الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***
إنما ذكره بعد التكسير "لأنهما" -كما قال سيبويه- من وادٍ واحد، فلنذكر فوائده وعلاماته وشروط المصغر. أما فوائده عند البصريين "فثلاثة": التقليل، والتقريب، والتحقير. فالتحقير: إما لذات الشيء نحو حجير أي: حجر صغير، وإما لشأنه نحو رجيل. والقليل: لكمية الشيء "نحو" دريهمات، والتقريب: إما لزمان الشيء نحو بعيد العصر، وإما لمكانه نحو دوين السماء، وإما لمنزلته نحو صُدِّيقي. وزاد الكوفيون في فوائده التعظيم، كقول لبيد: ........................... دُوَيْهَية تَصْفَرُّ منها الأناملُ أي: الموت. وأجيب بأن الداهية إذا كانت عظيمة كانت سريعة الوصول، فالتصغير لتقليل المدة، أو بأن المراد أن أصغر الأشياء قد يفسد الأمور العظام. وأما علامته فهي: الياء، وإنما جعلوها ياء؛ لأن أَوْلَى الحروف بالزيادة حروف المد واللين، فالألف قد استبد بها الجمع فعدلوا إلى الياء؛ لأنها أقرب إلى الألف، وزعم بعض الكوفيين وصاحب الغرة: أن الألف قد تجعل علامة التصغير، واستدلوا بقول العرب في: هدهد، هداهد، يعنون التصغير، وفي دابة وشابة، دوابة وشوابة. ورد بأن الهداهد لغة في الهدهد، وأما دوابة وشوابة فألفهما بدل من ياء التصغير والأصل دويبة وشويبة؛ لأن ياء التصغير قد تجعل ألفا إذا وليها حرف مشدد. وأما شروط المصغر فأربعة: الأول: أن يكون اسما فلا يصغر الفعل ولا الحرف؛ لأن التصغير وصف في المعنى وشذ تصغير فعل التعجب، وفي كونه مقيسا خلاف تقدم في بابه. الثاني: أن يكون غير متوغل في شبه الحرف، فلا تصغر المضمرات ولا مَنْ وكيف ونحوها. وشذ تصغير بعض أسماء الإشارة والموصولات، وسيأتي. والثالث: أن يكون قابلا للتصغير فلا يصغر نحو كبير وجسيم، ولا الأسماء المعظمة شرعا، وفي أسماء شهور السنة وأيام الأسبوع قولان، والمنع مذهب سيبويه. والرابع: أن يكون خاليا من صيغ التصغير وشبهها، فإنه لا يصغر نحو كميت. فُعَيلا اجعل الثلاثي إذا... صغرته نحو قُذَيٍّ في قَذَا فُعَيْعِل مع فُعَيْعِيل لما... فاق كجَعْل درهم دُريهما أبنية التصغير ثلاثة: فُعيل وفُعيعِل وفُعيعيل، ففعيل للثلاثي مطلقا نحو: قذي في تصغير قذى، وفليس في تصغير فلس، وفعيعل وفعيعيل لما زاد على الثلاثة. أما فعيعل فللرباعي نحو: دريهم في درهم، وجعيفر في جعفر، وللخماسي المجرد إذا حذف آخره ولم يعوض نحو: فريزد في فرزدق. وأما فعيعيل فللخماسي ولما فوقه أيضا، إذا كان قبل آخره حرف لين نحو عصيفير، أو حذف منه وعوض نحو فريزيد "ولما فوقه أيضا". تنبيهات: الأول: هذه الأوزان الثلاثة من وضع الخليل -رحمه الله- فقيل له: لم بنيت المصغر على هذه الأمثلة؟ فقال: وجدت معاملة الناس على فلس ودرهم ودينار. والثاني: وزن المصغر بهذه "الأوزان" اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ تقريبا، وكراهة لتكثير الأبنية، وليس بجار على مصطلح التصريف. ألا ترى أن وزن أُحيمد ومُكيرم وسفيرج في التصغير فعيعل، ووزنها التصريفي أفيعل ومفيعل وفعيلل. الثالث: فهم من قوله: "فعيلا اجعل الثلاثي" أن في الثلاثي إذا صغر ثلاثة أعمال: ضم أوله وفتح ثانيه وإلحاق ياء ساكنة بعده. وفهم من قوله: "فعيعل مع فعيعيل لما.... فاق...." أن ما فوق الثلاثة يشارك الثلاثي في