ الْمَعْلُومَ مِنْ عَمْرٍو وَتَصَرَّفَ بِهِ عَمْرٌو مُدَّةً مَدِيدَةً وَرَجُلَانِ مُعَايِنَانِ مُشَاهِدَانِ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَمُطَّلِعَانِ عَلَيْهِ وَيُرِيدَانِ الْآنَ أَنْ يَشْهَدَا حِسْبَةً بِأَنَّ الْعَقَارَ وَقْفُ كَذَا وَقَدْ أَخَّرَا شَهَادَتَهُمَا بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَأْوِيلٍ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟
(الْجَوَابُ): شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا وَقَعَتْ حَادِثَةٌ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ سَنَةَ 1150 هِيَ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ بُنْدُقِيَّةً فِي سُوقِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا فَأَصَابَتْ امْرَأَةً وَقَتَلَتْهَا مِنْ سَاعَتِهَا ثُمَّ كُشِفَ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ دُفِنَتْ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ادَّعَى وَرَثَتُهَا عَلَى قَاتِلِهَا فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِطِبْقِ مَا ادَّعُوا وَذَكَرُوا أَنَّ الْمَقْتُولَةَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا الْمَكْشُوفَ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي إذْ ذَاكَ أَصَابَتْهَا الْبُنْدُقِيَّةُ كَمَا ذَكَرُوا فِي الدَّعْوَى غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا فَسَأَلَنِي الْقَاضِي هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشُّهُودِ اسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا أَمْ لَا فَكَتَبْت مَا صُورَتَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ فَلَا بُدَّ لِقَبُولِهَا مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى جَدِّهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَصِنَاعَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِهَا أَيْ بِالصِّنَاعَةِ لَا مَحَالَةَ بِأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْمِصْرِ غَيْرُهُ فَلَوْ قُضِيَ بِلَا ذِكْرِ الْجَدِّ نَفَذَ فَالْمُعْتَبَرُ التَّعْرِيفُ لَا تَكْثِيرُ الْحُرُوفِ حَتَّى لَوْ عُرِفَ بِاسْمِهِ فَقَطْ أَوْ بِلَقَبِهِ وَحْدَهُ كَفَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَمُلْتَقَطٌ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ. اهـ.
وَقَالُوا فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ شَهِدُوا أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ قَاضِيَ مِصْرِ كَذَا شَاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا وَوَجَدَ اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِ الدَّعْوَى قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا فَانْظُرُوا حَفِظَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى إلَى قَوْلِهِمْ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اشْتِرَاطَ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ إذْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ وَفِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْمَرْأَةُ الْمَقْتُولَةُ فِي دِمَشْقَ فِي السُّوقِ الْمَعْلُومِ الْمُشَاهَدَةُ بِالْكَشْفِ فِي الْيَوْمِ الْمَعْلُومِ وَاحِدَةٌ لَا ثِنْتَانِ فَلَا لَبْسَ وَلَا اشْتِبَاهَ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَلَا مُعَرِّفٍ شَرْعِيَّيْنِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا إلَّا إذَا عَرَفَهَا رَجُلَانِ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فَحِينَئِذٍ حَلَّتْ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَصُورَةُ جَوَابِ التُّمُرْتَاشِيِّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا وَلَا يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْوَاحِدِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ لَا يَكْفِي وَلَوْ عَرَّفَهَا رَجُلَانِ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ حَلَّ لَهُمَا أَدَاءَ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّأْكِيدِ مَا لَيْسَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَعْنًى وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَخْبَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.
وَعِنْدَهُمَا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ يَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ وَفِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالُوا لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَبِهِ يُفْتِي شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
. (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ إنْ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَكْفِي وَإِنْ كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ كَفَى اتِّفَاقًا وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَا أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكْفِي عِنْدَهُ مَا لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَعِنْدَهُمَا يَكْفِي إخْبَارُ الْعَدْلَيْنِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ شَهَادَةُ الزَّائِدِ عَلَى عَدْلَيْنِ فِي أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَقَالَا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ تَكْفِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ. اهـ.
فَقَدْ جَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ لَا الْإِخْبَارِ لَكِنْ نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ عَنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ لِلطَّرَابُلُسِيِّ مِثْلَ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ. اهـ.
أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّأْكِيدِ مَا لَيْسَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ إلَخْ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ مِنْهَا هِيَ زَوْجَةُ الرَّجُلِ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأُمِّ امْرَأَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا لَا تُقْبَلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّعْدِيلِ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ فَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ جَرْحٌ مُجَرَّدٌ قَبْلَ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْمِنَحِ تَبَعًا لِمَا قَرَّرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَأَقَرَّهُ مُنْلَا خُسْرو وَأَدْخَلَهُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ وَمَسْأَلَةُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ دَوَّارَةٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الدَّلَّالِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا يَحْلِفُ وَلَا يَكْذِبُ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّخَّاسِ وَهُوَ الدَّلَّالُ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا لَمْ يَكْذِبْ وَلَمْ يَحْلِفْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنْتُ أَخٍ وَبِنْتُ زَوْجَةٍ بَالِغَتَانِ عَاقِلَتَانِ فَشَهِدَتَا لَهُ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِشِرَاءِ طَبَقَةٍ مِنْ عَمْرٍو هَلْ تُقْبَلُ حَيْثُ لَا مَانِعَ شَرْعًا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الْقُنْيَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّبِيبِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ مِنْهُ الدَّارَ وَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَعْرِفَا حُدُودَهَا وَلَا اسْمَ الْبَائِعِ وَلَا اسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ثُمَّ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي سِوَاهُمَا فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعَى لَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَرَّفَهُمْ بِأَنَّ الدَّارَ تَكُونُ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِمْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمُدَّعَاهُ فَهَلْ تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؟
(الْجَوَابُ): تَحْدِيدُ الدَّارِ لَازِمٌ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَشْهُورًا إلَّا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ بَلْدَةٍ بِهَا الدَّارُ ثُمَّ الْمَحَلَّةُ ثُمَّ السِّكَّةُ وَذَكَرَ أَسْمَاءَ أَصْحَابِهَا وَأَسْمَاءَ أَنْسَابِهِمْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مَشْهُورًا. اهـ.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ أَوْ قَالَ الشُّهُودُ مَا لَنَا شَهَادَةٌ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَوْ شَهِدَ الَّذِي قَالَ لَا شَهَادَةَ عِنْدِي قَالَ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقُولَ كَانَ لِي شُهُودٌ وَكُنْت نَسِيت أَوْ يَقُولُ الشُّهُودُ كَذَلِكَ كَانَتْ لَنَا شَهَادَةٌ وَلَكِنَّا نَسِينَا ثُمَّ تَذَكَّرْنَا. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الشُّهُودَ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْدِيلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْمُسْتَحِقِّ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْغَلَّةِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَكَانَ دَاخِلًا فِي شَهَادَةِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فَهُوَ نَظِيرُ شَهَادَةِ أَحَدِ الدَّائِنَيْنِ لِشَرِيكِهِ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَأَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِي الرُّومِ الْمَرْحُومُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْأَخِ الْعَدْلِ لِأَخِيهِ فِي دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِوَقْفِ بِرٍّ أَخُوهُ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ بَلْ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا مَعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ تُقْبَلُ. اهـ.
