الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{مأبض} * فيه <أنه بال قائماً، لِعلَّة بمَأبِضَيْه> المَأبِضْ: باطِن الرُّكْبة ها هنا، وأصله من الإباض، وهو الحَبْل الذي يُشَدُّ به رُسْغ البَعير إلى عَضُده. والمأبِض: مَفْعِل منه. أي موضع الإباض، والميم زائدة. تقول العرب: إنّ البَول قائماً يَشْفي من تلك العِلة (جاء بهامش ا: <وأقول لعل وجه قيامه صلى اللّه عليه وسلم عدم قدرته على القعود، لعلَّة في ركبتيه، لا لما ذكره؛ لأنه لا يظهر وجه للتشفي من تلك العلة بالبول قائماً، كما لا يخفى> ). {مأتم} * في بعض الحديث <فأقاموا عليه مَأتَماً> المأتَم في الأصل: مُجْتَمَعُ الرجال والنساء في الحُزن والسُّرور، ثم خُصَّ به اجتماع النساء للموت. وقيل: هو للشَّوابِّ منهنّ لا غيرُه. والميم زائدة. {مأثرة} * فيه <الاَ إنَّ كلْ دَمٍ ومَأْثَرَةٍ مِن مآثِر الجاهلية فإنها تحت قدَمَيَّ هاتَيِن> مَآثِر العرب: مَكارِمُها ومَفاخِرها التي تُؤثر عنها وتُروَى. والميم زائدة. {مأرب} * قد تكرر في الحديث ذكر <مَأرِب> بكسر الراء، وهي مدينة باليمن كانت بها بلْقِيس. {مأزم} * فيه <إني حَرّمْت المدينة حَراماً ما بين مَأْزِمَيْها> المَأزِم: المَضِيق في الجبال حيث يَلْتَقي بعضُها ببعض ويَتَّسِع ما وراءه. والميم زائدة، وكأنه من الأزم: القُوّة والشِدّة. ومنه حديث ابن عمر <إذا كنتَ بين المأزِميْن دُونَ مِنىً، فإنّ هناك سَرْحةً سُرّ تحتَها سبعون نَبِيّاً> وقد تكرر في الحديث. {مأصر} * في حديث سعيد بن زيد <حُبِست (ضبط في ا: <حَبَسْتُ> ) له سفينةٌ بالمَأصِرِ> هو موضع تُحْبَس فيه السُّفُن، لأخْذ الصدقة أو العُشْر ممّا فيها. والمَأصِر: الحاجِز. وقج تُفتح الصاد بلا همز، وقد تُهْمَز، فيكون من الأصْر: الحبْس. والميم زائدة. يقال: أصَرَه يأصِرُه أصْراً، إذا حَبَسه. والموضع: مأصِر ومَأصَر. والجمع: مآصِرُ. {ماس} * في حديث مُطَرَّف <جاء الهُدْهُدُ بالماسِ، فألقاه على الزُّجاجة فَفَلَقها> ألمَاس: حَجَر معروف يُثْقَب به الجَوهر ويُقطَع ويُنْقَش، وأظُنُّ الهمزة واللام فيه أصْلِيَّتَين، مثلهما في: إلْياس، وليست بعَربيَّة، فإن كان كذلك فبابُه الهَمْزة، لِقَولهم فيه: الألْماس. وإن كانت للتَّعريف، فهذا موضِعه. يقال: رجلٌ ماسٌ، بوَزْن مالٍ: أي خفيفٌ طَيَّاش. {مأق} * فيه <أنه كان يَكْتحِل من قِبَل مُؤْقِه مرَّةً، ومن قِبَلِ مَأْقِه مرّة> مُؤق العين: مُؤخَّرُها، ومَأقُها: مُقَدَّمُها. قال الخطّابي: مِن العرب من يقول: مَأقٌ ومُؤقٌ، بضَمِّهما، وبعضهم يقول: مَأقٍ ومُؤقٍ، بكسرِهما، وبعضُهم [يقول] (زيادة من ا): ماقٍ بغير همز، كقاضٍ. والأفْصَح الأكثر: المَأقِي، بالهمز والياء، والُؤقُ بالهمز والضم، وجَمْع الُمؤقِ: آماق وأماق، وجَمْع المَأقِي: مآقِي. (ه) ومنه الحديث <أنه كان يَمْسَح المأقِيَين> هي تَثْنِية المَأقِي. [ه] وفي حديث طَهْفَة <ما لم تُضْمِروا الإماق> الإماق: تخفيف الإمْآق، بحذف الهمزة وإلْقاء حَركَتِها على الميم، وهو من أمْأقَ الرجلُ، إذا صار ذا مَأقَة، وهي الحَمِيَّة والأنَفَة. وقيل: الحِدّة والجَراءة. يقال: أمْاق الرجُل يُمئِق إمْآقاً، فهو مَئِيق. فأطْلَقَه على النَّكْث والغَدْرِ؛ لأنهما (في الهروي: <لأنه يكون من أجل الأنفة والحمية أن يسمعوا ويطيعوا> ورواية اللسان كرواية ابن الأثير، لكن فيه: <أن تسمعوا وتطيعوا>. وجاء في الصحاح: <يعني الغيظ والبكاء ممّا يلزمكم من الصدقة. ويقال: أراد به الغدر والنكث> ) من نَتائج الأنَفَة والحَمِيَّة أن يَسْمَعوا ويُطِيعوا. قال الزمخشري: <وأوْحَه من (في الفائق 2/8: <منه> ) هذا المكان الإمِاق مَصدر: أماقَ (بعده في الفائق: <على ترك التعويض. كقولهم: أريته إراءً. وكقوله تعالى: وإقامِ الصَّلاةِ> )، وهو أفعل من المُوق، بمعنى الحُمق. والمراد إضْمار الكُفر، والعمل على تَرك الاسْتِبْصار في دِين اللّه تعالى>. {مأل} * في حديث عمرو بن العاص <إنّي واللّهِ ما تَأبَّطَتْنِي الإماء، ولا حَمَلَتْني البَغا في غُبَّراتِ المَآلِي> المَآلِي: جَمْع مِثلاْةٍ - بوَزْن سِعْلاة - وهي ها هنا خِرْقة الحائض، وهي خِرقة النائحة أيضاً. يقال: آلَتِ المرأة إيلاءً، إذا اتَّخَذَت مِئلاة، ومِيمُها زائدة. نَفَى عن نفسِه الجمع بين سُبَّتَين: أن يكون لِزِنْيَة، وأن يكون مَحْمولاً في بَقِيَّة حَيضة. {مأم} في حديث ابن عباس <لا يَزال أمْرُ الناس مُؤامّاً، ما لم يَنْظُروا في القَدَر والوِلْدان> أي لا يَزالُ جارِياً على القصد والاستِقامة. والمُؤامُّ: المُقارِب، مُفاعِل من الأمِّ، وهو القصد، أو من الأمَمِ: القُرْب. وأصله: مُؤامِم، فأُدْغِم. ومنه حديث كعب <لا تَزال الفِتنةُ مُؤامّاً بها ما لم تَبْدَأْ من الشام> مُؤامّ ها هنا: مُفاعَل بالفتح، على المفعول؛ لأن معناه: مُقارَباً بها، والباء للتَّعْدية. ويروى <مُؤماً> بغير مَدٍّ. {مأن} [ه] في حديث ابن مسعود <إنَّ طُولَ الصلاة وقِصَرَ الخُطْبة مَئِنّةٌ من فِقْه الرجُل> أي إنّ ذلك مما يُعَرف به فِقْهُ الرجل. وكل شيء دَلّ على شيء فهو مَئِنّةٌ له، كالمَخْلَقة والمَجْدَرة. وحقيقتُها أنها مَفْعِلة من معنى <إنَّ> التي للتحقيق والتأكيد، غير مُشْتَقَّة من لفظِها، لأن الحروف لا يُشْتَق منها، وإنما ضُمِّنَت حروفَها، دَلالةً على أنّ معناها فيها. ولو قيل: إنها اشْتُقَّت من لفظِها بعد ما جُعِلَت اسماً لكان قوْلاً. ومن أغْرب ما قيل فيها: أنّ الهمزة بدل من ظاء المَظِنّة، والميم في ذلك كله زائدة. وقال أبو عبيد: معناه أنّ هذا مما يُسْتدلّ به على فِقه الرجل. قال الأزهري: جعل أبو عبيد فيه الميم أصلية، وهي ميم مَفْعِلة (بعد هذا في الهروي: <فإن كان كذلك فليس هو من هذا الباب> ). {ماء} * في حديث أبي هريرة <أمّكم هاجَرُ يا بَني ماء السماء> يريد العرب، لأنهم كانوا يَتَّبِعون قَطْر السماء، فيَنْزِلون حيث كان، وألِفُ <الماء> مُنْقَلِبة عن واوٍ، وإنما ذكرناه ها هنا لظاهر لفْظِه. {متت} * في حديث علي <لا يَمُتّان إلى اللّه بِحَبْل، ولا يَمُدّانِ إليه بِسَبَب> المتُّ: التَّوَسُّل والتوصُّل بحُرْمةٍ أو قَرابة، أو غير ذلك. تقول: مَتَّ يَمُتُّ مَتّاً، فهو ماتٌّ. والاسم: ماتَّة، وجمعها: مَواتٌّ، بالتشديد فيهما. {متح} * في حديث جرير <لا يُقامُ ماتِحُها> الماتِح: المُسْتَقِي من البئر بالدَّلْو من أعْلَى البئر، أراد أنّ ماءَها جارٍ على وجهِ الأرض فليس يُقام بها ماتِحٌ، لأن الماتِحَ يَحتاج إلى إقامتِه على الآبار ليَسْتَقِيَ. والمايح، بالياء: الذي يكون في أسفل البئر يَملأ الدَّلْو. تقول: مَتَح الدَّلْوَ يَمْتحُها مَتْحاً، إذا جذَبها مُسْتقِياً لها، وماحَها يَمِيحُها: إذا مَلأها. (ه) ومنه حديث أُبَيٍّ <فلم أرَ الرجالَ مَتَحت أعْناقَها إلى شيء مُتُوجَها إليه> أي مَدّت أعناقَها نحوه. وقوله <مُتُوحَها> مصدرٌ غير جارٍ على فِعله، أو يكون كالشُّكور والكُفور. (ه) ومنه حديث ابن عباس <لا تُقْصَرُ الصلاةُ إلاَّ في يومٍ مَتَّاح> أي يومٍ يَمْتَدُّ سَيُره من أوّل النهار إلى آخره. ومَتَح النهار، إذا طال وامْتَدّ. {متخ} (س) فيه <أنه أُتِيَ بسَكْرانَ، فقال: اضَرِبوه، فضَرَبوه بالثِّياب والنِّعال والمِتِّيخة> وفي رواية <ومنهم من جَلَده بالمِتِّيخة>. هذه اللفظة قد اخْتُلف في ضبْطها. فقيل: هي بكسر الميم وتشديد التاء، وبفتح الميم مع التشديد، وبكسر (في الأصل: <وكسر> والمثبت من ا، واللسان) الميم وسكون التاء قبْل الياء، وبكسر الميم وتقديم الياء الساكنة علىالتاء. قال الأزهري: وهذه كلها أسماءٌ لِجَرائد النخل، وأصل العُرْجون. وقيل: هي اسمٌ للعَصا. وقيل: القَضيب الدَّقيق اللَّيِّن. وقيل: كلُّ ما ضُرِب به من جَريد أو عَصاً أو دِرّة، وغير ذلك. وأصلُها - فيما قيل - مِن مَتَخَ اللّهُ رَقَبته بالسَّهْم، إذا ضَرَبه. وقيل: مِن تَيَّخَة العذابُ، وطَيَّخَه، إذا ألَحَّ عليه، فأُبدلَت التاء من الطاء. ومنه الحديث <أنه خَرج وفي يده مِتَّيخة، في طَرَفها خُوصٌ، مُعْتَمِداً على ثابت بن قَيْس>. {متع} * فيه <أنه نَهَى عن نِكاح المُتْعة> هو النِّكاح إلى أجَلٍ مُعَيَّن، وهو من التَّمتُّع بالشيء: الانْتفاع