الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فأراد يهتدى ثم نقل فتحة التاء إلى الهاء فبقيت التاء ساكنة فأدغمها في الدال للمقاربة فشدد لذلك والحجة لمن كسر الهاء والياء قبلها وشدد أنه أراد ما ذكرناه في التاء إلا أنه لم ينقل الحركة بل حذفها وأسكن التاء فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقائهما وكسر الياء لمجاورة الهاء والحجة لمن أسكن الهاء وشدد الدال فجمع بين ساكنين أنه أراد نية الحركة في الهاء ومثل هذا إنما يحسن فيما كان أحد الساكنين حرف مد أولين لأن المد الذي فيه يقوم مقام الحركة فأما ما رواه اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان يسكن الهاء ويشمها شيئا من الفتح فإنه وهم في الترجمة لأن السكون ضد الحركة ولا يجتمع الشيء وضده ولكنه من إخفاء الفتحة واختلاسها لا من الإسكان قوله تعالى: {هو خير مما يجمعون} يقرا بالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على قوله: {فبذلك فليفرحوا} فجاء بالياء على وجه واحد والحجة لمن قرأه بالتاء أنه أراد بها مواجهة الخطاب للصحابة واحتج بأنه قد قرئ {فلتفرحوا} بالتاء وهو ضعيف في العربية لأن العرب لم تستعمل الأمر باللام للحاضر إلا فيما لم يسم فاعله كقولهم لتعن بحاجتي ومعنى {فبذلك} إشارة إلى القرآن لقوله: {قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور} يعنى به القرآن لقوله هو خير مما يجمع الكفرة قوله تعالى: {وما يعزب} يقرا بضم الزاي وكسرها ومعنى يعزب يبعد ويغيب ومنه قولهم المال عازب في المرعى وقد تقدم القول في الضم والكسر فأغنى عن الأعادة قوله تعالى: {ولا أصغر من ذلك ولا أكبر} يقرآن بالنصب والرفع فالحجة لمن نصبهما أنهما في موضع خفض بالرد على قوله: {وما يعزب عن ربك من مثقال} ولم يخفضا لأنهما على وزن أفعل منك وما كان على هذا الوزن لم ينصرف في معرفة ولا نكرة والحجة لمن قرأه بالرفع أنه رده على قوله: {مثقال ذرة} قبل دخول من عليها فرد اللفظ على المعنى لأن من هاهنا زائدة قوله تعالى: {فأجمعوا أمركم} يقرا بقطع الألف ووصلها فالحجة لمن قطع أنه أخذه من قولهم أجمعت على الأمر إذا أحكمته وعزمت عليه وأنشد:
والحجة لمن وصل أنه أخذه من قولهم جمعت ودليله قوله تعالى: {ربنا إنك جامع الناس} فهنا من جمعت لا من أجمعت قوله تعالى: {ما جئتم به السحر} يقرا بالاستفهام وبتركه فالحجة لمن استفهم أنه جعل ما فيه بمعنى أي شيء جئتم به السحر هو دليله قوله تعالى: {أسحر هذا} وهي ألف التوبيخ بلفظ الاستفهام لأنهم قد علموا أنه سحر والحجة لمن ترك الاستفهام أنه جعل ما بمعنى الذي يريد الذي جئتم به السحر فما مبتدأة وجئتم صلة ما وبه عائدها والسحر خبر الابتداء فما والذي هاهنا بمعنى قوله تعالى: {ولا تتبعان} يقرا بإسكان التاء وتخفيفها وبفتحها وتشديدها فالحجة لمن خفف أنه اخذه من تبع يتبع والحجة لمن شدد أنه أخذه من أتبع يتبع وهما لغتان معناهما واحد والنون مشددة لتأكيد النهي ودخولها على الفعل مخففة ومشددة في أربعة مواضع للتأكيد في الأمر والنهي والاستفهام والجزاء وتخرج منه ولها أحكام قوله تعالى: {آمنت أنه} يقرأ بكسرة الهمزة وفتحها فالحجة لمن كسر أنه جعل تمام الكلام عند قوله تعالى: {آمنت} ثم ابتدأ إن فكسرها