الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البرصان والعرجان والعميان والحولان **
فمنهم البرصاء أم شبيب بن البرصاء وهو شبيب بن يزيد بن حمزة بن عوف بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن سعد بن ذبيان وهذه البرصاء بنت الحارث بن عوف الحمال وكنيته أبو أسماء وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها إليه فقال: بها سوء يعني برصاً فقال النبي: ليكن كذاك فيرجع النبي وقد برصت. وهذا لا يكون إلا أن تكون قد شاركت أباها في كراهة النبي عليه السلام بمعنى استحقت به ذلك. ومن هؤلاء البرص أبو عبيد بن الأبرص الشاعر ربما غلب هذا الاسم الأول كما غلب على يربوع بن حنظلة ولذلك قال أوس بن حجر: كان بنو الأبرص أقرانكم فأدركوا الأحدث والأقدما والدليل على ذلك أنه لم يقرع ببني يربوع عامر بن مالك إلا وهو راض عنهم. ومنهم الأبرص أبو حارث بن الأبرص والحارث الذي يقول: أتعجب من سراري أم عمرو وما أنا في تأسيهم بغمر فكم من فارس لم تزدريه لحى الفتيان في عرف ونكر لقد آمرته فعصى إماري بأمر حزامة في قتل عمرو أمرت به لتخمش حنتاه فضيع أمره قيس وأمري ومنهم البرصاء أم خالد بن البرصاء ذكر أن عياض بن جعدبة قال: استعمل النبي عليه السلام على النفل في بعض الأيام أبا الجهم ابن حذيفة فجاء خالد بن البرصاء فتناول زماماً من شعر فمنعه أبو الجهم فقال خالد: نصيبي أكثر من هذا فعلاه أبو الجهم بعصاً فشجه منقلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: خذ خمسين شاة فما زال يزيد ويأبى حتى قال له النبي عليه السلام: " لا أقصك من عامل عليك ". وعلى ذلك المعنى قال أبو بكر الصديق: " لا أقص وزعة الله. قال: وكان خارجة بن سنان بقيراً والبقير الذي يبقر عن أمه فيستخرج لتمام قالوا: ماتت أمه وهي تطلق به فاستخرج من بطنها فسمي خارجة ويزعمون أن البقير من الناس والخيل يعرف ذلك في لون جلده. قالوا: وكان مسلمة بن عبد الملك أصفر الجلد كأنه جرادة صفراء وكان يلقب ويقال له جرادة مروان وكان بشر بن مروان مصفراً. وكان عمر بن عبيد الله بن معمر أحمر غليظاً يحتجم في كل سبعة أيام مرة ولذلك كان يقال: أفرس الناس أحمربني تيم وحمار بني تميم يريدون عباد بن الحصين ولذلك قال عمر بن عبيد الله في خطبته لعائشة بنت طلحة: تخرجون من عند أصفر إلى أحمر مشهور. وأما قولهم في الأصفر القحطاني فإنا لا ندري أي المعاني أرادوا: الصفرة التي تنسب إليها الألوان أم اصفرار الجلدة كجلد جرادة مروان وقد خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ويزيد بن المهلب على تحقيق الرواية في الأصفر القحطاني ولم يكن بين ألوانهما وبين الصفر سبب وخرج على ذلك ثابت بن نعيم الخامدي بالشام وكان كأنه لم ير مغموساً في الورس وخبر أبو عبيدة قال: رأيته مصلوباً. ومن الصفر يزيد بن أبي مسلم قالوا: وكان كأنه الزعفران واسم أبي مسلم دينار ولم يكن مولى الحجاج وكان يرى قتل الأمة زعم بعضهم أنه كان يرى رأي الخوارج وكان لسناً خطيباً شديد العارضة حسن الملبس حسن المأكل لا يخون ولا يدع أحداً يخون ولم يكن يحب الولائد إلا لقتل الناس وكان على ديوان الرسائل فلشهوته لقتل الناس سأل الحجاج أن يوليه ديوان ومن الصفر المضايق القاسم التغلبي الفارس الخطيب قتله المنصور بعد خروجه مع إبراهيم بن عبد الله صبراً وخبرني من رآه يوم المربد وهو أصفر على برذون أصفر عليه عمامة صفراء وخفتان أصفر. وكان كل شيء من المأمون على لون جسده إلى ساقيه فإنه كان في لونهما صفرة وكان يجد في رجليه حصراً شديداً وكان ربما لبس في الصيف خف لبود وهو جالس في الخيش. وزعم ناس أن العيص بن إسحاق كان أصفر اللون ولذلك قيل للروم بنو الأصفر والروم تزعم أنهم أضيفوا إلى الذهب الأصفر. ومن البرصان المجاهيل قال الكلبي: حدثني رجلٌ من جرم قال: وذهب عني اسمه قال: وفد رجلٌ من النخع يقال له قيس ابن زرارة بن الحارق في نفرٍ من قومه وكان نصرانياً فقال: رأيت في طريقي رؤيا فقدمت على النبي عليه السلام وأسلمت وقلت: يا رسول الله! إني رأيت في سفري هذا إليك رؤيا قال: وما هي قلت: رأيت أتاناً لي تركتها في الحي وأنها ولدت جدياً أسفع أحوى ورأيت عجوزاً شمطاء خرجت من الأرض ورأيت النعمان بن المنذر في أعظم ما كان ملكه عليه قرطان ودملجان ورأيت ناراً أقبلت وهي تقول: لظى لظى بصير وأعمى أطعموني أكلكم قال: فحال بيني وبينها ابن لي يقال له عمرو فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا الأتان التي وضعت جدياً فهي جاريةٌ لك أحببتها فولدت غلاماً فانتفيت منه قال: نعم فما باله أسفع أحوى قال: ادن مني فدنوت منه فقال لي: أبك بياضٌ قال: قلت: نعم والذي بعثك بالحق ما رآه إنسي علمته قال: وأما النار فإنها فتنةٌ تكون في بعض الزمان وإن مت أدركت ابنك وإن مات ابنك أدركتك وفيه كلام غير هذا. أبو الحسن وغيره عن ابن جعدبة قال: كان بأبي جهل برص بإليته وغير ذاك فكان يردعه بالزعفران فلذلك قال عتبة ابن ربيعة: وسيعلم مصفر استه أينا ينتفخ سحره ويقول بعضهم: بل كان مستوهاً مثفاراً ولكن عتبة كنى عن ذلك قالت مخزومٌ: فقد قال قيس بن زهير لأصحابه وهو يريدهم على قص أثر حذيفة بن بدر وأصحابه: إن حذيفة رجل مخرفج محرق الخيل نازهٌ ولكأني بالمصفر استه مستنقعٌ في جفر الهباءة فاتبعوهم فألفوهم على تلك الحال التي ظن وقدر. وقد بلغني أيضاً بأن حذيفة كان مستوهاً مثفاراً ولم نر أحداً قال ذلك وإنما هذه الكلمة تقال لأصحاب الترف والدعة. عبيد الله بن محمد عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحجر الأسود من الجنة كان أشد بياضاً من وزعم ابن الكلبي وغيره أن خالد الأصبغ بن جعفر بن كلاب ولد أبيض الناصية. وزعم أبو سعد الرفاعي عن مقاتل أن الأبرص الذي دعا له عيسى بن مريم ولد أبرص. وزعم بعضهم أن أم الفرزدق كانت برصاء أما عورها وعمى غالب فهذا ما لا يدفعونه لأن الشاهد عليه من الأشعار كثير فأما ما ادعوا عليها من البرص فلسبب قول جرير: ترى برصاً بأسفل اسكتيها كعنفقة الفرزدق حين شابا وإنما هذا سفهٌ وتفحشٌ يلتمس به غيظ المسبوب وأكثر من يتكلم بمثل هذا الغضبان السفيه الضيق الصدر والذي يقول لصاحبه يا ابن الفاعلة ليس يقدر فيه أن الناس يجعلون قوله ذلك شاهداً إنما هو تشفي غضبان يريد بذلك الفحش وإدخال الغيظ وهذا كما ذكر عمرو الأعور الخاركي أم عمرو المخلخل الشاعر الذي كان يهاجيه: وقد طولت الإسب فصار الإسب قاريه علاها برص الصدغ فصارت بردانيه وقال أبو الحسن وغيره: قدم يزيد بن أسيد السلمي رسولٌ من قبل المنصور فدخل الرسول وكان شديد السواد وعليه عمامةٌ خضراء وعليه خفتان أحمر فجعل يتكلم فقال يزيد: حسبك يا غراب البين. هل تذكرون على ثنية أقرنٍ أنس الفوارس يوم يهوي الأسلع قال: وهجا بعض الشعراء ولده بذاك ورماهم بالبرص فقال: وما كان أفواه الكلاب وبقعها لترحل إلا في الخميس العرمرم أما البقيع فقد قلنا فيه وقد زعموا أنهم إنما قيل لهم أفواه الكلاب لمكان البخر وقد كذبوا إنما يقال ذلك لأصحاب الخطوم والخراطيم وكل سبع يكون طيب الفم كالكلب وما أشبهه فإنه لا يوصف بذلك وإنما يعتري ذلك مثل الأسد والصقر وكل شيء جاف الفم ألا ترى أن طيب الأفواه عام في الزنج وفي كل مجنون يسيل لعابه ومن استنكه النائم السائل الفم والنائم الجاف الريق عرف اختلاف ما بينهما. ويزعمون أن الظباء أطيب البهائم أفواهاً وفيها جملة ليست في شيء من الحيوان وذلك أن أبعار الظبي موصوفة بطيب البنية نعم حتى صاروا إذا سلوا السمن طيبوه بها قال الفرزدق: من السمن ربعيٌ يكون خلاصه بأبعار أرآم وعود بشامٍ والدليل على نتن أفواه الأسد قول الحكم بن عبدل لمحمد بن حسان بن سعد: ونكهته كنكهة أخدري شتيم شابك الأنياب ورد ومن البرصان أيمن بن خريم بن فاتك كان عند عبد العزيز بن مروان فدخل عليه نصيب أبو الحجناء مولى بني ضمرة فامتدحه فقال عبد العزيز: كيف ترى شعره قال: إن كان قال هذا فليس له ثمن وإن كان رواه قيمته كذا وكذا فقال عبد العزيز: هو والله أشعر منك قال: لا والله ولكنك طرف ملول قال: أنا طرفٌ ملولٌ وأنا أؤاكلك منذ كذا وكذا وكان بأيمن بياضٌ في يده فتركه أيمن ولحق ببشر بن مروان وقال: ركبت من المقطم في جمادى إلى بشرٍ بن مروان البريدا فلو أعطاك بشر ألف ألفٍ رأى حقاً عليه أن يزيدا فأعطاه بشر بن مروان مائة ألف وكان أيمن يخضب يده ليغطي البياض بالورس وكان بشر لا يؤاكله فاشتهى بشر لبناً فأتي بثريدة لبن فقال لحاجبه: انظر من يأكل معي فخرج فوجد أيمن بن خريم فلما رآه بشر ساءه دخوله فقال: يا أيمن اشتهيت البارحة لبناً ثم إني نويت الصوم فلا أرى أحداً أحق به منك فأكل أيمن فلم يلبث أن صفر اللبن فقال نصيب: تعالج بالحص البياض فلم تجد دواء وما داواك عيسى بن مريما ومن البرصان جعفر الخياط وهو جعفر بن دينار اصطنعه المأمون فقاد الجيوش وفتح الفتوح وولي الولايات وله في منزله مروءةٌ ظاهرة وهو يعد في هذه الأقوال وفي الطوال اللحى وفيمن لا يكاد يسكت. ومن البرصان علوية المغني وهو علويه الأعسر وأبوه الذي كان يقال له: ابن القدري وكان راوية للغناء عالماً به جيد الصنعة وهو أحد مطربي عصره لم يكن في ذلك العصر أبلغ في الإطراب من مخارقٍ وعلويه وكان يضرب بالعسراء من غير أن يغير الأوتار وكان صحيح الضرب صافي الوتر وكان إذا تحدث بعد أن يضع العود من يده لم يستوحش من حسن حديثه إلى غنائه وصوته فإن حكى تصور في كل صورة وأضحك الثكلان والغضبان وكان جيد الفرشة ظريف الآنية. وحدثني عن نفسه حديثين عجيبين قال لي ونحن في منزل بعض مياسير أهل الكرخ: لو أخبرك مخبرٌ أن علويه دخل الكرخ اليوم ليبتاع طيلساناً مطيقاً إذا كان لا يملك طيلساناً أكنت تصدق قلت: لا والله قال: فإن الأمر كما خبرتك قال لي: وأحدثك بحديثٍ هو أغرب من هذا وأعجب رب والله ما أصبحت في يوم دجنٍ من أوله إلى آخره فيتفق إلا يبعث إلي أحد ولا يمكنني أن أبعث إلى بعض إخواني لتوقعي في كل حالٍ رسول من لا أمتنع من إجابته فلا يبقى من أولئك أحدٌ إلا والذي يمنعه من الإرسال إلي أنه لا يجوز أن يكون الخليفة وأشباه الخليفة يتفق أمرهم وقولهم على مثلي لا يتفق أن يتركه الجميع إلا توهم كل واحد على حدته أن غيره قد سبق إلي واتفق منهم التدافع وبقيت أتثاءب وحدي وإنما يتهيأ ذلك أن يدعني في ذلك وكان وضحه في حلقومه حيث تغطيه اللحية وذكر يوحنا بن ماسويه أن موته إنما كان لسبب دواءٍ كان دفعه إليه لهذه العلة فلما دعا به السحر غلط الخادم فسقاه دواءً كثير الأفيون فشربه فمات وكان يكنى أبا الحسن. بسم الله الرحمن الرحيم قد قلنا في البرصان وأسمائهم وأنسابهم وصفاتهم وأقدارهم والدليل على ذلك والشاهد عليه بالشعر الصحيح والحديث المسند وسنذكر شأن العرجان وأسمائهم وأنسابهم وصفاتهم وأقدارهم بمثل ذاك من الأشعار الصحيحة والأسانيد المرضية. ومن العرجان الحارث الأعرج الملك الغساني وهو الحارث الأصغر بن الحارث الأوسط بن الحارث الأكبر وما أقل ما يجيء مثل هذا. وفي آل أبي طالب حسن بن حسن بن حسن وكان في بني مخزوم الوليد بن الوليد بن الوليد فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد جعلتم الوليد حناناً " تسموا بغير الوليد. فإن قال قائلٌ. فلم جاز حسن بن حسن بن حسن ولم يجز الوليد بن الوليد بن الوليد قلنا: كأنهم أرادوا تعظيم شأن الوليد الأول وإحياء ذكره والتيمن باسمه وكان الوليد بن المغيرة أحد المستهزئين فكره النبي صلى الله عليه وسلم مع قرب العهد بالجاهلية تعظيم شأن أولئك العظماء والتنويه بأقدار أولئك الكبراء. وكان الحسن الأول الذي سمي الثاني باسمه والثاني الذي سمي الثالث باسمه ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسليله وأشبه الناس خلقاً وخلقاً به وسيد شباب أهل الجنة وأرفع الناس في الإسلام درجة فحكمهما يختلف ولو فعل مثل ذلك اليوم بعض بني مخزوم لم يكن حكمه