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْغَلَّةِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَهُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلِذَا لَمْ تُقْبَلْ فِي الْأَوَّلِ وَقُبِلَتْ فِي الثَّانِي كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا الْفَرْقِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَذَكَرَ عِدَّةَ مَسَائِلَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا لِكَوْنِهَا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقْفِ مَكْتَبٍ وَلِلشَّاهِدِ صَبِيٌّ فِي الْمَكْتَبِ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِوَقْفِ الْمَسْجِدِ وَشَهَادَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وَقْفِيَّةِ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةِ كَذَا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَكَذَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ إذَا شَهِدُوا بِوَقْفٍ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَالْمُعْتَمَدُ الْقَبُولُ فِي الْكُلِّ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ مَسْأَلَةُ قَضَاءِ الْقَاضِي فِي وَقْفٍ تَحْتَ نَظَرِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ فِيهِ. اهـ.
قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ شَهَادَةِ النَّاظِرِ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نَظَرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.
وَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَمَا مَرَّ وَيُرَدُّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إذَا شَهِدُوا عَلَى قِطْعَةِ أَرْضٍ أَنَّهَا مِنْ أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ لَا تُقْبَلُ وَأَجَابَ عَنْهُ التُّمُرْتَاشِيُّ بِحَمْلِهِ عَلَى قَرْيَةٍ مَمْلُوكَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقٌّ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ آخَرَ عَدْلٍ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا كَمُلَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ تُقْبَلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ لِرَجُلٍ ابْنُ أَخِيهِ الْعَصَبِيِّ وَزَوْجُ بِنْتِهِ وَهُمَا عَدْلَانِ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتُقْبَلُ لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهَا وَلِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَلِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَلِأُخْتِ امْرَأَتِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تُقْبَلُ لِأَبَوَيْهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلِمَنْ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَتُهُ وَلِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهَا.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الذِّمِّيِّ الْعَدْلِ عَلَى ذِمِّيٍّ مِثْلِهِ بِحَقٍّ لِمُسْلِمٍ هَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فِي الْمُتُونِ إذَا مَاتَ الْكَافِرُ فَجَاءَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنًا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ.
قَالَ فِي الْكِتَابِ أَجَزْتُ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ وَأَعْطَيْته حَقَّهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلْكَافِرِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِمَا فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْبَحْرِ. (أَقُولُ) فِي الذَّخِيرَةِ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى عَلَى أَلْفٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَامَ نَصْرَانِيٌّ آخَرَيْنِ كَذَلِكَ تُدْفَعُ الْأَلْفُ الْمَتْرُوكَةِ لِلْمُسْلِمِ وَلَا يَتَحَاصَّانِ فِيهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتَحَاصَّانِ وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ مَقْبُولَةٌ عِنْدَهُ فِي حَقِّ إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مَقْبُولَةٌ فِيهِمَا. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ وَالْمُحَاصَّةِ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ.
(سُئِلَ) فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ هَلْ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الشَّاهِدُ لَا يُحَلَّفُ قَالَ فِي الْمِنَحِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَوْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّاهِدَ كَاذِبٌ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَالْمُدَّعِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا سِيَّمَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَفِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى التَّهْذِيبِ وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ. اهـ.
وَفِي مَنَاقِبِ الْكُرْدِيِّ اعْلَمْ أَنَّ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ أَمْرٌ مَنْسُوخٌ بَاطِلٌ وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ حَرَامٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوهُ وَيَقُولُوا لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا. اهـ.
مِنَحٌ مِنْ الشَّهَادَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِدَيْنٍ لِزَيْدٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعْطِيَاهُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ حَتَّى شَهِدَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَاتَ الرَّجُلُ فَأَقَرَّ وَارِثَاهُ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعْطِيَاهُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ حَتَّى شَهِدَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لِرَبِّ الدَّيْنِ ثَبَتَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْوَرَثَةِ. اهـ.
وَفِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَلَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ فَأَقَرَّ وَارِثَاهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ لِرَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَا بِهَذَا الدَّيْنِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِمَا الدَّيْنَ فِي حِصَّتِهِمَا مِنْ التَّرِكَةِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِهِمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا لَا يَحِلُّ الدَّيْنَ فِي قِسْطِهِمَا وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا ثُمَّ شَهِدَا بِهِ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يُرِيدَانِ أَنْ يُحَوِّلَا بَعْضَ مَا لَزِمَهُمَا عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ فَكَانَتْ جَرَّ مَغْنَمٍ وَدَفْعَ مَغْرَمٍ وَفِيهِ إشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَلْزَمُ عَلَى نَصِيبِهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِمَا فِي نَصِيبِهِمَا قُلْت الدُّيُونُ تُقْضَى مِنْ أَيْسَرِ الْأَمْوَالِ قَضَاءً وَحِصَّتُهُمَا أَيْسَرُ الْأَمْوَالِ قَضَاءً لِإِنْكَارِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي. اهـ.
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ يُؤْخَذُ جَمِيعُ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ عِنْدَنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ وَقِيلَ حِصَّتُهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ. اهـ.
وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِالْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ إذَا شَهِدَ وَارِثَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ أَقَرَّا وَلَمْ يَشْهَدَا أَلْزَمَهُمَا بِالْحِصَّةِ فِي نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُمَا بِغَيْرِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا.