به. يقال: تَمتَّعْتُ به أتَمتَّع تَمتُّعاً. والاسم: المُتْعة، كأنه يَنْتفع بها إلى أمَدٍ معلوم. وقد كان مُباحاً في أوّل الإسلام. ثم حُرِّم، وهو الآن جائز عند الشِّيعة. وفيه ذكر <متعة الحج> التمتُّع بالحج له شَرائطُ معروفة في الفقه، وهو أن يكون قد أحْرَم في أشْهُر الحج بعُمرة، فإذا وَصَل إلى البيت وأراد أن يُحِلَّ ويَستعمِل ما حَرُم عليه، فسبيلُه أن يَطُوفَ ويَسْعَى ويُحِلَّ، ويُقيمَ حَلالاً إلى يوم الحج، ثم يُحْرِم من مكة بالحج إحْراماً جديداً، ويَقِف بعَرَفةَ ثم يطوف ويَسْعى ويُحِلّ من الحج، فيكون قد تَمتَّع بالعُمْرة في أيام الحج: أي انْتَفَع؛ لأنهم كانوا لا يَرَوْن العمرة في أشْهُر الحج، فأجازها الإسلام. وفيه <أن عبد الرحمن طَلَّق إمْرأةً (في الأصل <إمرأته> وأثبتُّ ما في ا، واللسان، ونسخهٍ من النهايه بدار الكتب المصريه، برقم 517 حديث.) فمتَّع بِوَليدة> أي أعْطاها أمةً، وهي مُتْعَة الطلاق. وَيُسْتَحَبّ للمطلِّق أن يُعْطِيَ إمرأته عند طَلاقِها شيئا يَهَبُها إيَّاه. وفي حديث ابن الأكْوَع <قالوا: يا رسول اللّه، لولا مَتَّعْتَنا به> أي هَلاَّ تَركْتَنا نَنَتَفع به. وقد تكرر ذِكْر <التَّمتُّع، والمُتْعة، والاسْتِمتاع> في الحديث. وفي حديث ابن عباس <أنه كان يُفْتي الناس حتى إذا متَعَ الضُّحَى وسَئِم> مَتَع النهار، إذا طال وامْتَدّ وتعالى. ومنه حديث مالك بن أوس <بَيْنَا أنا جالسٌ في أهلي حين مَتَع النهارُ إذا رسولُ عُمر، فانْطَلَقْت إليه>. (ه) ومنه حديث كعب والدَّجَّال <يُسَخَّر معه جبلٌ ماتِعٌ، خِلاطُه ثَرِيد> أي طويلٌ شاهِق. (ه) وفيه <أنه حرَّم (في الهروي: <حرم شجر المدينة> ) المدينة ورَخَّص في مَتَاع الناضح> أراد أداة البَعير التي تُؤخَذ من الشجر، فَسَّماها مَتاعاً. والمتاع: كلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا، قَليلها وكثيرها. {متك} [ه] في حديث عمرو بن العاص <أنه كان في سَفر، فرفع عقِرتَه بالغناء، فاجْتمع الناس عليه، فقَرأ القرآن فتَفَرقوا، فقال يا بَني المَتْكاء، إذا أخَذْتُ في مَزامير الشيطان اجتمعتم، وإذا أخَذْتُ في كتاب اللّه تَفَرّقْتم> المَتْكاء: هي التي لم تُخْتَن. وقيل: هي التي لا تَحْبِس بَوْلَها. وأصلُه من المَتْك، وهو عِرْق بَظْر المرأة. وقيل: أراد يا بَني البَظْراء. وقيل: هي المُفْضاة. {متن} * في أسماء اللّه تعالى <المَتين> هو القوِيّ الشديد، الذي لا يَلْحقُه في أفعاله مَشَقَّة، ولا كُلْفَة ولا تَعَب. والمتانة: الشدّة والقوّة، فهو من حيث إنه بالِغُ القُدرة تامُّها قوِيٌّ، ومن حيث إنه شديدُ القوّة مَتين. (س) وفيه <مَتَن بالناسِ يومَ كذا> أي سارَ بهم يَوْمَه أجْمَع. ومَتَن في الأرض، إذا ذَهَب. {مثث} (س) في حديث عمر <أنّ رجلاً أتاه يَسأله، قال: هَلَكْتُ، قال: أهَلَكْتَ وأنت تَمُثُّ مَثَّ الحَمِيتِ؟> أي تَرْشَح من السِّمَن. ويُروى بالنون. وفي حديث أنس <كان له مِنديلٌ يَمُثُّ به الماء إذا توضأ> أي يَمَسح به أثرَ الماء ويُنَشِّفُه. {مثل} * فيه <أنه نَهَى عن المُثْلة> يقال: مَثَلْتُ بالحيوان أمْثُل به مَثْلاً، إذا قَطَعْتَ أطرافه وشَوّهْتَ به، ومَثَلْت بالقَتيل، إذا جَدَعْت أنفه، أو أذُنَه، أو مَذاكِيرَه، أو شيئاً من أطرافِه. والاسم: المُثْلة. فأمَّا مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالَغة. ومنه الحديث <نَهى أن يُمَثّلَ بالدَّواب> أي تُنْصَب فترْمَى، أو تُقْطَع أطرافُها وهي حَيَّة. زاد في رواية <وأن تُؤْكلَ المَمثْوُلُ بها>. ومنه حديث سُوَيد بن مُقَرِّن <قال له ابنُه معاوية: لَطَمْتُ مَولىً لنَا فدَعاه أبي ودَعاني، ثم قال: امْثَلْ منه - وفي رواية - امْتَثِل، فعَفَا> أي اقْتَصَّ منه. يقال: أمْثَل السلطانُ فُلاناً، إذا أقادَه. وتقول للحاكم: أمْثِلْني، أي أقِدْنِي. ومنه حديث عائشة تَصِف أباها <فحَنَتْ له قِسِيَّها، وامْتَثلوه غَرَضاً> أي نَصَبوه هَدفاً لسِهام مَلامهم وأقوالهم. وهو افْتَعل، من المُثْلة. وقد تكرر في الحديث. (ه) ومنه الحديث <مَن مَثَل بالشَّعَر فليس له عند اللّه خَلاقٌ يومَ القيامة> مُثْلَة الشَّعَر: حَلْقُه من الخدود. وقيل: نَتْفُه أو تَغْييره بالسَّواد. ورُوي عن طاوُس أنه قال: جَعله اللّه طُهْرَةً، فجَعَله نَكالاً. (ه) وفيه <من سَرَّه أنْ يَمْثُلَ له الناسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه من النار> أي يقومون له قِياماً وهو جالس. يقال: مَثَل الرجُل يَمْثُل مُثُولاً، إذا انْتَصب قائماً. وإنما نُهِي عنه لأنه من زِيِّ الأعاجم، ولأن الباعث عليه الكِبْرُ وإذْلالُ الناس. ومنه الحديث <فقام النبي صلى اللّه عليه وسلم مُمْثِلاً> يُروى بكسر التاء وفتحها: أي مُنْصِباً قائماً. هكذا شُرِح. وفيه نَظَر من جهة التصريف. وفي رواية <فمَثَل قائماً>. وفيه <أشدُّ الناسِ عذاباً مُمثِّلٌ من المُمَثِّلين> أي مُصَوِّر. يقال: مَثَّلْتُ، بالتَّثْقيل والتخفيف، إذا صورّتَ مِثالاً. الاسم منه. وظِل كل شيء: تمثالُه. وَمَثَّلَ الشيء بالشيء: سَوَّاه وشَبَّهه به، وجعله مِثله وعلى مِثاله. ومنه الحديث <رأيت الجنة والنار مُمثَّلَتين في قِبْلة الجِدار> أي مُصوَّرتين، أو مثالهما. ومنه الحديث <لا تُمثَّلوا بنامِية اللّه> أي لا تُشَبِّهوا بخَلْقه، وتُصوروا مثل تَصْويره. وقيل: هو من المُثلة. (س [ه]) وفيه <أنه دَخل على سَعْد وفي البيت مِثالٌ رَثٌ> أي فِراشٌ خَلَقٌ. (س [ه]) ومنه حديث علي <فاشْترى لكل واحدٍ منهما (في الهروي. واللسان: <منهم> والقصة مبسوطة في اللسان) مِثَالين> وقيل: أراد نَمَطَيْن، والنَّمطُ: ما يُفْتَرش من مَفارِش الصوف المُلوّنة. (س) ومنه حديث عِكْرِمة <أنَّ رجلاً من أهل الجنة كان مُسْتَلْقياً على مُثلِه> هي جمع مِثال، وهو الفِراش. وفي حديث المِقْدام <أنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ألا إني أُوتيت الكِتابَ ومِثْلَه معه> يحتمل وجْهين من التأويل: أحدُهما: أنه أوتِيَ من الوَحْي الباطن وحْياً، وأُوتِيَ من البَيان مِثلَه: أي أُذِنَ له أن يُبيِّن ما في الكتاب، فَيَعُم، ويَخُصّ، ويَزِيد، ويَنْقص، فيكون في وجُوب العَمل به ولُزوم قَبوله، كالظاهر المَتْلُوّ من القرآن. (س) وفي حديث المقداد <قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن قَتْلتَه كنتَ مثلَه قبل أن يقول كلِمتَه> أي تكون من أهل النار إذا قتلْتَه، بعد أن أسْلَم وتَلَفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التَّلفُّظ بالكلِمة من أهل النار، لا أنه يصير كافراً بقَتْله. وقيل: معناه: أنك مِثله في إباحة الدَّم، لأن الكافر قبل أن يُسْلِم مُباحُ الدَّم، فإن قَتَله أحدٌ بعد أن أسْلم كان مُباحَ الدَّم بحق القِصاص. (س) ومنه حديث صاحب النَّسْعة <إن قَتَلْتَه كنتَ مِثلَه> جاء في رواية أبي هريرة <أن الرجل قال: واللّه ما أردتُ قَتْله> فمعناه أنه قد ثبت قتْلُه إياه، وأنه ظالم له، فإن صَدَق هو في قوله: إنه لم يُرْد قتله، ثم قَتَلتَه قصاصاً كنتَ ظَالِماً مِثله، لأنه يكون قد قَتَله خطأ. (ه) وفي حديث الزكاة <أمّا العباسُ، فإنها عليه ومثُلها معها> قيل: (القائل هو أبو عبيد، كما في الهروي) إنه كان أخَّر الصدقةَ عنه عَامين، فلذلك قال: <ومثْلُها معها>. وتأخير الصدقة جائز للإمام إذا كان بصاحبها حاجةٌ إليها. وفي رواية <قال: فإنها عليَّ ومثْلُها معها> قيل: إنه كان اسْتَسلف منه صدقةَ عامَين، فلذلك قال: <عليَّ>. وفي حديث السَّرِقة <فعليه غَرامةُ مِثْلَيْه> هذا على سبيل الوَعيد والتَّغْلِيظ، لا الوُجوب؛ ليَنْتَهِيَ فاعُله عنه، وإلا فلا واجبَ على مُتْلِف الشيء أكثرُ من مِثله. وقيل: كان في صَدْر الإ وكذلك قوله في ضالّة الإبل <غَرامَتُها ومِثْلها معها> وأحاديثُ كثيرة نحوه، سَبيلها هذا. السَّبيل من الوَعيد. وقد كان عُمر يَحْكُم به. وإليه ذَهب أحمد، وخالَفه عامَّة الفقهاء. وفيه <أشد الناس بَلاءً الأنبياء، ثم الأمْثَلُ فالأمْثَل> أي الأشْرف فالأشْرف، والأعْلَى فالأعلى، في الرُّتْبة والمَنْزِلة. يقال: هذا أمْثَلُ مِن هذا: أي أفضل وأدْنَى إلى الخير. وأماثِل الناس: خيارُهم. ومنه حديث