الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن ***
{لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فِي " الْبَقَرَةِ " (الْآيَةَ: 221)، وَ " إِبْرَاهِيمَ " (الْآيَةَ: 25)، وَ " الْقَصَصِ " ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ (43- 46- 51)، وَ " الزُّمَرِ " (الْآيَةَ: 27)، وَ " الدُّخَانِ " (الْآيَةَ: 7). {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} فِي " مَرْيَمَ " (الْآيَةَ: 65)، وَ " الشُّعَرَاءِ " (الْآيَةَ: 24)، وَ " الصَّافَّاتِ " (الْآيَةَ: 5)، وَ " ص " مَوْضِعَانِ (الْآيَةَ: 10- 66)، وَ " الزُّخْرُفِ " (الْآيَةَ: 85)، وَ " الدُّخَانِ " (الْآيَةَ: 7). " الْمَرْأَةُ " مَكْتُوبَةٌ بِالتَّاءِ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ: فِي " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 35)، وَفِي " يُوسُفَ " مَوْضِعَانِ: {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} (30- 51)، وَفِي " الْقَصَصِ ": {امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} (الْآيَةَ: 9)، وَفِي التَّحْرِيمِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ (فِي الْآيَةِ 10 مَوْضِعَانِ وَ 11).
النَّفْعُ قَبْلَ الضُّرِّ فِي " الْأَنْعَامِ " (الْآيَةَ: 71)، وَ " الْأَعْرَافِ " (الْآيَةَ: 188)، وَ " يُونُسَ " (الْآيَةَ: 106)، وَ " الرَّعْدِ " (الْآيَةَ: 16)، وَ " الْأَنْبِيَاءِ " (الْآيَةَ: 66)، وَ " الْفُرْقَانِ " (الْآيَةَ: 55)، وَ " الشُّعَرَاءِ " (الْآيَةَ: 73)، وَ " سَبَأٍ " (الْآيَةَ: 42). يَتَذَكَّرُ بِتَاءٍ فِي " الرَّعْدِ " (الْآيَةَ: 19)، وَ " طه " (الْآيَةَ: 44)، وَ " الْمَلَائِكَةِ " (فَاطِرٍ: 37)، وَ " ص " (الْآيَةَ: 29)، وَ " الزُّمَرِ " (الْآيَةَ: 9)، وَ " الْمُؤْمِنِ " (الْآيَةَ: 13)، وَ " النَّازِعَاتِ " (الْآيَةَ: 35)، وَ " الْفَجْرِ " (الْآيَةَ: 23).
{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} بِغَيْرِ تَكْرَارِ " مَنْ " فِي " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 83)، وَ " الرَّعْدِ " (الْآيَةَ: 16)، وَفِي " بَنِي إِسْرَائِيلَ " (الْآيَةَ: 55)، وَ " مَرْيَمَ " (الْآيَةَ: 93)، وَ " الْأَنْبِيَاءِ " (الْآيَةَ: 19)، وَ " النُّورِ " (الْآيَةَ: 41)، وَ " النَّمْلِ " (الْآيَةَ: 65)، وَ " الرُّومِ " (الْآيَةَ: 26)، وَ " الرَّحْمَنِ " (الْآيَةَ: 29). {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} بِالْهَاءِ وَالْمِيمِ؛ فِي " الْأَنْعَامِ " (الْآيَةَ: 37)، وَ " الْأَعْرَافِ " (الْآيَةَ: 131)، وَ " الْأَنْفَالِ " (الْآيَةَ: 34)، وَ " يُونُسَ " (الْآيَةَ: 55)، وَ " الْقَصَصِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَةَ: 13 وَ 57)، وَ " الزُّمَرِ " (الْآيَةَ: 49)، وَالَّذِي ذَكَرَهُ فِي " الدُّخَانِ " (الْآيَةَ: 39)، وَ " الطُّورِ " (الْآيَةَ: 47). {يَكُ} بِالْيَاءِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ بَعْدَ الْكَافِ فِي " الْأَنْفَالِ " (الْآيَةَ: 53)، وَ " التَّوْبَةِ " (الْآيَةَ: 74)، وَ " النَّحْلِ " (الْآيَةَ: 120)، وَ " مَرْيَمَ " (الْآيَةَ: 67)، وَ " الْمُؤْمِنِ " مَوْضِعَانِ، وَفِي " الْمُدَّثِّرِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَةَ: 43 وَ 44)، بِالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ، وَفِي الْقِيَامَةِ: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً} (الْآيَةَ: 37).
{وَلَمَّا} بِالْوَاوِ فِي " هُودٍ " (الْآيَاتُ: 58- 77- 94)، وَ " يُوسُفَ " (الْآيَاتُ: 22- 58- 65- 69- 94)، وَفِي غَيْرِهِمَا بِالْفَاءِ: فِي " هُودٍ " (الْآيَاتُ: 66- 70- 74- 82)، أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ، وَفِي " يُوسُفَ " تِسْعَةٌ (الْآيَاتُ: 15- 28- 31-- 63- 70- 80- 88- 96). {أَنْ لَا} تُكْتَبُ فِي الْمُصْحَفِ بِالنُّونِ مُنْفَصِلَةً، عَشَرَةٌ: فِي " الْأَعْرَافِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَاتُ: 105، 169)، وَ " التَّوْبَةِ " (الْآيَةَ: 118)، وَفِي " هُودٍ " مَوْضِعَانِ (الْآيَاتُ: 14، 26)، وَ " الْحَجِّ " (الْآيَةَ: 26)، وَ " يس " (الْآيَةَ: 60)، وَ " الدُّخَانِ " (الْآيَةَ: 19)، وَ " الْمُمْتَحِنَةِ " (الْآيَةَ: 12)، وَ " الْقَلَمِ " (الْآيَةَ: 24).
أَحَدَ عَشَرَ {جَنَّاتِ عَدْنٍ} فِي " التَّوْبَةِ " (الْآيَةَ: 72)، وَ " الرَّعْدِ " (الْآيَةَ: 23)، وَ " النَّحْلِ " (الْآيَةَ: 31)، وَ " الْكَهْفِ " (الْآيَةَ: 31)، وَ " مَرْيَمَ " (الْآيَةَ: 61)، وَ " طه " (الْآيَةَ: 76)، وَ " الْمَلَائِكَةِ " (فَاطِرٍ: 33)، وَ " ص " (الْآيَةَ: 50)، وَ " الْمُؤْمِنِ " (غَافِرٍ: 8)، وَ " الصَّفِّ " (الْآيَةَ: 12)، " وَلَمْ يَكُنِ " (الْبَيِّنَةِ: 8). {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فِي " الْبَقَرَةِ " (الْآيَةَ: 116)، وَ " النِّسَاءِ " (الْآيَةَ: 170)، وَ " الْأَنْعَامِ " (الْآيَةَ: 12)، وَ " يُونُسَ " (الْآيَةَ: 55)، وَ " النَّحْلِ " (الْآيَةَ: 52)، وَ " النُّورِ " (الْآيَةَ: 64)، وَ " الْعَنْكَبُوتِ " (الْآيَةَ: 52)، وَ " لُقْمَانَ " (الْآيَةَ: 26)، وَ " الْحَدِيدِ " (الْآيَةَ: 1)، وَ " الْحَشْرِ " (الْآيَةَ: 24)، وَ " التَّغَابُنِ " (الْآيَةَ: 4). {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} فِي " النِّسَاءِ " ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: (الْآيَةَ: 57، 122، 169)، وَ " الْمَائِدَةِ " (الْآيَةَ: 119)، وَ " التَّوْبَةِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 22، 100)، وَ " الْأَحْزَابِ " (الْآيَةَ: 65)، وَ " التَّغَابُنِ " (الْآيَةَ: 9)، وَ " الطَّلَاقِ " (الْآيَةَ: 11)، وَ " الْجِنِّ " (الْآيَةَ: 23)، وَ " الْبَرِيَّةِ " (الْبَيِّنَةِ: 8). وَتِلْكَ بِالْوَاوِ فِي " الْبَقَرَةِ " (الْآيَةَ: 230)، وَ " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 140)، وَ " الْأَنْعَامِ " (الْآيَةَ: 83)، وَ " هُودٍ " (الْآيَةَ: 59)، وَ " الْكَهْفِ " (الْآيَةَ: 59)، وَ " الشُّعَرَاءِ " (الْآيَةَ: 22)، وَ " الْعَنْكَبُوتِ " (الْآيَةَ: 43)، وَ " الزُّخْرُفِ " (الْآيَةَ: 72)، وَ " الْمُجَادَلَةِ " (الْآيَةَ: 4)، وَ " الْحَشْرِ " (الْآيَةَ: 21)، وَ " الطَّلَاقِ " (الْآيَةَ: 1). {نِعْمَتَ اللَّهِ} كُتِبَتْ بِالتَّاءِ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا: فِي " الْبَقَرَةِ ": {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ} (الْآيَةَ: 231)، وَفِي " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 103)، وَ " الْمَائِدَةِ " (الْآيَةَ: 11)، وَ " إِبْرَاهِيمَ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 28 وَ 34)، وَ " النَّحْلِ " ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ (الْآيَاتُ: 72 وَ 83 وَ 114)، وَ " لُقْمَانَ " (الْآيَةَ: 31)، وَ " فَاطِرٍ " (الْآيَةَ: 3)، وَ " الطُّورِ " (الْآيَةَ: 29). فِي مَا كُتِبَتْ مُنْفَصِلَةً فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا: فِي " الْبَقَرَةِ ": {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (الْآيَةَ: 234). وَفِي " الْمَائِدَةِ ": {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} (الْآيَةَ: 48). وَفِي " الْأَنْعَامِ ": {فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} (الْآيَةَ: 145)، وَفِيهَا أَيْضًا: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} (الْآيَةَ: 165). وَفِي " الْأَنْبِيَاءِ ": {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (الْآيَةَ: 102). وَفِي " النُّورِ " {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} (الْآيَةَ: 14). وَفِي " الشُّعَرَاءِ ": {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَا هُنَا آمِنِينَ} (الْآيَةَ: 146). وَفِي " الرُّومِ " {شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} (الْآيَةَ: 28). وَفِي " الزُّمَرِ ": {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (الْآيَةَ: 3). وَفِيهَا أَيْضًا: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا} (الْآيَةَ: 46)، وَفِي " الْوَاقِعَةِ ": {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الْآيَةَ: 61).