(سُئِلَ) عَنْ شُهُودٍ شَهِدُوا بِإِقْرَارِ رَجُلٍ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَصْدُرْ مِنْ الزَّوْجَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْد أَنْ أَخَّرُوا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ وَالشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى تَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيُقْضَى بِهَا مِنْ مُعِينِ الْمُفْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا بِالْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ بَعْدَمَا أَخَّرُوا شَهَادَتَهُمْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ جَامِعُ الْفَتْوَى فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى حَدِّ الزِّنَى وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ تَبْطُلُ بِتَقَادُمِ الْعَهْدِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا ثُمَّ لَمْ يُقَدِّرُوا التَّقَادُمَ تَقْدِيرًا صَرِيحًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَمَا فَوْقَهَا مُتَقَادِمٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الشَّهْرَ وَمَا فَوْقَهُ مُتَقَادِمٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا فَوْقَهَا مُتَقَادِمٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ جَهَدْنَا بِأَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُبَيِّنَ فِي ذَلِكَ مُدَّةً فَأَبَى وَقَالَ هُوَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ مِنْ الْمُحِيطِ فِي الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ وَحَقَّقَهُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَلَامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَفْسُقَانِ بِتَأْخِيرِ شَهَادَتِهِمَا وَتُرَدُّ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَبَنَاتٍ وَكَانَ قَدْ أَوْصَى لِابْنَيْ ابْنِهِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ الْمَزْبُورَةَ تَدَّعِي أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ الْمَزْبُورَةِ بِشَهَادَةِ أَبِي الزَّوْجَةِ الْمَزْبُورَةِ وَشَهَادَةِ زَوْجِ إحْدَى الْبَنَاتِ الْمَرْقُومَاتِ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا غَيْرَ مَقْبُولَةٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ؟
(الْجَوَابُ): شَهَادَةُ أَبِي الزَّوْجَةِ لِبِنْتِهِ وَالزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا الْمَذْكُورَةُ كَمَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ سِلْعَتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنْهَا بِثَمَنِهِ الْمَعْلُومِ ثُمَّ دَفَعَ بَعْضُ الْمُشْتَرِينَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِرْفَةِ الْمَذْكُورِينَ وَزَيْدٌ الْبَائِعُ يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَرِينَ الْمَذْكُورِينَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ لِرَفِيقِهِمْ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ الْمُشْتَرِي وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَرِينَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ حَيْثُ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ مَحْلُوقِ اللِّحْيَةِ هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَمْ أَجِدْ نَقْلًا صَرِيحًا فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَكَثْرَةِ الْأَشْغَالِ فَإِنْ كَانَ حَلْقُ اللِّحْيَةِ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ يُمْنَعُ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْمِنَحِ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ يَمْنَعُ قَبُولَهَا وَالْمُرُوءَةُ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ مِمَّا يَبْخَسُهُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعِنْدِي الْمُرُوءَةُ الدِّينُ وَالصَّلَاحُ. اهـ.
أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ عَدَمَ جَزْمِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ إلَى قُدُومِ الْأَمِيرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَهُ وَلَا يَسْتَخِفُّونَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْدَحَ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَادُونَ الْحَلْقَ وَلَا يَعُدُّونَهُ رَذِيلَةً بَيْنَهُمْ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِدْمَانَ عَلَى الصَّغِيرَةِ مُفَسِّقٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْبَزَّازِيَّةِ إذَا قَطَعَتْ شَعْرَ رَأْسِهَا أَثِمَتْ وَلُعِنَتْ وَإِنْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ {لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ} وَلِذَا يَحْرُمُ لِلرَّجُلِ قَطْعُ لِحْيَتِهِ وَالْمَعْنَى الْمُؤْثِرُ التَّشَبُّهُ بِالرِّجَالِ. اهـ.
وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْعَوَارِضِ إنَّ الْأَخْذَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَهِيَ دُونَ الْقَبْضَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ وَمُخَنَّثَةُ الرِّجَالِ لَمْ يُبِحْهُ أَحَدٌ وَأَخْذُ كُلِّهَا فِعْلُ يَهُودَ وَالْهُنُودِ وَمَجُوسِ الْأَعَاجِمِ. اهـ.
فَحَيْثُ أَدْمَنَ عَلَى فِعْلِ هَذَا الْمُحَرَّمِ يَفْسُقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَخِفُّونَهُ وَلَا يَعُدُّونَهُ قَادِحًا لِلْعَدَالَةِ وَالْمُرُوءَةِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا مِلْكًا لَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَادَّعَى الْبَائِعُ فَسَادَ الْبَيْعِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَادَّعَى الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَالتَّغْرِيرَ وَالْمُشْتَرِي ادَّعَى الصِّحَّةَ وَعَدَمَ الْغَبْنِ فَأَيُّ بَيِّنَةٍ مُقَدَّمَةٌ مِنْهُمَا؟
(الْجَوَابُ): بَيِّنَةُ الْغَبْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَكْسِ وَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَدَّعِي قِدَمَ نَهْرَيْنِ أَنَّهُمَا أَزْيَدُ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَالرَّجُلُ يَدَّعِي الْحُدُوثَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَأَيُّ بَيِّنَةٍ تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ حَدُّ الْقَدِيمِ مَا لَا يَحْفَظُهُ الْأَقْرَانُ إلَّا كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقِدَمِ وَالْآخَرُ عَلَى الْحُدُوثِ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَشَهَادَةُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي هَذَا لَا تُفِيدُ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ ب خ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ ب م الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ مُدَّعِي الْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ. اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ بِالْحَرْفِ مُعَلِّلًا بِقَوْلِهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ وَفِي رِسَالَةِ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةٌ خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) إنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَكَذَا فِي الْبِنَاءِ وَالْكَنِيفِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُوَافِقِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْصِيلِ فَإِنَّ الْحُدُوثَ أَمْرٌ عَارِضٌ وَالْقِدَمَ أَصْلٌ فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ وَحِينَئِذٍ فَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ لِمُدَّعِي الْحُدُوثِ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ لِإِثْبَاتِهَا خِلَافَ الْأَصْلِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْكَنِيفِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ ظَهَرَ تَرْجِيحُ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَظَهَرَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لَيْسَ تَوْفِيقًا بَلْ هُوَ نَقْلٌ لِقَوْلَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ نَقْلًا عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا جَهِلَ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَقَدِيمًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْخَاصَّةِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَعَزَاهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ إلَى الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ ذَلِكَ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ فَتَأَمَّلْ هَذَا وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الشُّرْبِ فَائِدَةً حَسَنَةً وَهِيَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُجَرَّدِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ بِدُونِ ذِكْرِ تَارِيخٍ أَمَّا لَوْ أَرَّخَا فَالْأَسْبَقُ تَارِيخًا أَرْجَحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَغَيْرُهُمْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): بَيِّنَةُ الْيَسَارِ أَحَقُّ بِالْقَبُولِ مِنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَاتِ شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَبَيِّنَةُ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ ذَا عَقْلٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ مَثَلًا كَوْنُهُ مَخْلُوطَ الْعَقْلِ أَوْ مَجْنُونًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْبُنِّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَ الْبُنَّ وَقَبِلَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ وَرَضِيَ بِهِ وَالْآنَ يَدَّعِي أَنَّ الْبُنَّ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَهَلْ يُكَلَّفُ إلَى إثْبَاتِ الْأَمَانَةِ فَإِنْ عَجَزَ يَبْقَى عَلَى الشِّرَاءِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْأَمَانَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الشِّرَاءِ كَمَا فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ أَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَمَانَةِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى إثْبَاتِهَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْبَيْعِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَإِنْ لَمْ أَرَهُ الْآنَ فَلْيُرَاجَعْ.