اليوم كحكمه يومئذٍ كأمور كثيرةٍ قد كانوا ينهون عنها يومئذٍ كالذي كان من عدد المسلمين وكثرة عدد المشركين من ذلك ترك الحرص على طلب الولد والشغف لكثرة الرزق والرغبة في المكاثرة للتهيب والتخويف للمناهضة وبالقدرة والإقرار للعدو. ومن ذلك حضور صلاة الجماعة لم يجعل رسول الله في ذلك الدهر لابن مكتوم وهو أعمى عديم القائد عذراً في التخلف إذا كان يسمع النداء ولو قصر في ذلك العميان في بعض الحالات لم يكن حرجاً ولا عند تلك الجماعة مبهرجاً وإنما جاز ذلك اليوم لاستفاضة الإسلام ولتمكنه وعلوه على أعدائه وظهور بنيانه وتمكن أركانه فصاروا كما قال الله: قال: وكان يقال: أمر بكر بن وائل إلى أعرجها حمران ابن عبد عمرو والحوفزان بن شريك هذا قول بعضهم وقال آخرون: أمر بكر بن وائل إلى أعرجها عمران بن مرة والحوفزان بن الحارث بن شريك والقول الآخر أحق بالصواب لمكان الشاهد قال شاعرهم: رأيت الأعرجين أبا حمارٍ وعمران بن مرة قد ألاما أتاني أن حارثة بن وعلٍ تبدل بعدنا ملكاً هماما وأنت لواء رمحك في عمودٍ وما ألويته إلا غراما ستبني العنكبوت عليه بيتاً تجد نسوجه عاماً فعاما وكان الذي أعرج الحوفزان قيس بن عاصم المنقري قالوا: كان قيس بن عاصم المنقري على أنثى وكان الحوفزان على حصان فلما خاف قيس بن عاصم أن يفوته نجله بالرمح في غرابة وركه فعرج منها فسمي الحوفزان حين حفز بالرمح وقال قيس بن عاصم في ذلك: أفي كل عامٍ أنت ناجي طعنةٍ سوى يوم ما أشويت يوم روام تركوا الحوائم عاكفاتٍ حوله عجلن بين حجاجه والمعصم والحوفزان تداركته سربٌ بالمنقري جرا بحل الألجم حفزوه والأبطال تحفز بالقنا بشباة أسمر كالجديل مقوم والدليل على أن الحوفزان يكنى أبا حمار قول ابن عنمة الضبي وكان نازلاً في بني شيبان ويغزو معهم: لو كنت في حبس بسطام لعيمنى أبا حمار وأنت المرء تتبع أكان حظى من نهبٍ تقسمه نابٌ كزومٌ وبكرٌ ناحفٌ جذع وفي عمران بن مرة أخي دب بن مرة يقول ابن مفرغ وعمران هذا هو الذي أسر الأقرع بن حابس والأقرع أعرج وآسره أعرج فقال ابن مفرغ: لو كنت جار بني هندٍ تداركني عوف بن نعمان أو عمران أو مطر قومٌ إذا حل جارٌ في بيوتهم لم يسلموه ولم تسنح له البقر وقال أبو أوس يذكر الحوفزان الحارث: لعمرو أبيك ما ضمت حسانٌ إلى كشحين مثلك من نزار أعز إذا نفوس القوم ذلت وأوفى عند نائبةٍ لجار لمن الديار بجانب الغمر آياتهن كواضح السطر يا حار أعطاك الإله كما أثنى عليك أخو بني جسر فلأنت أكسبهم إذا افتقروا ولأنت أجودهم إذا تثرى وكان حنظلة بن عمرو بن بشر بن مرثد أسر الحوفزان وجز ناصيته ومن عليه قيس بن عاصم طعنه في وركه حفزه بها فسمى الحوفزان. وذكر شاعر بني شيبان فرة كانت من قيس بن عاصمٍ والحوفزان يطلبه فقال: بحال جد يفلق الصخر بعدما أظلتك خيل الحارث بن شريك ألمت بنا وجه النهار قيسٌ بأرضنا لأمسى بجبل المال غير مليك وقيس بن عاصم أحد بني مالك الأعرج ولم يكن إبله تمت ألفاً ولو تمت ألفاً لقد كان فقأ عين فحلها ولو فعل لرفع شعراؤهم ذكر ذلك على أن قيساً نفسه قد كان شاعراً وكان أحد حلماء العرب وقد جاء في الحديث " أنه سيد أهل الوبر " وكان أحد الفرسان المعدودين وكان بعيد الصوت في العرب. ومن العرجان الأشراف الأقرع بن حابس وكان أحد حكام العرب بعكاظ وقد تحاكمت إليه العرب في النفورات وقد ساير النبي عليه السلام في مرجعه من فتح مكة وقال له النبي صلى قال: لم يتأخر عنك قومٌ معك منهم ألف رجل يعني مزينة وفي تصديق ذلك يقول عباس بن مرداس: صبحناهم بألفٍ من سليمٍ وألفٍ من بني عثمان واف وبنو مزينة هم بنو عثمان ومزينة أمهم ولكن الأم إذا كانت ذات نباهة أضافوا الولد إليها وإن كان الأب نبيهاً. وزعم أبو عبيدة: أن أول حكم في الجاهلية جار في الحكم الأقرع بن حابس وقال: لأنه نفر جرير بن عبد الله على الكلبي حين وجده أقرب إلى مضر فلعله إذا كان أقرب إلى مضر وإلى نزار أن يكون أحق بالنفورة لفضله في مضر أو في نزار ولعله رأى مع ذلك جريراً في نفسه أكثر من هذا الرجل الذي نافره وإنما ينبغي أن يحتج بهذا رجلٌ من قضاعة فأما أبو عبيدة فما يدعوه إلى هذا. وليس به فقرٌ إلى هذه الحجة كفقر القضاعي إليها. وكان الأقرع أقرع الرأس سنوط اللحية أعرج رجل اليسرى ولذلك قال له الحصين بن عوف بن القعقاع: يا أقرع الرأس من القذال وأعرج الرجل من الشمال وسنذكر الأقرع في موضع ذكرنا للقرعان في آخر الكتاب إن شاء الله. ومن العرجان هميم بن صعصعة بن ناجية بن عقال وهو عم الفرزدق وبه سمي الفرزدق همام وكان غالب بن صعصعة يسمي الفرزدق هميم وهميم بن صعصعة هو الذي قال: لعمرو أبيك فلا تكذبن فقد ذهب الخير إلا قليلا وقد فتن الناس في دينهم وخلى ابن عفان حزناً طويلا وهو الذي قال في عرجه وعرج وهو شاب: أعوذ بالرحمن من سوء العرج ومن خماع وظلاع وعرج إن الفتاة بالفتى جد سمج وكنت كالظبي إذا الظبي معج ومن العرجان الأشراف أبو الأسود الدؤلي ظالم بن عمرو بن سفيان وهو يعد في العرجان وفي مفاليج الأشراف وفي رجال الشيعة وهو رأس النحويين وبنوه بعده وكان شاعراً داهياً ويعد في البخر وفي البخلاء وهو الذي قال له ابن عباس لما مر به وهو يعرج: لو كنت جملاً كنت ثفالاً. وقال مسلمة بن محارب: من العرجان بنو الأدرم وأصابهم ذلك في حرب كانت وقال الشاعر: وتيم غداة الكوم أدبر مقبلاً وأقبل إقبال الليوث الضراغم كأنه رماهم وهو مولٌ كما يحكون ذاك عن الأتراك فرد عليه الآخر وقلب الكلام: وذكر آخر فقال: وصادف سيف الجعد أخمص رجله فعاد دريم الكعب يمشي على العصا ولما أهوى قرت أبي الزبير إليه بالسيف سقط على قفاه ورفع رجليه فلم يجد مضرباً إلا أخمص رجليه فعرج من ذلك وكان إذا مشى أخذ عصاً بيمينه وعصاً بشماله فقال ابن أبي كريمة: لقد زادك الرحمن فضل تزيد على كل مشلول القوائم أعرج ومن العرجان الربيع بن زياد بن أبي سفيان فداه سلم بن زياد حين أسرته الخزر بمائة ألف درهم وكانت عنده بنت القعقاع بن شور. ومن العرجان إبراهيم البيطار قاتل يحيى بن زيد بن علي قتله أبو مسلم وهو شيخ كبير ووقف بنفسه على بابه وأمر بإخراجه والذي تولى ذلك سليمان بن كثير الخزاعي النقيب فقال له أبو مسلم: أكنت شهدت قتل يحيى بن زيد قال: نعم وكنت مع مولاي مكرهاً قال: هذا كان خروجك مكرهاً أفأكرهت على الرمي قال: نعم قال: فهذا أكرهت على الرمي أفأكرهت على الإصابة والتسديد ثم أمر بضرب عنقه وكان أبو مسلم لا ينظر إلى مضروب العنق إلا ما كان من ضرب عنق إبراهيم البيطار وسليمان بن كثير. قال: ومن العرجان ابن أنف الكلب الصيداوي طعنه سمير بن الحارث الضبي فأعرجه وقال: تركت ابن أنف الكلب ينقل رجله يخر على حر الجبين ويعثر إذا قام لم يحمس على الأرض رجله وزيدٌ سريعٌ عنده متمطر أردت التي إن مت أورثت مجدها وإن عشت يوماً كان الحي مفخر ومن العرجان ومن يجوز في النوكي الأعرج المسعودي وهو الذي قال لرقبة بن مصقلة متى يحرم الطعام على الصائم قال: إذا طلع الفجر قال: فإن طلع الفجر نصف الليل قال: الزم الصمت الأول يا أعرج. ومن العرجان ثم من النساك الزهاد ومن القصاص الخطباء ومن المفوهين البلغاء أبو حازم الأعرج مولى بني ليث بن بكر ثم أحد بني شجع بن ليث مات في خلافة أبي جعفر سنة أربعين ومائة وهو الذي قال: اضمنوا لي خصلتين أضمن لكم الجنة اعملوا ما تكرهون إذا أحب الله واتركوا ما تحبون إذا كره الله. ومن العرجان ثم من أصحاب الفتوح والزحوف موسى بن نصير قال أبو الحسن: رأى الوليد بن عبد الملك في المنام أن رجلاً من أهل الأندلس أعرج يكنى أبا عبد الرحمن من أهل الجنة يفتح الله على يديه المغرب فكتب إليه موسى بن نصير: أنام الله عينك يا أمير المؤمنين أنا أبو عبد الرحمن وأنا موسى بن نصير وأنا أعرج وأنا بالأندلس فكتب إليه الوليد: أنت موسى بن نصير من أهل كفر هندا ولست به فاطلب إلى الرجل الغربي الذي وصفت لك ثم احمله إلي فسأل عنه بعد ذلك فإذا كما وصف وإذا هو عبد الله فحمله إليه. ومن العرجان الأحوص بن محمد الأنصاري الشاعر قال يونس بن حبيب النحوي قدم الأحوص البصرة فنزل على عمرو بن عبيد. . فجاء يتوكأ على عصاً حتى جلس في الحلقة فتلاحيا فأخذ عمرو عصاه فضرب بها رجله الأخرى فكسرها ثم حمل إلى منزله ثم مر به الفرزدق فقال له الأحوص: مذ كم عهدك بالزنا قال: مذ ماتت العجوز. قال: ومن العرجان ثم من أهل الشرف والجمال المنعوت عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وقد ولي اليمن لأبي العباس وكان يدع الخروج لكثرة نظر الناس إليه. ومن العرجان أبان بن عثمان البجلي الأعرج وكان صاحب أخبار وقد أكثر عنه محمد بن سلام الجمحي. ومن العرجان أبو راشد الضبي وكان أعرج ثم عمي ثم أقعد من رجليه فقال حين عمي وقد كان ابن حبيب وهب له عصاً حين عرج وكان يمشي عليها: فقد صرت أعمى بعد أن كنت أعرجا أنوء على عودٍ أصم صليب فلما صار أعرج أعمى لم يتعاط المشي فلما طال قعوده أقعد من رجليه فقال: أرى كل داءٍ فيه للقوم راحةٌ وداؤك مسمور الرتاج عسير قصيراً فإن الصبر أجدى مغبةً عليك وأنواع البلاء كثير فقال حين جفاه أصحابه وجيرانه وأهله: قد كنت أنضي الخافقين برحلتي فصار جماع الأرض كفة حابل أبول وأنجو في مكاني ومقعدي وعندي عجوزٌ ما تعين بطائل وأبكار صدقٍ من عقائل معشرٍ كواسد قد عودن بعض المغازل كشأن فتاة الحي في الدار مغزلٌ وما البعل إلا محفلٌ للعقائل وفي الموت للزمني جمالٌ وراحةٌ وفي القبر ستر للفقير المحامل وما كل محتاجٍ يجود بعرضه ويؤثر في الأقوام لؤم المداخل كذاك وما للمرء صبر وحسبة إذا ما ابتلي فيها بجوع مطاول وليس بمعذورٍ إذا طال صمته فيهلك بؤساً من مخافة عاذل يقيم حشاشات النفوس بمذقةٍ ويشرب غباً من فضول المناهل ويضبر ضبر العير من دون رهطه ويجشا حديثاً غبة غير طائل ويشكو بطرف العين إيماض مشفقٍ إلى كل مجهول المناسب خامل سأعرف قومي ثم أعرف جبيرتي وما أنا عن ذم القريب بغافل ولا أشتهي ذكر اللئام تكلفاً فأصبح فيهم عارفاً مثل جاهل وأسأل ربي أن ينشطني لهم ويشرح صدري بالهجاء المذاحل ويرزقني فيهم عروضاً محببا وصدق مقال غير قيل الأباطل فيصبح وسمي لائحاً بجلودهم وأعلم أني مدركٌ بطوائل وكان أبو بكر بن بكار إذا أنشد قوله: ولكنه ما دام حياً كميتٍ فلا بد أن يحيا ببعض المآكل أنشد قوله الآخر: على كل حالٍ يأكل المرء زاده على الضر والسراء والحدثان قال: وقتل لبعض العرب بنون فاشتد حزنه وترك كلام الناس دهراً فقيل له بعد أن رأوه قد ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار وقال أبو العتاهية: فكما تبلى وجوه في الثرى فكذا يبلى عليهن الحزن قال: ولما نظرت نائلة بنت الفرافصة في المرآة فرأت حسن ثناياها تناولت فهراً فدقت به ثناياها فقيل لها في ذلك فقالت: إني أرى أن الحزن يبلى كما يبلى الثوب فخفت أن يبلى حزني على عثمان فأتزوج بعده. ومن العرجان الأشراف ممن له صحبة مجالد بن مسعود السلمي ذكر إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن قال: كان الأسود ابن سريع يقص في ناحية المسجد ورفع الناس أيديهم فأتاهم مجالد بن مسعود وكان فيه قزل فأوسعوا له فقال: والله ما جئت لأجالسكم وإن كنتم جلساء صدق ولكني رأيتكم صنعتم شيئاً فشفر الناس لكم فإياكم وما أنكر المسلمون. قالوا: والقزل أسوأ العرج هكذا الحديث. ومن العرجان المنهال العنبري وهو الذي يقول: ألفت العصا وابتزني الشيب وانتهت لداتي وأودى كل لهوٍ ومقصد وظلت أزج النفس وهي بطيئة إلى اللهو زجي بالثفال المقيد وهذا الشاهر وإن خبر أنه يمشي على العصا فلم يخبر أنه أعرج وقد تعرض للكبر من الضعف ما يدعوه ذلك إلى أخذ العصا وفيه قال الأول: الدهر أفناني وما أفنيته والدهر غيرني وما يتغير والدهر قيدني بقيدٍ مرملٍ فمشيت فيه وكل يوم يقصر إن امرأً أمسى أبوه وأمه تحت التراب لحق من يتفكر ومن هذا الشكل قوله: آتى الندى فلا يقرب مجلسي وأقود للشرف الرفيع حمارا ومن هذا الشكل قوله: إذا أقوم عجبت الأرض معتمداً على البراجم حتى يذهب البقر ومن هذا الشكل قوله: يا للكواعب يا دهماء قد جعلت تزور مني وتلقى دوني الحجر قد كنت فراج أبواب مغلقة تعشو إلي إذا ما خولس النظر وهو الذي يقول: وكنت أمشي على رجلين معتمداً فصرت أمشي على رجل من الخشب وممن تعرج ولم يكن به عرج الزبير وهو مولى الزبير والزبير هذا هو أبو الأشعب الذي يقال: أطمع من أشعب وكان خرج مع المختار بن أبي عبيد على مصعب بن الزبير ورآه مصعب في الطريق وإذا هو يتعارج ويتعاور فأثبته مصعب فقدمه فضرب عنقه. وتزوج أبو الغول الطهوي امرأته فوجدها عرجاء من رجليها جميعاً فقال: أعوذ بالله من زلاء فاحشةٍ كأنما نيط ثوباها على عود لا يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت وفي الذنابي وفي العرقوب تحديد أعوذ بالله من ساقٍ بها عوجٌ كأنها من حديد القين سفود وأنشدني لأعرابي: ليست من العوج العملجات كأن رجليها كراعا شاة في قدمي عوجاء كالمسحاة ومن العرجان أبو الفوارس الباهلي كان رسول ابن هبيرة إلى هشام بن هبيرة في الجيش قال: فقدمت غدوة وقدم ابن هبيرة نفسه بالعشي. قال: ومن العرجان الأعرج الضبي ثم الكوزي وكان شاعراً وهو الذي يقول: متى تلق حياً من جوية لا تكن تحيتنا إلا ببيض صفائح هنالك لا قربى تناصر بينا سوى نسبٍ في أول الدهر نازح ومن هذا الشكل وليس من ذكر باب العرجان قول كنانة بن عبد ياليل: يا عمرو لا تأخذك فيهم رأفةٌ احذرهم حذر امرئ لا يمزح واحذرهم كالمصطلى بجحيمها إن القرابة كل يومٍ تنزح ومن العرجان سعيد بن أبي عروبة واسم أبي عروبة مهران مات سنة تسع وخمسين ومائة وقد لقي الحسين وهو صاحب قتادة وروى عنه المخالف والموافق وله تصنيف كتاب الطلاق يقولون: طلاق سعيد بن أبي عروبة وقد سمعت أنا من عبد الأعلى السامي وأصحاب سعيد كبارٌ ثقاتٌ فحدث عنهم المخالف والموافق ومن أعاجيب سعيد أنه لم يمس امرأة قط من غير عجزٍ. قال يزيد بن قبيصة المهلبي: قدمت على أبي مسلم صاحب الدولة من البصرة فسألني عما أراد ثم قال لي: ما فعل الأعرج سعيد بن أبي عروبة كأني أنظر إلى نظافة بيته قال: قلت: سالمٌ صالح قال: فما فعل هشام الدستوائي كأني أنظر إلى دموعه على خديه قال: قلت: سالمٌ صالح. قال: أما أني إن دخلت العراق قتلتهما قلت: ولم ذاك أيها الأمير قال: لأنهما يزعمان أن عثمان أفضل من علي. قال: وقدم العراق فلم يعرض لهما. ومن العرجان إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله سمع أبا هريرة وعبد الله بن عمر ومات بالمدينة سنة عشر ومائة. ومن العرجان الشعراء مجلودة الأعرج وهو الذي يقول: وتعرفني هنيدة من بنيها وأعرفها إذا امتد الغبار متى ما تلق منا ذا ثناءٍ تؤز كأن رجليه شجار فلا تعجل عليه فإن فيه منافع حين يبتل العذار وقال أبو مخنف في الزراية على الشجاع الذي لا دواء له وليس هذا من ذكر باب العرجان ولكنه يناسب شعر مجلودة وهو قوله: ألم تسأل فوارس من سليم لنضلة وهو موتور مشيح رأوه فازدروه وهو خرقٌ وينفع أهله الرجل القبيح ولم يخشوا مصالته عليهم وتحت الرغوة اللبن الصريح وقال المسرهد في زنبور التغلبي: يا أعرج الرجل صغير الجرم وناقص الصور خبيث الاسم وقال أبو خراش الهذلي: ومن العرجان الهيثم بن مطهر الفأفاء ونوادره كثيرة. العرجان من الحيوان وفي أصناف الحيوان عرج وأشباه العرج وأشكالٌ من المشي واختلاف في العدو وتفاوت في الوطء وللإنسان نفسه اختلاف شديد على قدر الحالات المختلفة عليه وبكل ذلك نطقت الأشعار واستفاضت الأخبار وشهد عليه العيان وميزته العقول. فمن العرج الضبع عرجاء ألبتة وهي أشد السباع حرصاً على لحوم الناس وأشد الخلق معاد وأسنان ويقال إنها ممطولة في فكيها وهي تنبش القبور وتحفرها حتى تنتهي إلى أبدان الموتى. ثم الذئب وهو أقزل والقزل أقبح العرج. والفرس شنج النسا كأن به عقالاً وقال عمرو بن العاص: شنج المرسن مجبول القرى شنج الأنساء في غير فحج والغراب يحجل ويمشي مشي المقيد وقال الطرماح: شنج النسا واثي الجناح كأنه في الدار بعد الظاعنين مقيد وقال أبو عمران الأعجم: كتارك يوماً مشيةٌ من سجيةٍ لأخرى ففاته فأصبح يحجل والأسد يتبهنس ويتخلع. وكأنه إذا مشى يتقلع من طين علك أو دهاس كثير الرمل وكذلك السنور على قدره والأسد والببر والنمر والفهد والسنور متشابهٌ في عمود الصورة وكذلك متشابه في جهات أخر قال أبو زبيد في مشية الأسد: إذا تبهنس يمشي خلته وعثاً وعت سواعد منه بعد تكسير وذلك أن العرب تزعم أن رب عظمٍ إذا جبر بعد الكسر يصير أشد وقال في ذلك أيضاً زهير: رأيتكم آل البروك كأنما تصدون عن ذي لبدةٍ عركٍ جهم أزب طويل الساعدين كأنما وعت بعد كسرٍ ساعداه على عثم وفي المثل: كأنما كسر ثم جبر وللأسد تحت المطر مشي آخر وقال في ذلك عمرو بن الإطنابة: خزرٌ عيونهم لدى أعدائهم يمشون مشي الأسد تحت الوابل وقال سويد بن أبي كاهل: هل سويد غير ليث ضيغم ثادت الأرض عليه فظلع وللخماع الذي في قوائم الأسد. قال أبو زبيد: كأنما يتفادى أهل ودهم من ذي زوائد في أرساغه فدع والعصفور على خلاف الحيوان وذلك أنه لا يمشي ألبتة وإنما يجمع رجليه فيضعهما جميعاً ويرفعهما جميعاً لا يقدر على غير ذلك. وأما الزرازير وواحدها زرزور فإنه طائر شديد الطيران خفيف البدن صغر الجرم وهو لا يمشي ألبتة يرسل نفسه من وكره طائراً ثم يعود إلى جوف وكره طائراً. والظبي يمشي وإذا شاء جمع قوائمه ووثب فإن شاء واتر بين ذلك وإن شاء لم يواتر إلا أن الظباء ليس لها عدوٌ ولا ضبر مذكورٌ إلا على بسيط الأرض وليس للأوعال عمل مذكور إلا في الجبال قال الشاعر: وخيل تكدس بالدارعين كمشي الوعول على الظاهره والجرادة تمشي وتجمع نفسها وقوائمها إذا أرادت ثم تشب كل ذلك عندها وكذلك البرغوث يمشي وإذا شاء وثب والوثب أكثر عمله وإنما قيل له طامرٌ لطموره قال الراجز: فكم وكم من طول طموح لم ينجه طموره في اللوح من صلتان فلتان شيح وقال في البرغوث: أو طامري واثبٍ لم ينجه منه وثابه ويوصف مشي النساء بضروب البقر وإذا قاربت الخطو وحركت منكبيها شبهوا مشيها بمشي القطا قال الشاعر: وعلى يبرين صف - وان شحباً بازلات يتمشين كما يم - شي قطاً أو بقرات يتخاصرن ويدع - ون مجيب الدعوات وقال الكميت بن زيد: يمشين مشي القطا البطاح تأوداً قب البطون رواجح الأكفال وقال الغطمش: أبلغ سمية أني لست ناسيها عمري ولا قاضياً من حبها حاجي خودٌ كأن بها وهناً إذا نهضت تمشي رويداً كمشي الظالع الواجي وفي شبيه بهذا المعنى في صفة مشيها يقول الشماخ بن ضرار: تخامص عن برد الوشاح إذا مشت تخامص حافي الخيل في الأمعز الوجى وقال عمرو بن العاص: ففداً لهم أمي غداة ال - روع أن يمشون قطعا ووصفوا مشي الهلوك من النساء وهي التي تهالك إلى الرجال وتزيف في مشيها إذا رأتهم وقد أخطأ من زعم أن الهلوك البغي لا محالة وقد تكون بغياً وغير بغي قال الهذلي: ويل أمه رجلاً تأبى به بدلا إذا تجرد لا خالٌ ولا بخل السالك الثغرة اليقظان كالئها مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل وقال آخر ووصف العجمة وفحلها فقال: يقودها منه جلالٌ فهد كأنما رجسٌ لهاه الرعد يمشي إليها ذو سمات نهد مشي العذارى بينهن ود وقال الفرزدق: كأن تطلع الترغيب فيها عذار يطلعن إلى عذار وقال قطران العبشمي في تخزلها إذا مشت: من الماشيات الخيزلي وتهاديا إذا العشة العضلاء خف نقيلها وقال في تثنيها وتأودها في المشي وفي بعدها من الخفة: تأطرن حتى قلت لسن بوارحا وذبن كما ذاب السديف المسرهد وقال يربوع الجرمي: وقال ابن همام في الأبد: أتيح لها من شرطة الحي جانبٌ عريض القصيري لحمه متكاوس أبد إذا يمشي كأنما به من دماميل الجزيرة ناخس الأولى صارت بداء لعظم ركبها وغلظ شفريها والثاني صار لعظم أيره ولذلك قالت عمرة بنت الحمارس: أير يبد الأسكتين بداً وهذا غير قوله: فأبدهن حتوفهن فظالعٌ بدمائه أو ساقطٌ متجعجع يقول: قسم الحقوق بينهن سواء وإلى هذا المعنى ذهب عمر بن أبي ربيعة: أمبد سوالك العالمينا ويضم إلى بيت قطران العبشمي قول الشاعر: أوانس لا يمشين إلا تخزلا ولا ينتهزن الضحك إلا تبسما ووصفوا مشي العجوز ومشي الشيخ فقال أعشى همدان: أسمعت بالجيش الذين تمزقوا وأصابهم ريب الزمان الأعوج فأمتهم هزلاً وأنت ضفنددلإ ملآن تمشي كالأبد الأفحج ووصفوا مشي العجوز ومشي الشيوخ ومشي الرهلة والأرملة وقالوا في العجوز: جاءت بوسقٍ وحنين وزجل تمشي الهوينى وهي قدام الإبل مشي الجمعليلة بالخف النقل وقال: وقد اغتدى قبل طلوع الشمس للصيد في يومٍ قليل النحس بأحجن الخطم كمى النفس يمشي كمشي الخاظيا المقسى مشي النصارى في ثياب ورس وقال أبو النجم: أقبلت من عند زياد كالخرف أجر رجلي بخط مختلف تخط رجلي في الطريق لام ألف وقال أبو نواس في مرثية خلف الأحمر: لا تئل العصم في الهضاب ولا شغواء تغذو فرخين في لجف غدا كوقف الهلوك ينهفت ال - قطقط عن متنتيه والكتف كأن شذراً وهت معاقده بين صلاه فملعب الشنف وأخدرى صلب الصواهل صل - صال أمين الفصوص والوظف لما رأيت المنون آخذةً كل قوي وكل ذي ضعف بت أعزي الفؤاد عن خلفٍ وبات دمعي إلا يفض يكف أقسى الرزايا ميتٌ فجعت به أمسى رهين التراب في جدف وله أيضاً: لو كان حي وائلاً من التلف لوألت شغواء في أعلى لجف أم فريخ أحرزته في لجف مزغب الألغاد لم يأكل بكف كأنه مستقعدٌ من الخرف هاتيك أم عصماء في أعلى شعف ترود في الطباق والمغد الألف أودى جماع العلم مذ أودى خلف من لا يعد العلم إلا ما عرف فليذم من العياليم الخسف أسأرت ليلةً ويماً فلما دخلت في مسربخٍ مردون أصبحت تعرف الحلاء بعي - نيها وتمشي تخلع المجنون وقال الهذلي: كمشي الأقبل الساري عليه عفاءٌ كالعباءة عفشليل وأنشد مسعود بن هند: تمشي على حسن اعتدال وركها مشي العروس طهرت من عركها قد خلطت محلبها بمسكها وهجا آخر رجلاً فشبه مشيته بمشية الضب فقال: هو القرنبي ومشي الضب تعرفه وخصيتا صرصراني من الإبل وأصحاب الخيلاء في المشي ثلاثةٌ: بنو مخزوم وبنو بدر وبنو جعفر بن كلاب. وكانت لعيينة بن حصن مشيةٌ عجيبة ولعيينة في ذلك حديثٌ. وقال الأخطل: إذا شرب الفتى منها ثلاثاً بغير الماء حاول أن يطولا مشي قرشيةً لا عيب فيها وسحب من جوانبه الفيولا ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أبا دجانة سماك بن خرشة وهو يمشي الخيلاء بين الصفين في الحرب فقال: " إن هذه لمشية يبغضها الله إلا في هذا المكان ". قال الشاعر في مرثية أبي دؤاد بن جرير وذكر حرب إياد وفارس فقال: ترى المغضب الغيران يمشي بسيفه ويخطر في كابٍ من النقع أصهب ويذكر مأثور الحديث حفيظةً فيعنق نحو الفارس المتلبب خالد الأحول عن خالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا رجلٌ في الجاهلية يتبختر في حلة له مشتملاً بها فأمر الله الأرض فأخذته فهو يتخلخل فيها إلى يوم القيامة ". وقد أخبرنا قبل هذا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة حين رآه يتبختر بين الصفين: " إن هذه مشيةٌ يبغضها الله إلا في هذا المكان ". وقد خبر الله عن قوله: " ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ". وعرك عمر بن الخطاب أذن فتىً من بني المغيرة رآه يتبختر في مشيته وقال: نخوة بني مخزوم. وقال حسان بن ثابت: وخبر الله عن قول لقمان لابنه: " يا بني لا تشرك بالله " الآية. ومن مشي العدو إذا رأى عدوه قال الشاعر: تلقى العدو إذا ما مر تحسبه من العداوة والبغضاء مشكولاً وقال بلعاء بن قيس: معي كل مسترخي الإزار كأنه إذا ما مشى من أخمص الرجل ظالع وقال آخر في مشي العدو إلى العدو: مشى السبنتا واجه السبنتا وإنما سموا الناقة بالسبنتا حين سبهوها بالسبع. ومن ذلك مشية المجنون وقال عبد الرحمن بن حسان: إن اللعين أخوك فارم عظامه إن ترم ترم مخلخلاً مجنونا ومن العرج من أصناف الحيوان الجعل والجعل أفحج والأفحج والأفلج سواءٌ وفي قوائمه تفريض وحزوز وقال الشماخ: وإن يلقيا شأوا بأرض