{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، لَيْسَ فِيهَا " خَالِدِينَ " فِي " الْبَقَرَةِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 25، 266)، وَ " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 195)، وَ " الْمَائِدَةِ " (الْآيَةَ: 12)، وَ " الرَّعْدِ " (الْآيَةَ: 35)، وَ " النَّحْلِ " (الْآيَةَ: 31)، وَ " الْحَجِّ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 14، 23)، وَ " الْفُرْقَانِ " (الْآيَةَ: 10)، وَ " الزُّمَرِ " (الْآيَةَ: 20)، وَ " الْقِتَالِ " (الْآيَةَ: 12)، وَ " الْفَتْحِ " (الْآيَةَ: 5)، وَ " الصَّفِّ " (الْآيَةَ: 12)، وَ " التَّحْرِيمِ " (الْآيَةَ: 8)، وَ " الْبُرُوجِ " (الْآيَةَ: 11). {السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}، بِالتَّوْحِيدِ فِي " الْبَقَرَةِ " (الْآيَةَ: 164)، وَ " الْأَعْرَافِ " (الْآيَةَ: 96)، وَ " يُونُسَ " (الْآيَةَ: 31)، وَ " الْأَنْبِيَاءِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 64، 75)، وَفِي " الْحَجِّ " (الْآيَةَ: 70)، وَ " النَّمْلِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 64، 75)، وَ " الرُّومِ " (الْآيَةَ: 25)، وَ " سَبَأٍ " (الْآيَةَ: 9)، وَ " الْمَلَائِكَةِ " (فَاطِرٍ: 3)، وَ " ص " (الْآيَةَ: 27)، وَ " الدُّخَانِ " (الْآيَةَ: 29)، وَ " الذَّارِيَاتِ " (الْآيَةَ: 23)، وَ " الْحَدِيدِ " (الْآيَةَ: 21).
{أَكُ} {نَكُ} وَ {يَكُ} وَ {تَكُ} بِحُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِهَا، وَبِغَيْرِ نُونٍ فِي آخِرِهَا. فِي " النِّسَاءِ ": {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً} (الْآيَةَ: 40). وَ " الْأَنْفَالِ ": {لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً} (الْآيَةَ: 53). وَفِي التَّوْبَةِ: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} (الْآيَةَ: 74). وَفِي " هُودٍ " مَوْضِعَانِ: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ}، {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ} (الْآيَتَانِ: 17، 109). وَفِي " النَّحْلِ " مَوْضِعَانِ: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، {وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ} (الْآيَتَانِ: 120، 127). وَفِي " مَرْيَمَ " ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: وَفِي " لُقْمَانَ " (الْآيَةَ: 16)، وَ " غَافِرٍ " أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ (الْآيَاتُ: 28 مَرَّتَانِ، 50، 85)، وَفِي " الْمُدَّثِّرِ " مَوْضِعَانِ (الْآيَتَانِ: 43، 44) وَفِي " الْقِيَامَةِ " (الْآيَةَ: 37).
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} عَلَى التَّوْحِيدِ: فِي " الْبَقَرَةِ " (الْآيَةَ: 248)، وَ " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 49)، وَ " هُودٍ " (الْآيَةَ: 103)، وَ " الْحِجْرِ " (الْآيَةَ: 77)، وَفِي " النَّحْلِ " خَمْسَةُ أَحْرُفٍ بِالتَّوْحِيدِ (الْآيَاتُ: 11، 13، 65، 67، 69)، وَفِي " الشُّعَرَاءِ " ثَمَانِيَةٌ (الْآيَاتُ: 8، 67، 103، 121، 139، 158، 174، 190)، وَفِي " النَّمْلِ " (الْآيَةَ: 52)، وَ " الْعَنْكَبُوتِ " (الْآيَةَ: 44)، وَ " سَبَأٍ " (الْآيَةَ: 9).
وَذَلِكَ {نَزَلَ} وَ {نَزَّلَ} وَ {نُزِّلَ}. فِي " الْبَقَرَةِ ": {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ} (الْآيَةَ: 176). وَفِي " آلِ عِمْرَانَ ": {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} (الْآيَةَ: 3). وَفِي " النِّسَاءِ " مَوْضِعَانِ: {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} (الْآيَةَ: 136)، {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} (الْآيَةَ: 140)، وَفِي " الْأَنْعَامِ ": {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} (الْآيَةَ: 37). وَفِي " الْأَعْرَافِ " مَوْضِعَانِ: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (الْآيَةَ: 71)، {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ} (الْآيَةَ: 196). وَفِي " الْحِجْرِ ": {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} (الْآيَةَ: 6). وَفِي " النَّحْلِ ": {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (الْآيَةَ: 44). وَفِي " بَنِي إِسْرَائِيلَ ": {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (الْآيَةَ: 105). وَفِي " الْفُرْقَانِ " ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: أَوَّلُهَا: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} (الْآيَةَ: 32)، {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} (الْآيَةَ: 25)، {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ} (الْآيَةَ: 32). وَفِي " الشُّعَرَاءِ ": {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (الْآيَةَ: 193). وَفِي " الْعَنْكَبُوتِ ": {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا} (الْآيَةَ: 63)، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ: {مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا} بِزِيَادَةِ " مِنْ " غَيْرُهُ. وَفِي " الصَّافَّاتِ ": {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} (الْآيَةَ: 177). وَفِي " الزُّمَرِ ": {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} (الْآيَةَ: 23). وَفِي " الزُّخْرُفِ " مَوْضِعَانِ: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ} (الْآيَةَ: 31)، {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} (الْآيَةَ: 11). وَفِي " الْقِتَالِ " مَوْضِعَانِ: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} (مُحَمَّدٍ: 2)، {مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ} (مُحَمَّدٍ: 26). وَفِي " الْحَدِيدِ ": {مَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} (الْآيَةَ: 16). وَفِي " تَبَارَكَ ": {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (الْآيَةَ: 9).
وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ كِتَابَهُ الْمُسَمَّى بِـ " التَّعْرِيفِ وَالْإِعْلَامِ "، وَتَلَاهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِـ " التَّكْمِيلِ وَالْإِتْمَامِ ". وَهُوَ نَحْوُ الْمُبْهَمَاتِ الْمُصَنَّفَةِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَعْتَنِي بِهِ؛ قَالَ عِكْرِمَةُ: " طَلَبْتُ الَّذِي خَرَجَ فِي بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً". إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْحَثُ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِاسْتِئْثَارِهِ بِعِلْمِهِ؛ كَقَوْلِهِ: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} (الْآيَةَ: 60)، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ تَجَرَّأَ وَقَالَ: قِيلَ: إِنَّهُمْ قُرَيْظَةُ، وَقِيلَ: مِنَ الْجِنِّ. وَلَهُ أَسْبَابُ الْإِبْهَامِ فِي الْقُرْآنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ أُبْهِمَ فِي مَوْضِعٍ اسْتَغْنَى بِبَيَانِهِ فِي آخِرٍ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَةِ: 4)، بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} (الِانْفِطَارِ: 17) الْآيَةَ. وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَةِ: 7)، وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (النِّسَاءِ: 69). وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (الْبَقَرَةِ: 30)، وَالْمُرَادُ آدَمُ، وَالسِّيَاقُ بَيَّنَهُ. وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التَّوْبَةِ: 119)، وَالْمُرَادُ بِهِمُ " الْمُهَاجِرِينَ "؛ لِقَوْلِهِ فِي " الْحَشْرِ ": {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} (الْآيَةَ: 8)، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا الصِّدِّيقُ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ، فَقَالَ: نَحْنُ الصَّادِقُونَ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَكُونُوا مَعَنَا. أَيْ: تَبَعًا لَنَا، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّهَا دُونَهُمْ؛ لِأَنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} (الْمُؤْمِنُونَ: 50) يَعْنِي مَرْيَمَ وَعِيسَى، وَقَالَ: {آيَةً} وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ، وَهُمَا آيَتَانِ؛ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ وِلَادَتُهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ. وَالثَّانِي: أَنْ يَتَعَيَّنَ لِاشْتِهَارِهِ؛ كَقَوْلِهِ: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (الْبَقَرَةِ: 35)، وَلَمْ يَقُلْ: " حَوَّاءُ "؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَهَا. وَكَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} (الْبَقَرَةِ: 258)، وَالْمُرَادُ النَّمْرُوذُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ. وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ} (يُوسُفَ: 21)، وَالْمُرَادُ الْعَزِيزُ. وَقَوْلِهِ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} (الْمَائِدَةِ: 27)، وَالْمُرَادُ قَابِيلُ وَهَابِيلُ. وَقَوْلِهِ: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (الْأَنْعَامِ: 25). قَالُوا: وَحَيْثُمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} فَقَائِلُهَا النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُهَا لِأَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَ فَارِسَ، وَتَعَلَّمَ الْأَخْبَارَ ثُمَّ جَاءَ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أُحَدِّثُكُمْ أَحْسَنَ مِمَّا يُحَدِّثُكُمْ مُحَمَّدٌ، وَإِنَّمَا يُحَدِّثُكُمْ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ. وَفِيهِ نَزَلَ: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (الْأَنْعَامِ: 93)، وَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبْرًا يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَوْلِهِ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} (التَّوْبَةِ: 108)، فَإِنَّهُ تَرَجَّحَ كَوْنُهُ مَسْجِدَ قُبَاءَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}؛ لِأَنَّهُ أُسِّسَ قَبْلَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَحَدْسُ هَذَا بِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمُدَّةُ وَالْوَقْتُ، وَكِلَاهُمَا أُسِّسَ عَلَى هَذَا مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، أَيْ: مِنْ أَوَّلِ عَامٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُرَادُ الْآيَةِ. الثَّالِثُ: قَصْدُ السَّتْرِ عَلَيْهِ؛ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي اسْتِعْطَافِهِ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَغَهُ عَنْ قَوْمٍ شَيْءٌ خَطَبَ فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ قَالُوا كَذَا وَهُوَ غَالِبُ مَا فِي الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (الْبَقَرَةِ: 100)، قِيلَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ. وَقَوْلِهِ: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى} (الْبَقَرَةِ: 108)، وَالْمُرَادُ هُوَ رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ، وَوَهْبُ بْنُ زَيْدٍ. وَقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الْبَقَرَةِ: 204). وَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} (النِّسَاءِ: 44). وَقَوْلِهِ: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (آلِ عِمْرَانَ: 72). الرَّابِعُ: أَلَّا يَكُونَ فِي تَعْيِينِهِ كَثِيرُ فَائِدَةٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} (الْبَقَرَةِ: 259)، وَالْمُرَادُ بِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ. {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} (الْأَعْرَافِ: 163)، وَالْمُرَادُ أَيْلَةُ، وَقِيلَ: طَبَرِيَّةُ. {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ} (يُونُسَ: 98)، وَالْمُرَادُ نِينَوَى. {أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} (الْكَهْفِ: 77)، قِيلَ: بَرْقَةُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} (الْأَنْعَامِ: 74)؟ قِيلَ: آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ أَيْ: دَعْ آزَرَ، وَقِيلَ: كَلِمَةُ زَجْرٍ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ اسْمُ أَبِيهِ. وَعَلَى هَذَا فَالْفَائِدَةُ أَنَّ الْأَبَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَدِّ، فَقَالَ " آزَرَ " لِرَفْعِ الْمَجَازِ. الْخَامِسُ: التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْمِيمِ، وَهُوَ غَيْرُ خَاصٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (النِّسَاءِ: 100)، قَالَ عِكْرِمَةُ: أَقَمْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَسَأَلُ عَنْهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ؛ هُوَ ضَمْرَةُ بْنُ الْعِيصِ، وَكَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ مَرِيضًا، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْهِجْرَةِ خَرَجَ مِنْهَا، فَمَاتَ بِالتَّنْعِيمِ. وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} (الْبَقَرَةِ: 274)، قِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ، فَتَصَدَّقَ بِوَاحِدٍ بِالنَّهَارِ، وَآخَرَ بِاللَّيْلِ، وَآخَرَ سِرًّا، وَآخَرَ عَلَانِيَةً. وَقَوْلِهِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (الْمَائِدَةِ: 4)، قِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ كَانَ لَهُ كِلَابٌ قَدْ سَمَّاهَا بِأَسْمَاءِ أَعْلَامٍ. السَّادِسُ: تَعْظِيمُهُ بِالْوَصْفِ الْكَامِلِ دُونَ الِاسْمِ؛ كَقَوْلِهِ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} (النُّورِ: 22)، وَالْمُرَادُ الصِّدِّيقُ. وَكَذَلِكَ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} (الزُّمَرِ: 33)، يَعْنِي مُحَمَّدًا،، وَالَّذِي {وَصَدَّقَ بِهِ} (الزُّمَرِ: 33)، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، وَدَخَلَ فِي الْآيَةِ كُلُّ مُصَدِّقٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (الزُّمَرِ: 33). السَّابِعُ: تَحْقِيرُهُ بِالْوَصْفِ النَّاقِصِ، كَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا} (النِّسَاءِ: 56)، وَقَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (الْكَوْثَرِ: 3)، وَالْمُرَادُ فِيهَا الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ. وَقَوْلِهِ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} (الْحُجُرَاتِ: 6)، وَالْمُرَادُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (الْمَسَدِ: 1)، فَذَكَرَهُ هُنَالِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَآلَهُ لِلنَّارِ ذَاتِ اللَّهَبِ.
قَدْ يَكُونُ لِلشَّخْصِ اسْمَانِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِنُكْتَةٍ؛ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي خِطَابِ الْكِتَابِيِّينَ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}، وَلَمْ يُذْكَرُوا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِهَذَا، دُونَ " يَا بَنِي يَعْقُوبَ "؛ وَسِرُّهُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ، مَوْعِظَةً لَهُمْ، وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ، سُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ، فَإِنَّ " إِسْرَائِيلَ " اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي التَّأْوِيلِ، وَلِهَذَا لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا إِلَى الْإِسْلَامِ يُقَالُ لَهُمْ: " بَنُو عَبْدِ اللَّهِ " قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ قَالَ: " يَعْقُوبَ "، وَكَانَ أَوْلَى مِنْ " إِسْرَائِيلَ "؛ لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ تَعْقُبُ أُخْرَى، وَبُشْرَى عَقَّبَ بِهَا بُشْرَى، فَقَالَ: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (هُودٍ: 71)، وَإِنْ كَانَ اسْمُ يَعْقُوبَ عِبْرَانِيًّا، لَكِنَّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيِّ، مِنَ الْعَقِبِ وَالتَّعْقِيبِ، فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْعَجَائِبِ. وَكَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ نُوحًا سَمَّاهُ بِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ عِيسَى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصَّفِّ: 6)، وَلَمْ يَقُلْ: " مُحَمَّدٌ "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمَدَ، حَمِدَ رَبَّهُ فَنَبَّأَهُ وَشَرَّفَهُ، فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَذَكَّرَهُ عِيسَى بِهِ. وَمِنْهُ: أَنَّ مَدْيَنَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ، إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيْثُ أَخْبَرَ عَنْ مَدْيَنَ قَالَ: {أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} (الْأَعْرَافِ: 85، هُودٍ: 84، الْعَنْكَبُوتِ: 36)، وَحَيْثُ أَخْبَرَ عَنِ الْأَيْكَةِ لَمْ يَقُلْ: " أَخُوهُمْ "، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا عَرَّفَهُمْ بِالنَّسَبِ، وَهُوَ أَخُوهُمْ فِي ذَلِكَ النَّسَبِ ذَكَّرَهُ، وَلَمَّا عَرَّفَهُمْ بِالْأَيْكَةِ الَّتِي أَصَابَهُمْ فِيهَا الْعَذَابُ لَمْ يَقُلْ: " أَخُوهُمْ "، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُمْ. وَمِنْهُ: {وَذَا النُّونِ} (الْأَنْبِيَاءِ: 87)، فَأَضَافَهُ إِلَى الْحُوتِ، وَالْمُرَادُ " يُونُسُ "، وَقَالَ فِي سُورَةِ " الْقَلَمِ ": {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} (الْآيَةَ: 48)، وَالْإِضَافَةُ بِـ " ذِي " أَشْرَفُ مِنَ الْإِضَافَةِ بِـ " صَاحِبِ "، وَلَفْظُ النُّونِ أَشْرَفُ مِنَ الْحُوتِ، وَلِذَلِكَ وُجِدَ فِي حُرُوفِ التَّهَجِّي كَقَوْلِهِ: {ن وَالْقَلَمِ} (الْقَلَمِ: 1)، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَسَمٌ، وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ مَا يُشَرِّفُهُ بِذَلِكَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (الْمَسَدِ: 1)، فَعَدَلَ عَنِ الِاسْمِ إِلَى الْكُنْيَةِ؛ إِمَّا لِاشْتِهَارِهِ بِهَا، أَوْ لِقُبْحِ الِاسْمِ، فَقَدْ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ اللَّهُ قَبِيلَةً مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ بِاسْمِهَا إِلَّا قُرَيْشًا؛ سَمَّاهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ لِيَبْقَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ ذِكْرُهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (قُرَيْشٍ: 1).
أَنَّهُ قَدْ بَالَغَ فِي الصِّفَاتِ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ إِنْسَانًا بِعَيْنِهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (الْقَلَمِ: الْآيَةَ: 10- 11) الْآيَةَ، قِيلَ: إِنَّهُ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ. وَقَوْلِهِ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (الْهُمَزَةِ: 1)، قِيلَ: إِنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، كَانَ يَهْمِزُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قِيلَ: لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً فِي الْقُرْآنِ وَسَمَّاهَا بِاسْمِهَا إِلَّا " مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ "؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ اسْمَهَا فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مَوْضِعًا؛ لِحِكْمَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَشْيَاخِ، قَالَ: إِنَّ الْمُلُوكَ وَالْأَشْرَافَ لَا يَذْكُرُونَ حَرَائِرَهُمْ فِي مَلَأٍ، وَلَا يَبْتَذِلُونَ أَسْمَاءَهُنَّ، بَلْ يُكَنُّونَ عَنِ الزَّوْجَةِ بِالْعُرْسِ وَالْعِيَالِ وَالْأَهْلِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا ذَكَرُوا الْإِمَاءَ لَمْ يُكَنُّوا عَنْهُنَّ، وَلَمْ يَصُونُوا أَسْمَاءَهُنَّ عَنِ الذِّكْرِ وَالتَّصْرِيحِ بِهَا، فَلَمَّا قَالَتِ النَّصَارَى فِي مَرْيَمَ وَفِي ابْنِهَا مَا قَالَتْ، صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِاسْمِهَا، وَلَمْ يُكَنِّ عَنْهَا؛ تَأْكِيدًا لِلْأُمُوَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لَهَا، وَإِجْرَاءً لِلْكَلَامِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذِكْرِ أَبْنَائِهَا، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ، وَاعْتِقَادُ هَذَا وَاجِبٌ، فَإِذَا تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ مَنْسُوبًا إِلَى الْأُمِّ اسْتَشْعَرَتِ الْقُلُوبُ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا اعْتِقَادُهُ مِنْ نَفْيِ الْأَبِ عَنْهُ، وَتَنْزِيهِ الْأُمِّ الطَّاهِرَةِ عَنْ مَقَالَةِ الْيَهُودِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ.
وَأَمَّا الرِّجَالُ فَذَكَرَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} (الْمُدَّثِّرِ: 11)، إِنَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ زَيْدًا فِي سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ السِّجِلِّ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (الْأَنْبِيَاءِ: 104).