(سُئِلَ) فِي بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الْإِقْرَارِ هَلْ تَكُونُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّوْعِ إنْ أُرِّخَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّوْعِ يَعْنِي لَوْ أَثْبَتَ إقْرَارَ إنْسَانٍ بِشَيْءٍ طَائِعًا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنِّي كُنْت مُكْرَهًا فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِت خِلَافَ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ وَفِي الْمُلْتَقَطِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ طَائِعًا وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ كَانَ بِالْكُرْهِ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى. اهـ.
قَالَ فِي الْمِنَحِ أَقُولُ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ إنَّمَا تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّوْعِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّعَارُضُ فَبَيِّنَةُ الطَّوْعِ أَوْلَى فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ثُلَاثِيَّةً وَهِيَ إمَّا أَنْ يُؤَرِّخَا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا أَرَّخَا فَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ التَّارِيخُ أَوْ يَخْتَلِفَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا اخْتَلَفَ التَّارِيخُ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا فَبَيِّنَةُ الطَّوْعِ أَوْلَى. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ بَيْعِ الْوَفَاءِ مَعَ بَيِّنَةِ بَيْعِ الْبَاتِّ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ بَيْعِ الْوَفَاءِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ بَيِّنَةِ مَنْ يَدَّعِي صِحَّتَهُ مِنْهُمَا فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟؟
(الْجَوَابُ): الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَعَلَّلَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الصِّحَّةَ ثَابِتَةٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْفَسَادَ أَمْرٌ حَادِثٌ يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَكْثَرَ إثْبَاتًا فَكَانَتْ أَوْلَى وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ وَبَرْهَنَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ هُوَ الزَّوْجُ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بِإِقْرَارِهِ وَمَتَى قَبِلْنَا بَيِّنَةَ الْفَسَادِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إذْ الْفَاسِدُ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ كَيْفَمَا كَانَ إذْ الْفَسَادُ يَنْفِي حِلَّ الْوَطْءِ لَا ثُبُوتَ النَّسَبِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْخَارِجُ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ بِيَدِهِ حَانُوتُ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ الْمَوْجُودَ بِهَا الْقَائِمَ بِأَرْضِهَا الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ مِلْكُهُ بَنَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ فُلَانٌ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَادَّعَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ بَنَاهُ بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ بَعْدَ انْهِدَامِ بِنَائِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لِلْخَارِجِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَمَا كَانَ سَبَبُهُ يَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمِنَحِ وَالْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَرْضٌ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ عَلَاءُ الدِّينِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْمِلْكِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ فَكَانَ أَوْلَى وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فِي يَدِهِ غَصَبَهَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْفٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَالَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْوَقْفَ. اهـ.
جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ نَحْوَ سِتِّينَ مَسْأَلَةً وَعَزَاهَا إلَى فَتَاوَى يَحْيَى أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْعَلَائِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ وَقَدْ رَأَيْت هَذِهِ الْمَسَائِلَ مُهِمَّةً نَافِعَةً لِلْمُفْتِي عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ بِسُهُولَةٍ وَرَأَيْت فِي كِتَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ مَسَائِلَ كَثِيرَةً زَائِدَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فَقَصَدْت تَلْخِيصَ ذَلِكَ الْكِتَابِ حَالَةَ الْكِتَابَةِ لِهَذَا الْمَحَلِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ 1236 فَجَاءَ تَلْخِيصًا حَسَنًا بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَاقْتَصَرْت مِنْهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَقَصَدْت ذِكْرَ ذَلِكَ هُنَا خِدْمَةً لِصَاحِبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقُولُ (نِكَاحٌ) بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ بَيِّنَةُ رَدُّ الْبِكْرِ النِّكَاحَ عِنْدَ تَزْوِيجِ وَلِيِّهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ سُكُوتِهَا وَبَيِّنَةُ الزَّوْجِ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ رَدِّهَا.
بَيِّنَةُ زَيْدٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَتِهَا أَنَّهَا امْرَأَةُ عَمْرٍو الْمُنْكِرِ، بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً نَصْرَانِيَّةً عَلَى نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ بَيِّنَةُ فَسَادِ النِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صِحَّتِهِ.
بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ إنْ شَهِدَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلزَّوْجِ، بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ وَلَمْ تَرْضَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهَا كَانَتْ قَاصِرَةً بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا مِلْكُهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهَا مِلْكُهُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ فِي مَتَاعِ النِّسَاءِ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْمَهْرِ فِي الصِّحَّةِ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ بِلَا شَرْطٍ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِهِ إلَى الْآنِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي رَجَبٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي صَفَرٍ (طَلَاقٌ) بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا وَقْتَ الْخُلْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَيِّنَةَ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ عَاقِلًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِهِ مَجْنُونًا بَيِّنَةُ الِابْنِ أَنَّ أَبَاهُ أَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ عَلَى نِكَاحِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (نَفَقَةٌ) بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ الْمُوسِرِينَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ.
بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ أَوْ زَمَانِهِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَبْعُوثَ أَوْ الدَّرَاهِمَ هَدِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ مِنْ الْكِسْوَةِ أَوْ الْمَهْرِ خَانِيَّةٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِالْعَكْسِ بَيِّنَةُ الِابْنِ الْغَائِبِ أَنَّ أَبَاهُ حِينَ أَنْفَقَ مَالَ الِابْنِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ مُوسِرًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْأَبِ الْإِعْسَارَ بَيِّنَةُ الِابْنِ الزَّمِنِ أَنَّ زَيْدًا أَبُوهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ زَيْد أَنَّ رَجُلًا آخَرَ هُوَ أَبُو الزَّمِنِ بَيِّنَةُ الظِّئْرِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ بِنَفْسِهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ بِلَبَنِهَا فَلَهَا الْأَجْرُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَبِيهِ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ (عِتْقٌ) بَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَوَلَدُهَا حُرٌّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ السَّيِّدِ أَنَّهَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بَيِّنَةُ الْبِنْتِ أَنَّ أَبِي مَاتَ حُرَّ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدِي فَأَعْتَقْته وَوَلَاؤُهُ لِي.
بَيِّنَةُ الْمَوْلَى فِي قَدْرِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَبْدِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ.
بَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَنَّهُ دَبَّرَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ عَاقِلٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَلِطَ الْعَقْلِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي فَسَادِ الْكِتَابَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي صِحَّتِهَا.
بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْلَى أَنَّهَا عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ (وَقْفٌ).
بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَالْقَيِّمُ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْإِطْلَاقِ.
بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُتَوَلِّي ذِي الْيَدِ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَبِهِ يُفْتَى.
بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيَّ مُطْلَقٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّ بَائِعِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْوَاقِفِ إلَّا إنْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ تَارِيخًا سَابِقًا عَلَى الْوَقْفِ.
بَيِّنَةُ فَسَادِ الْوَقْفِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ إنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ، وَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى إنْ كَانَ الْفَسَادُ لِمَعْنًى فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ (بَيْعٌ)، بَيِّنَةُ مُدَّعِي فَسَادِ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ أَوْ أَجَلٍ فَاسِدَيْنِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ أَوْلَى أَيْضًا وَلَوْ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَالشِّرَاءِ بِأَلْفٍ وَرَطْلِ خَمْرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ كُرْهًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ طَوْعًا فِي الصَّحِيحِ، بَيِّنَةُ الدَّائِنِ أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَتِهِمْ أَنَّ الْبَائِعَ مُوَرِّثُهُمْ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ وَفَاءً أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ بَاتًّا، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِقَالَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْبَيْعِ لِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ بِإِقْرَارِ مُدَّعِي الْإِقَالَةِ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنِّي بِعْتُكُمَا هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَحَدِهِمَا أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ، بَيِّنَةُ أَنِّي بِعْتُك كَذَا يَوْمَ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ أَنِّي لَمْ أَكُنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِي الدَّارَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ، بَيِّنَةُ مَنْ بَلَغَ فَادَّعَى أَنَّ الْوَصِيَّ بَاعَ كَذَا بِغَبْنٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ كَثِيرٌ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّ أَبَاك بَاعَهَا مِنِّي فِي صِغَرِك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الِابْنِ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّك بِعْت مِنِّي بَعْدَ بُلُوغِك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ أَنَّهُ قَبْلَهُ لِإِثْبَاتِهَا الْعَارِضَ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي إجَازَةُ الْمَالِكِ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهَا مُلْزِمَةٌ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكُ أَبِيهِ إلَى حَيْثُ مَوْتُهُ، بَيِّنَةُ مُثَبِّتِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ أَوْلَى لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت الْعَبْدَ الْوَاحِدَ بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِعْت الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَيُحْكَمُ لِلْبَائِعِ بِأَلْفَيْنِ وَلِلْمُشْتَرِي بِعَبْدَيْنِ.
بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ ثَالِثٍ أَحَدُهُمَا شِرَاءً صَحِيحًا وَالْآخَرُ فَاسِدًا، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لَا حَقَّ لِي فِي الدَّارِ قَبْلَ شِرَائِك مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى دَعْوَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّك شَرَيْته مِنِّي ثُمَّ تَقَايَلْنَا بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَنِّي بِعْتُك الْجَارِيَةَ بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ بِأَلْفٍ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْهُ عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ بِعَيْبٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَنَّ الْمَبِيعَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
بَيِّنَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْلَى فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ وَالنَّقْضِ فِي الْمُدَّةِ وَبَيِّنَةُ مُدَّعِي النَّقْضِ أَوْلَى لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْمُدَّةِ، بَيِّنَةُ رَبِّ السَّلَمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ ذَرْعِهِ.
بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِي مُضِيِّ الْأَجَلِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَرِّخِ أَوْ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ ثَالِثٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ النِّتَاجِ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ (شُفْعَةٌ).
بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِي بِالْعَكْسِ.
بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ هُدِمَ الْبِنَاءُ وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الثَّالِثِ بِالْعَكْسِ.
بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت الْبِنَاءَ ثُمَّ الْعَرْصَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَك فِي الْبِنَاءِ وَبَرْهَنَ الشَّفِيعُ عَلَى شِرَائِهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ الثَّانِي وَقَالَ الثَّالِثُ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ هَذَا الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَنَّك اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عَمْرًا أَوْدَعَنِيهَا (إجَارَةٌ)، بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا بِعَشَرَةٍ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ بِعَشَرَةٍ إلَى نِصْفِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاعِي أَنَّك شَرَطْت عَلَيَّ الرَّعْيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي هَلَكَتْ فِيهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صَاحِبِهَا عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْحَانُوتَ طَائِعًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى الْإِكْرَاهِ.
(أَقُولُ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِيهِ كُرْهًا أَوْلَى فِي الصَّحِيحِ فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ، بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ سَقَطَ أَحَدُ مِصْرَاعَيْ بَابِ الدَّارِ فَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ سَلَّمَهُ الدَّارَ فِي الْمُدَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْآجِرِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ.