الأعمال الثلاثة ويزيد "عليه" رابعا وهو كسر ما بعد الياء إلا "فيما" سيستثنيه. الرابع: هذه الكيفية المذكورة إنما هي في المتمكن، وأما غير المتمكن فإنه يخالفه في بعضها، وسيأتي آخر الباب. الخامس: ذكروا لضم أول المصغر عللا أكثرها ظاهر الضعف، منها أنهم لما فتحوا في التكسير أول الرباعي والخماسي لم يبقَ إلا الكسر والضم، فكان الضم أولى لمكان الياء. قال معناه السيرافي. وفتحوا ثانيه لأن ياء التصغير وألف التكسير في نحو مفاعل متقابلان فحمل ما قبل الياء على ما قبل الألف. السادس: قال بعضهم: ضم أول المصغر وفتح ثانيه إنما هو فيما ليس كذلك نحو صرد أو تقول: الضمة والفتحة في المكبر غير الضمة والفتحة في المصغر كما في فلك ونحوه. وجزم ابن إياز بالثاني فقال: لو كان أول المكبر مضموما كغراب وغلام ثم صغرته لحكم بأن الضمة في التصغير غيرها في التكبير، وقال بعضهم في نحو زبرج مما قبل آخره مكسورا إذا صغر لا يغير، قال: ولو قيل: إن الكسرة في التصغير غيرها في التكبير لكان وجها. السابع: لو كان المكبر على هيئة المصغر كمبيطر ومهيمن ونحوهما من أسماء الفاعلين، فقال بعضهم: إن تصغيرها يكون بالتقدير، وظاهر التسهيل أن مثل هذا لا يصغر؛ لأنه شرط في المصغر خلوه من صيغ التصغير وشبهها. وما به لمنتهى الجمع وصِلْ... به إلى أمثلة التصغير صِلْ يعني: أنه يتوصل إلى بناء فعيعل وفعيعيل فيما زاد على أربعة أحرف "بما يتوصل به إلى منتهى الجمع" يعني: بناء مفاعل ومفاعيل "وللحاذف" هنا -من ترجيح وتخيير- ما له في التكسير فتقول في تصغير فرزدق فريزد بحذف الخامس، أو فريزق بحذف الرابع؛ لأنه يشبه الزائد، وتقول في منطلق: مطيلق بحذف النون وإبقاء الميم؛ لأنه لها مزية كما تقدم، وتقول في استخراج تخيريج -بحذف السين؛ لأن التاء أولى بالبقاء لما سبق، وتقول في حيزبون: حُزيبين بحذف الياء وإبقاء الواو مقلوبة ياء لما مر، وتقول في علندى: عليند أو عليد؛ إذ لا مزية لأحد زائديه على الآخر، وقد تقدم بيان ذلك في التكسير فأغنى عن إعادته. تنبيه: يستثنى من ذلك هاء التأنيث، وألفه الممدودة، وياء النسب، والألف والنون بعد أربعة أحرف فصاعدا، فإنهن لا يحذفن في التصغير، ولا يعتد بهن كما سيأتي. وجائز تعويض يا قبل الطرف... إن كان بعض الاسم فيهما انحذف يعني: أنه يجوز أن يعوض مما حذف في التكسير والتصغير ياء قبل الآخر، وسواء في ذلك ما حذف منه أصل نحو سفرجل فتقول في جمعه: سفارج، وإن عوضت قلت: سفاريج، وفي التصغير: سفيرج، وإن عوضت قلت: سفيريج. وما حذف منه زائد نحو منطلق فتقول في جمعه: مطالق ومطاليق، وفي تصغيره مطيلق على الوجهين. وعلم من قوله: "جائز" أن التعويض لا يلزم. تنبيه: قال في التسهيل: وجائز أن يعوض مما حذف ياء ساكنة قبل الآخر، ما لم يستحقها لغير تعويض، واحترز بقوله: "لغير تعويض" من نحو لفاغيز جمع لُغيَّزى، فإنه حذفت ألفه ولم يحتج إلى تعويض، لثبوت يائه التي كانت في المفرد. وحائد عن القياس كل ما... خالف في البابين حكما رُسِمَا مما خولف "به" القياس في التصغير نحو قولهم في المغرب: مغيربان، كأنه تصغير مغربان، وفي العشاء: عُشَيَّان، كأنه تصغير عَشِيَّان، وفي عشية: عشيشية، كأنه تصغير عشاة، وفي إنسان: أنيسيان، كأنه تصغير: أنسيان، وفيه خلاف. مذهب البصريين