التراوِيح <قال عمر: لو جَمَعْتُ هؤلاء على قارىء واحدٍ لكان أمْثَلَ> أي أوْلَى وأصْوَب. وفيه <أنه قال بعد وقْعَة بَدْر: لو كان أبو طالب حَيّاً لرأى سُيوفَنا قد بَسأت بالمَياثِل>. قال الزمخشري: معناه: اعْتادت واسْتَأنَسَت بالأماثِل. {مئن} (ه س) في حديث عَمّار <أنه صَلَّى في تُبَّانٍ، وقال: إنّي مَمْثُون> هو الذي يَشْتَكي مَثانَتَه، وهو العُـِضُو الذي يَجْتمع فيه البَوْل داخِل الجَوف، فإذا كان لا يُمسِك بَوْلَه فهو أمْثَنُ. {مجج} (ه) فيه <أنه أخَذ حُسْوةً من ماءٍ فَمجّها في بئر، ففاضت بالماء الرَّواء> أي صَبَّها. ومنه مَجَّ لُعابَه، إذا قذفه. وقيل (القائل هو خالد بن حنْبة. كما ذكر الهروي): لا يكون مَجّاً حتى يُباعَد به. ومنه حديث عمر <قال في المَضْمَضة للصائم: لا يَمُجُّه، ولكن يَشْرَبه، فإنْ أوّلَه خيرُه> أراد المَضْمضة عند الإفْطار: أي لا يُلْقيه من فيه فيَذْهَبَ خُلوفُه. ومنه حديث أنس <فمَجَّه في فيه>. وحديث محمود بن الربيع <عَقَلْتُ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مَجَّةً مَجَّها في بِئرٍ لَنا>. (ه) وفيه <أنه كان يأكل القِثَّاء بالمُاج> أي بالعَسلِ؛ لأنَّ النَّحْل تَمُجُّه. (س) ومنه الحديث <أنه رأى في الكعبة صورَةَ إبراهيم، فقال: مُرُوا المُجّاج يُمَجْمِجُون عليه> المُجّاج: جَمْع ماجٍّ، وهو الرجُل الهَرِم الذي يَمُجُّ رِيقَه ولا يستطيع حبْسَه. والمَجْمَجة: تغييرُ الكتاب وإفْسادُه عما كُتِب. يقال: مَجْمَج في خبره: أي لم يَشْفِ. ومَجْمَج بي: رَدَّنِي (في الأصل، وا: <ردَّدني> والمثبت من نسخة النهاية برقم 590 حديث، بدار الكتب المصرية. ومن القاموس أيضاً. وجاء في اللسان: <قال شجاع السُّلَميّ: مجمج بي وبجبج، إذا ذهب بك في الكلام مذهباً على غير الاستقامة، وردَّك من حال إلى حال> ) من حال إلى حال. وفي بعض الكتُب: <مُروا المَجَّاج> بفتح الميم: أي مُروا الكاتب يُسَوِّدُه. سُمّي به لأن قَلمه يَمُجُّ المِداد. (ه) وفي حديث الحسن <الأذُنُ مَجَّاجةٌ وللنفس (في الهروي: <والنفْس> ) حَمْضة> أي لا تَعِي كلَّ ما تَسْمَع وللنَّفْس شَهْوةٌ في اسْتِماع العلم. (ه) وفيه <لا تَبِعِ العِنَبَ حتى يَظْهَر مَجَجُه> أي بُلوغه. مَجَّجَ العِنَبُ يُمَجَّج، إذا طاب وصار حُلْواً. ومنه حديث الخُدْرِي <لا يَصْلُح السَّلَفُ في العِنَب والزيتون وأشباه ذلك حتى يُمَجَّجَ>. ومنه حديث الدَّجَال <يُعَقِّل الكَرْمُ ثم يُكَحِّبَ ثم يُمَجَّجُ>. {مجد} [ه] في أسماء اللّه تعالى <المَجِيد، والماجِد> المَجْد في كلام العرب: الشَّرَف الواسع. ورجُلٌ ماجِد: مِفْضال كثير الخير شريف. المَجِيد: فعِيل منه للمبالغة. وقيل: هو الكريم الفِعَال. وقيل: إذا قارَن شَرفُ الذات حُسْنَ الفِعال سُمِّيَ مَجْداً. وفعيل أبْلَغ من فاعِل، فكأنَّه يَجْمع معنى الجليل والوهّاب والكريم. (س) وفي حديث عائشة <ناوِلِيني المَجيد> أي المُصْحَف، هو من قوله تعالى: <بَلْ هو قرآنٌ مَجِيدٌ>. ومنه حديث قراءة الفاتحة <مَجَّدَني عبدي> أي شَرَّفَني وعَظَّمَني. (س) ومنه حديث علي <أمّا نحن بنو هاشِم فأَنْحادٌ أَمْجَادٌ> أي أشْرافٌ (في ا، واللسان: <شِرافٌ> والمثبت في الأصل) كِرام، جمع مجِيد، أو ماجِد، كأشْهاد في شَهيد (في الأصل: <وشاهد> والمثبت من ا، واللسان) شاهد. وقد تكررّت هذه اللفَّظْة وما تَصَرّف منها في الحديث. {مجر} (ه) فيه <أنه نَهَى عن المَجْر> أي بيع المَجْر، وهو ما في البُطون، كنَهْيه عن المَلاقيح. ويجوز أن يكون سُميّ (في ا: <قد سمَّى> ) بيعُ المَجْر مَجْراً اتّساعاً وَمجازاً، وكان من بِياعات الجاهلية. يقال: أمْجَرت إمْجاراً، ومجَرت مُماجَرةً. ولا يقال لِما في البطن مَجْرٌ، إلاَّ إذا أثْقَلَت الحامِل، فالمَجْر: اسم للحَمْل الذي في بطن الناقة. وحَمْل الذي في بطنِها: حَبَلُ الحَبَلَة، والثالث: الغَمِيس. قال القُتَيْبي: هو المَجَر، بفتح الجيم. وقد أُخِذَ عليه؛ لأنَّ المَجَر داءٌ في الشاء، وهو أن يَعْظُمَ (في الأصل، وا: <تعظم> والمثبت من الأساس، واللسان. قال في (بطن): <البطن مذكَّر. وحكى أبو عبيدة أن تأنيثه لغة> ) بطن الشاة الحامِل فتَهْزُل، وربّما رمَت بولَدِها. وقد مَجَرَت وأمْجَرَت. ومنه الحديث <كلّ مَجْرٍ حَرام> قال الشاعر: ألم تَكُ مَجْراً (في الفائق 3/8: <يكُ...ولا يحلُّ> ) لا تَحِلُّ لمُسْلمٍ * نهاهُ أمِيرُ المِصْرِ عنه وعامِلُهُ. (ه) وفي (في الأصل: <ومنه> والمثبت من: ا، واللسان) حديث الخليل عليه السلام <فيَلْتَفت إلى أبيه وقد مَسَخَه اللّه ضِبْعاناً أمْجَرَ> الأمْجر: العظيم البَطْنِ المَهْزُول الجِسم. (س) وفي حديث أبي هريرة <الحَسنة بعشْر أمْثالِها، والصَّوم لِي وأنا أجْزي به، يذَرُ طَعامَه وشَرابه مِجْرَايَ> أي من أجْلي. وأصلُه: من جَرَّايَ، فحذف النون وخفَّف الكلمة. وكثيراً ما يَرِدُ هذا في حديث أبي هريرة. {مجس} (س) فيه <القَدَرِيَّة مَجوسُ هذه الأُمَّة> قيل: إنما جَعَلَهم مَجُوساً؛ لِمُضاهاة مَذْهَبهم مذهبَ المَجوس، في قولهم بالأصْلَين، وهما النور والظُّلْمة، يَزْعُمون أنَّ الخير من فِعْل النور، والشرَّ من فعِل الظَّلْمة. وكذا القَدَرِية يُضِيفون الخير إلى اللّه، والشرَّ إلى الإنسان والشيطانِ. واللّه تعالى خالِقُهما معاً. ولا يكون شيءٌ منهما إلاَّ بمَشِيئتِه، فهما مضافان إليه، خَلْقاً وإيجاداً، وإلى الفاعِلين لهما، عَمَلاً واكْتِساباً. {مجع} (ه) في حديث ابن عبد العزيز <دَخل على سليمان بن عبد المَلِك فمازَحَه بكلمة، فقال: إيَّايَ وكلامَ المِجَعَة> هي جَمْع: مِجْع، وهو الرجُل الجاهل. وقيل: الأحْمَق، كقِردٍ وقِرَدَة. ورجُلٌ مِجْعٌ، وامرأةٌ مِجْعة. قال الزمخشري (انظر الفائق 3/10): لو رُوي بالسكون لكان المرادُ: إيَّاي وكلامَ المرأة الغَزِلة، أو تكون التاء للمبالغة. يقال: مجَعَ (ككَرُم، ومنَعَ. كما في القاموس) الرجُل يَمْجُع مَجاعةً، إذا تَماجَن ورَفَث في القول. ويُرْوَى <إيَّاي وكلامَ المَجاعة> أي التصريح بالرَّفَث. ومعنى إيَّاي وكذا: أي نَحِّنِي عنه وجَنَّبْني. (س) وفي حديث بعضهم <دَخَلْتُ على رجلٍ وهو يَتَمَجَّع> التَّمَجُّع والمَجْع: أكْلُ التَّمر باللبن، وهو أن يَحْسُوَ حُسْوةً من اللبن، ويأكل على أثَرِها تَمْرة. {مجل} (ه) فيه <أنّ جبريل نَقَر رأس رجل من المُسْتَهْزِئين، فَتَمَجَّل رأسهُ قَيْحاً ودَماً> أي امْتَلأ. يقال: مَجَلَت يدُه تَمْجُل مَجْلاً، ومَجِلَت تَمْجَلُ مَجَلاً، إذا ثَخُن جِلْدُها وتَعَجَّر، وظَهر فيها ما يَشْبِه البَثْر، من العمل بالأشياء الصُّلْبَة الخَشِنة. (ه) ومنه حديث فاطمة <أنها شَكَت إلى عليٍّ مَجْلَ يديْها من الطَّحْن>. وحديث حذيفة <فيَظَلّ أثَرُها مثل أثَر المَجْل>. (س) وفي حديث ابن واقِد <كُنَّا نَتَماقَلُ في ماجِلٍ أو صِهْريج> الماجِل: الماء الكثير المُجْتَمِع. قاله ابن الأعرابي بكسر الجيم، غير مهموز. وقال الأزهري: هو بالفتح والهمز. وقيل: إن مِيمَه زائدة، وهو من باب: أجَل. وقيل: هو مُعَرَّب. والتَّماقُل: التَّغاوُضُ في الماء. وفي حديث سُوَيد بن الصامِت <مَعي مَجَلَّة لُقْمان> أي كتابٌ فيه حِكْمة لُقمان. والميم زائدة. وقد تقدّم في حرف الجيم. {مجن} * قد تكرر في ذِكر الحديث <المِجَنِّ والمَجَانّ> (ضبط في الأصل، واللسان: <المِجان> بكسر الميم. وضبطته بالفتح من: ا. قال في المصباح (جنن): <والجمع المَجانّ، وِزان دَوابّ> ) وهو التُّرْس والتِّرَسَة. والميم زائدة لأنه من الجُنَّة: السُّتْرة. وقد تقدّم في الجيم. وفي حديث بلال: وهل أرِدَنْ يوماً مِياهَ مَـِجَـنَّـةٍ ** وهل يَبْدُوَنْ لِي شامةٌ وطَفِيلُ مَـِجَـنَّـةٍ موضع بأسفل مكة على أميال. وكان يقام بها للعرب سُوق. وبعضهم يَكْسِر ميمها، والفتح أكثر. هي زائدة. وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفي حديث علي <ما شَبَّهْتُ وقْعَ السُّيوف على الهَامِ إلاَّ بوَقْع البيَازِر على المَواجِن> جمع مِيجَنَة، وهي المِدَقّة. يقال: وجَن القَصَّارُ الثوبَ يَجِنُه وجْناً، إذا دَقَّه. والميم زائدة. وهي مِفْعَلة، بالكسر منه. {محج} * قد تكرر فيه ذكر <المَحَجَّة> وهي جادّة الطريق، مَفْعَلة، من