هوى له مفرض أطراف الذراعين أفلج وقال سعد المطر يهجو رجلاً من الحبشان: وقال الأصمعي في صفة الجعل: كأربية النوبي نخست ظهره ومن تحته عوجٌ لهن أشور لهن على الأنقاء مشيٌ كأنه مهاريق جادي لهن سطور تراوح رجلاه يداه فينثني على القهقري رجلاه حين يغير وقال الشاعر في الجعل: يبيت في مجلس الأقوام يربأهم كأنه شرطي بات في حرس وهذا البيت وإن كان في الجعل فليس هو في معنى الشعر الأول. ويقال للبرذون مشى مشية النعاج ويقال للفرس مشى مشي الثعلبية وقال امرؤ القيس: له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفل وقال آخر: يعدو كعدو الثعلب ال - ممطور بلله العشى بقوائم عوجٍ شما - طيط وهادورٍ عييى والماشي أيضاً صاحب الماشية قال آخر: أعيني فابكي لي شبيباً وأعولي إذا أجدب الماشي وقل اللواقح ويمشي إن أريد به المشاء ووصفوا ضروب الاعوجاج والحنو والإكباب وعطف العنق والجنوح قال الكميت: جنوح الهالكي على يديه مكبا يجتلي نقب النصال وقال جعيفران: كأنهم والأيور غامدةٌ صياقلٌ في جلاية النصل وقال الطرماح: يمشي بعقوتها الهجف كأنه حبشي حازقةٍ غدا يتهبد وقال قيس بن زهير: سوالفها كخدود الإما - ء صدت عن الذنب أن تلطما وقال الحادرة: بمحبس ضنك والرماح كأنها دوالي جرورٍ بينها سلب جرد تصب سراعاً بالمضيق عليهم وتثنى بطاءً لا تخب ولا تعدو إذ هي شك السمهري نحورها وخامت عن الأعداء أقحمها القد سوالفها عوج إذا هي أدبرت لكر سريع فهي قابعةً حرد يغدو بها قرم بني هاشم مقلصٌ ذو خصل أشقر كأنه من طول تمعاجه والطعن في منحره أشتر وقال الآخر: وإذا قصرت لها الزمام سما فوق المقادم ملطمٌ حر فكأنها مصغ لتسمعه بعض الحديث بأذنه وقر وأضداد العرجان الذين كانوا يعدون على أرجلهم فيبلغون مبالغ أصحاب الخيول المضمرة وما ظنك بالمنتشر بن وهب وللشاعر يقول فيه: لا يغمز الساق من أين ولا وصب ولا يعض على شرسوفه الصفر لا يأمن الناس ممساه ومصبحه من كل أوب وإلا يغز ينتظر وأعجب من المنتشر بن وهب من أوفى بن مطر الذي يحكى عن مهره بأن الرجل منهم يقيم ثلاثة أحمال بعضها إلى جنب بعض ثم يقوم دونها بأذرع ثم يجمع جراميزه ثم يثب فيجوزها واعجب من ذلك ما حدث به أبو الحسن عن رجاله قال: أرسلوا الحلبة بمكة وأرسلوا معها امرأة حبلى فجاءت سابقة. قال: ومشي الحيات على ثلاث طبقات والحيات سوى الأفعى والقزه تمشي مستقيمة ومعوجة أذاك أم بعض القزاة العرجان والضبع عرجاء نباشة للقبور شديدة الحرص على أكل لحوم الناس وقال الشاعر: وجاءت جيالٌ وبنو أبيها أحم المقلتين به خماع فظلا ينبشان الترب عني وما أنا ويب غيرك والضباع وقال الهذلي: وغودر ثاوياً وتأوبته مذرعةٌ - أميم - لها فليل وقال الآخر: له الويل من عرفاء ترقل موهناً كأن عليها حلي صقبٍ مخلد معاودةً حفر القبور متى تجد لها ملحداً في جانب القبر تلحد وقال أبو أسامة حليف بني مخزوم: فدونكم بني وهب أخاكم ودونك مالكاً يا أم عمرو فلولا مشهدي قامت عليه موقفة القوائم أم أجر دفوعٌ للقبور بمنكبيها كأن بوجهها تحميم قدر فلا تدفنني في صوى وادفننني بديمومةٍ تنزو على الجنادب وإن أنت لم تعقر على مطيةً فلا قام في مال لك الدهر حالب ولا يأكلني الذئب فيما دفنتم ولا فرعل مثل القصيرة دارب أزب هلب لا يزال مطابقاً إذا انتشبت أنيابه والمخالب وقال مدرك بن حصن في عرجها وخماعها وفي نوكها والغثارة التي فيها: رغا رغوةً بعد البكاء كما رغت موشمة الجنبين رطبٌ عرينها من الغثر ما يدري أرجلٌ شمالها بها الظلع إما هرولت أم يمينها وذكرها المفضل النكري بالعرج فقال: وأشبعنا الضباع وأشبعوها فراحت كلها تئق يفوق تركنا العرج عاكفةً عليهم وللغربان من شبع نعيق وقال الآخر: وكم غادرن من خرقٍ صريعٍ يطوف بشلوه عرج الضباع وذكر عنترة عرج الضباع فقال: وقال عباس بن مرداس في الضبع ولم يذكر عرجها: فلو مات منهم من جرحنا لأصبحت ضباعٌ بأكناف الأراك عرائسا والضبع تكنى أم عامر قال الكميت بن زيد: كما خامرت في حضنها أم عامرٍ لدى الحبل حتى عال أوس عيالها وقال الشنفرى: لا تقبروني إن دفني محرمٌ عليكم ولكن أبشري أم عامر لقلت لها قد كان ذلك مرةً ولست على ما قد عهدت بقادر وقال الآخر: فإنك إن يجدوك أم عويمرٍ لذو حاجة جافٍ مع القوم ظالع وكان أسيراً يقاد مع الأسرى ويزعمون أن الضباع والذئاب تتبع الأسرى والجيوش وفي هذا الموضع كلام كثير. ومن العرجان الذئب وهو يوصف في مشيه بالقزل وهم يزعمون أن القزل أقبح العرج وقال الشاعر: كأنه إذا ما مشى مستكره الرجل أقزل شد المماضغ منه كل مضطمرٍ وفي الذراعين والخرطوم تأسيل كالرمح أرقل في الكفين واطردت منه القناة وفيها لهذم غول ويقولون ذئبٌ وذئبة ولا يقولون ضبعٌ وضبعة ولقد قال رجلٌ من كبار الناس وأشرافهم في بعض المقالات وهو يذكر رجلاً: " هذه الضبعة " فإنها لتؤثر عنه إلى يومنا هذا. وقال زهير بن مسعود وهو يشبه مشي فرس بعسلان الذئب: يعسل عسلاناً كما يعسل تحت الثلة الذيب قال: وليس الشأن في الاستقامة ولا في الاعوجاج وإنما الشأن في المصالح والمنافع وما هو أرد وأربح ألا ترى أن أموراً كثيرة وفوق الكثيرة من الأمور الملتوية والمعوجة لو كانت مستوية مستقيمة لعظم الضرر وظهرت الخلة فمن ذلك: الأضلاع والمفاتيح والمزاليج وأطلال السفن والعقود والنقوش والمناخل والأهلة والعراجين والمحاجين والكلاليب والشصوص وشوك القنافذ ومغاليق رمانات القبانات والقرسطونات والبرادات ومن الأشياء المخلوقة المناسر والبراثن والقرون وإبر العقارب وأنياب الفيلة والأفاعي وقد بين الشاعر في شعره هذا المعنى فقال: لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرسٌ للحلم بالحلم ملجمٌ ولي فرس للجهل بالجهل مسرج ولست براضي الجهل خدناً وصاحباً ولكنني أرضى به حين أحرج فإن قال بعض القوم فيه سماجةٌ فقد صدقوا والذل بالمرء أسمج وما ذكروا في الاعوجاج وفي حد الشيء إذا كان معوجاً وما يشبه ذلك وما سمى بأعوج قال الشاعر: يا رب هيتٍ يجتنى من هيت ومن طريق الأعوج المقيت ونفحات القير والكبريت والأعوج معروف المواضع من شاطئ الفرات والعوجان نهر من أنهار الروم واكتنوا بأبي العوجاء منهم أبو العوجاء بن قبيصة بن مخارق الهلالي وقال أبو الشيص الأعمى: سروا يخبطون الليل فوق ظهورها إلى أن بدا قرنٌ من الليل أبلج وأضحوا وبعضٌ ما يقيم لسانه وبعضٌ إذا ما حاول المشي يعرج هذا يقع مع ذكر مشي السكران. وقال حكيم بن جبلة: وأهلكني وقومي كل يوم تعوجهم علي وأستقيم رقابٌ كالمواجن خاظيات وأستاه على الأكوار كوم ومحنب مثل العقا - ب تخاله للضمر قدحا والتحنيب الاعوجاج ويسمون الفرس أعوج والعوجاء قال مسكين الدارمي: دعتنا الحنظلية إذ لحقنا وقد حملت على جملٍ ثفال فأدركها ولم يعدل شريحٌ وأعوج عند مختلف العوالي وقال الشماخ بن ضرار: وعوجاء مجذامٍ وأمر صريمةٍ ترمت بها الشك الذي هو عاجر كما يقال: خطةٌ عوجاء ومن أمثال العامة: قيل للشحم: أين تذهب قال: أسوي كل معوج. وقال محمد بن واسع الأزدي: ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث: صاحبٌ إن تعوجت أقامني وفوز من رزق ليس لأحد علي فيه منة. ولا لله فيه تبعة وصلاة في جماعة يرفع عني سهوها ويكتب لي فضلها. وقال الآخر: فسيرة الدهر تعويج وتقويم شبابة عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خلقت المرأة من ضلع ومتى أردت أن تقيمه كسرته وليست تستقيم لك المرأة وقال طفيل الغنوي: إن النساء كأشجار نبتن معاً منها المرار وبعض المر مأكول إن النساء متى ينهين عن خلق فإنه خلق لا بد مفعول وقال آخر: عريانة الساق في أنسائها شنج وفي قوائمها طولٌ وتحنيب وقال آخر: بكل كميت مشرفٍ حجناته تقاربت الوعساء فيه وأعوج وقالوا في المنازلة والمشي بالسيف وفي مديح الذي يقاتل على ظهر الأرض كما يقاتل على ظهر الفرس وفي القلع الذي ينبو عن ظهر الفرس إذا اشتد ركضه وفي الكفل يستمسك بقربوسه وبغير ذلك مخافة السقوط عن ظهره فال مهلهل: لم يطيقوا أن ينزلوا ونزلنا وأخو الحرب أطاق النزولا وقال القحيف: وبيض يجعلون الهام فيها إذا ابيضت من الخلل النصال ولما أن دعوا كعباً وقالوا: نزال وعادةٌ لهم نزال وقال ربيعة بن مقروم: ولقد شهدت الخيل يوم طرادها بسليم أوظفة القوائم هيكل فدعوا نزال وكنت أول نازل وعلام أركبها إذا لم أنزل وقال ابن هرمة: والمشرفية والمظاهر نسجها يوم اللقاء وكل وردٍ صاهل ولكل أرعن كالحريق مطاعن فمسايفٍ فمعانقٍ فمنازلٍ ومن القلعين حارث بن موسى بن سمرة وكان على فرس زمن الفتنة قتله ابن الأشعث ولا عقب له وكان قلعاً يشد منطقته بسرجه. وكان المخارق بن عباد قلعاً وكان خفيفاً نحيفاً وضئيلاً دميماً وكان يوفن بسرجه وكان شجاعاً بطلاً. قال أبو عبيدة: أطنب المسور بن عمرو بن عباد ذات يوم في وصف حسكة بن عتاب الحبطي فقال لهم قائل: لقد كان حسكة قلعاً قال: وما يضره ذلك والفارس النجيد في كفه كالخرنق في كف العقاب. وكان جرير بن عبد الله قلعاً حتى شكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له وكان عيسى بن يزيد الجلودي قلعاً وكان إذا حمى الوطيس ضرب بنفسه الأرض فقاتل بالرمح والسيف ورمى بالحجارة وكان يفخر بذلك على جميع الأفارقة. وكان حذيفة بن بدر لا يثبت على ظهر فرسه مع شدة الركض وطول السير ولذلك قال قيس بن زهير لأصحابه: إن حذيفة رجل مخرفج محرق الخيل نازه ولكأني بالمصفر استه في الهباءة. وأراد أعرابي سفراً طويلاً فقالت امرأته: اخرج بي معك فقال: إنك لو سافرت قد مذحت وحكك الحنوان فانفشحت وقلت: هذا حسك تحت استي وقال خزز بن لوذان: لا تذكري مهري وما أطعمته فيكون لونك مثل لون الأجرب إن العبوق له وأنت مسوءةٌ فتأوهي ما شئت أو فتحوبي كذب العتيق وماء شن باردٌ إن كنت سائلتي غبوقاً فاذهبي إني لأخشى أن تقول حليلتي هذا غبارٌ ساطعٌ فتلبب إن العدو لهم إليك وسيلةٌ إن يأخذوك تكحلي وتخضبي وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوة أقرن إلى سير الركاب وأجنب وأراد رجل من الخوارج الهرب مع أصحابه فقالت له امرأته: اخرج بي معك فأنشأ يقول: إن الحرورية الحرى إذا ركبوا لا يستطيع لهم أمثالك الطلبا إن يركبوا فرساً لا تركبي فرساً ولا تطيقي مع الترحالة الخببا وقال الطرماح: وإن أشمط فلم لئيماً ولا متخشعاً للنائبات ولا كفل الفروسة شاب غمراً أصم القلب حشوى الطيات وقال آخر: والتغلبي على الجواد غنيمةٌ كفل الفروسية دائم الإعصام القول في الساق العليلة والساق السليمة قالوا: إذا كانت ساق الإنسان منتصبةً وكانت القدم على الأرض وضربها ضاربٌ بعصاً لم تنكسر إلا أن تصيبها الضربة وهي على غير الهبة. سفيان عن زياد عن سعيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي وعن ابن عباس عن النبي عليه السلام قال: " كأني أنظر إليه أصلع أفحج يهدمها حجراً حجراً ". ومحمد بن فضيل عن المغيرة عن أم موسى عن علي قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه فضحكوا منها فقال النبي عليه السلام: " ما تضحكون لرجلٍ عند الله في الميزان أثقل من أحد ". والذي سمي شريح بن ضبيعة الحطم رشيد بن رميض حين رجز به في الحرب فقال: قد لفها الليل بسواقٍ حطم ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزارٍ على ظهر الوضم خدلج الساقين خفاق القدم وهذا غير قول الشاعر: لا يغمز الساق من أين ولا وصب ولا يعض على شرسوفه الصفر وممن كان دميماً دقيق الساق فاحش الدقة عوير بن شجنة العطاردي وهو الوافي وكان خفير امرئ القيس بن حجر فبينا هو يقودهم ليلاً طلع القمر فأبصر نساء امرئ القيس ساقيه فقالت: ما رأيت ساقي واف أقبح فقال عوير: هما ساقا غادر أقبح وإياه يعني امرؤ القيس لا حميري وفي ولا عدس ولا است عير يحكها الثفر لكن عويرٌ وفي بذمته لا قصرٌ عابه ولا عور وقال: عويرٌ ومن مثل العوير ورهطه وأفضل في حال البلابل صفوان وممن كان يوصف بدقة الساق أبو حنبل الطائي. وفي المثل: قد قامت الحرب على ساق. ويزعم الناس أن الساق اسمٌ من أسماء الحمام الذكر قال الطرماح: كالساق ساق الحمام وقال الآخرون: بل اسمه ساق حر والأصمعي يخالف في ذلك. وقال الله تعالى: " والتفت الساق بالساق " وهذا مثل. ويقال: إن جميع نبات الأرض على ثلاثة أصناف: نجم وشجر ويقطين فما كان قائماً على ساقٍ فهو نجم وما كان منفرجاً ذا أغصان ومتشعباً بأفنان فهو يقطين وفي القرآن " والنجم والشجر يسجدان " فمن ذهب في النجم إلى غير هذا فليس يذهب إلى الثريا إنما يذهب إلى قول الشاعر: وإنما وصف جفنةً غراء كثيرةً الإهالة قدمها إلى أضيافة ليلا فكانوا يرون صورة النجوم فيها ولا يسقيم في هذا الوضع أن يعني نجم الثريا وحدها والنجم اسم الثريا إلا أن التأويل الآخر أعم وأشبه بالتأويل. قال: وبابٌ آخر من العرج الحادث الذي يزول بزوال العلة من الظلع العارض الذي لم يكن في أصل الخلقة وهو أن البعير يسمن جداً ويتراكم عليه الشحم واللحم فيصير به ظلع ويخلط في المشي ويهاب بسيط الأرض ويحسب المستوى هبطةً والسهولة وعورة قال طفيل الغنوي وذكر إبله: تهاب الطريق السهل تحسب أنها وعورٌ وراطٌ وهي بيداء بلقع وقد سمنت حتى كأن مخاضها تفشغها ظلعٌ وليست بظلع ويقال: إنها إذا سمنت جداً وتراكم عليها اللحم وصار ظل أبدانها أعظم استهالته وفزعت منه وأنشدني أبو العاص بن عبد الوهاب قال: أنشدني يونس بن حبيب وخلف بن حيان قول العكلي: مضت فزعاتٌ من زوائد ظلها فعدن وقد عادت لهن قلوب يقول: رجعن من تلك السفرة وقد تواضعن وذهب عنهن ذلك الشحم فذهب عنهن ذلك معاقيل من أيديهم وأنوفهم بكاراً وثنياً تربت الحزن ظلعا هجاهم بأخذ الديات وجعلها سماناً على زجه السخرية وقال محرز ابن المكعبر: وجئتم بها مذمومةً حرشيةً تكاد من اللوم المبين تظلع يقول: قد امتلأت لؤماً وأثقلها ذلك وفي سمن الإبل قال الشاعر: أرى غيثاً كأفواه الغزالي غزيراً تستدير به السحاب به تمشي العشار مخرماتٍ وتنفع أهلها المعزى الزناب يقول: خرموا مشافر الإبل كي لا ترتع في ذلك المكان فتزداد سمناً فتهلك. وحدثني مهدي بن إبراهيم قال: ربما رأيت البعير في بعض مراعي مضر وقد قتله الشحم وإنه لمتصدعٌ جلد الكركرة على مثل شط السنام. وحدثني أبو البهلول الهجيمي وكان شاعراً فصيحاً داهياً قال: إذا جفنا على الإبل أن تموت سمناً عدلنا بها عن وداي بلهجيم إلى موضع هو أرق نباتاً وأقل دشماً وزعم أنهم يحصدون السنبل في واديهم كل عام مرتين ونحن قد نرى الدجاجة تسمن في بعض البيوت وكذلك البطة فإذا فرط عليها السمن فربما ماتت ولا بد من أن تعمى قبل ذلك وذلك إذا جعلوها في وعاءٍ وحيطوا عليها ومنعوها من الحركة وقد يتخذون للصبي طمرين وكذلك الفصيل فلا يزال ذلك قال: وقال أبو مجيب: تعقم ولا تعقم الأصلاب كأنه يذهب إلى أن المرأة والشاة والأتان والناقة إذا سمن جداً صرن عقراً ولا يعتري ذلك الرجل والتيس والعير والجمل. وإذا نزل الغيث وعم ودر كان حزن الممعز والمصرم بقدر سرور صاحب الهجمة ممن يقولون كلأ تيجع به كبد المصرم ويقولون عند ذلك: مرعىً ولا أكولة وقد قال الشاعر في الدعاء على رجل: وجنبت الجيوش أبا زهيرٍ وجاد على مسارحك السحاب لأن الفقير لا يغزوه أحد وإذا جاء السحاب على مسارح المصرم كان أشد لحسرته وقال آخر: غيث سماكي أجش رعده هيهات من نوءٍ الثريا عهده أرزم عشواء يحر صعده حات معاً كماته وربده ويقال غمامةٌ خرساء ورعدٌ أجش كذلك يجدون في الغيوم الثقال المرجحنة وفي في السحاب المتكاثف القليل المخارق والظاهر الرطوبة القريب من الأرض وقال شاعرهم في صفة الغيث واشتراطه صفة دون صفة: سحائب لا من صيفٍ ذي صواعقٍ ولا محرقاتٍ صوتهن حميم ووصف امرؤ القيس المرعى الموفر النبت فقال: تحاماه أطراف الرماح تحامياً وجاد عليه كل أسحم هطال وإلى ذلك ذهب أبو النجم في قوله: تبقلت من أول التبقل بين رماحي مالك ونهشل وقال الهذلي: إنها لجوابا خروقٍ وشرابان بالنطف الطوامي كأنهما في طول ما ينقبان في البلاد ويجوبان في المفاوز ويهجمان على مياه ليست لها أربابٌ ولا هي على طرق الغزاة والبغاة والماء طاف يطفح ورب موضعٍ هو ضد هذا وهو كما قال امرؤ القيس: مجر جيوش غانمين وخيب ووصف النمر بن تولب الروضة والأرض المحمودة والبطن الخصيب العشيب والوادي الكريم فقال: وكأنها دقرى تخيل نبتها أنف يغم الضال نبت بحارها عزبت وباكرها الشتاء بديمةٍ وطفاء تملأها إلى أصبارها كأن حمدة أوعزت لها شبهاً في العين تلاقينا بأرمام ميثاء جاد عليها واكفٌ هطلٌ فأمرعت لاحتيال فرط أعوام إذا يجف ثراها بلها ديمٌ من والكف بزل بالماء سحام لم يرعها أحدٌ واربتها زمناً فأو من الأرض محفوفٌ بأعلام تسمع للطير في حافاتها زجلاً كأن أصواتها أصوات جرام كأن ريح خزاماها وحنوتها باليل ريح ألنجوجٍ وأهضام وقال آخر في صفة روضة: كانت لنا من غطفان جاره حلالةٌ ظعانةٌ سياره كأنها من دبلٍ وشاره والحلى حلى التبر والحجاره مدفع ميثاء إلى قراره إياك أعني واسمعي يا جاره وقال بشار بن برد: وحديث كأنه قطع الرو - ض وفيه الصفراء والحمراء وأنشد الأصمعي في هزال المال: ويقال: إن الحيوان بحتشي من اللحم والشحم على قدر سعة جلده ويقال: إن سعة الجلد من أعون المور على بعد الوثبة وإذا كان فضفاض الإهاب واسع الإبطين ضابعاً وكان طويل العنق لا يسبقه شيء فالبعير بطول عنقه وبه ينهض بحمله الثقيل بعد بروكه والثور يسرع بسعة جلده ويبطئ بالوقص الذي في عنقه والحمار يسرع بطول عنقه ويبطئ بضيق جلده والفرس يسرع بسعة إبطه وبطول عنقه وعظم جفرته ولذلك قال الشاعر: ببطنه يعدو الذكر وزعم أبو عبيدة وأبو الحسن: أن الفرس ليس له طحال قالا: ولذلك لا يحتشي ريحاً ولا يناله من الربو ما ينال غيره من ذوات الأربع قال الشاعر: رحيب الجوف معتدلٌ قراه هريت الشدق فضفاض الإهاب وقال آخر: وضاق عنه جلده الفضفاض وأما قول الآخر: يا سعد كيف أنت إذ أصحابي عاتبتهم فتركوا عتابي وحل جسمي وانحنت أصلابي وكثرت فواضل الإهاب وهذا عيبٌ لأنه وصف شيخاً قد نحل جسمه وذهب شحمه ولحمه ودق عظمه ورق عصبه فماج إهابه وصار فارغاً بعد أن كان مملوءاً وإذا صار الجلد كذلك وذهب الذي كان يملأه وتمدد وتبسط وذهبت البلة وأعقب مكانها التيبس تقبض جلده وتشنج إهابه ولذلك قال النمر بن تولب: كأن محطاً في يدي حارثيةٍ صناع علت مني به الجلد من عل والمحط: مدلكة ممتلئة يحط بها أصحاب المصاحف ظهور جلود رقاب المصاحف ليجعل ذلك الحزوز نقوشاً وما أحسن ما قال النمر بن تولب ولقد جهدت أن أصيب بيت شعر مثل هذا للعرب فما قدرت عليه وكذلك قول عنترة: فترى الذباب بها يغني وحده هزجاً كفعل الشارب المترنم غرداً يحك ذراعه بذراعه فعل المكب على الزناد الأجذم ووصف الشاعر الثور فقال: وأغلب فضفاض جلد اللبان يدافع غبغبه بالوظيف ووصف أبو موسى الأشعري البقرة فقال: إذا صغر رأسها ودق قرنها واتسع جلدها فإنها قد تكون كريمة. وليس للأنسان من بين جميع الحيوان جلدٌ إذا سلخ تبرأ من اللحم وفرق ما بين جلده وسائر الجلود فرق ما بين القرقمان والحوصلة. وقال البقطري: سابقوا بين فرس وحمار وثور فجاء الفرس سابقاً وشهد ذلك بعض الأعراب فقال: ليبس المطبق كالضابع ولا أوقص كالأعنق. يقول: لأن الحمار طبقٌ كزه رجع الإبطين لا يستطيع إذا عدا أن يمد صبعيه كالفرس والكلب قال الشاعر: كم تضبعون وكم تأسو كلومكم وأنتم ألف ألف أو تزيدونا وقال رؤبة: ولاتني أيدٍ علينا تضبع بما أصبناها وأخرى تشفع يقول: إذا دعا الله علينا مد ضبعيه ورفعهما إلى السماء وقال الراجز: إن الجياد الضابعات وقال بعض اللصوص وهو يتمنى أن تستاق أموال عبد القيس: نجائب عبدي يكون بغارةً دعا وقد جاوزن عرض الشقائق يقول: ليس عندهم من بذل المجهود إلا الدعاء والابتهال على من ظلمهم. وصلهما جميل وهم لا يذكرون جلد الجاموس ولا يعرفون النعال إلا من البقر والإبل ومن رديء الجلود عندهم جلد الضبع وجلد العث قال الراجز: يا ليت لي نعلين من جلد الضبع وشركاً من استها لا ينقطع كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع فعد ذلك بقوله: كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع على أنه قد وضعه في موضع التجوز والاحتمال. وقال الآخر: إهابه مثل إهاب العث ثم رجع بنا القول في العرج والظلع قال الحطيئة: تسديتها من بعد ما نام ظالع ال - كلاب وأخبى ناره كل موقد قال الأصمعي في ظلع الكلاب وزعم أن الكلب إذا أصاب رجله شيء قطع وهو يريد سفاد الكلبة ويخاف أن تمنعه الكلاب السليمة الأبدان وهو ينتظر نومها وهي لا تنام حتى تمل من النباح والتجاوب ويهدأ كل رجل منها ولذلك قال: وقال الآخر: لا ولكن الكلب الظالع هو الهائج ويقال للكلب ظلع إذا هاج وأنشد: يبيت يشكو وجعاً ولا وجع وهو إذا أعطى زاداً ابتلع أسرع شيء عدوه إلى الطمع كأنه الكلب إذا الكلب ظلع وقال الآخر: بل الكلب إذا هاج اعتراه بعض الخماع فإذا مشى رأيته كأنه يظلع وقد قال الطفيل: وقد سمنت حتى كأن مخاضها تفشغها ظلع وليست بظلع وقال ابن عنقاء الفزاري: أمرا على عوج طوال كأنها وليس به ظلعٌ من الخمص ظالع يقول: ليس به ظلع من علة حادثة سوى الظلع الذي ركب عليه في أصل الخلقة لأنه أقزل والأقزال أسوأ حالاً من كثير من العرجان لأن الذئب لا يزال مضطرباً في مشيته ونساه أشد تشنجاً من نساء الفرس والغراب والذئب أقزل مرثوم الخطم بسواد سائل الأنف وكذلك أنف البقرة يكون سائلاً ومرثوماً بسواد وكذلك الكلب وأما قول الشاعر: غاداك ذئب سلجم أنيابه يسبق حد نابه لعابه فإنما ذكر ذلك على جهة المثل كما قال الشاعر: وقال الآخر: ضبت لثات بني عمرو لوقعتهم يوم النجير وكانوا معشراً حشدا وإنما هذا على جهة المثل لأن الإنسان ما دام له ريق فهو حي وصاحب النزع والذي يكيد بنفسه يجف ريقه جفوناً شديداً وعلى حساب ذلك يصيب المحزون والجبان في الحرب والخائف يشتد عطشهما ويجف ريقهما وقال ابن أحمر: هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه وقد يدوم ريق الطامع الأمل وقد قال الآخر: . . إذا ما استيبس الريق عاصبه وقال الزبير بن العوام وهو يرقص عروة بن الزبير: أبيض من آل أبي عتيق مبارك من ولد الصديق ألذه كما ألذ ريقي وقال بشار: رهبةً أو رغبةً في وده إنه إن شاء أحلى وأمر يتقي الموت به أشياعه حين جف الريق وانشق البصر مألولة الأذنين كحلاء العين ومنخرين حلقا مسودين وقال الطرماح أيضاً في سواد لثام الذئب: وفلاة يستفز الحشا من صواها ضبج بومٍ وهام تفجا الذئب بها قائماً أبرق النحر أحم اللثام فزعم كما ترى أنه أحم اللثام وكذلك وصف الشاعر الكلب فقال: وأغضف الأذن طاوي البطن مضطمرٍ لوهوهٍ رذم الخيشوم هرار وقال كعب بن زهير يذكر سيلان أنف الذئب: قالت أراهط من عوفٍ ومن جشمٍ يا كعب ويحك هلا تشتري غنما من لي منها إذا ما أزمةٌ أزمت ومن أويس إذا ما أنفه رذما واسم الذئب أوس فلما صغره قال أويس وقال الشاعر: ما فعل اليوم أويسٌ في الغنم وقال الطرماح: أبرق النحر هو مثل قول عمرو بن معدي كرب: وكم من غائطٍ من دون سلمى قليل البوم ليس لها كتيع يرى السرحان مفترشاً يديه كأن بياض لبته الصديع لأن الأبرق يكون سواده مخالطاً للبياض والصديع هو الفجر والفجر مختلط بياض النهار ببقية سواد الليل وأما قوله: لكل ريح لقحت معدين فقد وصف الراجز استرواح الذئب وحرصه على استنشاق الريح فقال: يستبخر الريح إذا لم يسمع بمثل مقراع الصفا الموقع ومن العرجان ثم من رؤساء المتكلمين ومن مشايخ المعتزلة ومن أرباب النحل ومن العلماء باختلاف الملل وكان أعلم من رأينا من الخوارج وكان من أربى على المائة وهو أبو كلدة وهو الذي قال له النضر بن إسماعيل القاص البليغ الشجاع وكنيته أبو المنذر وكان رئيس الشعوبية: قبلت بالبصرة يا أبا كلدة إن لك شرجاً وإن لي شرجاً فاطلب شرجك فيما بينهما وفيما بين بينهما إن كان بين بينهما بون قال أبو كلدة: يا أبا المنذر هذه رقية وأنا رجل أعرج فاقصد بها رجلي فلعل الله أن يرزقني