الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآيات (18- 20): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)}{يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله} روى معن أو عون ابن مسعود أن رجلاً أتاه فقال: اعهد لي، فقال: إذا سمعت الله يقول: {يأيها الين ءامنوا} فأرعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه.وفي هذه التقوى وجهان:أحدهما: اجتناب المنافقين.الثاني: هو اتقاء الشبهات.{ولتنظر نفس ما قدمت لغد} قال ابن زيد: ما قدمت من خير أو شر.{لغد} يعني يوم القيامة والأمس: الدنيا. قال قتادة: إن ربكم قدم الساعة حتى جعلها لغد.{واتقوا الله} في هذه التقوى وجهان:أحدهما: أنها تأكيد للأولى.والثاني: أن المقصود بها مختلف وفيه وجهان:أحدهما: أن الأولى التوبة مما مضى من الذنوب، والثانية اتقاء المعاصي في المستقبل.الثاني: أن الأولى فيما تقدم لغد، الثانية فيما يكون منكم.{إن الله خبير بما تعملون} فيه وجهان:أحدهما: أن الله خبير بعملكم.الثاني: خبير بكم عليم بما يكون منكم، وهو معنى قول سعيد بن جبير.{ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم} فيه أربعة أوجه:أحدها: نسوا الله أي تركوا أمر الله، فأنساهم أنفسهم أن يعملوا لها خيراً، قاله ابن حبان.الثاني: نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم، قاله سفيان.الثالث: نسوا الله بترك شكره وتعظيمه فأنساهم أنفسهم بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضاً، حكاه ابن عيسى.الرابع: نسوا الله عند الذنوب فأنساهم أنفسهم عند التوبة، قاله سهل.ويحتمل خامساً: نسوا الله في الرخاء فأنساهم أنفسهم في الشدائد.{أولئك هم الفاسقون} فيه تأويلان:أحدهما: العاصون: قاله ابن جبير.الثاني: الكاذبون، قاله ابن زيد.{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} يحتمل وجهين:أحدهما: لا يستوون في أحوالهم، لأن أهل الجنة في نعيم، وأهل النار في عذاب.الثاني: لا يستوون عند الله، لأن أهل الجنة من أوليائه، وأهل النار من أعدائه.{أصحاب الجنة هم الفائزون} فيه وجهان:أحدهما: المقربون المكرمون.الثاني: الناجون من النار، قاله ابن حبان..تفسير الآيات (21- 24): {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}{لو أنزلنا هذا القرءآن على جبل} يحتمل وجهين:أحدهما: أن يكون خطاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إننا لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لما ثبت له بل انصدع من نزوله عليه، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له، فيكون ذلك امتناناً عليه أن ثبته لما لا تثبت له الجبال.الثاني: أنه خطاب للأمة، وأن الله لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله، والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتاً، فهو يقوم بحقه إن أطاع، ويقدرعلى رده إن عصى، لأنه موعود بالثواب ومزجور بالعقاب.وفيه قول ثالث: إن الله تعالى ضربه مثلاً للكفار أنه إذا نزل هذا القرآن على جبل خشع لوعده وتصدع لوعيده، وأنتم أيها المقهروون بإعجازه لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده.{هو الله الذي لا إله إلا هو} كان جابر بن زيد يرى أن اسم الله الأعظم هو الله، لمكان هذه الآية.{عالم الغيب والشهادة} فيه أربعة أقاويل:أحدها: عالم السر والعلانية، قاله ابن عباس.الثاني: عالم ما كان وما يكون.الثالث: عالم ما يدرك وما لا يدرك من الحياة والموت والأجل والرزق.الرابع: عالم بالآخرة والدنيا، قاله سهل.{هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس}في {القدوس} أربعة أوجه:أحدها: أنه المبارك، قاله قتادة، ومنه قول رؤبة:الثاني: أنه الطاهر، قاله وهب، ومنه قول الراجز: الرابع: معناه المنزه عن القبائح لاشتقاقه من تقديس الملائكة بالتسبيح فصار معناهما واحد.