الحَجّ: القَصْد. والميم زائدة، وجَمْعُها: المَحاجُّ، بتشديد الجيم. ومنه حديث علي <ظَهَرت مَعالِمُ الجَوْر، وتُرِكَت مَحاجُّ السُّنَن>. {محح} (ه) فيه <فلَن تأتيَك حُجَّة إلاَّ دَحَضَتْ، ولا كتابُ زُخْرُفٍ إلاَّ ذَهَب نورُه ومَحَّ لَوْنُه> مَحَّ الكتابُ وأمَحَّ: أي دَرَسَ. وثَوْبٌ مَحٌّ: خَلَقٌ. (س) ومنه حديث المُتْعة <وثَوْبِي مَحٌّ> أي خَلَقٌ بالٍ. {محز} (ه) فيه <فلم نَزَل مُفْطِرين حتى بَلَغْنا ما حُوزَنا> قيل (القائل هو شَمِر، كما في المعَّرب ص 323): هو موضِعُهم الذي أرادُه. وأهل الشام يُسَمُّون المكانَ الذي بيِنَهم وبه العَدُوّ وفيه أسامِيهم ومَكاتِبُهم: ماحُوزاً (زاد في المعَرب: <والمَكاتب: مواضع الكتيبة> ). وقيل: هو من حُزْت الشيء، أي: أحْرَزْته. وتكون الميم زائدة. قال الأزهري: لو كان منه لَقِيل: محازُنا، ومَحُوزُنا. وأحْسَبُه بلُغةٍ غير عربِيّةً. {محسر} * قد تكرر ذكر <مُحَسِّر> في الحديث، وهو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المُشَدّدة: وادٍ بين عَرفات ومِنىً. {محش} [ه] فيه <يَخرُجُ قومٌ من النار قد امْتَحَشوا> أي احْتَرقوا. والمَحْشُ: احْتِراق الجِلْد وظُهور العَظْم. ويُروى <امْتُحِشوا (وهي رواية الهروي> ) لما لم يُسَمَّ فاعُله. وقد مَحَشَته النارُ تَمْحَشُه مَحْشاَ. ومنه حديث ابن عباس <أتَوضَّأ من طَعامٍ أجِدُه حلالاً؛ لأنه مَحَشَتْه النار!> قاله مُنْكِراً على مَن يوجِب الوُضوء ممَّا مَسَّته النار. وقد تكرر في الحديث. {محص} (س) في حديث الكسوف <فَرَغ من الصلاة وقد أمْحَصَت الشمس> أي ظَهَرت من الكسوف وانْجَلَت. ويُروى <امَّحَصَت> على المُطاوَعة، وهو قليل في الرُّباعي. وأصل المَحْصِ: التخليصُ. ومنه تمْحِيص الذنوب، أي إزالَتُها. (ه) ومنه حديث علي وذَكَر فِتْنَة فقال: <يُمْحَصُ (في الهروي: <يُمحَّص...كما يُمحَّص> ) الناسُ فيها كما يُمْحَص ذَهبُ المَعْدِن> أي يُخَلَّصون بعضُهم من بعض، كما يُخَلَّص ذَهبُ المَعْدِن من التراب. وقيل: يُخْتَبَرون كما يُخْتَبر الذهب؛ لِتُعْرَفَ جَوْدَتُه من رَداءتِه. {محض} * في حديث الوَسْوسة <ذلك مَحْضُ الإيمان> أي خالِصُه وصريحه. وقد تقدّم معنى الحديث في حرف الصاد. والمَحْضُ: الخالصُ من كل شيء. (س) ومنه حديث عمر <لمَّا طُعِن شَرِب لبَناً فخرج مَحْضاً> أي خالصاً على جِهته لم يَخْتلِط بشيء. والمَحْضُ في اللغة: اللَّبَنُ الخالصُ، غير مَشُوب بشيء. ومنه الحديث <بارِك لهم في مَحْضِها ومَخْضِها> أي الخالص والمَمْخوض. (س) ومنه حديث الزكاة <فأْعمِد إلى شاةٍ ممتلئة شَحْماً ومَحْضاً> أي سمينة كثيرة اللّبن. وقد تكرر في الحديث بمعنى اللبن مطلقاً. {محق} * في حديث البيع <الحَلِف مَنْفَقةٌ للسِّلْعة مَمْحَقةٌ للبَرَكة>. وفي حديث آخر <فإنه يُنَفِّق ثم يَمْحَق> المَحْقُ: النَقْص والمَحْو والإبْطال. وقد مَحَقه يَمْحَقُه. وممْحَقةٌ: مَفْعَلة منه: أي مَظِنَّة له ومَحْراةٌ به. ومنه الحديث <ما مَحق الإسلامُ شيئاً ما مَحَق الشُّحَّ> وقد تكرر في الحديث. {محك} * في حديث علي <لا تَضِيق به الأمور؛ ولا تُمْحِكُهُ الخُصوم> المَحْك: اللَّجاج، وقد مَحَك يَمْحَك، وأمْحَكه غيره. {محل} (ه) في حديث الشفاعة <إنّ إبراهيم يقول: لسْتُ هُناكُم، أنا الذي كذَبْتُ ثلاث كَذَبات، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: واللّه ما فيها كَذْبةٌ إلا وهو يُماحِل بها عن الإسلام> أي يُدَافِع ويُجادل، من المِحال، بالكسر، وهو الكَيْد. وقيل: المكْر. وقيل: القوّة والشدّة. ومِيمُه أصلِيَّة. ورجلٌ مَحِلٌ: أي ذُو كَيْد. ومنه حديث ابن مسعود <القرآن شافِعٌ مُشَفَّع، وما حِلٌ مُصَدَّق> أي خَصْمٌ مجادَل مصدَّق. وقيل: ساعٍ مُصدَّق، من قولهم: مَحَل بفُلان، إذا سَعَى به إلى السلطان. يعني أنَّ من اتَّبَعه وعَمِل بما فيه فإنه شافِعٌ له مَقْبول الشَّفاعة، ومصدَّق عليه فيما يُرْفَع مِن مَساوِيه إذا تَرك العَملَ به. ومنه حديث الدعاء <لا تَجْعله ماحِلاً مصدَّقاً>. والحديث الآخر <لا يُنْقَض عهدُهم عن شِيَةِ ماحِلٍ> أي عن وَشْي واشٍ، وسِعاية ساعٍ. ويُروى <عن سُنَّة ماحِل> بالنون والسين المهملة. وفي حديث عبد المطلب: لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهْم ** ومِحالُهم غَدْواً مِحالَكْ أي كَيْدَك وقوتكَ. (ه) وفي حديث علي <إنَّ مِن ورائكم أمُوراً مُتَماحِلة> أي فِتنَاً طويلة المُدّة. والمُتَماحِل من الرجال: الطويل. (س) وفيه <أما مَرَرْتَ بوادِي أهلك مَحْلاً؟> أي جَدْباً. والمَحْل في الأصل: انقِطاع المَطَر. وأمْحَلَت الأرضُ والقومُ. وأرضٌ مَحْلٌ، وزَمَنٌ مَحْلٌ وماحِلٌ. (س) وفيه <حَرَّمْت شجرَ المدينة إلاَّ مَسَدَ مَحالة> المَحالة: البَكَرة العظيمة التي يُسْتَقَي عليها. وكثيراً ما يَسْتعمِلها السَّفارة على البِئار العَميقة. وفي حديث قُسّ: أيْقَنْتُ أنِّي لا مَحَا ** لةَ حيث صار القومُ صائِرُ أي لا حِيلة، ويجوز أن يكون من الحَوْل: القوَّة والحَركة. وهي مَفْعَلة منهما. وأكثر ما يُستعمل <لا مَحالَة> بمعنى اليَقين والحقيقة، أو بمعنى لا بُدَّ. والميم زائدة. (س) وفي حديث الشَعْبيِّ <إن حَوّلْناها عنك بِمحْوَل> المِحْوَل بالكسر: آلَةُ التحويل. ويُرْوَى بالفتح، وهو موضع التحويل. والميم زائدة. {محن} [ه] فيه <فذلك الشهيدُ المُمْتَحَن> هو (هذا شرح شَمِر، كما في الهروي) المُصَفَّى المُهَذَّب. مَحَنْتُ الفِضة، إذا صَفَّيْتَها، وخَلَّصْتَها بالنار. (س) وفي حديث الشَّعْبيّ <المِحْنَة بِدْعة> هي أن يأخُذَ السلطان الرجل فيَمْتَحِنَه، ويقول: فَعَلْتَ كذا وفعلت كذا، فلا يَزال به حتى يَسْقطَ ويقول ما لم يَفْعَله، أو ما لا يجوز قوله، يعني أن هذا الفعل بِدْعة. {محنب} * فيه ذكر <مُحَنِّب> هو بضم الميم وفتح الحاء وتشديد النون المكسورة وبعدها باء مُوَحَّدة: بئر أو أرضٌ بالمدينة. {محا} [ه] في أسماء النبي عليه السلام <الماحي> أي الذي يَمْحُو الكُفْر، ويُصَفِّي آثارَه. {مخخ} * فيه <الدُّعاء مُخُّ العبادة> مُخُّ الشيء: خالصُه. وإنما كان مُخَّها لأمرين: أحدُهما: أنه امْتِثال أمْرِ اللّه تعالى حيث قال: <ادْعوني أسْتَجِبْ لكم> فهو مَحْضُ العبادة وخالصُها. الثاني: أنه إذا رأى نجاح الأمور من اللّه قَطَع أمَلَه عما سِواه، ودَعاه لحاجته وحدَه. وهذا هو أصل العبادة، ولأن الغرضَ من العبادة الثوابُ عليها، وهو المطلوب بالدعاء. وفي حديث أم مَعْبَد في رواية <فجاء يَسُوق أعْنُواً عِجافاً، مِخاخُهُنَّ قليل> المِخاخُ: جَمْع مَخّ، مِثُل حُبٍّ (انظر حاشية ص 104 من هذا الجزء) وحِباب، وكُمّ وكِمام. وإنما لم يَقُل <قليلة> لأنه أراد أنّ مِخاخَهنّ شيءٌ قليل. {مخر} (ه) فيه <إذا بال أحدُكم فليَتَمَخَّرِ الرِّيح> أي يَنْظُر أين مَجْراها، فلا يَستقبلها لئلاّ تُرَشِّش عليه بَوْلَه. والمَخْر في الأصل: الشَّقّ. يقال: مَخَرتِ السفينةُ الماء، إذا شَقَّته بصدْرِها وجَرت. ومَخَر الأرض، إذا شَقها للزِراعة. (ه) ومنه حديث سُراقة <إذا أتَى أحدُكم الغائطَ فلْيَفعل كذا وكذا، واسْتَمخِروا الرِّيح> أي اجْعلوا ظُهورَكم إلى الريح عند البول؛ لأنه إذ وَلاَّها ظَهْرَه أخَذَت عن يمينه ويَساره، فكأنه قد شَقَّها به. ومنه حديث الحارث بن عبد اللّه بن السائب <قال لنافع بن جُبَير: مِن أيْن؟ قال: خرجْت أتَمَخَّر الريح> كأنه أراد: أسْتَنْشِقها. ومنه الحديث <لتَمْخُرَن الرُّومُ الشامَ أربعين صَباحاً> أراد أنها تَدْخل الشام وتَخوضُه، وتَجوسُ خِلالَه، وتَتمكَّن منه، فشَبَّهَه بِمَخْر السفينةِ البحرَ. [ه] وفي حديث زِياد <لَمَّا قدِم البَصرَة والِياً عليها، قال: ما هذه المَواخِير؟ الشرابُ عليه حَرامٌ حتى تُسوَّى بالأرض، هَدْماً وحَرْقاً> هي جمع ماخُور، وهو مجلِس (في الهروي: <أهل الرِّيبة> ) الرِّيبة، ومَجْمَع أهل الفِسْق والفساد، وبيوت الخمَّارين، وهو تَعْريب: ميْخور. وقيل: هو عربِيٌّ، لِتَرَدُّد الناس إليه، من مَخْرِ السفينةِ الماءَ. {مخش} * في حديث علي <كان صلى اللّه عليه وسلم مِخَشّاً> هو الذي يخالط الناس ويأكل معهم ويتحدّث. والميم زائدة. {مخض} (س) في حديث الزكاة <في خمسٍ وعشرين من الإبل بنتُ مخاض> المخاض: اسم للنُّوق الحَوامِل، واحدتها خَلِفَة. وبنت المخاض وابن المخاض: ما دَخل في السنة الثانية، لأنَّ أمَّه قد لَحِقَت بالمخاض: أي الحَوامِل، وإن لم تكن حاملاً. وقيل: هو الذي حَملَت أمُّه، أو حَملَت الإبلُ فيها أمُّه، وإن لم تَحْمِل هي، وهذا هو معنى ابن مخَاض وبنت مخاض؛ لأن الواحد لا يكون ابن نُوق، وإنما يكون ابن نَاقَة واحدة. والمراد أن تكون وضَعَتْها أمُّها في وقتِ مّا، وقد حملت النُّوقُ التي وضَعْن مع أمّها، وإن لم تكن أمُّها حامِلاً، فَنَسبها إلى الجَماعة بحُكم مُجاوَرَتها أمَّها. وإنما سُمّي ابنَ مخاضٍ في السنة الثانية؛ لأنّ العرب إنما كانت تَحْمِل الفُحول على الإناث بعد وَضْعِها بسَنَةٍ لِيَشْتَدّ وَلَدُها، فهي تَحْمِل في السَّنة الثانية وتَمْخَض، فيكون وَلَدُها ابنَ مخاض. وقد تكرر ذكرها في الحديث. وفي حديث عمر <دَعِ الماخِضَ والرُّبَّي> هي التي أخَذَها المخاض لتَضَع. والمخاض: الطَّلْق عند الوِلادة. يقال: مَخَضت الشاةُ مَخْضاً ومَخاضاً ومِخاضاً، إذا دَنا نِتاجُها. (س) وفي حديث عثمان <أن امرأة زارَت أهلها فمخَضَت عندهم> أي تَحرّك الولدُ في بطنها للولادة، فضَربَها المخاضُ. وقد تكرر أيضاً في الحديث. وفي حديث الزكاة في رواية <فأعْمِد إلى شاةٍ مُمتلئِة مَخاضاً وشَحْماً> أي نِتاجاً. وقيل: أراد به المخاضَ الذي هو دُنُوّ الوِلادة. أي أنها امْتَلأت حَمْلاً وسِمَناً. وفيه <بارِك لهم في مَحْضِها ومَخْضِها> أي ما مُخِضَ من اللبن وأُخِذ زُبْدُه. ويسمى مَخيضاً أيضاً. والمَخْضُ: تحريك السِّقاء الذي فيه اللبن، ليخرج زُبْدُه. (س) ومنه الحديث <أنه مُرَّ عليه بجنازة تُمْخَض مَخْضاً> أي تُحَرَّك تحريكاً سريعاً. {مخن} * في حديث عائشة، تَمثَّلَت بشِعْر لَبيد: يَتحدّثون مَخانَةً ومَلاذّة (البيت في شرح ديوان لبيد ص 157. وهو فيه: يتأكَّلُون مَغالةً وخيانةً ** ويُعابُ قائلُهم وإن لم يَشْغَبِ وقد سبق إنشاد المصنِّف له في (خون) ) * المَخانة: مصدَرٌ من الخِيانة، والميم زائدة. وذكره أبو موسى في الجيم، من المُجُون، فتكون الميم أصْلِيَّة. {مدجج} (ه س) فيه ذكر <مُدَجِّج> بضم الميم وتشديد الجيم المكسورة: وادٍ بين مكة والمدينة، له ذِكْر في حديث الهجرة. {مدد} (ه س) فيه <سُبحان اللّهِ مِدَادَ كلماته> أي مثل عددها. وقيل: قَدْر ما يُوازِيها في الكثرة، عِيَار كيْل، أو وَزْن، أو عدد، أو ما أشْبَهه من وجُوه الحَصْر والتقدير. وهذا تَمثيل يُراد به التَّقريب، لأنّ الكلامَ لا يَدْخل في الكيل والوزن، وإنما يَدْخل في العدد. والمِدادُ: مصدر كالَمَددِ. يقال: مَدَدتُ الشيءَ مَدّاً ومِداداً، وهو ما يُكَثَّر به ويُزاد. (ه) ومنه حديث الحوض <يَنْبَعِث فيه مِيزابان، مِدادُهما أنْهار الجنة> أي يَمُدّهُما أنهارُها. ومنه حديث عمر <هم أصل العرب ومادّة الإسلام> أي الذين يُعِينُونهم ويُكَثَّرون جُيوشَهم، ويُتَقوّى بزكاة أموالهم. وكلُّ ما أعَنْت به قوماً في حَرْب أو غيره (هكذا بضمير المذكر في الأصل، وا، واللسان. والحرب لفظها أنثى، وقد تذكّر ذهاباً إلى معنى القتال. قاله في المصباح) فهو مادّة لهم. (س) وفيه <إنّ المؤذِّن يُغْفَر له مَدَّ صَوْته> المَدّ: القَدْرُ، يريد به قَدْر الذنوب: أي يُغْفَر له ذلك إلى مُنْتَهى مَدّ صَوْته، وهو تمثيل لسَعَة المَغْفِرة، كقوله الآخر <لو لَقِيتَني بِقُراب الأرضِ خَطايا لَقِيتُك بها مغفرة>. ويُروى <مَدَى صوته>. وسيجيء. (س) وفي حديث فضل الصحابة <ما أدْرَك أحدِهم ولا نَصِيفَه> المُدّ في الأصل: ربُع الصاع، وإنما قَدّرَه به؛ لأنه أقَلّ ما كانوا يَتَصدّقون به في العادة. ويُروى بفتح الميم، وهو الغاية. وقد تكرر ذكر <المُدِّ> بالضم في الحديث، وهو رِطْلٌ وثُلُث بالعراقي، عند الشافعيِّ وأهلِ الحجاز، وهو رِطلان عند أبي حنيفة، وأهلِ العِراق. وقيل: إنّ أصلَ المُدِّ مُقدَّرٌ بأن يَمُدّ الرجل يديه فيَملأ كَفّيه طعاماً. وفي حديث الرَّمْي <مَنْبِلُه والمُمِدّ به> أي الذي يقوم عند الرامي فيُناوله سَهْماً بعد سهم، أو يَرُدّ عليه النَّبْلَ من الهَدَف. يقال: أمَدّه يُمِدّه فهو مُمِدّ. (س) وفي حديث علي <قائل كَلِمة الزُّور والذي يَمُدّ بحَبْلها في الإثم سَواءٌ> مَثَّل قائلها بالمائح الذي يَمْلأ الدَّلوَ في أسْفل البئر، وحاكِيها بالماتح الذي يَجْذِب الحبل على رأس البئر ويَمُدّه، ولهذا يقال: الرواية (في الأصل: <الرواية> والتصحيح من: أ، واللسان) أحدُ الكاذِبَيْن. وفي حديث أُويس <كان عُمر إذا أتى أمْدادُ أهلِ اليمن سألهم: أفِيكُم أُوَيْس بن عامر؟> الأمداد: جمع مَدَد، وهم الأعوان والأنْصار الذين كانوا يَمُدّون المسلمين في الجهاد. ومنه حديث عَوف بن مالك <خَرجْت مع زيد بن حارثة في غَزْوة مُؤتة، ورافَقَني مَدَدِيٌّ من اليمن> هو منسوب إلى المَدَد. (ه) وفي حديث عثمان <قال لبعض عُمَّالِه: بلغني أنّك تَزوّجت امرأةً مَديدة> أي طويلة. وفيه <المُدَّة التي مادَّ فيها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبا سُفيان> المُدّة: طائفة من الزمان، تقَع على القليل والكثير. ومادّ فيها: أي أطالَها، وهي فاعَل، من المدّ. ومنه الحديث <إن شاءوا مادَدْناهم>. ومنه الحديث <وأمدّها خَواصِرَ> أي أوْسَعها وأتَمها. {مدر} * فيه <أحَبُّ إليَّ من أن يكونَ لي أهلُ الوَبَر والمَدَر> يريد بأهل المَدَر: أهلَ القُرَى والأمصار، واحدتها: مَدَرَة. [ه] ومنه حديث أبي ذَر <أما إنّ العُمْرة من مَدَرِكم> أي من بَلدكم، ومَدَرَة الرجل: بَلدَته. يقول: من (في الهروي: <إذا> ) أراد العُمرة ابْتَدأ لها سَفَراً جديداً من مَنْزله، غير سفرِ الحج. وهذا على الفَضِيلة لا الوُجوب. (ه) ومنه حديث جابر <فانطلق هو وجبَّار بن صَخْر، فنَزَعا في الحَوض سَجْلاً أو سَجْلَين ثم مَدَرَاه> أي طَيَّناه وأصْلَحاه بالمَدَرِ، وهو الطِّين المُتَماسِك؛ لئلا يَخْرُجَ منه الماء. ومنه حديث عُمر وطلحة، في الإحْرام <إنما هو مَدَرٌ> أي مَصْبوغ بالمَدرِ. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث الخليل عليه السلام <يَلْتفِت إلى أبيه فإذا هو ضِبْعانٌ (في الهروي، واللسان: <فإذا هو بِضِبْعانٍ أمْدَرَ> ) أمدر> هو المنْتَفِخ الجْنَبين العظيمُ البطن. وقيل: الذي تَتَرَّب جَنْباه من المَدَر. وقيل: الكثير الرجيع، الذي لا يَقِدر على حبْسه. {مدره} * في حديث شدّاد بن أوس <إذْ أقْبل شيخٌ من بني عامر، هو مِدْرَهُ قومه> المِدْرة: زَعيم القوم وخَطيبُهم والمُتَكلِّم عنهم، والذي يَرْجعون إلى رأيه. والميم زائدة، وإنما ذكرناه ها هنَا للَفْظِه. {مدن} * فيه ذكر <مَدان> بفتح الميم، له ذِكر في غَزْوة زيد بن حارثةَ بني جُذام. ويقال له: فَيْفاء مَدَان، وهو وادٍ في بلاد قُضاعة. {مدا} (س) فيه <المؤذَِن يُغْفَرُ له مَدَى صوتهِ> المَدَى: الغاية: أي يَسْتكمِل مغفرة اللّه إذا اسْتَنْفدَ وُسْعَه في رَفْع صَوته، فيَبْلغ الغايةَ في المَغْفره إذا بَلغ الغَايه في الصَّوت. وقيل: هو تمثيل، أي أن المكان الذي يَنْتهي إليه الصوتُ لو قُدِّرَ أن يكون ما بين أقْصاه وبين مَقام المؤذِّن ذُنوبٌ تَملأ تلك المَسافْة لغَفَرها اللّه له. (ه) ومنه الحديث <أنه كَتب ليَهود تيْماء أنّ لهم الذِّمّة وعَليهم الجِزْيةَ بلا عَداء، النهارَ مَدّى واللَّيلَ سُدّى> أي ذلك لهم أبداً ما دام الليلُ والنهار. يقال: لا أفْعَله مَدَى الدَّهْر: أي طُولَه. والسُّدى: المُخَلَّى. ومنه حديث كعب بن مالك <فلم يَزل ذلك يَتَمادَى بي> أي يَتَطاول ويَتَأخّر، وهو يَتَفاعَل، من المَدَى. والحديث الآخر <لو تَمادى الشَّهرُ لَواصَلتُ>. (ه) وفيه <البُرُّ بالبُرّ مُدْيٌ بِمُدْي> أي مِكْيالٌ بمكيال. والمُدْي: مكيال لأهل الشام يَسَع خمسةَ عشرَ مَكُّوكاً، والمكّوك: صاع ونصف. وقيل: أكثر من ذلك. (ه) ومنه حديث علي <أنه أجْرَى للناس المُدْيَيْن والقِسْطَين> يُريد مُدْيَيْن من الطعام، وقِسْطَين من الزَّيت. والقِسْط: نصف صاعٍ. أخرجه الهروي عن علي، والزمخشري عن عمر. (س) وفيه <قلتُ: يا رسول اللّه، إنَّا لاقُوا العُدوّ غداً وليست مَعَنا مُدىً> المُدَى: جمع