بَيِّنَةُ رَاكِبِ السَّفِينَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ لِصَاحِبِهَا اسْتَأْجَرْتَنِي لِأَحْفَظَ لَك السُّكَّانَ، بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّابَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ الرَّاكِبُ اسْتَأْجَرْتنِي لِأُبَلِّغَهَا إلَى فُلَانٍ (هِبَةٌ)، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْهِبَةِ الْمَشْرُوطَةِ بِعِوَضٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ وَغَيْرُ الْمَشْرُوطَةِ بِالْعَكْسِ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ، بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مِنْهُ إلَّا إذَا أَرَّخَ الثَّانِي فَقَطْ أَوْ كَانَ تَارِيخُهُ أَسْبَقَ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي نِكَاحِ الْأَمَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ الْآخَرِ أَوْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَالْآخَرُ خَارِجًا وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ يُطْلَبُ مِنْ الْأَصْلِ، بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَهَبَهُ كَذَا فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِينَ عَلَى الْمَرَضِ (عَارِيَّةٌ وَوَدِيعَةٌ)، بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ أَنَّهَا هَلَكَتْ بَعْدَمَا جَاوَزَ الْمَوْضِعَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ، بَيِّنَةُ الْمُودِعِ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ عَزَلَك مِنْ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ،
بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى الْإِيدَاعِ بَعْدَ قَوْلِهِ هُوَ فِي يَدِي مَا لَمْ يَقُلْ أَوَّلًا إنَّهُ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ، بَيِّنَةُ الْمُوَدِّعِ عَلَى الرَّدِّ أَوْ عَلَى ضَيَاعِهَا عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ عِنْدَ ذِي الْيَدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِيهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ آخَرَ أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْك (غَصْبٌ)، بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عَلَى الْإِتْلَافِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْغَاصِبِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مَاتَ عِنْدَ الْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ عِنْدَ الْغَاصِبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الثَّانِي بِالْعَكْسِ بَيِّنَةُ الْغَصْبِ فِيمَا فِي يَدِ آخَرَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بَيِّنَةُ أَنَّ ذَا الْيَدَ غَصَبَ الْجَارِيَةَ مِنْهُ الْيَوْمَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ غَصَبَهَا مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَيَضْمَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيمَتَهَا لِلثَّالِثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ.
وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هِيَ لِلثَّالِثِ وَلَا ضَمَانَ خَانِيَةٌ (جِنَايَاتٌ) بَيِّنَةُ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْقُنْيَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِالْعَكْسِ وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي بَيِّنَةُ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَصْمِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَيِّتًا ذَلِكَ الْيَوْمَ، بَيِّنَةُ أَنَّك أَمَرْت صَبِيًّا بِضَرْبِ حِمَارِي فَمَاتَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ أَنَّ الْحِمَارَ حَيٌّ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَقْصُودٌ (إقْرَارٌ)، بَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي الْمَرَضِ، بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ مُكْرَهًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ طَوْعًا بَيِّنَةُ الْمُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَوْلَى وَلَوْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، بَيِّنَةُ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ أَقَرَّ أَنْ لَا حَقَّ لِي فِي الدَّارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَارِثِ الْإِرْثَ (صُلْحٌ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصُّلْحِ عَنْ كُرْهٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ عَنْ طَوْعٍ (رَهْنٌ)، بَيِّنَةُ الرَّهْنِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنِّي أَخَذْت الْمَالَ وَرَدَدْت الرَّهْنَ.
بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ فِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّاهِنِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا هَلَاكَهُ عِنْدَ الْآخَرِ، بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّك رَهَنْتنِي الثَّوْبَيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ أَحَدَهُمَا، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ اعْوِرَارِهِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهَا مِثْلُ نِصْفِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ سَلِيمًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ مَعِيبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ مِنْهُ إلَّا إذَا أَرَّخَ الْآخَرُ فَقَطْ أَوْ كَانَ تَارِيخُهُ أَسْبَقَ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْلَى فِي ذَلِكَ إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ الْخَارِجِ (مُزَارَعَةٌ) بَيِّنَةُ الْمَزَارِعِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ مَعَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ بَعْدَمَا نَبَتَ وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ أَوْلَى لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ بَعْدَمَا نَبَتَ أَيْضًا، بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ بَعْدَ النَّبَاتِ شَرَطْت لِي نِصْفَ الْخَارِجِ وَقَالَ الْآخَرُ عِشْرِينَ قَفِيزًا.
بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ أَوْلَى لَوْ عُكِسَتْ الدَّعْوَى وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَيْ لِإِثْبَاتِهَا عَدَمَ لُزُومِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاشْتِرَاطِ أَقْفِزَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ أَنِّي شَرَطْت لَك النِّصْفَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ فَقَطْ (مُضَارَبَةٌ).
بَيِّنَةُ الْقَابِضِ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الدَّافِعِ أَنَّهُ مُضَارَبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ وَبَيِّنَةُ الدَّافِعِ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْقَابِضِ أَنَّهُ مُضَارَبَةٌ، بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الرِّبْحِ بَيِّنَةُ الْمَالِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْصِيصِ بِتِجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ بِنَقْدٍ وَعَدَمِهِ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِي الْمُضَارَبَةِ الْخَاصَّةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي التِّجَارَةِ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ قَسَمْنَا الرِّبْحَ بَعْدَ قَبْضِك رَأْسَ الْمَالِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ قَبْضَهُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَنَّك شَرَطْت لِي الثُّلُثَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا عَشَرَةً بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَنَّك شَرَطْت لِي مِائَةً أَوْ لَمْ تَشْرِطْ لِي شَيْئًا فَلِي عَلَيْك أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ شَرِكَةٌ)، بَيِّنَةُ الْآمِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَمَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا حَتَّى يَكُونَ لِلشَّرِكَةِ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَعْدَهُ لِيَكُونَ لِلْآمِرِ وَحْدَهُ وَبَيِّنَةُ غَيْرِ الْآمِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ الْآمِرُ أَنَّ الشِّرَاءَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لِيَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ خَاصَّةً بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ مَعَ الْمَيِّتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَالَ مِيرَاثًا بِلَا شَرِكَةٍ (قِسْمَةٌ)، بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي بَيْتًا فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي قِسْمَتِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ (دَعْوَى).
بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى مِنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَوْ أَرَّخَا سَوَاءٌ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ عَلَى أَنَّك أَقْرَرْت بِالْبَرَاءَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ عَلَى أَنَّك أَقْرَرْت بِالْمَالِ بَعْدَ إقْرَارِي بِالْبَرَاءَةِ وَبَيِّنَةُ الطَّالِبِ أَوْلَى إنْ قَالَ إنَّكَ أَقْرَرْت بِالْمَالِ بَعْدَ دَعْوَاك إقْرَارِي بِالْبَرَاءَةِ، بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا مِلْكِيَّةَ عَيْنٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا وَكَذَا لَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى إلَّا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ كَجَزِّ الصُّوفِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُ أَسْبَقُ فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى النِّتَاجِ إنْ أَرَّخَا وَوَافَقَ سِنُّ الدَّابَّةِ تَارِيخَهُ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَيْضًا أَوْلَى فِيمَا إذَا بَرْهَنَا عَلَى النِّتَاجِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى كَانَ مِلْكًا حَادِثًا فَيَبْطُلُ دَعْوَى النِّتَاجِ وَنَحْوُهُ، بَيِّنَةُ مَنْ وَافَقَ سِنَّ الدَّابَّةِ تَارِيخُهُ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا النِّتَاجَ عَلَى ثَالِثٍ ذِي يَدٍ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا فَبَيْنَهُمَا بَيِّنَةُ مُدَّعِي النِّتَاجِ خَارِجًا أَوْ صَاحِبِ يَدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْمِلْكِ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْعَبْدَ فِي مِلْكِهِ وَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ كَذَلِكَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي كُلِّ الدَّارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي نِصْفِهَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَلِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِلْآخَرِ رُبْعُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْيَسَارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَدْيُونِ عَلَى الْإِعْسَارِ.
بَيِّنَةُ الْأَقْرَبِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ جُمُعَةٍ أَوْ السَّاعَةِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ حَتَّى اغْتَصَبَهُ ذُو الْيَدِ مِنْهُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّ قَاضِيَ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ أَوْ الدَّابَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ أَوْلَى فِيمَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى ذِي الْيَدِ شِرَاءَهَا مِنْ زَيْدٍ وَبَرْهَنَ آخَرُ عَلَى الْهِبَةِ مِنْهُ أَيْ مِنْ زَيْدٍ وَآخَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْهُ وَآخَرُ عَلَى الْإِرْثِ مِنْهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِزَيْدٍ الْمَيِّتِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهَا كَانَتْ لِعَمْرٍو الْمَيِّتِ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَّخَا الْمَوْتَ فَتُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا وَيُلْغِي التَّارِيخُ بَيِّنَةَ الِابْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى لَوْ بَرْهَنَ الِابْنُ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ مَعَ ذِكْرِ النَّسَبِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيِّتَ فُلَانٌ آخَرُ أَوْ أَنَّ أَبَاك أَقَرَّ فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُ أَخُو فُلَانٍ لِأُمِّهِ لَا لِأَبِيهِ.
بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَقَامَ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ شُهُودًا نَصَارَى عَلَى دَيْنٍ فِي تَرِكَةِ نَصْرَانِيٍّ فَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ وَقَالَ الثَّانِي يَتَحَاصَّانِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَقَامَا شُهُودًا نَصْرَانِيَّةً عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ نَصْرَانِيٍّ حَيٍّ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا وَبَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى أَيْضًا فِيمَا لَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ لَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَأَقَامَ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً عَلَى مَوْتِهِ مُسْلِمًا وَبَرْهَنَ الْكَافِرُ عَلَى مَوْتِهِ كَافِرًا فَيُقْضَى بِالْإِرْثِ لِلْمُسْلِمِ وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ بَيِّنَةُ الْمُقْضَى عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ أَنَّهُ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ فِيهَا أَوْلَى إلَّا إذَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاك أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكِي أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّك أَقْرَرْت أَنَّهُ مِلْكُ أَبِي فَيَتَعَارَضُ الدَّفْعَانِ وَتَبْقَى بَيِّنَةُ الْإِرْثِ بِلَا مُعَارِضٍ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ أَنَّ سِنَّ الْمُدَّعِي ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حَلَالًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ.
بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْكَنِيفَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مُحْدَثٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ أَنَّهُ قَدِيمٌ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عَلَى النِّتَاجِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى النِّتَاجِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ بَنَى الدَّارَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِرْثِ مِنْ جَدَّتِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ كَانَ لِلْجَدَّةِ ابْنٌ غَائِبٌ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَى الْآنَ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الْغَيْرِ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي زِيَادَةَ الْإِرْثِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَقَارِبِ وَبَرْهَنُوا بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ أَوْلَى فِي حَقِّ الْإِرْثِ فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ وَاحِدٌ أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ وَآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَكُلٌّ قَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيُقْضَى بِنَسَبِ الْكُلِّ وَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ فَقَطْ (شَهَادَاتٌ) بَيِّنَةُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ أَوْ فَعَلَ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بَيِّنَةُ أَنَّ زَوْجَ فُلَانَةَ قُتِلَ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ حَيٌّ إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِحَيَاتِهِ بِتَارِيخٍ لَاحِقٍ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ بَيِّنَةُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ أَوْ الْمِلْكِ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرِّقِّ.
(مَأْذُونٌ).
بَيِّنَةُ الْعَبْدِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ قَبْلَ إذْنِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ فِي حَالِ الْإِذْنِ (حَجْرٌ) بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك حَالَ صَلَاحِك وَبَرْهَنَ الْمَحْجُورُ أَنَّهُ حَالَ الْحَجْرِ (سَرِقَةٌ) بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْمَتَاعَ مِلْكُ فُلَانٍ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّ الْحِمَارَ مِلْكُهُ سُرِقَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكِي وَفِي يَدِي مُنْذُ سَنَةٍ فَهَذَا جُمْلَةُ مَا لَخَّصْته مِنْ كِتَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ وَقَدْ بَلَغْت نَحْوَ مِائَةٍ وَسَبْعِينَ مَسْأَلَةً فَاسْتَغْنَيْت بِهَا عَمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةً عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ لَمْ تَتَقَدَّمْ وَهِيَ بَيِّنَةُ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِهِ مُوصِيًا مُصِرًّا إلَى الْوَفَاةِ. اهـ.