على يديك الشفاء. والنضر هو الذي لما سئل عن خلق الكلام قال: منه الحروف ومنك التأليف كما كان منه النتاج ومنك الكنيف. وقال له رجل: أضحى بالجذع من الضأن فقال: إذا تجنبت المسان والمهازيل من السمان. ومن العرجان الفقهاء البلغاء أبو العلاء يزيد بن الشخير أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير. ومن العرجان الأشراف ومن أهل العارضة واللسن والجلد إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله أخو حسن بن حسن لأمه قالوا: وكان قد غلب على أموالهم حتى شكوا ذلك إلى أبي هاشم عبد الله محمد بن علي بن أبي طالب فدخل على والي المدينة فلما رآه عنده قال: ألا أدلك أيها الأمير على الظالم الضالع الظالع في كلام غير هذا قد عرضه الرواة. وقال حميد بن ثور الهلالي: كفى حزناً ألا أرد مطيتي. . . . . . مستزاد إلى أهلي وألا أدل القوم والليل دامسٌ فجاج الصوى بالليل في الغائط المحل ولا يتقي الأعداء شري وقد يرى مكان سوادي لا أمر ولا أحلي وطرحي سلاحي واحتبائي قاعداً لدي البيت لا يبلى شراكي ولا نعلي وإيصابتي أهلي الضعيف مخافةً علي وما قام الحواضن عن مثلي أعين العصا بالرجل والرجل بالعصا فما عدلت مثلي عصاي ولا رجلي هذا رجلٌ يصف الكبر والضعف الذي يعتري الهرمي وليس يحمل أحدهم العصا على جهة حمل الأعرج ولكنه مما يجوز أن يدخل في هذا الباب. والعرج أيضاً يعرض من أمور كثيرة وقد علمنا أن صاحب النقرس أسوأ حالاً إذا تكلف المشي من الأعرج كما كان يصيب هرثمة بن أعين ونصر بن شبث وإسماعيل بن نيبخت. وكان العلاء بن الوضاح يوتد سكة حديد في الأرض حتى يغرقها ثم يشد ساقه بها ثم يضع رجله اليسرى في الركاب ويثب فيقلع السكة ويستوي على ظهر الفرس كأنه لم يصنع شيئاً من شدة متنه وقوة عصبه وتوتير نساه فانقطعت في بعض ذلك عصبةً من ساقه فكان أسوأ حالاً من الأعرج ولقد رأيته بالمنازل في غداة قرةٍ وهو على فرس له سرج ولجام في قباطان فما رأيت مثله أشد ولا أفرس. ومن العرجان الأشراف السادة ومن قدمته العشائر طوعاً ورأسته الخلفاء اختياراً وتحفظ الناس كلامه ودونوا ألفاظه واقتبسوا من علمه وفي طول ما مدح الله به عباده والصالحين بالأسماء الكريمة ووصفهم بالخصال الشريفة لم يمدحهم بشيء أقل من ذكره لهم بالحلم ولم نجد ذلك في القرآن إلا في موضعين وقد وصف الناس بالحلم عاداً في الجملة كما قال النابغة: أحلام عادٍ وأجسادٌ مطهرةٌ من المعقة والآفات والأثم وقد ذكروا في الشعر حلم لقمان ولقيم بن لقمان وذكروا قيس بن عاصم ومعاوية بن أبي سفيان ورجالاً كثيراً ما رأينا هذا الاسم التزق والتحم بإنسان وظهر على الألسن كما رأيناه تهيأ للأحنف بن قيس وكان مع ذلك رئيساً في أكثر تلك الفتن فلم تر حاله عند الخاصة والعامة وعند النساك والفتاك وعند الخلفاء الراشدين والملوك المتغلبين ولا حاله في حياته ولا حاله بعد موته إلا مستوياً. فينبغي أن تكون قد سبقت له من النبي صلى الله عليه وسلم دعوة أو قال فيه خيراً كما رووه وذكروه أو كان قد ظهر منه من حسن النية ومن شدة الإخلاص ما لم يكن عليه أحد من نظرائه. فإن قال قائل: أنتم تزعمون أن عبد المطلب أحلم الناس وكذلك العباس بن عبد المطلب قلنا: إن الأحنف كان الحلم غالباً عليه فبان من سائر أعماله ومحاسن عبد المطلب وخصال العباس في المجد والشرف كانت متكاثفة متساوية كل خصلة منها تنتصف من أختها وكانت كما قال الشاعر: أنى غرضت إلى تناصف وجهها غرض المحب إلى الحبيب الغائب وكذلك قوله: جاءت تهض الأرض أي هض يدفع منها بعضها عن بعض مثل العذارى شمن عين المغضي وقال جرير في شبه ذلك: وقال قيس بن الخطيم: تغترق الطرف وهي ساهمةٌ كأنما شف وجهها النزف وهذا البيت ليس من الشكل الأول ولكنه مما يتعلق به ويروى معه. وإذا كانت الخصال كذلك لم يغلب على صاحبه اسم دون اسم ورجع الأمر فيه إلى أن يسمى سيداً وما أشبه ذلك والنبوة تأتي على الغايات وتجوز النهايات. وكان الأحنف أحنف من رجليه جميعاً ولم يكن له إلا بيضةٌ واحدة وكان قد ضرب على رأسه بخراسان فماهت إحدى عينيه وقال الحتات: إنك لضئيلٌ وإن أمك لورهاء وقال أبو الحسن: ولد الأحنف مرتتق حتار الاست حتى فتق وعولج فإن كانت هذه الصفات كذباً وباطلاً فإنا لا نشك أن الحسد الذي أخرج من أعدائه هذه الأمور لم يكن إلا على نعمة سابغة غامرة وإلا على خصال عالية فاضلة ثم لم يضره ذلك ولا وضع منه ولا زادته الأيام إلا رفعةً معلومةً معروفة لم تنقض من قدره عروة ولا فتحت من معاقد رياسته عقدة فيعلم الطاعن عليه أنه إنما يريد أن يطمس عين الشمس ويرد هبوب الريح كان أبين الناس في كل حال وأخطبهم في يوم حفل ومصنع وفي يوم أنس واسترسال وهو صاحب الراية بخراسان وقد انغمس في حومة الحرب ثلاث مرات وهو يقول: وسار تحت لوائه الأقرع بن حابس وكان واليه على الجوزجان ومشى في جنازته مصعب بن الزبير بغير حذاء ولا رداء مع علمه بما قال الناس في شأنه وشأن ابن جرموز وكان مع ذلك لا يرى الحكمين وهو الذي قال لرسول قطري ولرائده وبغيه والمبلغ عنه: إن ركبوا بنات شحاج وقادوا بنات أعوج وأصبحوا ببلدة وأمسوا بأخرى طال أمرهم. وهو الذي قال لما طمع فيه عبد الملك للجفوة التي حدثت بينه وبين مصعب وجرد إليه رسولاً فقال للرسول: أبلغ صاحبك أنه إن لم يغزنا لم نغزه وإن أتانا لم نقاتله فعندها قوى عبد الملك في نفسه. ومما يدل على تواضعه وحسن نيته وعلى أنه لم يعم بالرأي ولم يخص مما رووا من شأن الرجل الذي قال له: ما يمنعك من دخول المقصورة قال: فأنت ما يمنعك من دخولها قال: لا أترك قال: فلذلك لا أدخلها. وتكلم الناس عند معاوية في توكيد بيعة يزيد والأحنف ساكت فقال معاوية: لم لا تتلكم يا أبا بحر قال: أخافك إن صدقتك وأخاف الله إن كذبتك. وأطرى رجل من قريش يزيد بن معاوية عند معاوية فلما خرج الناس أقبل على الأحنف فقال: إني والله وإن قلت الذي قلت رغبةً أو رهبة فإنه ما علمت للذي. . . وإن ابنه ما علمت وشهد مصعباً يوماً وهو يوبخ رجلاً ويقرعه ويقول: أبلغني عنك الثقة كذا وأبلغني عنك الثقة كذا فقال الأحنف: كلا أيها الأمير إن الثقة لا يبلغ. هذا الذي كتبت لك قليلٌ من كثير ولم نرد الإخبار عن بلاغة لسانه ولا عن كثرة معرفته وإنما أردت أن تعرف حسن نيته وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص: " يا سعد سعد بني وهيب إن الله إذا أحب عبداً حببه إلى خلقه فاعتبر منزلتك من الله بمنزلتك من الناس واعلم أن ما لك عند الله مثل ما لله عند ". فنحن نظن أن هذه المنزلة التي صارت للأحنف في قلوب الناس لمنزلة الإسلام من قلبه وهو الذي لما دخل في الوفد على مسيلمة الكذاب فخرج من عنده فقال له بعض رؤساء القوم: كيف رأيته قال: والله ما هو بنبي صادق ولا متنبئٍ حاذق. وهو الذي لما وفد على عمر وتنازعوا الكلام عنده أمسك حتى كان عمر هو المستنطق له الكلام وخص القوم بالكلام عمر وذكروا شأن أنفسهم وتكلم الأحنف عمن غاب من مجلسهم فتكلم في مصلحة البلاد والعباد وسنذكر فقراً من كلامه في كتاب " البيان والتبيان " إن شاء الله وبالله التوفيق. ومن العرجان ثم من الملوك يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى برواز وطئ بخراسان أيام خرج من العراق امرأة فولدت له ابناً مخدجاً ذاهب الشق وكان عرج يزدجرد من قبل نقصان كان بوركه وقيل لجده: إنه سيكون ذهاب ملككم على رأس غلام أعرج ناقص الورك فعزم على قتله حتى صرفته عن ذلك سيرين. قال أبو عبد الرحمن: كان أنو شروان أعور وكان يزدجرد أعرج والحارث الملك الأصغر الغساني أعرج وكان جذيمة ابن مالك الوضاح أبرص وعمى صصة أبو زاهر بن صصة ملك الهند قبل أن يموت بسنة وكان يزيد بن عبد الملك أفقم وكان هشام أحول وكان مروان الحمار أشقر أزرق. وكان النعمان بن المنذر أحمر العين أحمر اللون. ولم يكن في أصحابنا مذ هلك أبو العباس إلى ملك المتوكل إلا سليم الجوارح نقياً من الابن صحيح الأعضاء جميل المنظر بهي الرواء فأما الصلع فإنه انقطع بعد مروان بن الحكم فلم يكن في ملوكهم ولا في خلفائنا أصلع إلى يومنا هذا. ومن العرجان: سلمان بن ربيعة الباهلي وهو سلمان الخيل كان أبصر الناس بعنق دابة وأبصرهم بإقراف وهجنة وأعلمهم بخارجي وعريقٍ وبهم وبعير ويعرف السابق من المصلى قالوا: وكان ابن أقيصر على مثاله يحتذي وإياه يحكى وفي قبره وقبر قتيبة بن مسلم يقول شاعرهم: فأما الذي بالصين عمت فتوحه وسلمان يسيسقي بها سبل القطر وكان على المقاسم وأول من قضى لعمر بن الخطاب على الكوفة قالوا: جلس للناس شهرين فلما لم يتقدم إليه خصمان لصلاح الزمان واصطلاح الناس طوى بساطه وحمد الله على ذلك وله أخبار وأحاديث. قالوا: وكانت دار سلمان بن ربيعة لسعيد بن قيس الهمداني حتى رحل سلمان إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين رجل أعرج ولا قوة لي على المشي إلى المسجد فكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص: أن أقطعه أقرب المواضع إلى المسجد وكلم سعد سعيد بن قيس فقال له: يا أبا عبد الرحمن هذا رجل زمن فتحول عن داراك وأعطك مثلها فت 0 حول عنها سعيد ونزلها سلمان ووفى له سعد بالذي قاله. قالوا: وكان عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب والي الكوفة وكان أعرج وكان على شرطه القعقاع بن سويد المنقري وكان أعرج وكان على كتابته سلمان بن كيسان وكان أعرج فكان صاحب الشرطة يخرج وهو يخمع ثم يخرج الأمير وهو يخمع ثم يخرج الكاتب وهو يخمع وكان الحكم بن عبدل الشاعر أعرج فرآهم وخاطب نفسه فقال: ألقى العصا ودع التخادع والتمس عملاً فهذي دولة العرجان لم أر الشعر دل إلا على عرج الأمير وصاحب الشرطة وعلى عرج الحكم الشاعر. وفي حديث الهيثم زيادة أعرجين أحدهما ابن أبي موسى والآخر سليمان بن كيسان وهذا عندي عجب. وكان الحكم بن عبدل قد خافه الناس وهابته الأمراء بعد هجائه لمحمد بن حسان وكان بعد ذلك لا يغشى أبوابهم ولكنه كان يكتب على عصاه حاجته ويبعث بها مع غلامه فيدخل الحاجب العصا ويقضي حاجته والناس والشعراء محجوبون فلما رأى يحيى بن نوفل وحمزة بن بيض وأبو جسرح ما صنع الحاجب بعصا الحكم وهم بمزجر الكلب قال يحيى بن نوفل: عصا حكم في الناس أول داخل ونحن لدى الأبواب نقضي ونحجب ومن العرجان ثم من العبيد الشعراء وممن يعد في الحدب والعرج: ذو الركبة العوجاء وأظنه السائل المثري وهو الذي يقول فيه الشاعر في قصيدته التي ذكر فيها شعر العبيد وقد ذكرنا هذه في كتاب " الصحراء والهجناء " وإياه يعني في قوله: وفي درك والعبد ذكوان والذي أراح على بشرٍ بقاصمة الظهر وعبد بني الحسحاس والشيخ مورقٍ وذي الركبة العوجاء والسائل المثري فذو الركبة الذي يقول: ورأى البيوت فجاء يأمل خيرها مهرى حدي فعليه وسلوك والركبتان مفارلاقٌ رأساهما والظهر أحدب والمعاش ركيك سئم الحياة ولاح في أعطافه قشف الفقير وذلة المملوك مثل البلية برحت بحياته خرق البطون قليلة التبريك يقول: أنا راعي ضأن والضائنة آكل كل شيء وأدومه رغبة وأكلاً وهي لا تبرك كبروك الإبل فيستريح الراعي ولغظ مؤونتها على الراعي قالوا: أحمق من راعي ضأن ثمانين لأنه يتعايا بها وتغلبه فيعجز عنها والنعجة موصوفة بشدة الأكل ودوامه وهي آكل من الكبش. والرمكة آكل من البرذون وقيل لأعرابي: أي الدواب آكل قال: برذونةٌ رغوثٌ فإذا كانت البرذونة آكل الدواب فعلى حساب ذلك أكلها إذا أرضعت ويقال: إنه لو جمع أكل المرأة من غدوة إلى الليل لكان أكثر من غداء الرجل وعشائه هكذا يحكون في أكثر النساء وهي تمضغ من غدوة إلى الليل وكذلك الحجر والفرس. ومن العرجان معاذ بن جبل قالوا: وكان معاذ أمة وكان يشبه إبراهيم خليل الرحمن ولم يكن في السلف أحسن جردةً ولا أنعم بدناً من معاذ وسهل بن حنيف. وقال النبي صلى الله عليه وسلم " آمن كل شيء من معاذ حتى خاتمه " وكان يعد من الزهاد الستة وقد شهد المشاهد وولى للنبي الولايات وقبض الصدقات وتعليم الناس الإسلام وتدريسهم القرآن. وهو ابن أقل من عشرين سنة وكان عند رسول الله وجيهاً وفي عيون المسلمين عظيماً وقال الهيثم: أنبأنا أبو الهذيل سعيد بن عبيد الطائي في إسناد له قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فنزل في حي منهم وقال: لا تروني أصنع شيئاً إلا صنعتم مثله وكان به عرج فكان إذا صلى قدم إحدى رجليه قال: فلما صلوا لم يبق منهم أحدٌ إلا قدم إحدى رجليه قال: فلما انصرفوا قال لهم: إني إنما فعلت هذا من عرجٍ فلا تفعلوا مثل هذا. وزعموا أنه صلى إلى قرب شجرةٍ فكان غصنٌ منها قد ضرب إحدى عينيه فتناوله فكسره فلم يبق أحد ممن خلفه إلا تقدم إلى الشجرة فكسر منها غصناً. قالوا: ولما قدم معاذ على النبي عليه السلام ومعه أصحابه الذي قدم بهم سجدوا للنبي عليه السلام وكان يرون ذلك من صنيع العامة تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي: " اسجدوا لربكم وأكرموا أخاكم ولو أمرت أحداً يسجد لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها ". وكان أبو عبدان المخلع مولى بلعنبر واسمه مرثد وكان أطيب الناس شعراً وكان صعترياً صاحب نيزكيةٍ وتخلع وكان ذا نشال وإذا تكلم عقف أصابعه فلم يزل يتكلف ذلك حتى صار مخلعاً بالحق وصار أسوأ حالاً من الأشل وكان في صغره خياطاً فصار في حال لا الدين أدناني وما كنت بالدني وأدنى من الدين الذي لديات وهو الذي يقول في أبيات له فحشةٍ يذكر فيها الغلمان: وكل نكش بالكشح مغترف أصبح نحوي مزاجراً ذربا صار له خاضباً فواحزناً لو عز هذا النمير ما خضبا ومثله ما خبرني به أبو عباد النميري واسم أبي عباد مروان قال: كنت وأنا غلام أشتهي الصعترية والمواثبة والتكاتف والنشال وتعقيف الأصابع إذا تكلمت فصرت والله كأني أفرغت في ذلك القالب إفراغاً فلما عقلت احتجت إلى أن أستوى فما أجابتني الطبيعة ولا أجابتني تلك الجوارح إلا بشدة الاستكراه وبقيت والله خمصر أصابعي ما تنبسط إلا بأن أمدها ومتى تركتها عادت معقفة وأبو عباد هو الذي يقول لما وجهه بعض العمال في السعاية وحفظ البيدر وما فيه فقال: كنت بازاً أضرب الكر - كي والطير العظاما فتقنصت بي الصعو فأوهنت القدامى وإذا ما أرسل البا - زي على الصعو تعامى وكان يتمثل في ذلك في بقول الفرزدق حين بعثوه يرعى الغنم فضيعها وعاث فيها الذئب فقال وما كنت مضياعاً ولكن همتي سوى الرعي مفطوماً وإذ أنا يافع أبيت أسوم النفس كل عظيمةٍ إذا وطئت بالمكثرين المضاجع وقد كان أبو عباد أراد بقول أبي النجم في صفة الراعي: يميس بين الغانيات الجهل كالصقر يجفو عن طراد الدخل وقد وصف عبيد الراعي كيف تتحول صورة الراعي وتتبدل خلقته وكذلك كل صناعة تصور صاحبها على ما يشاكلها ألا ترى أن الحائك يعرف بصدرته وتفحج رجليه ولا يكون أبداً إلا وجلد بطنه أسود وقد ذكر خلف بن خليفة - وقال عبيد الراعي: ترى وجهه قد شاب في غير لحيةٍ وذا لبد تحت العصابة أنزعا ترى كعبه قد كان كعبين مرةً وتحسبه قد عاش حولاً مكنعا وقال يزيد بن مفرغ ما يؤكد قولنا ويفسره قال: يقولون أوسٌ شاعرٌ فاحذرنه وما أنا إن لم أهج أوساً بشاعر رأيت لأوس خلقةً فشنأتها لهازم حراثٍ وتقطيع جازر وقال آخر: وصفت بجهدي وجه حفص وخلقه فما قلت فيه واحداً من ثمانيه ولحية قوادٍ وعيني مخنقٍ وجبهة مأبون يناك علانيه وراحة صباغٍ وصدرة حائكٍ ومرفق سقط رد في الرحم ثانيه وممن هجى بالخلقة وليس بشيء اجتلبه جعفر بن يحيى قال أبو نواس في جعفر بن يحيى: قالوا امتدحت فماذا اعتضت قلت لهم: خرق النعال وإخلاق السراويل قالوا فسم لنا هذا فقلت لهم أو وصفه يعدل التفسير في القيل ذاك الوزير الذي طالت علاوته كأنه ناظرٌ في السيف بالطول وقال أبو نواس فيه أيضاً: عجبت لهارون الخليفة ما الذي يومله من جعفر خلقة السلق قفا خلف وجهٍ قد أطيل كأنه قفا ملك يقضي الهموم على بثق وأعظم زهواً من ذباب على خراً وألأم من كلب عقور على عرق أرى جعفراً يزداد بخلاً ورقة إذا زاده الرحمن في سعة الرزق ولو جاء غير البخل من عند جعفر لما وضعوه الناس إلا على حمق ومن العرجان هرثمة بن النضر الجبلي وما رأيت أحداً قط يمشي وهو أعرج إلا وقد كان قال العمري: كان عمر بن الخطاب يمسك أذنه اليسرى بإصبعه اليمنى ثم يثب على ظهر الفرس كأنما خلق هنالك وكان يقول: اقطعوا الركب وانزوا على الخيل وتمعددوا واخشوشنوا وكان يقول: إياكم والسمنة فإنها عقلة وامشوا حفاةً فإنكم لا تدرون متى تكون الجولة. قال: وجمع الوليد بن يزيد جراميزه ووثب من الأرض على ظهر فرسه كأنه لم يزل فوقه ثم أقبل على ابن هشام وكان الوليد ولي عمه هشام فقال: أبوك يحسن مثل هذا قال: لأبي مائة عبد كلهم يحسن مثل هذا. قالوا: ولم يكن من ولد العباس إلى يومنا هذا خليفة إلا وهو فارس صبورٌ على شدة الركض وعلى طول السرى. ومن العرجان أبو مالك الأعرج الشاعر وهو الذي عناه اليزيدي بقوله: لعمري لئن كان العيرج آرها فما الناس إلا آير ومئير وأبو مالك الذي يقول: تلوط دهراً ثم عاذ بدبره فيالك من دبرٍ ترد المظالما ومن العرجان المجاهيل ما حدث به أبو الحسن عن أبي الوليد: قال: بينما عمر بن الخطاب إنك مسترعىً وإنا رعية وإنك مدعو بسيماك يا عمر أرى يوم شرٍ شره متفاقم وقد حملتك اليوم أحسابها مضر فقال عمر: لا حول ولا قوة إلا بالله. وشكا عرج رجله وظلع ناقته فقبض عمر الناقة وحمله على جمل وزوده ثم خرج عمر حاجاً في عقب ذلك فبيناه يسير إذا لحق راكباً وهو يقول: ما إنما رأينا مثلك يا ابن الخطاب بعد النبي صاحب الكتاب أبر بالأدنى وبالأحباب فنخسه عمر بمخصرة معه. وفي بني النضير عرجان وحولان فلذلك قال خفاف بن ندبة السلمي في تعيير الربيع بن أبي الحقيق: فسوف ترى إن ردت الأوس حلفها وزالت وأحساب الرجال تزيل ولاقيتها شهباً تخطر بالقنا وشعبة يدعى وسطها والسمول وأبصرتها وسط البيوت كأنها إذا برقت في عارض الصبح أغيل وغودر وسط القوم لما اصطففتم ثلاثة رهطٍ أعرجان وأحول قالوا: وكذلك يقال في بارق أن الأعمى والأعرج فيهم كثير ولذلك قال حشية: وقال الصحيح للأعرج ذكرت الاعوجاج فمدحته وقلت: ليس الشأن في الاستقامة والاعوجاج وإنما مدار الأمر على المصالح ونحن نجد جميع أعضاء الجسم إذا دخله الاعوجاج فسد كما يقال للرجل أعرج وأفحج وأفلح وأفدع وأقفد وأحنف وأصدف ومثل: خامع وظالع وفي الظهر مثل: أحدب وأزور وأبزخ وأقعس ومثل: أحنف وأعرج وأعصل وأصدف وأعقف وأجنى وفي الفم: ملقم وأضجم وأفقم وأشغى وفي العين: أشتر وأحول وأقبل وفي الأذن أخذى وأذقى وأفد وفي الضرع والثدي الحضون والشطور وفي اليد المكنع والمقفع وقد قالت مرةٌ في صفة ساق شيخ: عجبت للشيخ إذا ما اجلخا وسال غرب عينه فلخا وصار أكلا دائماً وشخا تحت رواق البيت يغشى الدخا وقال بعض الشيوخ في انحناء ظهره: لما رأت في ظهري انحناء والمشي بعد قعس إجناء أجلت وكان حبها إجلاء وجعلت ثلثي غبوقي ماء ثم تقول من بعيد هاء دحرجةً إن شئت أو إلقاء ثم تمنى أن يكون داء لا جعل الله لها شفاء مزملين على الأقتاب بزهم حقائب وعباء فيه تفنين مقدمين أنوفاً في غطائهم حجناً فلا جدعت تلك العرانين وقال الهذلي: ولو سمعوا منه دعاء يروعهم إذاً لأتته الخيل أعينها قبل وقال بشامة بن الغدير في صفة ناقته: توقر شازرةٌ طرفها إذا ما ثنيت إليها الجديلا بعينٍ كعين مفيض القداح إذا ما أفاض إليها الحويلا وقال سويد بن صامت يذكر ما كان في قريظة والنضير من الحولان والرمصان والحدب: قل لليهودي إن اللؤم حالفكم من قبل عادٍ فأخفوا الشخص واقتصدوا حولٌ ورمص لئام في مجالسهم منهم خنازير أهل الأرض والقرد وأحدب الظهر ما ترجى مروءته مشوه الخلق في أطرافه أود وأنشد أبو الرديني العكلي في الأعصل والمعوج: يا صاحبي حملاه ما حمل ولا تخافا جفوتي ولا بخل وذكروا أن أخوين من أهل اليمامة أو من بعض بلاد النخل كان أحدهما صاحب إبل والآخر صاحب نخل فقال صاحب الإبل يفخر على صاحب النخل فلما أراد الزراية على الفسيل وتهجين شأنها بأنها مقيمة لا تبرح ولا تمشي ولا تتصرف جعلها عرجاً فقال: ألهاك عن سوق المخاض الثبج وبدها لغائطٍ ملتج أحوى كلون الليل مزمئج تنبت أولات الأشاء العرج محنبات كسبايا الزنج فرد عليه صاحب النخل فقال: إني وجدت النفس في حياضها والجدول العاسل من فراضها خيراً من القعد أو اعتضاضها ونزوات القلب من أمراضها كوم الذرا لم تثن من إباضها ولم يحوط خشية ارفضاضها ومن العرجان الطائي وخطب امرأة فشكت إلى جاراتها وقالت: أيخطبني أعرج! فقال: تشكو إلى جاراتها وتعيبني فقالت معاذ الله أنكح ذا الرجل فكم من صحيح لو يوازن بيننا لكنا سواء أو لمال به حملى والأعرج الطائي هو الذي يقول: فكونوا كداعي كرة بعد فرة ألا رب من قد فر ثمت أقبلا فإن أنتم لم تفعلوا فتبدلوا بكل سنانٍ معشر الغوث مغزلا وبالدرع ذات الفرج درجاً وعيبةً وبالترس مرآةً وبالسيف مكحلا وأعطوهم حكم الصبي بأهله وإني لأرجو أن يقولوا بأن لا وحكم الصبيان مضروب به المثل وقال الآخر: ولا تحكما حكم الصبي فإنه كثير على ظهر الطريق مجاهله ومن العرجان الأشراف وأصحاب الولايات الحكم بن أيوب الثقفي ولاه الحجاج البصرة ثلاث مرات فلما كان أيام يزيد ابن المهلب وصالح بن عبد الرحمن قتل في العذاب. ومن العرجان محمد بن ثابت مولى نصير أتلف الناس لدرهم وأبصرهم بكل شكل وزي ولباس وفرشة ومركب وأداة ومن لم ير فيه متنزهاً وأحمد بن خلف البريدي لم ير نزهة قط. وكل ذي رجلين في الأرض وكل ذي أربع إذا قطعت واحدة أو انكسرت واحدة فإنه يمشي على الأخرى شيئاً قليلاً كان أو كثيراً وإن كان ذلك على التحامل والوثوب على رجل واحدة أو على ثلاث إلا النعامة من بين جميع الخلق فإن الظليم متى انكسرت إحدى رجليه لم يبرح مكانه أبداً مات أو عاش. وأنشدنا ابن الأعرابي أو بعض إخواني من النحويين الثقات لبعض الأعراب يخاطب امرأةً في جفائها بأخيه وكان اسم أخيه رحبة: أرحبة عني تطردين تبددت بلحمك طير طرن كل مطير قفي لا تزلي زلةً ليس بعدها جبور وزلات النساء كثير فإني وإياه كرجلي نعامةٍ على كل حالٍ من غنىً وفقير وذكر العرج إذا عم أهل البيت وجرى القوم منه على عرقٍ أو غير ذلك من العلل والآفات كان بنو الحذاء عرجاً وكانت أرجلهم معوجة شديدة الاعوجاج فقال بشر بن أبي خازم: لله در بني الحذاء من نفرٍ وكل جار على جيرانه كلب إذا غدوا وعصى الطلح أرجلهم كما تنصب وسط البيعة الصلب قال الأصمعي: عصى الطلح وأغصانه أشد الأغصان اعوجاجاً فوصف أرجلهم بها ومن ذلك قول البطين لرجل من بني تغلب: موقع الوجه قليل الصفح له كلامٌ كعصى الطلح لأنه كان معوج الكلام مخرجه على غير الاستقامة وأنشدني أبو الرديني العكلي: فتىً كان يعلو مفرق الحق قيله إذا الخطباء الصيد عصل قيلها وبينا بيان بن سمعان في غرفة بالمدائن مع أصحابه وهو يخبرهم بما يكون من الملاحم ومر به رجلٌ أعور سكير فقال: نعم والله لا تنقضي الفتنة حتى يملك هذا الأعور أعنة الخيل إذ أشرف رجل منهم فرأى رجلاً على الباب في زي السلطان وكان الرجل رسول صاحب الخراج إلى رب الدار ولم يكن رسول السلطان إليهم فقال المشرف: أتيتم قد جاءتكم رسل السلطان فتطافروا الجدران وسقط بيان بن سمعان فانكسر ساقه وتهشم وجهه فلما علموا أن الرسول لم يكتب بسلطان وأنه إنما جاء الي رب الدار تراجعوا فقال له بعضهم: أنت تخبرنا عن الأمور الكائنة ولا تعلم بشأن هذا الرجل حتى قتلت نفسك قال: قد عرفت شأنه ولكنني أردت أن أبلو أخباركم فقال معدان الأعمى وهو أبو السري الشميطي - من أهل المازج والمديبر - يذكر بيان في قصيدته التي يذكر فيها أصناف الغالية وغيرهم ممن خالف قول الشميطية: والذي طفف الجدار من الرع - ب وقد بات قاسم الأنفال يعد الأعور المدامن سكراً أن سيقتاد ضمراً كالسعالي وإليه مع الخزائن طراً نقمات الورى وقود الرعال فغداً خامعاً بوجه هشيمٍ وبساق كعود طلح بال أناس ترى الأفخاذ منهم بسوقها مرادى سفينٍ في البطائح تمهر وصف اعوجاج سوق هؤلاء العرجان بالمرادى