وأما {السلام} فهو من أسمائه تعالى كالقدوس، وفيه وجهان:أحدهما: أنه مأخوذ من سلامته وبقائه، فإذا وصف المخلوق بمثله قيل سالم وهو في صفة الله سلام، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: الثاني: أنه مأخوذ من سلامة عباده من ظلمه، قاله ابن عباس.وفي {المؤمن} ثلاثة أوجه:أحدها: الذي يؤمن أولياءه من عذابه.الثاني: أنه مصدق خلقه في وعده، وهو معنى قول ابن زيد.الثالث: أنه الداعي إلى الإيمان، قاله ابن بحر.وأما {المهيمن} فهو من أسمائه أيضاً، وفيه خمسة أوجه:أحدها: معناه الشاهد على خلقه بأعمالهم، وعلى نفسه بثوابهم، قاله قتادة، والمفضل، وأنشد قول الشاعر: والثاني: معناه الأمين، قاله الضحاك.الثالث: المصدق، قاله ابن زيد.الرابع: أنه الحافظ، حكاه ابن كامل، وروي أن عمر بن الخطاب قال: إني داع فهيمنوا، أي قولوا آمين حفظنا الدعاء، لما يرجى من الإجابة.الخامس: الرحيم، حكاه ابن تغلب واستشهد بقول أمية بن أبي الصلت: {العزيز} هو القاهر، وفيه وجهان:أحدهما: العزيز في امتناعه.الثاني: في انتقامه.{الجبار} فيه أربعة أوجه:أحدها: معناه العالي العظيم الشأن في القدرة والسلطان.الثاني: الذي جبر خلقه على ما شاء، قاله أبو هريرة، والحسن، وقتادة.الثالث: أنه الذي يجبر فاقة عباده، قاله واصل بن عطاء.الرابع: أنه الذي يذل له من دونه.{المتكبر} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: المتكبر عن السيئات، قاله قتادة.الثاني: المستحق لصفات الكبر، والتعظيم، والتكبر في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذم.الثالث: المتكبر عن ظلم عباده.{هو الله الخالق} فيه وجهان:أحدهما: أنه المحدِث للأشياء على إرادته.الثاني: أنه المقدر لها بحكمته.{الْبَارِئ} فيه وجهان:أحدهما: المميز للخلق، ومنه قوله: برئت منه، إذا تميزت منه.الثاني: المنشئ للخلق، ومنه قول الشاعر: {المصور} فيه وجهان:أحدهما: لتصوير الخلق على مشيئته.الثاني: لتصوير كل جنس على صورته. فيكون على الوجه الأول محمولاً على ابتداء الخلق بتصوير كل خلق على ما شاء من الصور. وعلى الوجه الثاني يكون محمولاً على ما استقر من صور الخلق، فيحدث خلق كل جنس على صورته وفيه على كلا الوجهين دليل على قدرته.ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن يكون لنقله خلق الإنسان وكل حيوان من صورة إلى صورة، فيكون نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن يصير شيخاً هرماً، كما قال النابغة: {له الأسماء الحسنى} فيه وجهان:أحدهما: أن جميع أسمائه حسنى لاشتقاقه من صفاته الحسنى.الثاني: أن له الأمثال العليا، قاله الكلبي. .سورة الممتحنة: .تفسير الآيات (1- 3): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}قوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرد التوجه إلى مكة أظهر أنه يريد خيبر، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إليهم وأرسل مع امرأة ذكر أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأنفذ علياً وأبا مرثد، وقيل عمر بن الخطاب، وقيل الزبير رضي الله عنهم، وقال لهما، اذهبا إلى روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذاه وعودا، فأتيا الموضع فوجداها والكتاب معها، فأخذاه وعادا، فإذا هو كتاب حاطب فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه فقد خان الله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم قد شهد بدراً، فقالوا: بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم إني بما تعملون خبير. ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله كنت امرأ مصلقاً من قريش وكان لي بها مال فكتبت إليهم بذلك، والله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حاطب فلا تقولوا له إلآ خيراً. فنزلت هذه الآية والتي بعدها.وفي قوله تعالى: {تسرون إليهم بالمودة} وجهان:أحدهما: تعلمونهم سراً أن بينكم وبينهم مودة.الثاني: تعلمونهم سراً بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم بمودة بينكم وبينهم.
|