والحجة لمن فتح أنه وصل آخر الكلام بأوله وهو يريد آمنت بأنه فلما أسقط الباء وصل الفعل إلى أن فعمل فيها قوله تعالى: {الآن} يقرا بإسكان اللام وتحقيق الهمزة بعدها وبفتح اللام وتخفيف الهمزة الثانية فالحجة لمن حقق أنه أتى بالكلام على اصل ما وجب له ووفاه حقه والحجة لمن خفف أنه نقل حركة الهمزة إلى اللام الساكنة فحركها بحركتها وأسقطها كما قرأ {قد أفلح المؤمنون} {قد أفلح} بفتح الدال وتخفيف الهمزة فإن قيل لم بني الآن وفيه الألف واللام فقل قال الفراء أصله أوان أن فقلبوا الواو ألفا فصار آان ثم دخلت اللام على مبني فلم تغيره عن بنائه واستشهد على ذلك بقول الشاعر: فأدخل الألف واللام على مبني ولم يغيره عن بنائه وقال سيبويه الآن إشارة إلى وقت أنت فيه بمنزلة هذا والألف واللام تدخل لعهد قد تقدم فلما دخلت هاهنا لغير عهد ترك مبنيا وقال المبرد إنما بني الآن مع الآلف واللام لأن معرفته وقعت قبل نكرته وليس يشركه غيره في التسمية فتكون الألف واللام معرفة له وإنما تعني به الوقت الذي أنت فيه من الزمان فلذلك بني وخالف نظائره من الأسماء قوله تعالى: {ويوم نحشرهم} يقرا بالياء والنون وعلته قد أتى عليها فيما تقدم قوله تعالى: {ننجي المؤمنين} يقرا بالتخفيف والتشديد والحجة لمن خفف أنه أخذه من أنجينا ننجي ودليله قوله تعالى: {أنجينا الذين ينهون عن السوء} والحجة لمن شدد أنه أخذه من نجينا ننجي ودليله قوله تعالى: {ونجيناهم من عذاب غليظ} والتشديد أولى لإجماعهم عليه في الأولى قوله تعالى: {ويجعل الرجس على} يقرا بالياء والنون فالحجة لمن قرأ بالياء أنه رده على قوله إلا بإذن الله ويجعل والحجة لمن قرأه بالنون أنه رده على قوله: {فاليوم ننجيك ببدنك} ونجعل قوله تعالى: {أن تبوءا} وزنه تفعلا يوقف عليه بالهمزة وألف بعدها وبترك الهمز وبياء مكان الهمزة وألف بعدها فالحجة لمن همز أنه أتى به على أصله فوقف عليه كما وصله والحجة لمن أسقطها أنه قنع بالإشارة منها لوقوعها طرفا فجرى على أصله والحجة لمن قلبها ياء أنه لينها فصارت ألفا والألف لا تقبل الحركة فقلبها ياء لأن الياء أخت الألف في المد واللين إلا أنها تفضلها بقبول الحركة. اهـ. .قال ابن زنجلة: 10- سورة يونس عليه السلام:قرأ نافع وابن كثير وحفص {الر} بفتح الراء وقرأ الباقون بكسر الراء وهما لغتان أهل الحجاز يقولون وباء وثاء وراء وطاء وغيرهم يقولون باء وتاء وراء وطاء.{أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم قال الكفرون إن هذا لسحر مبين}قرأ ابن كثير وأهل الكوفة {قال الكافرون إن هذا لساحر مبين} بالألف قوله: {إن هذا} إشارة إلى المرسل وحجتهم قوله: {أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس فقال الكافرون إن هذا} يعني النبي صلى الله عليه {لساحر مبين}.وقرأ الباقون سحر مبين بغير ألف يعنون القرآن وحجتهم أن السحر يدل على الساحر لأن الفعل لا يكون إلا من فاعل والساحر قد يوجد ولا يوجد معه السحر.{هو الذي جعل الشمس ضياء ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون} 5.قرأ ابن كثير في رواية القواس جعل الشمس ضئاء بهمزتين وحجته قوله تعالى: {رئاء الناس} و{ضئاء} جمع ضوء مثل بحر وبحار والأصل ضواء فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصارت ضياء كما تقول ميزان وميقات وجائز أن يكون الضياء مصدرا مثل الصوم والصيام والأصل صوام فقلبت الواو ياء تقول ضاء القمر يضوء ضوءا وضياء كما تقول قام يقوم قياما.قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص {يفصل الآيات} بالياء إخبار عن الله وحجتهم قوله: {ما خلق الله ذلك إلا بالحق} فجعلوا الفعل مسندا إليه بلفظ التوحيد فكأنه قال يفصل الله الآيات.وقرأ الباقون {نفصل} بالنون وحجتهم أن ما جاء في القرآن من قوله: {فصلنا} و{نفصل} بلفظ الجمع كثير فألحق به ما كان له نظيرا ليكون الكلام على سياق واحد.{ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} 11.قرأ ابن عامر {لقضى إليهم} بفتح القاف والضاد أجلهم ذهب أي لقضى الله إليهم أجلهم وحجته قوله: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم} وقرأ الباقون {لقضي إليهم أجلهم} على ما لم يسم فاعله.{قل لو شاء الله ما تلوته عليك ولا أدرلكم به} 16.قرأ ابن كثير {ولأدراكم به} بغير مد لأنه كان لا يرى مد حرف لحرف.وقرأ الباقون {ولا أدراكم} أي ولا أدراكم الله به أي ولا أعلمكم به أي ولا أنزل هذا القرآن عليكم.{ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون} 18.قرأ حمزة والكسائي {سبحانه وتعالى عما تشركون} بالتاء وحجتهما أن ذلك أتى عقيب المخاطبة فأجرى الكلام على لفظ ما تقدمه وذلك قوله تعالى: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم} وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم} ولم يقل وتعبدون ما لا يضركم فلذلك جاء الإخبار في قوله: {عما يشركون} ولأن القرآن هو مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وأصحابه.{هو الذي يسيركم في البر والبحر} 22.قرأ ابن عامر هو الذي ينشركم بالنون والشين أي يبثكم وهو من النشر وحجته قوله تعالى: {فانتشروا في الأرض} وقرأ الباقون {يسيركم} من التسيير أي يحملكم في البر والبحر وعن ابن عباس يحفظكم إذا سافرتم.{إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحيوة الدنيا} 23.قرأ حفص عن عاصم {متاع الحياة الدنيا} وقرأ الباقون {متاع} بالرفع ورفعه من وجهين أحدهما أن يكون {متاع الحياة الدنيا} خبرا لقوله تعالى: {بغيكم على أنفسكم} والوجه الثاني أن يتم الوقف على قوله: {بغيكم على أنفسكم} ثم يبتدأ {متاع الحياة} على تقدير هو متاع فيكون خبر الابتداء قال الزجاج ومعنى الكلام أن ما تنالونه لهذا الفساد والبغي تتمتعون به في الدنيا.{كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} 27.قرأ الكسائي وابن كثير {قطعا من الليل} ساكنة الطاء وإسكانه على وجهين أحدهما أن تريد أن تجمع قطعة قطعا كما تقول في سدرة وسدر وبسرة وبسر وإن شئت جعلت القطع واحدا تريد ظلمة من الليل أو بقية من سواد الليل وقوله: {مظلما} من نعت القطع.وقرأ الباقون {قطعا} بفتح الطاء جمع قطعة مثل خرقة وخرق وكسرة وكسر وإنما اختاروا الجمع لأن معنى الكلام كأنما أغشي وجه كل إنسان منهم قطعة من الليل ثم جمع ذلك لأن الوجوه جماعة وجعلوا مظلما حالا من الليل المعنى أغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته.اعلم أن من حرك الطاء جعل مظلما حالا لليل كما ذكرنا لأنه لو كان من نعت القطع كانت مظلمة لأن القطع جمع.{هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت}قرأ حمزة والكسائي {هنالك تتلو} بالتاء قال الأخفش {تتلو} من التلاوة أي تقرأ كل نفس ما أسلفت وحجته قوله: {اقرأ كتابك} وقال آخرون تتلو أي تتبع كل نفس ما أسلفت.وقرأ الباقون {تبلو} بالباء أي تخبر وتعاين ومعنى تخبر تعلم كل نفس ما قدمت من حسنة أو سيئة.{كذلك حقت كلمت ربك}قرأ نافع وابن عامر {وكذلك حقت كلمات} بالألف وكذلك الذي بعده وحجتهما أنهما كتبتا في المصاحف بالتاء.وقرأ الباقون {كلمة ربك} وحجتهم إجماع الجميع على التوحيد في قوله: {وتمت كلمة ربك} فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.{أمن لا يهدي إلا أن يهدى}قرأ نافع أمن {لا يهدي} بإسكان الهاء وتشديد الدال الأصل يهتدي فأدغمت التاء في الدال وتركت الهاء ساكنة كما كانت.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش أمن {لا يهدي} بفتح التاء والهاء وتشديد الدال والأصل يهتدي فأدغموا التاء في الدال وطرحوا فتحتها على الهاء واحتجوا بقراءة عبد الله: {أمن لا يهتدي} وكان ابن عباس يقول إن محمد صلى الله عليه دعا قومه إلى دين الله وأرشدهم إلى طاعته فعصوه وهو أحق أن يتبع أم من لا يهتدي إلا أن يهدى أي يرشده غيره.قرأ حمزة والكسائي {أمن لا يهدي} ساكنة الهاء خفيفة الدال وحجتهما في ذلك أن يهدي في معنى يهتدي تقول هديت غيري وهديت أنا على معنى اهتديت قال الفراء العرب تقول هدى واهتدى بمعنى واحد وهما جميعا في أهل الحجاز وسمع أعرابي فصيح يقول إن السهم لا يهدي إلا بثلاث قذذ أي لا يهتدي.قرأ عاصم في رواية أبي بكر {أمن لا يهدي} بكسر الياء والهاء أراد يهتدي فأدغم التاء في الدال فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وكسر الياء لمجاورة الهاء وأتبع الكسرة الكسرة.وقرأ حفص {أمن لا يهدي} يفتح الياء وكسر الهاء في الجودة كفتح الهاء في الجودة والهاء مكسورة لالتقاء الساكنين.{ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} 45.قرأ حفص {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا} بالياء إخبار عن الله وقرأ الباقون بالنون الله يخبر عن نفسه.{آلآن وقد كنتم به تستعجلون} 51.قرأ نافع {آلان} بفتح اللام وإسقاط الهمزة نقل فتح الهمزة إلى اللام كما قرأ ورش الأرض ألاخرة وقرأ إسماعيل عن نافع آلان بإسكان اللام وبه قرأ الباقون على أصل الكلمة.{فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} 58.قرأ يعقوب في رواية رويس {فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون} بالتاء فيهما.اعلم أن كل أمر للغائب والحاضر لابد من لام تجزم الفعل كقولك ليقم زيد لينفق ذو سعة وكذلك إذا قلت قم واذهب فالأصل لتقم ولتذهب بإجماع النحويين فتبين أن المواجهة كثر استعمالهم لها فحذفت اللام اختصارا وإيجازا واستغنوا بافرحوا عن لتفرحوا وب قم عن لتقم فمن قرأ بالتاء فإنما قرأ على الأصل وجته أنها عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.أمرت أن أقرأ عليك قال قلت وقد سماني ربك قال نعم قال فقرأ علي يعني النبي صلى الله عليه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لتأخذوا مصافكم أي خذوا مصافكم فهذا أمر المواجهة.
|