إذا رأيتها فإنك لا ترى المرادى إلا وهي معوجة في العين أو متكسرة وقوله: تمهر يريد تسبح وذلك لأن الماهر هو السابح. وكان زيد بن عمارة صاحب البريد بالأهواز أعرج من رجليه جميعاً وكانت ساقه شديدة الاعوجاج فقال أبو الشمقمق: رجل زيد بن عماره مثل مفتاح مناره لأن مفاتيح المزاليج أشد أعوجاجاً من القسى الفارسية. وبنو كابية بن حرقوصٍ صلعانهم كثيرٌ فقال القائل: أنتم بنو كابية بن حرقوص كاكم هامته كالأفحوص ولذلك قاال الآخر لبنى حمان: أجشةٌ خلقت في صدر أولكم أم كلكم يا بني حمان مزكوم وقال الآخر: نحن بنو جعدة قرعٌ صياب فطحٌ أباهيم عراض الأعقاب وقال نهيك بن أساف: في يوم غرب وماء البئر مشترك وفي مباركها الجون المصابيح يسعى بها بازلٌ فتخ قوائمه كأنهن إذا استقبلته روح والفتخ والفطح سواءٌ وقال أبو زبيد في صفة الأسد: فيضرب بالشمال إلى حشاه وقد نادى فأخلفه الأنيس بسمر كالمحاجن في فتوخ يقيها قضة الأرض الدخيس لأن الأسد وأشباه الأسد إذا وطئت الأرض دخلت أظفارها في أكمام فهي لا تمس الأرض فتأكلها فهي أبداً مصونةٌ كأنها حراب مذربة وكذلك ناب الأفعى إذا فتحت فاها فإن نابها في كم وهي كالغلاف يقال له: نابٌ أغلف فذلك قال الشاعر وهو جاهلي: فابعث له في بعض أعراض اللمم لميمةً من حنشٍ أعمى أصم قد عاش حتى هو ما يمشي بدم فكلما أفضل منه الجوع شم حتى إذا أمسى أبو عمرو ولم تمس به داهيةً ولا سقم قام وود بعدها أن لم يقم ولم يقم لإبل ولا غنم حتى دنا من رأس نضناض أصم فخاضه بين الشراك والقدم ليس إذا قلتم أبونا وأمنا هناك مدان ولا متقارب ولكن أبوكم فقعسٌ قد علمتم ومنصبكم إن عدتم في المناصب فها هذه أقدامنا في نعالكم وآنفنا بين اللحي والحواجب وإعطاؤنا في خيمنا وإباؤنا إذا ما أبينا لا ندر لغاصب وقال في ذلك مرارٌ الأسدي: رأيت بني خفافة من عقيل كرام الناس مشتبهي النعال كمثل بني أمية في قريش لكل قبيلة منهم عوالي وقال في العراق والإعداء ونزع الشبه: إذا أردت امرأة تعليها كريمةً فانظر إلى أخيها يخبرك عنها وإلى أبيها فإن أشباه أبيها فيها كما قال ابن الدمينة: إذا كنت مرتاداً لنجلك أمه بنفسك فانظر من أبوها وخالها فإنهما منها كما هي منهما كما قيس من نعل بنعل مثالها تقارب من آبائه أمهاته إلى نسبٍ أدنى من الشبر واحد بني أخوات أنكحوهن إخوةً مشاغرةً فالحى للحي والد وقال آخر في التسوية بينهم في موضع الذم والهجاء: سواسٍ كأسنان الحمار فلا ترى لذي شيبةٍ منهم على ناشئٍ فضلا وقال الهيثم: الزرقة في همدان فاشية ولذلك قال الشاعر: وما أنزل الكذاب من حل مالنا ولا الزرق من همدان غير شريد وقال آخر: إذا ما قلت أيهم لأي تشابهت المناكب والرءوس وقال آخر: إذا ما قيل أي الناس شر فشر الناس من ولد الزبير كبيرهم وطفلهم سواءٌ هم الجماء في اللؤم الغفير ثم من هذا الباب إلا أنه من المدح قوله: هينون لينون أيسارٌ ذوو يسرٍ سواس مكرمةٍ أبناء أيسار من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري فأما الذي يجعل أولاد المكدين عمياناً وعرجاناً وعمشاً وحدباً فهو يسمى المشعب فلا أدري أيهم أعظم كفراً وأقسى قلباً الآباء أو الأمهات الذين يسلمون أولادهم إلى المشعب وهم أطفال حتى يعمي أبصارهم ويعرج أرجلهم ويزمنهم ويشوه بهم أو المشعب نفسه الذي ترك كل صناعةٍ في الأرض وتعلم هذه الصناعة فجعلها مكسبه التي لا يفارقها وأنا رأيت من هذه الصفة جماعةً قد أزمنوا أولادهم وكتبت عنهم تصنيف " المكدين ". وباب آخر ونحن ذاكرون إن شاء الله كل من كان عرجه من قبل قطع رجله في الحرب وفي غير ذلك وكل أقطع وأحدب ومقعد وآدر وأعسر وأشباه ذلك والأجذم والأقطع سواءٌ قال عنترة: فترى الذباب بها يغني وحده هزجاً كفعل الشارب المترنم غرداً يحك ذراعه بذراعه فعل المكب على يديه الأجذم يريد: فعل الأجذم المكب على الزناد ويريد: المقطع اليدين ومن ذلك قول إياس بن غسان التغلبي حين قطعت يده يوم البشر: قد علمت قيس ونحن نعلم أن الفتى يضرب وهو أجذم وقطعت رجلا عبد الله بن وهب الراسبي إمام الخوارج فقاتل وهو يقول: الفحل يحمي شوله معقولا وقال أخر شعراً في هذا المعنى وهو قوله: رجل الفتى يمشي بها وبها يساعي من سعى فإذا أصيبت رجله ألف القعود وأسرعا وقطعت في الحرب رجل حاتم بن عتاب بن قيس بن الأعور بن قشير وهو الذي كان ينشد رجله وهو يقاتل فسمي ناشد رجله وهو الذي كان يحجل يوم اليرموك على الأخرى ويقاتل الروم وذهب إلى قدر زيت تغلي فأدخل رجله فيها لتكويها ويقطع عنها النزف وقال شاعرهم: أبو حمل أعني ربيعة لم يزل لدن شب حتى مات في الحمد راغبا ومنا ابن عتاب وناشد رجله ومنا الذي أدى إلى الحرب حاجبا ومن بني قيس بن ثعلبة عمر بن عبد الله ذو الكف الأشل وقد رأس وكان سيداً وهو يقول: يمدهم بالماء لا لهوانهم ولكن إذا ما ضاق أمر توسعا ومنهم الأجذم أبو ربيع بن عمرو بن الأجذم رأس الناس يوم عبيس والأزارقة. وممن شلت يده وبقي كذلك عمر بن وازع الحنفي ضربه دلم بن صامت بن مالك أحد بني الحارث بن نمير فقال النميري: نحن صبحنا عمراً حين ظلم ملمومةً ذات غبار وقتم فيها غتيم ورياح ودلم ندقهم دقاً كنثيج الغتم وقال دلم بن صامت: أنا النميري الذي عمى عمر يرفع من أبصارهم فوق البصر مبارك الراية مرزوق الظفر بالطعن والشدات أجواف الثغر حتى يكون الناس أبناء مضر وخبرني صديق لي قال: رأيت أعرابياً مقطوع يد اليمنى ورجل اليسرى وهو يمشي على عصا ذات زج وأنشدني لنفسه: الله يعلم أني من رجالهم وإن تخدد عن متني أطماري وإن رزئت يداً كانت تجملني وإن مشيت على زج ومسمار وقال الآخر وقدموه لتقطع يده: يدي يا أمير المؤمنين أعيدها بك اليوم أن تلقي مكاناً يشينها وقال جحدر اللص لعياش الضبي: أعياش إذ وطنت نفسك فاصطبر غداً لملماتٍ سباً وسعير وأنت قطيع الرجل تمشي على العصا وكفك من عظم اليمين جذير وأحموقة وطنت نفسك خالياً بها وحماقات الرجال كثير فإن وطن الضبي نفساً لئيمةً على الذل ما نفسي لها بصبور قال: وقطعت بنو تغلب يمين عمير بن الحباب قبل أن ترضخه بالحجارة وتقتله قتله عاصم بن الأجذم الملعي. قال أبو عبيدة: ولكن زياداً لما كان ابنه من أخيه عاصم أضيف إليه فمنهم الأجذم وأبو عاصم. ومنهم عمير بن الحباب ويدل على ذلك قول الجحاف بن حكيم السلمي: ولقد وجدت على عمير حرةً برد الغليل وحرها لم يبرد قطع النصارى رأسه ويمينه طلب الإله للحمه المتبدد ومنهم حكيم بن جبلة أحد بني عثمان بن وديعة بن عبد القيس شهد قتل عثمان وزعم أنه الذي جاء بالزبير بن العوام إلى علي حتى بايعه وهو الذي يقول: رقابٌ كالمآجن خاظياتٌ وأستاهٌ على الأكوار كوم قتل يوم الزابوقة بالبصرة مع ابنه الأسرف وأخيه رعل فقالت أمه: ليس الرزية بالتنبال تفقده بل الرزية مثل الرعل والحكم قالوا: قطعت رجله بفخذها فتناولها فرمى بها قاطع رجله فكبده بها فسقط فزحف إليه حتى ذبحه ثم استرخى من النزف فاتكأ على قتيله وهو قاطع رجله فمر به رجل فقال: من بك قال: وسادي. فهذا مما ينكره أصحاب الحرب وأعجب منه حديث أبي عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء فإن كان أبو عبيدة قد صحح هذا الخبر عن أبي عمرو فإنا لله وإنا إليه راجعون. قالوا: ولما أثبت ربيعة بن مكدم وهو على فرسه قتله نبيشة بن حبيب قال للظعن اللواتي معه: اذهبن فإني أحميكن ما دمت واقفاً على ظهر فرسي ولا يتبعونكم ما داموا يرون سواد شخصي وإن كنت ميتاً قال: فلم يتبعوهن لما رأوه منتصباً. قال أبو عبيدة قال أبو عمرو: ما نعلم قتيلاً ميتاً حمى ظعائن غير ربيعة ولو كان الأمر كما حدثوا لما كان التي خص بها سليمان بن داود فضيلةً على حال ربيعة بن مكدم قال الله عز وجل: فهذا إنما كان شيئاً خص الله به سليمان وهو من علامات النبيين وبرهانات المرسلين فأما ما ترويه رواة السوء من شأت المغيرة بن الفزر ومردويه كرداني بالأهواز فهو من المحال الذي لا يخيل على ذي عقل قالوا: التقيا فاختلفا ضربتين فضرب المغيرة وسطه فمن حدته وجودته ومن شدة ضربته وقوته مر السيف في وسطه حتى نفذ من الجانب الآخر والمضروب لم يشعر به ثم قال المضروب للمغيرة: ما صنعت شيئاً قال المغيرة: فإن كنت صادقاً فتحرك فلما تحرك تباين نصفاه فسقط أحدهما عن يمين الفرس والآخر عن يساره. فهذا من أحاديث الخرافات وليس يحتمل هذا الضرب من الأحاديث إلا من لا علم له. وهم يزعمون أن حلحلة بن أشيم الفزاري لما قدموه لتضرب عنقه قيل له: اصبر حلحلة قال: أصبر من عود بد فيه جلب وقال: اصبر حلحلة قال: أصبر من ذي ضاغط عركرك ألقي بواني زوره للمبرك فلما ضربوا عنقه خطا خطوتين ليريهم أن عقله معه. وزعموا أن هدبة بن خشرم العذري لما قيل له: أجزعت من القتل قال: إن مددت إحدى رجلي وقبضت الأخرى. وهذا الضرب من الأحاديث لا يصدق به إلا جاهل. ومن العرجان ثم من علماء المتكلمين ومن الدهاة المناكير ومن المطعمين وأصحاب القرى ممن كان يقرى الليل كله كلثوم بن حبيب بن أنيف أحد بني امرئ القيس بن تميم رئيس الشمرية بعد أبي شمر وقد جمع بينه وبين أبي الهذيل وكتب الكتب الجياد وهو الذي اختاره محمد المخلوع مع سعيد بن جبير الحميري في تقريب ما بينه وبين المأمون وكان جده أنيف من الدعاة أيام ظهر السواد وكان يكنى أبا عمرو. ومن الحدب: سيار بن رافع قطعت يده في بعض قلاع فارس وهو الذي يقول في أوفى بن موألة حين عرج: رأيت أوفى بعيد الشيب من كثبٍ في الدار يمشي على رجل من الخشب جعلت للعرج مجلداً لم يكن لهم وللقصار مقالاً آخر الحقب وكان أوفى قصيراً. ومنهم زيد بن صوحان العبدي الخطيب الفارس القائد وفي الحديث المرفوع: " يسبقه عضوٌ منه إلى الجنة ". وزيدٌ هو الذي قال لعلي بن أبي طالب رحمة الله عليهما: إني مقتول غداً قال: ولم قال: رأيت يدين في المنام حتى نزلت من السماء فاستشلت يدي فلما قتله عميرة بن يثربي مبارزةً ومر به علي بن أبي طالب وهو مقتول فوقف وقال: أما والله ما علمتك إلا وبنو صوحان كلهم خطيب إلا أن صعصعة كان أعلاهم في الخطابة وذكروا عن سلام أبي المنذر قال: تكلم زيد بن صوحان فجعل أعرابي يسمع كلامه ويتعجب ثم قال: إن كلامك ليعجبني وإن يدك لتريبني فقال: إنها اليسرى يا أعرابي وهو الذي قال: من يشتري سيفي وهذا أثره قال: ولما قطعت يد زياد بن عطارد بن زياد جعل السليك الخويلدي ينشد يده وهو يقاتل ويقول: كيف تراني والفتى عطاردا أذود من حنيفة المواردا أذود منهم سرعاناً واردا أنشد كفا ذهبت وساعدا أنشدها ولا أراني واجدا وقال زياد ومر به مقتولاً: قد يتمت بنتي وآمت كنتي وشعثت بعد الدهان لمتي الأنصاري قال: حدثنا حميد عن أنس أن رهطاً من عكل وعرينة تقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من ألبانها وأبوالها " ففعلوا فصحوا فقتلوا الراعي واستاقوا الإبل وخرجوا مرتدين فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الشمس حتى ماتوا. قال: وحدثنا زيد بن الحباب قال: ثنا أبو هلال عن قتادة عن أنس قال: لما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحاب اللقاح ما صنع نزلت: وقال أبو الدهماء في الباب الأول: يا للكواعب يا دهماء قد جعلت تزور عني ويلقى دوني الحجر لا أسمع الصوت حتى أستدير له ليلاً طويلاً يناغيني له القمر وقال: وكنت أمشي على رجلين معتدلاً فصرت أمشي على رجل من الشجر وقال رجل من بني عجل: وشاني واشٍ عند ليلى سفاهةً فقالت له ليلى مقالة ذي عقل وخبرها أني عرجت فلم تكن كورهاء تجتر الملامة للبعل وما بي من عيب الفتى غير أنني جعلت العصا رجلاً أقيم بها رجلي وقد جعلت إذا ما قمت أوجعني ظهري وقمت قيام الشارف الظهر ومنهم كردويه العسر رأس بكل كورة سبذان كان أيمن فلما قطعت يمينه في الحرب استعمل يساره فمرن حتى كأن لم يزل أعسر لم يضرب بعمود أحداً قط إلا قتله وله حديث في كتاب " العرب والموالي ". ومنهم اصطاث الرومي صديق أبي عمارة قاتل باليسار وشد ترسه على يمينه المقطوعة فكأنه لم يزل رجلاً أعسر.
|