اعْلَمْ أَنَّ سُوَرَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً، وَفِيهَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ: أَيُّ شَيْءٍ إِذَا عَدَدْتَهُ زَادَ عَلَى الْمِائَةِ، وَإِذَا عَدَدْتَ نِصْفَهُ كَانَ دُونَ الْعِشْرِينَ؟ وَقَدِ افْتَتَحَ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- كِتَابَهُ الْعَزِيزَ بِعَشَرَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْكَلَامِ؛ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنَ السُّوَرِ عَنْهَا. الْأَوَّلُ: اسْتِفْتَاحُهُ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالثَّنَاءُ قِسْمَانِ: إِثْبَاتٌ لِصِفَاتِ الْمَدْحِ؛ وَنَفْيٌ وَتَنْزِيهٌ مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ. فَالْإِثْبَاتُ نَحْوُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} فِي خَمْسِ سُوَرٍ وَ {تَبَارَكَ} فِي سُورَتَيْنِ " الْفَرْقَانِ ": {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} (الْآيَةَ: 1)، وَالْمُلْكِ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (الْآيَةَ: 1). وَالتَّنْزِيهُ نَحْوُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (الْإِسْرَاءِ: 1)، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (الْأَعْلَى: 1)، {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} (الْحَدِيدِ: 1، الْحَشْرِ: 1، وَالصَّفِّ: 1)، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} (الْجُمُعَةِ وَالتَّغَابُنِ)، كِلَاهُمَا فِي سَبْعِ سُوَرٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً، اسْتَفْتَحَتْ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ؛ نِصْفُهَا لِثُبُوتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنِصْفُهَا لِسَلْبِ النَّقَائِصِ. قُلْتُ: وَهُوَ سِرٌّ عَظِيمٌ مِنْ أَسْرَارِ الْأُلُوهِيَّةِ، قَالَ صَاحِبُ " الْعَجَائِبِ ": {سَبَّحَ لِلَّهِ} هَذِهِ كَلِمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا؛ فَبَدَأَ بِالْمَصْدَرِ مِنْهَا فِي " بَنِي إِسْرَائِيلَ "؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، ثُمَّ الْمَاضِي {سَبَّحَ لِلَّهِ} فِي " الْحَدِيدِ " وَ " الْحَشْرِ " وَ " الصَّفِّ "؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ الزَّمَانَيْنِ، ثُمَّ الْمُسْتَقْبَلِ فِي " الْجُمُعَةِ " وَ " التَّغَابُنِ "، ثُمَّ بِالْأَمْرِ فِي سُورَةِ " الْأَعْلَى " اسْتِيعَابًا لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا، وَهِيَ أَرْبَعٌ: الْمَصْدَرُ، وَالْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلُ، وَالْأَمْرُ الْمُخَاطَبُ، فَهَذِهِ أُعْجُوبَةٌ وَبُرْهَانٌ.
نَحْوُ: {الم}، {المص}، {المر}، {كهيعص}، {طه} {طس}، {طسم}، {حم}، {حم عسق}، {ق}، {ن}، وَذَلِكَ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِذَا تَأَمَّلْتَ الْحُرُوفَ الَّتِي افْتَتَحَ اللَّهُ بِهَا السُّوَرَ وَجَدْتَهَا نِصْفَ أَسَامِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ: الْأَلِفَ، وَاللَّامَ، وَالْمِيمَ، وَالصَّادَ، وَالرَّاءَ، وَالْكَافَ، وَالْهَاءَ، وَالْيَاءَ، وَالْعَيْنَ، وَالطَّاءَ، وَالسِّينَ، وَالْخَاءَ، وَالْقَافَ، وَالنُّونَ. فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً، عَدَدُ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، ثُمَّ تَجِدُهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى أَصْنَافِ أَجْنَاسِ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ وَالْمَجْهُورَةِ، وَالشَّدِيدَةِ وَالرَّخْوَةِ، وَالْمُطْبِقَةِ وَالْمُنْفَتِحَةِ، وَالْمُسْتَعْلِيَةِ وَالْمُنْخَفِضَةِ، وَحُرُوفِ الْقَلْقَلَةِ. ثُمَّ إِذَا اسْتَقْرَيْتَ الْكَلَامَ تَجِدُ هَذِهِ الْحُرُوفَ هِيَ أَكْثَرُ دَوْرًا مِمَّا بَقِيَ، وَدَلِيلُهُ: أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَمَّا كَانَتْ أَكْثَرَ تَدَاوُرًا جَاءَتْ فِي مُعْظَمِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ، فَسُبْحَانَ الَّذِي دَقَّتْ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَتُهُ. انْتَهَى. قِيلَ: وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَصْنَافِ: الشَّدِيدَةُ وَالْمُنْفَتِحَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى نِصْفَهَا، أَمَّا حُرُوفُ الصَّفِيرِ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ، لَيْسَ لَهَا نِصْفٌ، فَجَاءَ مِنْهَا: السِّينُ وَالصَّادُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الزَّايُ، وَكَذَلِكَ الْحُرُوفُ اللَّيِّنَةُ ثَلَاثَةٌ؛ ذَكَرَ مِنْهَا اثْنَيْنِ: الْأَلِفَ وَالْيَاءَ، أَمَّا الْمُكَرَّرُ وَهُوَ الرَّاءُ، وَالْهَاوِي وَهُوَ الْأَلِفُ، وَالْمُنْحَرِفُ وَهُوَ اللَّامُ، فَذَكَرَهَا وَلَمْ يَأْتِ خَارِجًا عَنْ هَذَا النَّمَطِ إِلَّا مَا بَيْنَ الشَّدِيدَةِ وَالرِّخْوَةِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ، وَهَذَا التَّدَاخُلُ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ قِسْمٍ قَبْلَهُ، وَلَوْلَاهُ لَمَا انْقَسَمَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ كُلُّهَا، وَوَهِمَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي عِدَّةِ حُرُوفِ الْقَلْقَلَةِ؛ إِنَّمَا ذَكَرَ نِصْفَهَا، فَإِنَّهَا خَمْسَةٌ، ذُكِرَ مِنْهَا حَرْفَانِ: الْقَافُ وَالطَّاءُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا جَاءَتْ عَلَى نِصْفِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؛ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِآيَةٍ فَلْيَأْخُذِ الشَّطْرَ الْبَاقِيَ، وَيُرَكِّبْ عَلَيْهِ لَفْظًا مُعَارَضَةً لِلْقُرْآنِ. وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَقَائِقِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الْمُتَهَجَّاةَ فِي أَوَّلِ السُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ حَرْفًا؛ فَالْكَافُ وَالنُّونُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَالْعَيْنُ وَالْيَاءُ وَالْهَاءُ وَالْقَافُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانَيْنِ، وَالصَّادُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَالطَّاءُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَالسِّينُ فِي خَمْسَةٍ، وَالرَّاءُ فِي سِتَّةٍ، وَالْحَاءُ فِي سَبْعَةٍ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَالْمِيمُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ، وَهُمَا: كُنْ وَاحِدٌ عَيْهَقٌ اثْنَانِ ثَلَاثَةُ ضَا *** دُ الطَّاءُ أَرْبَعَةٌ وَالسِّينُ خَمْسٌ عَلَا وَالرَّاءُ سِتٌّ وَسَبْعُ الْحَاءُ آلُ وَدَجٍ *** وَمِيمُهَا سَبْعَ عَشْرٍ تَمَّ وَاكْتَمَلَا وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً، وَجُمْلَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا، يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: " نَصٌّ حَكِيمٌ قَاطِعٌ لَهُ سِرٌّ "، وَجَمَعَهَا السُّهَيْلِيُّ فِي قَوْلِهِ: " أَلَمْ يَسْطَعْ نُورُ حَقٍّ كُرِهَ ". وَهَذَا الضَّابِطُ فِي لَفْظِهِ ثِقَلٌ، وَهُوَ غَيْرُ عَذْبٍ فِي السَّمْعِ، وَلَا فِي اللَّفْظِ، وَلَوْ قَالَ: " لَمْ يَكْرَهَا نَصَّ حَقٍّ سَطَعَ " لَكَانَ أَعْذَبَ. وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَ بِقَوْلِهِ: " طَرَقَ سَمْعَكَ النَّصِيحَةُ "، وَ " صُنْ سِرًّا يَقْطَعُكَ حِمْلُهُ "، وَ " عَلَى صِرَاطِ حَقٍّ يُمْسِكُهُ "، وَقِيلَ: " مَنْ حَرَصَ عَلَى بَطِّهِ كَاسِرٌ "، وَقِيلَ: سِرٌّ حَصِينٌ قَطَعَ كَلَامَهُ. ثُمَّ بَنَيْتُهَا ثَلَاثَةَ حُرُوفٍ مُوَحَّدَةٍ: " ص "، " ق "، " ن "، وَعَشَرَةً مَثْنَى: " طه "، " طس "، " يس "، " حم "، وَاثْنَا عَشَرَ مُثَلَّثَةَ الْحُرُوفِ: " الم "، " الر "، " طسم "، وَاثْنَانِ حُرُوفُهَا أَرْبَعَةٌ: " المص "، " المر "، وَاثْنَانِ حُرُوفُهَا خَمْسَةٌ " كهيعص "، " حم عسق ". وَأَكْثَرُ هَذِهِ السُّوَرِ الَّتِي ابْتُدِئَتْ بِذِكْرِ الْحُرُوفِ ذُكِرَ مِنْهَا مَا هُوَ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ، وَمَا هُوَ أَرْبَعَةٌ أَحْرُفٍ سُورَتَانِ، وَمَا ابْتُدِئَ بِخَمْسَةِ أَحْرُفٍ سُورَتَانِ. وَأَمَّا مَا بُدِئَ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حَرْفًا، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ اسْمًا لِشَيْءٍ خَاصٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ حَرْفًا، وَقَالَ: أَرَادَ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحُرُوفَ مُفْرَدَهَا وَمَنْظُومَهَا. فَأَمَّا مَا ابْتَدَى بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ فَفِيهِ سِرٌّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَلِفَ إِذَا بُدِئَ بِهَا أَوَّلًا كَانَتْ هَمْزَةً، وَهِيَ أَوَّلُ الْمَخَارِجِ مِنْ أَقْصَى الصَّدْرِ، وَاللَّامُ مِنْ وَسَطِ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، وَهِيَ أَشَدُّ الْحُرُوفِ اعْتِمَادًا عَلَى اللِّسَانِ، وَالْمِيمُ آخِرُ الْحُرُوفِ، وَمَخْرَجُهَا مِنَ الْفَمِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ أَصْلُ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، أَعْنِي الْحَلْقَ وَاللِّسَانَ وَالشَّفَتَيْنِ، وَتَرَتَّبَتْ فِي التَّنْزِيلِ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى الْوَسَطِ إِلَى النِّهَايَةِ. فَهَذِهِ الْحُرُوفُ تَعْتَمِدُ الْمَخَارِجَ الثَّلَاثَةَ، الَّتِي يَتَفَرَّعُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ مَخْرَجًا؛ لِيَصِيرَ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا، عَلَيْهَا مَدَارُ كَلَامِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، مَعَ تَضَمُّنِهَا سِرًّا عَجِيبًا، وَهُوَ أَنَّ الْأَلِفَ لِلْبِدَايَةِ، وَاللَّامَ لِلتَّوَسُّطِ، وَالْمِيمَ لِلنِّهَايَةِ، فَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ عَلَى الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا. وَكُلُّ سُورَةٍ اسْتَفْتَحَتْ بِهَذِهِ الْأَحْرُفِ فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَبْدَأِ الْخَلْقِ وَنِهَايَتِهِ وَتَوَسُّطِهِ، مُشْتَمِلَةً عَلَى خَلْقِ الْعَالَمِ وَغَايَتِهِ، وَعَلَى التَّوَسُّطِ بَيْنَ الْبِدَايَةِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْأَوَامِرِ، فَتَأَمَّلٌ ذَلِكَ فِي " الْبَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمْرَانَ " وَ " تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ " وَسُورَةِ " الرُّومِ ". وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ كَثُرَتْ فِي الْفَوَاتِحِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ؛ لِكَثْرَتِهَا فِي الْكَلَامِ. وَأَيْضًا مِنْ أَسْرَارِ عِلْمِ الْحُرُوفِ: أَنَّ الْهَمْزَةَ مِنَ الرِّئَةِ، فَهِيَ أَعْمَقُ الْحُرُوفِ، وَاللَّامَ مَخْرَجُهَا مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ، مُلْصَقَةٌ بِصَدْرِ الْغَارِ الْأَعْلَى مِنَ الْفَمِ، فَصَوْتُهَا يَمْلَأُ مَا وَرَاءَهَا مِنْ هَوَاءِ الْفَمِ، وَالْمِيمَ مُطَبَقَةٌ؛ لِأَنَّ مَخْرَجُهَا مِنَ الشَّفَتَيْنِ إِذَا أَطْبَقَتَا، وَيُرْمَزُ بِهِنَّ إِلَى بَاقِي الْحُرُوفِ؛ كَمَا رَمَزَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَى الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِمَا. وَتَأَمَّلِ اقْتِرَانَ الطَّاءِ بِالسِّينِ وَالْهَاءِ فِي الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ الطَّاءَ جَمَعَتْ مِنْ صِفَاتِ الْحُرُوفِ خَمْسَ صِفَاتٍ لَمْ يَجْمَعْهَا غَيْرُهَا، وَهِيَ: الْجَهْرُ وَالشِّدَّةُ وَالِاسْتِعْلَاءُ وَالْإِطْبَاقُ وَالْإِصْمَاتُ. وَالسِّينُ مَهْمُوسٌ رِخْوٌ مُسْتَفِلٌ صَفِيرٌ مُنْفَتِحٌ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ إِلَى الطَّاءِ حَرْفٌ يُقَابِلُهَا، كَالسِّينِ وَالْهَاءِ، فَذَكَرَ الْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ جَمَعَا صِفَاتِ الْحُرُوفِ. وَتَأَمَّلِ السُّورَةَ الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ: كَيْفَ تَجِدُ السُّورَةَ مَبْنِيَّةً عَلَى كَلِمَةِ ذَلِكَ الْحَرْفِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (ق: 1)، فَإِنَّ السُّورَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَلِمَاتِ الْقَافِيَةِ: مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ، وَمِنْ ذِكْرِ الْخَلْقِ، وَتَكْرَارِ الْقَوْلِ وَمُرَاجَعَتِهِ مِرَارًا، وَالْقُرْبِ مِنِ ابْنِ آدَمَ، وَتَلَقِّي الْمَلَكَيْنِ، وَقَوْلِ الْعَتِيدِ، وَذِكْرِ الرَّقِيبِ، وَذِكْرِ السَّابِقِ، وَالْقَرِينِ، وَالْإِلْقَاءِ فِي جَهَنَّمَ، وَالتَّقَدُّمِ بِالْوَعْدِ، وَذِكْرِ الْمُتَّقِينَ، وَذِكْرِ الْقَلْبِ وَالْقَرْنِ، وَالتَّنْقِيبِ فِي الْبِلَادِ، وَذِكْرِ الْقَتْلِ مَرَّتَيْنِ، وَتَشَقُّقِ الْأَرْضِ، وَإِلْقَاءِ الرَّوَاسِي فِيهَا، وَبُسُوقِ النَّخْلِ وَالرِّزْقِ، وَذِكْرِ الْقَوْمِ، وَخَوْفِ الْوَعِيدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَسِرٌّ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَعَانِي السُّورَةِ مُنَاسِبٌ لِمَا فِي حَرْفِ الْقَافِ؛ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْجَهْرِ وَالْقَلْقَلَةِ وَالِانْفِتَاحِ. وَإِذَا أَرَدْتَ زِيَادَةَ إِيضَاحٍ، فَتَأَمَّلْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ " ص " مِنَ الْخُصُومَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ؛ فَأَوَّلُهَا خُصُومَةُ الْكُفَّارِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُمْ: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} (ص: 5)، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ اخْتِصَامُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ دَاوُدَ، ثُمَّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ اخْتِصَامُ الْمَلَأِ الْأَعْلَى فِي الْعِلْمِ، وَهُوَ الدَّرَجَاتُ وَالْكَفَّارَاتُ، ثُمَّ تَخَاصُمُ إِبْلِيسَ، وَاعْتِرَاضُهُ عَلَى رَبِّهِ، وَأَمْرُهُ بِالسُّجُودِ، ثُمَّ اخْتِصَامُهُ ثَانِيًا فِي شَأْنِ بَنِيهِ، وَحَلِفِهِ لَيُغْوِينَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا أَهْلَ الْإِخْلَاصِ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ سُورَةُ: {ن وَالْقَلَمِ}؛ فَإِنَّ فَوَاصِلَهَا كُلَّهَا عَلَى هَذَا الْوَزْنِ، مَعَ مَا تَضَمَّنَتْ مِنَ الْأَلْفَاظِ النُّونِيَّةِ. وَتَأَمَّلْ سُورَةَ " الْأَعْرَافِ "، زَادَ فِيهَا " ص "؛ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} (الْآيَةَ: 2)، وَشَرَحَ فِيهَا قَصَصَ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ " الْأَنْبِيَاءِ "؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى المص: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (الشَّرْحِ: 1)، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْمُصَوِّرُ، وَقِيلَ: أَشَارَ بِالْمِيمِ لِمُحَمَّدٍ، وَبِالصَّادِ لِلصِّدِّيقِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ لِمُصَاحَبَةِ الصَّادِ الْمِيمَ، وَأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا، كَمُصَاحَبَةِ الصِّدِّيقِ لِمُحَمَّدٍ، وَمُتَابَعَتِهِ لَهُ. وَجَعَلَ السُّهَيْلِيُّ هَذَا مِنْ أَسْرَارِ الْفَوَاتِحِ، وَزَادَ فِي " الرَّعْدِ " " رَاءً "؛ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} (الْآيَةَ: 2)، وَلِأَجْلِ ذِكْرِ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَغَيْرِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْحُرُوفِ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ؛ كَقَوْلِهِ: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} (الْبَقَرَةِ: 1 وَ2)، وَقَدْ جَاءَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي " الْعَنْكَبُوتِ " وَ " الرُّومِ "، فَيُسْأَلُ عَنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ. ثُمَّ لَا بُدَّ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ تَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْفَوَاتِحِ الشَّرِيفَةِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْبَصْرِيِّينَ لَمْ يَعُدُّوا شَيْئًا مِنْهَا آيَةً؛ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَمِنْهَا مَا عَدُّوهُ آيَةً، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُعِدُّوهُ آيَةً، وَهُوَ عِلْمٌ تَوْقِيفِيٌّ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ؛ كَمَعْرِفَةِ السُّوَرِ، أَمَّا {الم} فَآيَةٌ، حَيْثُ وَقَعَتْ مِنَ السُّوَرِ الْمُفْتَتَحَةِ بِهَا، وَهِيَ سِتٌّ، وَكَذَلِكَ {المص} (الْأَعْرَافِ) آيَةٌ، وَ {المر} (الرَّعْدِ) لَمْ تُعَدَّ آيَةً، وَ {الر} لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ سُوَرِهَا الْخَمْسِ، وَ {طسم} آيَةٌ فِي سُورَتَيْهَا (الشُّعَرَاءِ وَالْقَصَصِ)، وَ {طه} وَ {يس} آيَتَانِ، وَ {طس} لَيْسَتْ بِآيَةٍ، وَ {حم} آيَةٌ فِي سُوَرِهَا كُلِّهَا، وَ {حم عسق} (الشُّورَى) آيَتَانِ، وَ {كهيعص} (مَرْيَمَ) آيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَ {ص} (ص)، وَ {ق} (ق)، وَ {ن} (الْقَلَمِ)، لَمْ تُعَدَّ وَاحِدَةٌ مِنْهَا آيَةً، وَإِنَّمَا عُدَّ مَا هُوَ فِي حُكْمِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ آيَةً، كَمَا عُدَّ {الرَّحْمَنُ} (الرَّحْمَنِ) وَحْدَهُ، وَ {مُدْهَامَّتَانِ} (الرَّحْمَنِ: 64)، وَحْدَهَا آيَتَيْنِ عَلَى طَرِيقِ التَّوْقِيفِ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي " الْبَسِيطِ " فِي أَوَّلِ سُورَةِ " يُوسُفَ ": " لَا يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا آيَةً إِلَّا فِي {طه}، وَسِرُّهُ أَنَّ جَمِيعَهَا لَا يُشَاكِلُ مَا بَعْدَهُ مِنْ رُءُوسِ الْآيِ، فَلِهَذَا لَمْ يُعَدَّ آيَةً، بِخِلَافِ: {طه} فَإِنَّهَا تُشَاكِلُ مَا بَعْدَهَا ". الثَّانِي: هَذِهِ الْفَوَاتِحُ الشَّرِيفَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إِعْرَابٌ؛ نَحْوُ: {كهيعص} (مَرْيَمَ)، وَ {المر} (الرَّعْدِ: 1). وَالثَّانِي: مَا يَتَأَتَّى فِيهِ؛ وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْمًا مُفْرَدًا كَـ " ص " وَ " ق " وَ " ن "، أَوْ أَسْمَاءً عِدَّةً مَجْمُوعُهَا عَلَى زِنَةِ مُفْرَدٍ؛ كَـ " حم " وَ " طس " وَ " يس "، فَإِنَّهَا مُوَازَنَةٌ لِقَابِيلَ وَهَابِيلَ، وَكَذَلِكَ " طسم " يَتَأَتَّى فِيهَا أَنْ تُفْتَحَ نُونُهَا فَتَصِيرُ " مِيمًا " مَضْمُومَةً إِلَى " طس " فَيُجْعَلَا اسْمًا وَاحِدًا، كَـ " دَارَابِجَرْدَ "، فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ مَحْكِيٌّ لَيْسَ إِلَّا، وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَسَائِغٌ فِيهِ الْأَمْرَانِ: الْإِعْرَابُ وَالْحِكَايَةُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُوقَفُ عَلَى جَمِيعِهَا وَقْفَ التَّمَامِ؛ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى مَعْنًى مُسْتَقِلٍّ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إِلَى مَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تُجْعَلْ أَسْمَاءً لِلسُّورِ، وَيُنْعَقْ بِهَا كَمَا يُنْعَقُ بِالْأَصْوَاتِ، أَوْ جُعِلَتْ وَحْدَهَا أَخْبَارَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الم اللَّهُ} (آلِ عِمْرَانَ)، أَيْ: هَذِهِ السُّورَةُ " الم "، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. الرَّابِعُ: أَنَّهَا كُتِبَتْ فِي الْمَصَاحِفِ الشَّرِيفَةِ عَلَى صُورَةِ الْحُرُوفِ أَنْفُسِهَا، لَا عَلَى صُورَةِ أَسَامِيهَا؛ وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكَلِمَةَ لَمَّا كَانَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ ذَوَاتِ الْحُرُوفِ، وَاسْتَمَرَّتِ الْعَادَةُ مَتَى تَهَجَّيْتَ، وَمَتَى قِيلَ لِلْكَاتِبِ: اكْتُبْ كَيْتَ وَكَيْتَ، أَنْ يُلْفَظَ بِالْأَسْمَاءِ، وَتَقَعَ فِي الْكِتَابَةِ الْحُرُوفُ أَنْفُسُهَا؛ فَحُمِلَ عَلَى ذَلِكَ لِلْمُشَاكَلَةِ الْمَأْلُوفَةِ فِي كِتَابَةِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ شُهْرَةَ أَمْرِهَا وَإِقَامَةَ أَلْسُنِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ لَهَا، وَأَنَّ اللَّافِظَ بِهَا غَيْرُ مُتَهَجَّاةٍ لَا يَجِيءُ بِطَائِلٍ فِيهَا، وَأَنَّ بَعْضَهَا مُفْرَدٌ لَا يَخْطُرُ بِبَالٍ غَيْرُ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَوْرِدِهِ، أَمِنْتَ وُقُوعَ اللَّبْسِ فِيهَا. وَقَدِ اتَّفَقَتْ فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ أَشْيَاءُ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسَاتِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا عِلْمُ الْخَطِّ وَالْهِجَاءِ، ثُمَّ مَا عَادَ ذَلِكَ بِنَكِيرٍ وَلَا نُقْصَانٍ؛ لِاسْتِقَامَةِ اللَّفْظِ وَبَقَاءِ الْحِفْظِ، وَكَانَ اتِّبَاعُ خَطِّ الْمُصْحَفِ سُنَّةً لَا تُخَالَفُ. أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ ". وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ أَوَائِلَ السُّوَرِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ هَذَا عِلْمٌ مَسْتُورٌ، وَسِرٌّ مَحْجُوبٌ، اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الصِّدِّيقُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: " فِي كُلِّ كِتَابٍ سِرٌّ، وَسِرُّهُ فِي الْقُرْآنِ أَوَائِلُ السُّوَرِ ". قَالَ الشَّعْبِيُّ: " إِنَّهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ، نُؤْمِنُ بِظَاهِرِهَا، وَنَكِلُ الْعِلْمَ فِيهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ". قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ: " وَقَدْ أَنْكَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا يَفْهَمُهُ الْخَلْقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَدَبُّرِهِ، وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا مَعَ الْإِحَاطَةِ بِمَعْنَاهُ، وَلِأَنَّهُ كَمَا جَازَ التَّعَبُّدُ بِمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فِي الْأَفْعَالِ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ فِي الْأَقْوَالِ بِأَنْ يَأْمُرَنَا اللَّهُ تَارَةً بِأَنْ نَتَكَلَّمَ بِمَا نَقِفُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَتَارَةً بِمَا لَا نَقِفُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَيَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ ظُهُورَ الِانْقِيَادِ وَالتَّسْلِيمِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مَعْلُومٌ، وَذَكَرُوا فِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ وَجْهًا، فَمِنْهَا الْبَعِيدُ، وَمِنْهَا الْقَرِيبُ: الْأَوَّلُ- وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا مَأْخُوذٌ مِنِ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَالْأَلِفُ مِنَ " اللَّهِ " وَ " اللَّامُ " مِنْ " لَطِيفٍ " وَ " الْمِيمُ " مِنْ " مَجِيدٍ "، أَوِ " الْأَلِفُ " مِنْ آلَائِهِ، وَ " اللَّامُ " مَنْ لُطْفِهِ، وَ " الْمِيمُ " مَنْ مَجْدِهِ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَهَذَا وَجْهٌ جَيِّدٌ، وَلَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شَاهِدٌ: قُلْنَا لَهَا قِفِي فَقَالَتْ ق فَعَبَّرَ عَنْ قَوْلِهَا: " وَقَفْتُ " بِـ " ق ". الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ، بِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ مُحَمَّدٌ هُوَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ لَا شَكَّ فِيهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِ هَذِهِ الْحُرُوفِ، إِذْ كَانَتْ مَادَّةَ الْبَيَانِ، وَمَبَانِيَ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهِيَ أُصُولُ كَلَامِ الْأُمَمِ، بِهَا يَتَعَارَفُونَ، وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِـ {الْفَجْرِ}، {وَالطُّورِ}، فَكَذَلِكَ شَأْنُ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي الْقَسَمِ بِهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهَا الدَّائِرَةُ مِنَ الْحُرُوفِ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ؛ فَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ آلَائِهِ، أَوْ بَلَائِهِ، أَوْ مُدَّةِ أَقْوَامٍ أَوْ آجَالِهِمْ، فَالْأَلِفُ سَنَةٌ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ؛ رُوِيَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ لَطِيفٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ " الْفُرْقَانَ " فَلَمْ يَدَعْ نَظْمًا عَجِيبًا وَلَا عِلْمًا نَافِعًا إِلَّا أَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، عَلِمَ ذَلِكَ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ. الرَّابِعُ: وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم} أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي {المص} أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَفْصِلُ، وَ {الر} أَنَا اللَّهُ أَرَى، وَنَحْوُهُ مِنْ دَلَالَةِ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى الِاسْمِ التَّامِّ، وَالصِّفَةِ التَّامَّةِ. الْخَامِسُ: أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلسُّورِ؛ فَـ {الم} اسْمٌ لِهَذِهِ وَ {حم} اسْمٌ لِتِلْكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ وُضِعَتْ لِلتَّمْيِيزِ، فَهَكَذَا هَذِهِ الْحُرُوفُ وُضِعَتْ لِتَمْيِيزِ هَذِهِ السُّوَرِ مِنْ غَيْرِهَا، وَنَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، وَأَنَّ سِيبَوَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: " هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ "، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وَجَدْنَا {الم} افْتُتِحَ بِهَا عِدَّةُ سُوَرٍ، فَأَيْنَ التَّمْيِيزُ؟ قُلْنَا: قَدْ يَقَعُ الْوِفَاقُ بَيْنَ اسْمَيْنِ لِشَخْصَيْنِ، ثُمَّ يُمَيِّزُ بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ وَنَعْتٍ، كَمَا يُقَالُ: زَيْدٌ وَزَيْدٌ، ثُمَّ يُمَيَّزَانِ بِأَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ الْفَقِيهُ، وَزَيْدٌ النَّحْوِيُّ، فَكَذَلِكَ إِذَا قَرَأَ الْقَارِئُ: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} (الْبَقَرَةِ)، فَقَدْ مَيَّزَهَا عَنْ: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (آلِ عِمْرَانَ). السَّادِسُ: أَنْ لِكُلِّ كِتَابٍ سِرًّا، وَسِرُّ الْقُرْآنِ فَوَاتِحُ السُّوَرِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: " وَأَظُنُّ قَائِلُ ذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ مِنَ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ " وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ؛ مِنْهُمْ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ. قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَخْرَجَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمَغْرِبِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} (الرُّومِ) فُتُوحَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَاسْتِنْقَاذَهُ مِنَ الْعَدُوِّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَكَانَ كَمَا قَالَ. السَّابِعُ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ لَغَوْا فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} (فُصِّلَتْ: 26)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا النَّظْمَ الْبَدِيعَ؛ لِيَعْجَبُوا مِنْهُ، وَيَكُونُ تَعَجُّبُهُمْ سَبَبًا لِاسْتِمَاعِهِمْ، وَاسْتِمَاعُهُمْ لَهُ سَبَبًا لِاسْتِمَاعِ مَا بَعْدَهُ، فَتَرِقُّ الْقُلُوبُ، وَتَلِينُ الْأَفْئِدَةُ. الثَّامِنُ: أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ ذُكِرَتْ لِتَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي هِيَ: أ، ب، ت، ث، فَجَاءَ بَعْضُهَا مُقَطَّعًا، وَجَاءَ تَمَامُهَا مُؤَلَّفًا؛ لِيَدُلَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ أَنَّهُ بِالْحُرُوفِ الَّتِي يَعْقِلُونَهَا، وَيَبْنُونَ كَلَامَهُمْ مِنْهَا. التَّاسِعُ- وَاخْتَارَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ-: أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ كُلُّهَا تَأْوِيلًا وَاحِدًا؛ فَيُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا افْتَتَحَ السُّوَرَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ، إِرَادَةً مِنْهُ لِلدَّلَالَةِ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ، لَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْحُرُوفُ جَامِعَةً لِأَنْ تَكُونَ افْتِتَاحًا، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَأْخُوذًا مِنِ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَضَعَهَا هَذَا الْوَضْعَ، فَسَمَّى بِهَا، وَأَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا فِي آجَالِ قَوْمٍ وَأَرْزَاقِ آخَرِينَ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِنْعَامِهِ وَإِفْضَالِهِ وَمَجْدِهِ، وَأَنَّ الِافْتِتَاحَ بِهَا سَبَبٌ لِأَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ، وَأَنَّ فِيهَا إِعْلَامًا لِلْعَرَبِ أَنَّ الْقُرْآنَ الدَّالَّ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ، وَأَنَّ عَجْزَهُمْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَعَ نُزُولِهِ بِالْحُرُوفِ الْمُتَعَالِمَةِ بَيْنَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَجُحُودِهِمْ، وَأَنَّ كُلَّ عَدَدٍ مِنْهَا إِذَا وَقَعَ أَوَّلَ كُلِّ سُورَةٍ فَهُوَ اسْمٌ لِتِلْكَ السُّورَةِ. قَالَ: " وَهَذَا الْقَوْلُ الْجَامِعُ لِلتَّأْوِيلَاتِ كُلِّهَا "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ. الْعَاشِرُ: أَنَّهَا كَالْمُهَيِّجَةِ لِمَنْ سَمِعَهَا مِنَ الْفُصَحَاءِ، وَالْمُوقِظَةِ لِلْهِمَمِ الرَّاقِدَةِ مِنَ الْبُلَغَاءِ لِطَلَبِ التَّسَاجُلِ، وَالْأَخْذِ فِي التَّفَاضُلِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ زَمْجَرَةِ الرَّعْدِ قِبَلَ النَّاظِرِ فِي الْأَعْلَامِ؛ لِتَعْرِفَ الْأَرْضُ فَضْلَ الْغَمَامِ، وَتَحَفَظَ مَا أُفِيضَ عَلَيْهَا مِنَ الْإِنْعَامِ، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ خَلِيقٌ بِالنَّظَرِ فِيهِ، وَالْوُقُوفِ عَلَى مَعَانِيهِ بَعْدَ حِفْظِ مَبَانِيهِ. الْحَادِيَ عَشَرَ: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ تِعْدَادَ هَذِهِ الْحُرُوفِ مِمَّنْ لَمْ يُمَارِسِ الْخَطَّ، وَلَمْ يُعَانِ الطَّرِيقَةَ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (الْعَنْكَبُوتِ: 48). الثَّانِيَ عَشَرَ: انْحِصَارُهَا فِي نِصْفِ أَسْمَاءِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ عَلَى مَنْ عَدَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا، وَقَالَ: " لَا " مُرَكَّبَةٌ مِنَ اللَّامِ وَالْأَلِفِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا، وَالنُّطْقُ " بِلَا " فِي الْهِجَاءِ كَالنُّطْقِ فِي " لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ "؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاضِعَ جَعَلَ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ صَدْرَ اسْمِهِ إِلَّا الْأَلِفَ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُبْتَدَأَ بِهِ لِكَوْنِهِ مَطْبُوعًا عَلَى السُّكُونِ فَلَا يَقْبَلُ الْحَرَكَةَ أَصْلًا تُوِصِّلَ إِلَيْهِ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّهَا شَابَهَتْهُ فِي الِاعْتِدَادِ وَالِانْتِصَابِ، وَلِذَلِكَ يُكْتَبُ عَلَى صُورَةِ الْأَلِفِ إِلَّا إِذَا اتَّصَلَ بِمَا بَعْدَهُ. فَإِنْ قُلْتَ: فَقَدْ تَقَدَّمَ اسْمُ الْأَلِفِ فِي أَوَّلِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ، قُلْتُ: ذَلِكَ اسْمُ الْهَمْزَةِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ صَدْرُهُ، وَالثَّانِي أَنَّهَا صَدْرُ مَا تَصَدَّرَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؛ لِتَكُونَ صُورَتُهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ صَدْرَهُ؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا كَالْمُتَكَرِّرَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهَا تَلْبَسُ صُورَةَ الْعَيْنِ وَصُورَةَ الْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، لِمَا يَعْرِضُ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَلِذَلِكَ أَخَّرُوا مَا بَعْدَ الطَّاءِ وَالظَّاءِ وَالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا لَيْسَتْ مُتَكَرِّرَةً. وَجَوَابُهُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَرْفَ لَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ، فَيَتَعَيَّنُ سُقُوطُ حَرْفٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِالْإِيجَازِ. الثَّالِثَ عَشَرَ: مَجِيئُهَا فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً بِعَدَدِ الْحُرُوفِ، فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا رُوعِيَ صُورَتُهَا كَمَا رُوعِيَ عَدَدُهَا؟ قُلْتُ: عُرِضَ لِبَعْضِهَا الثِّقَلُ لَفْظًا فَأُهْمِلَ.
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ ضَرُورِيَّةً فِي النُّطْقِ، وَاجِبَةً فِي الْهِجَاءِ، لَازِمَةَ التَّقَدُّمِ فِي الْخَطِّ وَالنُّطْقِ، إِذِ الْمُفْرَدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ، فَقُدِّمَتْ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتُ وَتَقَدُّمُهَا عَلَى الْمَرْكَبَاتِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مُرَكَّبَاتِهَا فِي الْقُرْآنِ، فَلَيْسَ فِي الْمُفْرَدِ مَا فِي الْمُرَكَّبِ، بَلْ فِي الْمُرَكَّبِ مَا فِي الْمُفْرَدِ وَزِيَادَةٌ، وَلَمَّا كَانَ نُزُولُ الْقُرْآنِ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ بَاقِيًا إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا كِتَابَ بَعْدَهُ، جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى حُرُوفَهُ كَالْعَلَائِمِ، مُبَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ هِيَ مِنْ قَبِيلِ تِلْكَ الَّتِي أُنْزِلَتْ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا، حَتَّى كَأَنَّهَا تَتِمَّةٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةٌ. وَأَمَّا نُزُولُ ذَلِكَ فِي مُدَدٍ وَأَزْمِنَةٍ، أَوْ نُزُولُ سُوَرٍ خَالِيَةٍ عَنِ الْحُرُوفِ، فَبِحَسَبِ تِلْكَ الْوَقَائِعِ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ وَضْعِهَا فِي الْمُصْحَفِ- أَعْنِي السُّوَرَ- فَلَهُ أَسْبَابٌ مَذْكُورَةٌ فِي النَّوْعِ الثَّالِثَ عَشَرَ. وَأَمَّا زِيَادَةُ بَعْضِ الْحُرُوفِ فِي بَعْضِ السُّوَرِ وَتَغْيِير بَعْضِهَا، فَلْيُعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْلَامُ بِالْحُرُوفِ فَقَطْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى فَرَضَ الْإِنْسَانُ فِي بَعْضِهَا شَيْئًا مِثْلَ {الم} " السَّجْدَةِ "، لَزِمَهُ فِي مِثْلِهَا مِثْلُهُ، كَـ " أَلِفْ لَامْ مِيمْ " " الْبَقَرَةِ "؛ فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ دَلَّهُ ذَلِكَ الثَّانِي عَلَى بُطْلَانِ الْأَوَّلِ، وَتَحَقَّقَ أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ هِيَ عَلَامَاتُ الْمَكْتُوبِ وَالْمَنْطُوقِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا اخْتَصَّتْ بِسُورَةِ " الْبَقَرَةِ " فَيُحْتَمَلُ أَنْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى السُّوَرِ، وَأَنَّهَا احْتَوَتْ عَلَى جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ بِهِ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ؛ وَلِهَذَا حَصَلَتْ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً بِعَدَدِ جُمْلَةِ الْحُرُوفِ، وَلَوْ كَانَ الْقَصْدُ الِاحْتِوَاءَ عَلَى نِصْفِ الْكِتَابِ لَجَاءَتْ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً؛ وَهَذَا الِاحْتِوَاءُ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِنْ وَجْهٍ يَرْجِعُ إِلَى النُّطْقِ وَالْفَصَاحَةِ، وَتَرْكِيبِ أَلْفَاظِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمَا يَقْتَضِي أَنْ يَقَعَ فِيهِ التَّعْجِيزُ، وَيَحْتَمِلُ لِأَنْ يَكُونَ لَمَعَانٍ أُخَرَ، يَجِدُهَا مَنْ يَفْتَحِ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالتَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ، أَوْ هِبَةً مِنْ لَدُنْهُ سُبْحَانَهُ. وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي بَقِيَّةِ السُّوَرِ أَيْضًا كَمَا فِي ذَوَاتِ الْحُرُوفِ، بَلْ هَذِهِ خُصِّصَتْ بِعَلَامَاتٍ لِفَضِيلَةٍ وَجَبَ مِنْ أَجْلِهَا أَنْ تُعْلَمَ عَلَيْهَا السُّوَرُ، لِيُنَبِّهَ عَلَى فَضْلِهَا، وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاحْتِمَالِ، وَالْأَوْلَى أَنَّ الْأَحْرُفَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً؛ لِتَكُونَ عِدَّةُ السُّوَرِ دَالَّةً لَنَا عَلَى عِدَّةِ الْحُرُوفِ، فَتَكُونَ السُّوَرُ مِنْ جِهَةِ الْعِدَّةِ مُؤَدِّيَةً إِلَى الْحُرُوفِ مِنْ جِهَةِ الْعِدَّةِ، فَيُعْلَمَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ عِوَضٌ عَنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ.
النِّدَاءُ نَحْوُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} وَذَلِكَ فِي عَشْرِ سُورٍ.
نَحْوُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (الْأَنْفَالِ)، {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (التَّوْبَةِ)، {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} (النَّحْلِ)، {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} (الْأَنْبِيَاءِ)، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ)، {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} (النُّورِ)، {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} (الزُّمَرِ)، الَّذِينَ كَفَرُوا (مُحَمَّدٍ)، {إِنَّا فَتَحْنَا} (الْفَتْحِ)، {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (الْقَمَرِ)، {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ} (الرَّحْمَنِ)، {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} (الْمُجَادَلَةِ)، {الْحَاقَّةُ} (الْحَاقَّةِ)، {سَأَلَ سَائِلٌ} (الْمَعَارِجِ)، {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} (نُوحٍ)، {لَا أُقْسِمُ} فِي مَوْضِعَيْنِ (الْقِيَامَةِ وَالْبَلَدِ)، {عَبَسَ} (عَبَسَ)، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} (الْقَدْرِ)، {لَمْ يَكُنْ} (الْبَيِّنَةِ)، {الْقَارِعَةُ} (الْقَارِعَةِ)، {أَلْهَاكُمْ} (التَّكَاثُرِ)، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} (الْكَوْثَرِ)، فَتِلْكَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً.