مُدْيَة، وهي السِّكِّين والشَّفْرة. ومنه حديث ابن عوف <ولا تَفُلُّوا المُدَى بالاختلاف بينَكم> أراد: لا تَخْتَلِفوا فَتقَع الفِتْنة بينكم، فيَنْثَلم حَدُّكم، فاسْتَعاره لذلك. وقد تكرر ذكر <المُدية والمُدَى> في الحديث. {مذح} (ه) في حديث عبد اللّه بن عمرو <قال وهو بمكة: لو شئت لأخَذْت سِبْتِي (في الهروي: <سِبْتَيَّ فمشيت فيهما> وفي الفائق 1/564: <بِسِبْتَيَّ فمشيت فيهما> ) فَمَشَيْت بها، ثم لم أمْذَح حتى أطِأَ المكان الذي تَخْرُج منه الدابّة> المَذْح: أن تَصْطَكَّ الفَخِذانِ من الماشِي، وأكثر ما يَعْرِض للسَّمِين من الرجال. وكان ابن عمْرو كذلك. يقال: مَذَح يَمْذَح مَذْحاً. وأراد قَرْبَ الموضع الذي تَخْرج منه الدابّة. {مذد} * فيه ذِكر <المَذاد> وهو بفتح الميم: وادٍ بين سَلْع وخَنْدق المدينة الذي حَفَره النبي صلى اللّه عليه وسلم في غَزْوة الخَنْدق. {مذر} * فيه <شَرّ النساء المَذِرةُ الوَذِرة> المَذر: الفساد. وقد مَذِرت تَمْذَر فهي مَذِرة. <ومنه مَذِرَت البَيْضة> إذا فَسَدت. (ه) وفي حديث الحسن <ما تَشاء أن ترى أحدَهم يَنْفُض مِذْرَوَيْه> المِذْرَوان: جانِبا الألْيَتَين، ولا واحِدَ لهما. وقيل: هُما طَرَفا كلَّ شيء، وأراد بهما الحَسَنُ فَرْعَيِ المنْكبِين. يقال: جاء فلان يَنْفُض مِذْرَوَيه، إذا جاء باغِياً يَتَهدّد. وكذلك إذا جاء فارغاً في غير شُغل. والميم زائدة. {مذق} (ه) فيه <بارِك لهم في مَذْقِها ومَحْضها> المَذق: المَزْج والخَلْط. يقال: مَذْقت اللبَن، فهو مَذِيق، إذا خَلْطَته بالماء. (س) ومنه حديث كعب وسلمة: ومَذْقَةٍ كطُرّةِ الخَنيفِ * المَذْقَة: الشَّرْبة من اللبن المْذَوق، شَبَّهَها بحاشية الخَنيف، وهو رَدِيء الكَتَّان، لتَغَيُّر لَوْنها، وذَهابه بالمَزْج. {مذقر} (ه) في حديث عبد اللّه بن خَبّاب <قَتَلْته الخَوارج على شاطِىء نَهْر، فسال دمُه في الماء فما امذَقَرّ> قال الرواي: فأتْبَعْتُه بَصَري كأنه شِراكٌ أحْمَر. قال أبو عبيد: أي ما امْتَزَج بالماء. وقال شَمِر: الامْذِقْرارُ: أن يَجْتَمِع الدَّمُ ثم يَتَقَطَّع (في الهروي: <ينقطع> ) قِطَعاً ولا يَخْتِلط بالماء. يقول: لم يكن كذلك ولكنه سال وامْتَزج. وهذا بخلاف الأوّل. وسِياق الحديث يَشْهَد للأوّل؛ أي أنه مَرَّ كالطَّريقة الواحدة لم يَختلط به. ولذلك شَبَّهَه بالشِّراك الأحمر، وهو سَيرٌ من سيُور النَّعل. وذكر المُبَرّد هذا الحديث في الكامل. قال: <فأخَذوه (في الكامل ص 947، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر: <ثم قرّبوه إلى شاطىء النهر فذبحوه> ) وقَرّبوه إلى شاطِىء النَّهر، فذَبَحوه، فامْذَقَرّ دَمُه. أي جَرى مُستطيلاً مُتَفرِّقاً (مكانه في الكامل: <على دِقَّةٍ> ) >. هكذا رواه بغير حرف النَّفْي. ورواه بعضهم بالباء (أي <ابذقرَّ> كما في الهروي، والفائق 3/16)، وهو بمعناه. {مذل} (ه) فيه <المِذال من النِّفاق> هو أن يَقْلَق الرجل عن فراشِه الذي يُضاجع عليه حَلِيلَتَه، ويَتَحوّل عنه ليَفْتَرشَه غيره. يقال: مَذَل بسرّه يَمذُل، ومَذِل يَمذَل، إذا قَلِق به. والمَذِلُ والماذِل: الذي تَطِيب نَفْسه عن الشيء، يَتْرُكه ويَسْتَرْخي عنه. {مذى} (ه) في حديث علي <كنتُ رجلاً مَذَّاءً> أي كثير المَذْي، هو بسكون الذال مخفَّف الياء: البَلَل اللَّزِج الذي يَخْرُج من الذَّكر عند مُلاعَبة النساء، ولا يَجب فيه الغُسل. وهو نَجِس يَجب غَسْله، ويَنْقُض الوُضوء. ورجُلٌ مَذَّاءٌ: فَعَّال، للمبالَغة في كثرة المَذْيِ. وقد مَذَى الرجل يَمذي. وأمْذَى. والمِذاء: المُماذاة (في الأصل: <المماذات> والمثبت من: ا) فعَال منه. [ه] ومنه الحديث <الغَيْرة من الإيمان، والمِذاء من النّفاق> قيل: هو أن يُدْخِل الرجُلُ الرجالَ على أهلِه، ثم يُخَلِّيهم يُماذِي بعضُهم بعضاً. يقال: أمْذَى الرجُل، وماذَى، إذا قادَ على أهله، مأخوذ من المّذْي. وقيل: هو من أمْذَيْتُ فَرَسِي ومَذَيْتُه، إذا أرْسلتَه يَرْعى. وقيل: هو المَذاء بالفتح، كأنه من اللِّين والرَّخاوة، من أمْذَيْتُ الشَّراب، إذا أكْثَرتَ مِزاجَه، فذهَبَت شِدّتُه وحِدّتُه. ويُروى <المِذال> باللام. وقد تقدّم. (ه) وفي حديث رافع بن خَدِيج <كُنَّا نَكْرِي الأرض بما على الْمَاذِيَاناتِ (في الهروي، والمعرّب ص 328: <الماذِيانِ> ويجوز فتح الذال أيضاً، كما في حواشي المعرَّب) والسَّواقي> هي جمع ماذِيَان، وهو النَّهر الكبير. وليست بعربيَّة، وهي سَوادِيَّة. وقد تكرر في الحديث، مُفْرداً ومجموعاً. {مذينب} * فيه ذكر <سَيْل مهْزُور، ومُذِيْنِب> هو بضم الميم وسكون الباء وكسر النون، وبعدها باء موحَّدة: اسم موضع بالمدينة. والميم زائدة. {مرأ} * في حديث الاستسقاء <اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً> يقال: مَرأَني الطعامُ، وأمْرأني، إذا لم يَثْقُل على المَعِدَة، وانحَدر عنها طَيِّباً. قال الفرّاء: يقال: هَنَأَنِي الطعام، ومَرَأني، بغير ألِفٍ، فإذا أفردوها عن هَنَأَني قالوا: أمْرأَنِي. ومنه حديث الشُّرب <فإنه أهْنَأُ وأمْرَأُ> وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث الأحنف <يأتينا في مثل مَرِيء نَعام (في الفائق 1/245: <يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النعامة> ) > المَرِيءُ: مَجْرَى الطعام والشراب من الحلق، ضَربَه مثلاً لِضِيق العَيْش وقِلَّة الطعام. وإنما خَصَّ النَّعام لِدِقَّة عُنُقه، ويُستدلُّ به على ضيق مريئه. وأصلُ المَريءِ: رأسُ المعِدَةِ المُتَّصِلُ بالحُلْقُومِ. وبه يكون اسْتِمْراء الطعام. (ه) وفي حديث الحسن <أحْسِنوا مَلأَكم أيُّها الْمَرْؤون> هو جمعُ المَرْءِ، وهو الرجل. يقال: مَرْءٌ وامْرُؤٌ. (ه) ومنه قول رُؤبَة لطائفةٍ رآهم: <أين يريدُ المَرْؤون؟>. وفي حديث علي لما تزوّج فاطمة <قال له يهوديٌّ أراد أن يَبْتَاع منه ثياباً: لقد تزوّجت امرأةً> يريد امرأةً كاملةً. كما يقال: فلانٌ رجلٌ، أي كاملٌ في الرجال. وفيه <يَقْتُلون كلبَ المُرَيْئة> هي تصغير المَرأة. (ه) وفيه <لا يَتَمْرأى أحدُكُم في الدنيا (الذي في الهروي: <لا يَتَمْرأَى أحدُكم الماء. قال أبو حمزة: أي لا ينظر فيه> ) > أي لا يَنْظُر فيها، وهو يَتَمَفْعَلُ، من الرُّؤية، والميم زائدةٌ. وفي رواية <لا يَتَمرَّأُ أحدُكم بالدنيا> من الشيء المَرِيءِ. {مرث} (ه) فيه <أنه أتى السِّقايَة فقال: اسقُوني، فقال العباس: إنهم قد مَرَثُوهُ وأفْسَدوه> أي وسَّخُوه بإدخال أيديهم فيه. والمَرْثُ: الْمَرْس. ومَررَثَ الصبيُّ يَمرُثُ، إذا عَضَّ بِدُرْدُره (قال صاحب القاموس: <والدُّرْدُر، بالضم: مَغارِز أسنان الصبيّ، أو هي قبل نباتها، وبعد سقوطها> ). (ه) ومنه حديث الزبير <قال لابنه: لا تُخاصِم الخَوارِجَ بالقرآن، خاصِمْهم بالسُّنة، قال ابن الزبير: فخاصَمْتُهم بها، فكأنهم صِبْيانٌ يَمرُثون سُخُبَهُم> أي يَعَضُّونها ويَمُصُّونها. والسُّخُب: قَلائد الخَرَز. يعني أنهم بُهِتوا وعَجَزوا عن الجواب. {مرج} (ه) فيه <كيف أنتم إذا مَرِجَ الدِينُ> أي فَسَد وقَلِقَت أسْبابُه. والمَرْج: الخَلْطُ. [ه] ومنه حديث ابن عمر <قد مَرِجَت عُهودُهم> أي اختَلَطَت. وفي حديث عائشة <خُلِقَتِ الملائكةُ من نورٍ واحدٍ، وخُلِقَ الجانُّ من مارِجٍ من نارٍ> مارِجُ النار: لَهَبُها المُخْتلِطُ بسَوادِها. (س) وفيه <ذُكر خَيْلُ المَرابِط فقال: طَوَّلَ لها في مَرْجٍ> المَرْجُ: الأرضُ الواسِعةُ ذاتُ نباتٍ كثير، تَمْرُجُ فيه الدَّوابُّ، أي تُخَلَّى تَسْرَحُ مُخْتلِطةً كيف شاءت. {مرجل} * فيه <ولِصَدْرِه أزِيرٌ كأَزِيِز المِرْجَلِ> هو بالكسر: الإناءُ الذي يُغْلَى فيه الماءُ. وسواء كان من حديدٍ أو صُفْرٍ أو حجارةٍ أو خَزَف. والميم زائدةٌ. قيل: لأنه إذا نُصِبَ كأنه أقيمَ على أرْجُلٍ. (س) وفيه <وعليها ثيابٌ مَراجِلُ> يُروَى بالجيم والحاء، فالجيم معناه أنَّ عليها نُقُوشاً تِمْثالَ الرِّجالِ. والحاء معناه أنَّ عليها صُوَرَ الرجال، وهي الإبلُ بأكْوارِها. ومنه ثوبٌ مُرَجَّلٌ. والرِوايتان مَعاً من باب الراء، والميمُ فيهما زائدةٌ، وقد تقدّم. ومنه الحديث <فبَعثَ معهما بِبُرْدٍ مَراجِلَ> قال الأزهريُّ: المراجلُ: ضَرْبٌ من بُرودِ اليمنِ. وهذا التفسير يُشْبِهُ أن تكون الميمُ أصليَّةً. {مرخ} (ه) فيه <أنّ عمر دخل على النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم يوماً، كان مُنْبَسِطاً، فقَطَّبَ وتَشَزَّنَ له، فلما خرج عاد إلى انبساطه، فسألتْه عائشة، فقال: إنّ عمر لَيس مِمّن يُمْرَخُ معه> المَرْخُ والمَزْحُ سواء. وقيل: هو من مَرَّخْتُ الرجُلَ بالدُّهْنِ، إذا دَهَنْتَه به ثم دَلَكْتَه. وأمْرَخْتُ العجينَ، إذا أكْثَرْتَ ماءَه. أراد ليس ممَّن يُسْتَلانُ جانِبُه. وفيه ذكر <ذي مُراخٍ> هو بضم الميم: موضعٌ قريبٌ من مزدَلِفَة. وقيل: هو جبلٌ بمكة. ويقال بالحاء المهملة. {مرد} * في حديث العِرْباض <وكان صاحبُ خَيْبَرَ رجلاً مارِداً مُنْكَراً> الماردُ من الرجالِ: العاتي الشديدُ. وأصله من مَرَدَةِ الجنّ والشياطين. ومنه حديث رمضان <وتُصْفَدُ فيه مَرَدةُ الشياطين> جمعُ مارِدٍ. (س) وفي حديث معاوية <تَمَرّدْتُ عشرين سنةً، وجَمَعْتُ عشرين، ونَتَفتُ عشرين، وخَضَبتُ عشرين، فأنا ابن ثمانين> أي مَكَثْتُ أمْرَدَ عشرين سنةً، ثم صِرْتُ مُجْتَمِع اللِّحية عشرين سنةً. وفيه ذكر <مُرَيْدٍ> وهو بضم الميم مُصَغَّرٌ: أُطُمٌ من آطامِ المدينة. وفيه ذكر <مَرْدان> بفتح الميم وسكون الراء، وهي ثَنِيَّة بطريقِ تَبُوك، وبها مسجدٌ للنبي صلى اللّه عليه وسلم. {مرر} (ه) فيه <لا تَحِلُّ الصدقةُ لِغَنِيٍّ ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ> المِرَّةُ: القوّةُ والشِدّةُ. والسَّوِيُّ: الصحيحُ الأعضاءِ. وقد تكررت (في الأصل: <تكرر> والمثبت من: ا) في الحديث. (ه) وفيه <أنه كَرِهَ من الشاءِ سبعاً: الدَّمَ، والمِرارَ (هكذا بكسر الميم في الأصل، وا. وفي الهروي، واللسان بفتحها)، وكذا وكذا> المِرَارُ (هكذا بكسر الميم في الأصل، وا. وفي الهروي، واللسان بفتحها): جمع المَرَارةِ، وهي التي في جَوفِ الشاةِ وغيرِها، يكون فيها ماءٌ أخضَرُ مُرٌّ. قيل: هي لكل حيوانٍ إلا الْجَمَل. وقال القُتَيْبِيُّ: أراد المحدِّثُ أن يقول <الأمَرَّ> وهو المَصارِينُ، فقال <المَرَار>. وليس بشيء. (س) ومنه حديث ابن عمر <أنه جَرَحَ إبْهامَه فألْقَمَها مَرارةً> وكان يتوضأ عليها. (س) وفي حديث شُرَيح <ادَّعى رجلٌ دَيْناً على مَيّتٍ وأراد بَنُوه أن يَحْلِفوا على عِلْمِهِم، فقال شُرَيح: لَتَرْكَبُنَّ منه مَرارةَ الذَّقَن> أي لتَحْلِفُنَّ مالَه شيء، لا على العلم، فتَركَبون من ذلك ما يُمِرُّ (ضبط في اللسان بفتح الياء والميم) في أفْواهِهِم وألسِنتِهم التي بين أذْقانِهم. وفي حديث الاستسقاء: وألْقَى بكَفَّيه الفَتِيُّ اسْتِكانةً ** من الجوع ضَعْفاً ما يُمِرُّ وما يُحْلِي. أي ما يَنْطِقُ بخير ولا شرٍّ، من الجوع والضَّعْف. (س) وفي قصة مولد المسيح عليه السلام <خرج قوم ومعهم المُرُّ، قالوا: نَجْبُرُ به الكَسْرَ والجُرْحَ> المُرُّ: دَوَاءٌ كالصَّبِر، سُمِّيَ به لِمرَارتِه. (ه) وفيه <ماذا في الأمَرَّيْنِ من الشِّفاء، الصَّبرِ والثُّفَاءِ (الثفاء، بالتخفيف، وِزان غُراب، كما في المصباح. وقد سبق بالتشديد، في مادة (ثفأ) وهو موافق لما في الصحاح، والقاموس. وقال في المصباح إنه مكتوب في الجمهرة بالتثقيل. على أني لم أجد في الجمهرة ما يشير إلى تثقيل أو تخفيف. انظرها 3/219) > الصَّبِرُ: هو الدَّواءُ المرُّ العروفُ. والثُّفاءُ: هو الخَرْدَلُ. وإنما قال: <الأمَرَّينِ>، والمُرُّ أحدُهما، لأنه جَعَلَ الحُروفَة والحِدّة التي في الخَرْدَل بمنزلة المَرارة. وقد يُغَلِّبون أحدَ القَرينَين على الآخر، فيَذْكرونها بلفظٍ واحدٍ. (ه) وفي حديث ابن مسعود <هما المُرَّيَان؛ الإمْساكُ في الحياةِ، والتبذيرُ في الممات> المُرَّيان: تثنية مُرَّي، مثل صُغْرَى وكُبْرَى، وصُغْرَيانِ وكُبرَيانِ، فهي فُعْلَى من المَرارِة، تأنيث الأمَرِّ، كالجُلَّى والأجَلِّ؛ أي الخَصْلَتان المُفَضَّلَتانِ في المَرارة على سائر الخِصالِ المُرّة أن يكون الرجل شَحيحاً بمالِه ما دام حيّاً صحيحاً، وأن يُبَذِّرَه فيما لا يُجْدى عليه؛ من الوصايا المبْنِيَّة على هَوَى النَّفْسِ عند مُشارَفةِ الموتِ. (ه) وفي حديث الوحي <إذا نزل سَمِعَت الملائكةُ صوتَ مِرَار السَّلْسلةِ على الصَّفا> أي صوتَ انْجِرارِها واطّرادِها على الصَّخْر. وأصلُ المِرارِ: الفَتْلُ، لأنه يُمَرُّ، أي يُفْتَلُ. (ه) وفي حديث آخر <كإمْرارِ الحديد على الطَّسْتِ الجديد> أمْررْتُ الشيءَ أُمِرُّه إمْراراً، إذا جعلْتَه يَمُرُّ، أي يَذْهب يريدُ كجَرِّ الحديد على الطِّستِ. وربما روى (عبارة الهروي: <وإن رُوِي: <إمرار السلسلة، فحسنٌ. يقال: أمررتُ الشيء، إذا جررتَه> ) الحديث الأوّلُ: <صوتَ أمْرار السِّلْسلة>. (س) وفي حديث أبي الأسود <ما فعلَت المرأةُ التي كانت تُمارُّه وتُشارُّه؟> أي تَلْتَوِي عليه وتخالِفه. وهو من فَتْل الحبْل. وفيه <أن رجلاً أصابه في سَيْره المِرارُ> أي الحبلُ. هكذا فُسِّر، وإنما الحبلُ المَرُّ، ولعله جمْعُه. وفي حديث علي في ذكر الحياة <إن اللّهَ جعل الموتَ قاطعاً لِمَرَائرِ أقرانها> المَرائر: الحِبالُ المفتولةُ على أكثر من طاقٍ، واحدُها: مَرِيرٌ ومَرِيرةٌ. (ه) ومنه حديث ابن الزبير <ثم استمرَّتْ مَرِيرتي> يقال: استَمَرَّت مَريرتهُ على كذا، إذا استَحْكَمَ أمْرهُ عليه وقَوِيَت شكيمتُه فيه، وألِفَه واعْتاده. وأصلُه من فَتْل الحَبْل. (س) ومنه حديث معاوية <سُحِلَت مَريرتُه> أي جُعِل حَبْلُه المُبْرَمُ سَحِيلاً، يعني رِخْواً ضعيفاً. (س) وفي حديث أبي الدَّرْداء ذِكر <المُرِّيّ>، قال الجوهري: <المُرَّيّ [بالضم وتشديد الراء (ليس في الصحاح)] الذي يُؤْتَدَمُ به، كأنه منسوبٌ إلى المَرَارة. والعامَّة تُخَفّفُه>. وفيه ذكر <ثَنِيَّة المُرَارِ> المشهور فيها ضمُّ الميم. وبعضُهم يَكْسِرُها، وهي عند الحُدَيْبية. وفيه ذكر <بطن مَرّ، وَمَرّ الظَّهران> وهما بفتح الميم وتشديد الراء: موضع بقرب مكة. {مرز} (ه) فيه <أن عمر أراد أن يُصَلَّيَ على ميِّتٍ فمَرَزَه حُذيفةُ> أي قَرَصه بأصابعه لئلاّ يُصَلّيَ عليه. قيل: كان ذلك المِّيت مُنافِقاً. وكان حُذيفةُ يَعْرِفُ المنافقين. يقال: مرَزْتُ الرجُل مَرْزاً، إذا قَرَصْتَه بأطراف أصابعك. {مرزبان} * فيه <أتيتُ الحِيرةَ فرأيتُهم يسجدون لمَرْزُبانٍ لهم> هو بضم الزاي: أحدُ مَرازِبَةِ الفُرْس، وهو الفارسُ الشُجاعُ المُقَدَّم على القوم دون الملك. وهو مُعَرَّبٌ (في المعرَّب ص 317: <وتفسيره بالعربية: حافِظُ الحَدِّ> ). {مرس} (ه) فيه <إن مِن اقْتِراب الساعة أن يَتَمَرَّس الرجُلُ بِدِيِنه، كما يَتَمَرَّسُ البعيرُ بالشجرة> أي (هذا شرح القتيبي، كما في الهروي) يتلَعَّبُ بدينه ويَعْبَثُ به، كما يَعْبَثُ البعيرُ بالشجرة، ويتحكَّكُ بها. والتَّمرّسُ (وهذا من شرح ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي، أيضاً): شِدّةُ الالْتِواء. وقيل: أراد أن يُمارس الفِتَنَ ويُشادَّها، فيَضُرّ بديِنه، ولا ينفعه غُلُوُّه فيه، كما أنّ الأجْرَبَ إذا تَحكَّكَ بالشجرة أَدْمَته، ولم تُبْره من جَرَبه. (س) ومنه حديث خَيْفان <أمّا بنو فُلانٍ فَحَسَكٌ أمْراسٌ> جمعُ مَرِس، بكسر الراء، وهو الشديد الذي مارَسَ الأمور وجَرَّبَها. (س) ومنه حديث وحْشِيٍّ في مقتل حمزة <فطَلَع عَلَيَّ رجُلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ> أي شديدٌ مجرَّبٌ للحروب. والمَرْسُ في غير هذا: الدَّلْكُ. (س) ومنه حديث عائشة <كنتُ أمْرُسُه بالماء> أي أدْلُكُه وأُدِيفُه. وقد يُطْلَق على المُلاَعَبةِ. (س) ومنه حديث علي <زعم (أي عمرو بن العاص) أني كنت أعافِسُ وأُمارِسُ> أي أُلاعِبُ النسِاء. وقد تكرر في الحديث. {مرش} (ه) في غزوة حُنَيْن <فعدَلَت به ناقتُه إلى شجراتٍ فمرَشْنَ ظَهره> أي خَدَشَتْه أغصانُها، وأثرت في ظهره. وأصلُ المَرْشِ: الحَكُّ بأطراف الأظفارِ. (ه) ومنه حديث أبي موسى <إذا حكَّ أحَدُكم فَرْجَه وهو في الصلاة فلْيَمْرُشْه من وراء الثَّوب>. {مرض} * فيه <لا يُورِدُ مُمْرضٌ على مُصِحٍّ> المُمْرِضُ: الذي له إبلٌ مَرْضَى، فَنَهى أن يَسْقِي إبِلَهُ المُمْرِضُ مع إبل المُصِحِّ، لا لأَجْل العَدْوَى، ولكن لأن الصِّحاح رُبَّما عَرَض لها مرض فوقع في نفس صاحبها أن ذلك من قبيل العَدْوَى، فيَفْتِنُه ويُشَكِّكُه، فأمر باجِتنابه والبُعْد عنه. وقد يَحْتَمِل أن يكون ذلك من قبيل الْمَاء والمَرْعَى تَسْتوْبِلُه الماشِيةُ فتَمْرَض، فإذا شارَكَها في ذلك غيرُها أصابَه مثلُ ذلك الدَّاء، فكانوا لجْهلِهم يُسَمُّونه عَدْوَى، وإنما هو فِعْلُ اللّه تعالى. وفي حديث تَقَاضِي الثِّمَار <تقول: أصابها مُراضٌ> هو بالضم: داءٌ يَقع في الثمرة فَتَهْلِكُ. وقد أمْرضَ الرَّجُل، إذا وقع في مالِه العاهةُ. (س) وفي حديث عمرو بن مَعْد يكرِب <هم شِفاءٌ أمْراضنا> أي يأخذون بِثَأرنا، كأنَّهم يَشْفُون مرضَ القُلوب، لا مرضَ الأجْسام. {مرط} (ه) فيه <أنه كان يُصَلِّي في مُرُوط نِسَائِه> أي أكْسِيَتِهنّ، الواحد: مِرْطٌ. ويكون من صوف، ورُبما كان من خَزٍّ أو غَيْرِه. وقد تكرر في الحديث، مفرداً ومجموعاً. (ه) وفي حديث أبي سفيان (أخرجه الهروي من حديث أبي موسى) <فامَّرَطَ (في الفائق 2/318: <وانمرط>. وقال: <انمرط: مُطَاوَع مرطه. يقال: مَرَط الشعرَ والريشَ، إذا نتفه، فانْمرَط> ) قُذَذُ السَّهْم> أي سَقطَ رِيشُه. وسهْمٌ أمْرَطُ وأملَطُ. (ه) وفي حديث عمر <قال لأبي مَحْذُورةَ - وقد رفع صوته بالأذان -: أمَا خَشِيتَ أن تنشَقَّ مُرَيْطَاؤُك> هي الجلدةُ التَّي بين السُّرَّة والعَانةِ. وهي في الأصل مُصَغَّرةُ مَرْطَاء، وهي المَلْسَاءُ التي لا شَعَرَ عليها، وقد تُقْصَر. {مرع} (ه) فيه <اللهم اسِقنا غيثاً مَرِيعاً مُرْبِعاً> المَرِيع: المُخْصِبُ النَّاجِعُ. يقال: أمْرَعَ الوَادِي، ومَرُع مَراعَةً. [ه] وفي حديث ابن عباس <أنه سئل عن السَّلْوَى، فقال: هو المُرَعَةُ> هي بضم الميم وفتح الراء وسكونها: طائرٌ أبْيَضُ، حَسَنُ اللَّوْن، طَويل (مكان هذا في الهروي: <طيِّبُ الطَّعْمِ> ) الرِّجْلَينِ، بقَدْرِ السُّمَانَي، يَقَعُ في المَطَرِ من السَّماء. {مرغ} (س) في صفة الجنَّة <مَراغُ دَوَابِّها المِسْكُ> أي الموضِعُ الَّذِي يُتَمرّغ فيه من تُرَابِهَا. والتَّمرُّغُ: التَّقَلُّب في التُّراب. (س) ومنه حديث عَمّار <أجْنَبْنَا في سَفَرٍ وليس عندنا ماءٌ، فتمرّغنا في التُّراب> ظنّ أن الجُنُب يحتاج أن يُوَصِّل التراب إلى جميع جسده كالماء. {مرق} (ه) في حديث الخوارج <يَمْرُقُون من الدِّين مُرُوقَ السَّهْمِ من الرَّميَّة> أي يَجُوزُنَه ويَخْرِقونُه، كما يَخْرِقُ السَّهْمُ الشيءَ المرْميَّ به ويَخْرُخُ منه. وقد تكرر في الحديث. ومنه حديث علي <أُمِرْتُ بقتال المارِقين> يعني الخوارجَ. وفيه <أن امرأةً قالت: يا رسول اللّه، إنْ بِنتاً لِي عروساً تَمرَّقَ شَعْرَهَا>. وفي حديث آخر <مَرِضَت فامرَّقَ شَعْرُهَا> يقال: مَرَقَ شَعْرهُ، وتَمَرَّقَ وامَّرَقَ، إذا انْتَثَر وتَساقَط أو غَيْرَه. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث علي <إنّ من البَيْضِ ما يكون مارِقاً> أي فاسداً، وقد مَرِقَتِ البَيْضَةُ، إذا فَسَدتْ. وفيه ذكر <المُمَرِّق> وهو المُغَنّى. يقال: مَرَّقَ يُمَرِّقُ تَمْرِيقاً، إذا غَنَّى. والمَرْقُ بالسُّكُونِ أيضاً: غِنَاءُ الإمَاء والسَّفِلَةِ. وهو اسم. وفيه <أنه اطَّلَى حتَّى بلغَ المَرَاقَّ> هو بتشديد القاف: مارَقَّ من أسْفَلِ البطن ولاَنَ، ولا واحِدَ لَه، ومِيمُه زائدةٌ. وقد تقدّم في الرّاء. وفيه ذكر <مَرَق> بفتح الميم والرَّاء، وقد تُسَكَّن: بِئر بالمدينة، لها ذِكرٌ في أوّل حديث الهجرة. {مرمر} * فيه <كان هناك مَرْمَرَةٌ> هي واحدةُ المَرْمَر، وهو نوعٌ من الرُّخامِ صُلْبٌ. {مرما} * في حديث صلاة الجماعة <لو وَجَدَ أحَدُهَم مِرْمَاتَيْن> يُروى بِكَسْرِ الميم وفتحها، ومِيمها زائدةٌ. وقد تقدم مبسوطاً في حرف الراء. {مرن} (س) في حديث النَّخَعيّ <في الْمَارِن الدِّيَةُ> المَارِنُ من الأنف: ما دُون القَصَبَة. والمَارِنان: المَنْخَرانِ. {مرود} (س) في حديث ماعِز <كما يَدْخُل المِرْوَدُ في المُكْحُلَةِ> المِرْوَدُ بكسر الميم: المِيلُ الذي يُكْتَحَلُ به. والميم زائدةٌ. وفي حديث علي <إنّ لبني أمَيَّةَ مِرْوَداً يَجْرُون (ضبط في ا: <يُجْرُون>) إليه> وهو مِفْعَلٌ من الإرْواد: الإمهال، كأنه شَبَّهَ المُهْلَةَ التي هم فيها بالمضْمَارِ الذي يَجْرُون إليه. والميم زائدةٌ. {مره} [ه] فيه <أنه لَعَنَ (رواية الهروي: <لعن اللّهُ المرهاءَ> ) المَرْهَاءَ> هي (هذا من شرح القتيبي، كما في الهروي) التي لا تَكْتَحِلُ. والمَرَهُ: مَرَضٌ في العَيْنِ لتَرْك الكُحْلِ. ومنه حديث علي <خُمْصُ البُطُونِ من الصِّيَامِ، مُرْهُ العُيُونِ من البُكَاء> هُوَ جَمْعُ الامْرَهِ. وقد مَرِهَتْ عيْنُهُ تَمْرَهُ مَرَهاً. {مرا} (ه) فيه <لا تُمارُوا في القرآن، فإن مِرَاءً فيه كُفْرٌ> المِرَاءُ: الْجِدَالُ، والتَّمارِى والمَارَاةُ: المُجَادَلَةُ على مذهب الشَّكِّ والرِّيبَة. ويقالُ لْلِمُناظَرَة: مُمَاراة، لأن كلَّ واحِدٍ منهما يَسْتَخْرجُ ما عند صاحِبِه ويَمْتَرِيه، كما يَمْتَرى الحالِبً اللَّبَنَ من الضَّرْعِ. قال أبو عُبيدٍ: ليس وجهُ الحديثِ عندنا على الاختلاف في التأويل، ولكنَّه على الاختلاف في اللفظ، وهو أن يقولَ (في الهروي: <يقرأ> ) الرَّجُل على حَرْفٍ، فيقول الآخَرُ: ليس هو هكذا، ولكنَّه على خِلافِه، وكِلاَهُمَا مُنْزَلٌ مَقْرُوءٌ به (بعده في الهروي: <يُعلم بحديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: نزل القرآنُ على سبعة أَحْرُف> ). فإذا جَحَد كلُّ واحد منهما قِراءَة صاحبه لم يُؤْمَنْ أن يكونَ ذلك يُخْرِجُه إلى الكفر، لأنه نَفَى حَرْفاً أنزله اللّه على نَبِيّه. والتنكير في المِرَاء إيذاناً بأنّ شيئاً منه كُفْرٌ، فَضْلاً عما زاد عليه. وقيل: إنما جاء هذا في الجِدَال والمِرَاء في الآيات التي فيها ذِكر القَدَر، ونحوه من المعاني، على مذْهبِ أهْل الكلام، وأصحابِ الأهواءِ والآراءِ، دون ما تَضَمَّنَتْهُ من الأحكام، وأبواب الحلالِ والحرامِ؛ فإن ذلك قد جَرَى بين الصحابة فَمَن بعدهم من العلماء، وذلك فيما يكون الغَرَضُ منهُ والباعثُ عليهِ ظهورَ الحقِّ لِيُتّبَعَ، دون الغَلَبَةِ والتَّعْجِيز. واللّه أعْلَم. (ه) وفيه <إمْرِ الدَّمَ بما شئتَ> أي اسْتَخْرجْهُ وأجْرِه بما شئتَ. يريد الذّبْحَ. وهو من مَرَى الضَّرْعَ يَمرِيهِ. ويروى <أُمِرِ الدَّمَ> من مارَ يَمُورُ، إذا جرى. واَمَارَهُ غيرُهُ. قال الخطَّابي: أصحابُ الحديث يَرْوُونَهُ مُشَدَّد الرَّاء، وهو غَلَطٌ. وقد جاء في سَنَنِ أبي داود والنَّسائي <أَمْرِر> بِرَاءَيْنِ مُظْهَرَتَيْن. ومعناه اجْعل الدَّم يَمُرُّ: أي يَذْهَبُ، فَعَلَى هَذَا من رواهُ مُشَدَّد الرَّاء يكون قد أَدْغَمَ، وليس بِغَلطٍ. ومن الأوّل حديث عاتكةَ: مَرَوْا بالسُّيُوفِ المُرْهَفَاتِ دِمَاءَهُم * أي اسْتَخْرَجُوها واسْتَدَرُّوهَا. وفي حديث نَضْلة بن عَمْرو <أنه لَقِيَ النبي صلى اللّه عليه وسلم بِمَرِيَّيْن> هو تَثْنِيَةُ مَرِيٍّ، بوزْنِ صَبِيٍّ. ويروى <مَرِيَّتَيْن> تثنيةُ مَرِيَّةٍ. والمَرِيُّ والمَرِيَّةُ: النَّاقَةُ الغَزِيرَةُ الدَّرِّ، من المَرْيِ، وهو الْحَلبُ، وزنُها فَعِيل أو فَعُولٌ. (ه) ومنه حديث الأحنف <وَسَاق مَعَهُ نَاقَةً مَرِيّاً>. وفيه <قال له عَدِيُّ بنُ حَاتم: إذا أصاب أحَدُنَا صيداً وليس معه سِكِّين أنَذْبَحُ بالمَرْوَةِ وشِقَّة العَصَا؟> المَرْوَةُ: حَجَرٌ أبْيَضُ بَرَّاقٌ. وقيل: هي التي يُقْدَحُ منها النار. ومَرْوَةُ المَسْعَى: التي تُذْكَرُ مَعَ الصَّفَا، وهي أحد رأسَيْه اللَّذَيْن يَنْتَهِي السَّعْي إليهما سُميت بذلك. والمراد في الذبح جِنسُ الأحجار، لا المَرْوةُ نفسُها. وقد تكرر ذكْرُها في الحديث. وفي حديث ابن عباس <إذا رجُلٌ من خَلْفِي قَد وضعَ مَرْوَتَهُ على مَنْكِبي فإذا هو عليٌّ>. وفيه <أن جبريل عليه السلام لَقِيَهُ عند أحجار المِرَاء> قيل: هي بكسر الميم: قُباء، فأما المُرَاءُ بضم الميم فهو داء يُصِيبُ النَّخْل. {مريح} * فيه ذِكر <مُرَيْح> وهو بضم الميم وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وحاء مهملَة: أُطُمٌ بالمدينة لبني قَيْنُقَاع.
|