وَهِيَ مَنْقُولَةٌ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ فَرَاجِعْهَا (فُرُوعٌ) ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ مُفَرَّقَةً فَجَمَعْتهَا، الشَّاهِدُ إذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يُحَلِّفُهُ عِمَادِيَّةٌ فِي 16 رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ دَيْنَهُ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِيفَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا تُقْبَلُ خَانِيَّةٌ ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبِ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ وَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُطْلَقٍ قِيلَ تُقْبَلُ وَقِيلَ لَا كَمَا فِي عَيْنٍ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ وَشَهِدَا بِمُطْلَقٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ. (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَنَّ الْعَيْنَ يُحْتَمَلُ الزَّوَائِدُ فِي الْجُمْلَةِ وَحُكْمُ الْمُطْلَقِ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِزَوَائِدِهِ وَالْمِلْكُ بِسَبَبٍ بِخِلَافِهِ فَيَصِيرُ الْمُدَّعِي بِسَبَبٍ مُكَذَّبًا بِالشُّهُودِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الزَّوَائِدَ فَلَا إكْذَابَ فَافْتَرَقَا وَاقِعَاتُ قَدْرِي عَنْ الْفُصُولَيْنِ فِي 11 رَجُلٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَكًّا بِحَقٍّ وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِي الصَّكِّ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَتَبَ غَيْرُهُ وَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ سِرَاجٌ وَمَنْ أَرَادَ اسْتِقْصَاءَ هَذَا الْمَحَلِّ فَعَلَيْهِ بِالْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الشَّاهِدِ يَشْهَدُ بَعْدَمَا أَخْبَرَ بِزَوَالِ الْحَقِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى جَرْحِ الشُّهُودِ فَإِنْ كَانَ جَرْحًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ.
كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُمْ فَسَقَةٌ أَوْ زَنَادِقَةٌ وَاسْتَأْجَرَ الْمُدَّعِي الشُّهُودَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَقَرَّ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِبَاطِلٍ أَوْ زُورٍ أَوْ أَنَّ مَا يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي بَاطِلٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ جَرْحًا يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ زَنَوْا أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ أَوْ سَرَقُوا أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِزُورٍ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ وَإِظْهَارُ الْفَاحِشَةِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَهُوَ إقَامَةُ الْحَدِّ أَوْ حَقًّا لِلْعِبَادِ وَهُوَ وُجُوبُ الْمَالِ فَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنِّي قَدْ صَالَحْت هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ وَدَفَعْته إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا شَهِدُوا فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ مَا أَخَذُوا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا لَهُ فَيَصِحُّ.
وَلَوْ قَالَ لَمْ أُسَلِّمْ إلَيْهِمْ مَالَ الصُّلْحِ لَمْ يُقْبَلْ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ شَهَادَةُ أَهْلِ السِّجْنِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ فِي الْمُلَاعَبَةِ وَكَذَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يَحْضُرُ السِّجْنَ وَالْبَالِغُ لَا يُلَاعِبُ الصِّبْيَانَ وَالرِّجَالَ لَا يَحْضُرُونَ حَمَّامِ النِّسَاءِ وَالشَّرْعُ شَرَّعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ عَنْ حُضُورِ الْمَلَاعِبِ عَمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدُّخُولُ فِي السِّجْنِ وَمَنْعُ النِّسَاءِ عَنْ الْحَمَّامَاتِ فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلُوا كَانَ التَّقْصِيرُ مُضَافًا إلَيْهِمْ لَا إلَى الشَّرْعِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا وَلَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْمَيِّتِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالتَّرِكَةِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ إذَا كَانَ مُفْلِسًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِمَا لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ مِنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الشَّهَادَاتِ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ مُدْرِكٌ مُحْتَلِمٌ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهُ يَحْتَلِمُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَهَادَاتِ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِوُصُولِهَا إلَى حَدِّ النِّصَابِ الْكَامِلِ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ الْبَيِّنَةُ إذَا قَامَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتَرِ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَنْ يُشْتَهَرَ وَيُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لِلْإِمَامِ الْخَاصِّيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَهَادَةِ النَّفْي إلَى أَنْ قَالَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ إنْ تَوَاتَرَ عِنْدَ النَّاسِ وَعَلِمَ الْكُلُّ عَدَمَ كَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَكْذِيبُ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ وَالضَّرُورِيَّاتُ مِمَّا لَا يَدْخُلُهَا الشَّكُّ. اهـ.
وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ وَنَصُّهُ مِنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِمُسَوِّغَاتِ الِاسْتِبْدَالِ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا مَثَلًا بِأَنَّ الدَّارَ سَائِغَةٌ لِلِاسْتِبْدَالِ لِانْهِدَامِهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَبِيعَتْ كَمَا ذَكَرَ ثُمَّ شَهِدَتْ أُخْرَى لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهَا عَامِرَةٌ حِينَ الِاسْتِبْدَالِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ وَكَانَ الْحِسُّ يَقْضِي بِأَنَّ عِمَارَتَهَا أَوْ أَنَّ الِاسْتِبْدَالَ هِيَ الْعِمَارَةُ الْقَائِمَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الِاسْتِبْدَالِ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَيِّنَةٍ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَاءَ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَامِشِهَا فَتْوَى أُخْرَى مِنْ الْأَئِمَّةِ.
سُئِلَ الْعَلَامَةُ الْمُرْشِدِيُّ مَا قَوْلُكُمْ فِي شُهُودٍ لَمْ يَعْرِفُوا شَيْئًا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ أَمْ لَا أَجَابَ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ الظَّاهِرُ كَفَاهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ كَازَرُونِيٌّ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَإِذَا تَمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ وَلَا يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ إلَى أَنْ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ زَمَانُ الْفَسَادِ. اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ إلَى أَنْ قَالَ وَفِي سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْإِيمَانِ إنْ اتَّهَمَهُ. اهـ.
قَالَ مُحَشِّيهِ الْعَلَامَةُ الْبِيرِيُّ هَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِمَا قَالَ فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَ سُؤَالُهُ لِيَصِلَ إلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَكْفِيرِ الْعَوَامّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ وَلَسْت بِكَافِرٍ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اهـ.
(أَقُولُ) وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ لَا يَعْرِفُ الْإِيمَانَ وَلَا الْوَاجِبَ لِلصَّلَاةِ وَالْفَرْضَ وَلَا السُّنَّةَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَجَابَ تَعَلُّمُ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْعِلْمِ فَرْضُ عَيْنٍ فَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّمْ كَانَ مَانِعًا عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى مَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِالْفِقْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.