نَحْوُ: {وَالصَّافَّاتِ}، {وَالذَّارِيَاتِ}، {وَالطُّورِ}، {وَالنَّجْمِ}، {وَالْمُرْسَلَاتِ}، {وَالنَّازِعَاتِ}، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، {وَالْفَجْرِ}، {وَالشَّمْسِ}، {وَاللَّيْلِ}، {وَالضُّحَى}، {وَالتِّينِ}، {وَالْعَادِيَاتِ}، {وَالْعَصْرِ}، فَتِلْكَ خَمْسَ عَشْرَةَ سُورَةً.
نَحْوُ: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}، {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}، {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، {إِذَا زُلْزِلَتِ}، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}، فَذَلِكَ سَبْعُ سُوَرٍ.
فِي سِتِّ سُوَرٍ: {قُلْ أُوحِيَ} (الْجِنِّ)، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (الْعَلَقِ)، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، {قُلْ أَعُوذُ} فِي سُورَتَيْنِ.
فِي: {هَلْ أَتَى} (الدَّهْرِ)، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (النَّبَأِ)، {هَلْ أَتَاكَ} (الْغَاشِيَةِ)، {أَلَمْ نَشْرَحْ}، {أَلَمْ تَرَ} (الْفِيلِ)، {أَرَأَيْتَ} (الْمَاعُونِ)، فَتِلْكَ سِتُّ سُوَرٍ.
فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ}، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.
فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؛ نَحْوِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}. هَكَذَا جَمَعَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ: " وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِسْمِ الدُّعَاءِ يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الْخَبَرِ، وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- كُلُّهُ خَبَرٌ، إِلَّا: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فَإِنَّهُ يَدْخُلُ أَيْضًا فِي قِسْمِ الْأَمْرِ؛ وَ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (الْإِسْرَاءِ) يَحْتَمِلُ الْأَمْرَ وَالْخَبَرَ، وَنُظِمَ ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ، فَقَالَ: أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ بِثُبُو *** تِ الْمَدْحِ وَالسَّلْبِ لَمَّا اسْتَفْتَحَ السُّوَرَا وَالْأَمْرُ شَرْطُ النِّدَا التَّعْلِيلُ وَالْقَسَمُ إِلَّا *** دُعَا حُرُوفُ التَّهَجِّي اسْتَفْهِمِ الْخَبَرَا
وَهِيَ مِثْلُ الْفَوَاتِحِ فِي الْحُسْنِ: لِأَنَّهَا آخِرُ مَا يَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ؛ فَلِهَذَا جَاءَتْ مُتَضَمِّنَةً لِلْمَعَانِي الْبَدِيعَةِ؛ مَعَ إِيذَانِ السَّامِعِ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ حَتَّى يَرْتَفِعَ مَعَهُ تَشَوُّفُ النَّفْسِ إِلَى مَا يُذْكَرُ بَعْدُ. وَمِنْ أَوْضَحِهِ خَاتِمَةُ سُورَةِ " إِبْرَاهِيمَ ": {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} (إِبْرَاهِيمَ: 52)، وَخَاتِمَةُ سُورَةِ الْأَحْقَافِ: {بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} (الْأَحْقَافِ: 35)، وَلِأَنَّهَا بَيْنَ أَدْعِيَةٍ وَوَصَايَا وَفَرَائِضَ وَمَوَاعِظَ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، كَتَفْصِيلِ جُمْلَةِ الْمَطْلُوبِ فِي خَاتِمَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ إِذِ الْمَطْلُوبُ الْأَعْلَى الْإِيمَانُ الْمَحْفُوظُ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُسَبِّبَةِ لِغَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ؛ فَفَصَّلَ جُمْلَةَ ذَلِكَ بُقُولِهِ: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَةِ: 7)، وَالْمُرَادُ " الْمُؤْمِنِينَ "؛ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْإِنْعَامَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ؛ لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ إِنْعَامٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ فَقَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِكُلِّ نِعْمَةٍ؛ لِأَنَّ نِعْمَةَ الْإِيمَانِ مُسْتَتْبِعَةٌ لِجَمِيعِ النِّعَمِ؛ ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (الْفَاتِحَةِ: 7)، يَعْنِي أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ النِّعَمِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ، وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ الْمُسَبَّبَيْنِ عَنْ مَعَاصِيهِ وَتَعَدِّي حُدُودِهِ. وَكَالدُّعَاءِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " (الْآيَتَانِ: 285- 286). وَكَالْوَصَايَا الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ " آلِ عِمْرَانَ " (الْآيَةَ: 200)، بِالصَّبْرِ عَلَى تَكَالِيفِ الدِّينِ، وَالْمُصَابَرَةِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فِي الْجِهَادِ، وَمُعَاقَبَتِهِمْ، وَالصَّبْرِ عَلَى شَدَائِدِ الْحَرْبِ، وَالْمُرَابَطَةِ فِي الْغَزْوِ الْمَحْضُوضِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الْأَنْفَالِ: 60)، وَالتَّقْوَى الْمَوْعُودِ عَلَيْهَا بِالتَّوْفِيقِ فِي الْمَضَايِقِ وَسُهُولَةِ الرِّزْقِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطَّلَاقِ: 2 وَ 3) وَبِالْفَلَاحِ؛ لِأَنَّ {لَعَلَّ} مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ. وَكَالْوَصَايَا وَالْفَرَائِضِ الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ " النِّسَاءِ " (الْآيَةَ: 176)، وَحَسُنَ الْخَتْمُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْأَحْكَامِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَكَالتَّبْجِيلِ وَالتَّعْظِيمِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " الْمَائِدَةِ ": {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الْمَائِدَةِ: 120)، وَلِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْظِيمِ اخْتُيرَتْ " مَا " عَلَى " مَنْ "؛ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ، فَيَتَنَاوَلُ الْأَجْنَاسَ كُلَّهَا. وَكَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ سُورَةُ " الْأَنْعَامِ " بِقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (الْأَنْعَامِ: 165)، وَلِذَلِكَ أَوْرَدَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِ الْعِقَابِ بِالسُّرْعَةِ وَتَوْكِيدِ الرَّحْمَةِ، بِالْكَلَامِ الْمُفِيدِ لِتَحْقِيقِ الْوُقُوعِ. وَكَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْعِبَادَةِ بِوَصْفِ حَالِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ سُورَةُ " الْأَعْرَافِ " (الْآيَةَ: 206)، وَالْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، الَّذِي خَتَمَ بِهِ " الْأَنْفَالِ " (الْآيَةَ: 75). وَوَصْفِ الرَّسُولِ وَمَدْحِهِ، وَالِاعْتِدَادِ عَلَى الْأُمَمِ بِهِ، وَتَسْلِيمِهِ وَوَصَّيْتِهِ، وَالتَّهْلِيلِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " بَرَاءَةٌ " (التَّوْبَةِ: 129). وَتَسْلِيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي خَتَمَ بِهَا سُورَةَ " يُونُسَ " (الْآيَةَ: 109)، وَمِثْلُهَا خَاتِمَةُ " هُودٍ " (الْآيَةَ: 123)، وَوَصْفِ الْقُرْآنِ وَمَدْحِهِ الَّذِي خَتَمَ بِهِ سُورَةَ " يُوسُفَ " (الْآيَةَ: 111). وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ الَّذِي خَتَمَ بِهِ الرَّعْدَ (الْآيَةَ: 43). وَمَدْحِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ فَائِدَتِهِ وَالْعِلَّةِ فِي أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " إِبْرَاهِيمَ " (الْآيَةَ: 52)، وَوَصِيَّتِهِ الرَّسُولَ الَّتِي خَتَمَ بِهَا " الْحِجْرِ " (الْآيَةَ: 99). وَتَسْلِيَةُ الرَّسُولِ بِطُمَأْنِينَتِهِ، وَوَعْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " النَّحْلِ " (الْآيَةَ: 128)، وَالتَّحْمِيدِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " سُبْحَانَ " (الْإِسْرَاءِ: 111). وَتَحْضِيضِ الرَّسُولِ عَلَى الْبَلَاغِ وَالْإِقْرَارِ بِالتَّنْزِيهِ، وَالْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ " الْكَهْفِ " (الْآيَةَ: 110). وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى نِصْفِ الْقُرْآنِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِمَنْ نَظَرَ فِي بَقِيَّتِهِ.
وَمِنْ أَسْرَارِهِ مُنَاسَبَةُ فَوَاتِحِ السُّوَرِ وَخَوَاتِمِهَا. وَتَأَمُّلْ سُورَةَ " الْقَصَصِ " وَبُدَاءَتِهَا بِقِصَّةِ مَبْدَأِ أَمْرِ مُوسَى وَنُصْرَتِهِ، وَقَوْلِهِ: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} (الْقَصَصِ: 17)، وَخُرُوجِهِ مِنْ وَطَنِهِ، وَنُصْرَتِهِ، وَإِسْعَافِهِ بِالْمُكَالَمَةِ، وَخَتْمِهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلَّا يَكُونَ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ، وَتَسْلِيَتِهِ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ ، وَالْوَعْدِ بِعَوْدِهِ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (الْقَصَصِ: 85). قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: " وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فَاتِحَةَ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 1)، وَأَوْرَدَ فِي خَاتِمَتِهَا: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 117) فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالْخَاتِمَةِ ".
وَمِنْ أَسْرَارِهِ مُنَاسَبَةُ فَاتِحَةِ السُّورَةِ بِخَاتِمَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، حَتَّى إِنَّ مِنْهَا مَا يُظْهِرُ تَعَلُّقُهَا بِهِ لَفْظًا، كَمَا قِيلَ فِي: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (الْفِيلِ: 5)، {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (قُرَيْشٍ: 1). وَفِي الْكَوَاشِيِّ لَمَّا خَتَمَ سُورَةَ " النِّسَاءِ " آمِرًا بِالتَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ؛ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْمَائِدَةِ ": {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (الْمَائِدَةِ: 1).
|