أنه فعلان من الأنس، وقال الشيباني: فعلان أيضا، لكن من الإيناس بمعنى الإبصار، وقال معظم الكوفيين: إنه أفعلان من النسيان فهو على الأولين من هذا النوع، وفي بنون: أبينون، كأنه تصغير أبنين، وفي ليلة: لييلية، كأنه تصغير ليلاه، وفي رجل: رويجل، كأنه تصغير راجل، وفي صبية وغلمة: أصيبية وأغيلمة، كأنهما تصغير أفعلة، فهذه الألفاظ ما استغنى فيها بتصغير مهمل عن تصغير مستعمل "وقد سمع في بعضها القياس أيضا" قالوا في صبية: صبيّة على القياس. أنشد سيبويه: صُبَيَّة على الدخان رُمْكَا... ما إن عدا أصغرهم أنْ زكَّا يقال: زك زكيكا إذا دب، قال المبرد: والصواب: ما إن عدا أكبرهم. ومما خولف به القياس في التكسير قولهم: رهط وأراهط، وباطل وأباطيل، وحديث وأحاديث، وكراع وأكارع، وعروض وأعاريض، وقطيع وأقاطيع. فهذه جموع لواحد مهمل استغنى به عن جمع المستعمل، هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب بعض النحويين إلى أنها جموع للمنطوق به على غير قياس، وذهب ابن جني إلى أن اللفظ يغير إلى هيئة أخرى ثم يجمع، فيرى في أباطيل أن الاسم غير إلى إبطيل أبطول ثم جمع، وذهب المبرد إلى أن أراهط جمع أرهط وأباطيل جمع إبطال مصدر أبطل واستغنى به عن جمع الاسم، وأعاريض تكسير إعراض مصدر أعرض. وذهب الفراء إلى أن أحاديث جمع أحدوثة بمعنى حديث، وقال ابن خروف: إن أحدوثة إنما تستعمل في المصائب والدواهي لا في معنى الحديث الذي يتحدث به، وعد بعضهم من هذا النوع قولهم: أظافير في جمع ظفر، وليال في جمع ليلة، وليستا منه، بل هما مما استغنى فيه بجمع واحد مستعمل قليلا؛ لأنهم قالوا "أظفور وليلاه، وإن كان الأشهر ليلية وظفرا، قلت: وكذا لا ينبغي أن يعد قولهم" في التصغير لييلية مما استغنى فيه بتصغير مهمل. لتلو يا التصغير من قبل علم... تأنيث أو مدته الفتح انحتم كذلك مامدة أفعال سبق... أو مد سكران وما به التحق اعلم أن ما بعد ياء التصغير إن كان حرف إعراب جرى بوجوه الإعراب: على مقتضى العوامل نحو زبيد، وإن لم يكن حرف إعراب وجب كسره كما كسر ما بعد ألف التكسير إلا خمسة أشياء: الأول: ما قبل علامة التأنيث وهي التاء والألف نحو: طلحة وسكرى، فتقول فيهما: طليحة وسكيرى -بالفتح- لوجوب فتح ما قبل تاء التأنيث، ومحافظة على بقاء الألف. ويعني بقوله: "من قبل علم" ما كان متصلا كما مثل، فلو انفصل من الياء كسر نحو دُحَيْرِجة. الثاني: ما قبل مدة التأنيث وهي الألف التي قبل الهمزة في حمراء ونحوه، فإنها ليست علامة للتأنيث عند جمهور البصريين، وإنما العلامة عندهم الألف التي انقلبت همزة، وقد تقدم بيان ذلك في التأنيث والتذكير، فتقول في تصغير حمراء: حُميراء -بالفتح- محافظة على سلامة الألف. فإن قلت: فلعله أراد بعلم التأنيث التاء وحدها، وبالمدة الألفين المقصورة والممدودة. قلت: لا يصح ذلك؛ لأن المقصورة علم تأنيث أيضا فتخصيصه بالتاء لا وجه له، وإنما عطفت المدة المذكورة على علم التأنيث؛ لعدم اندراجها فيه فهو كقوله في التسهيل: أو ألف التأنيث أو الألف قبلها. فإن قلت: قوله في شرح الكافية: فإن اتصل بما ولي الياء علامة تأنيث فتح، كتُميرة وحُبيلى وحُميراء، يقتضي أن المدة في حمراء مندرجة في قوله: "علامة تأنيث"؛ ولذلك اقتصر في الكافية على قوله: لتأنيث علم. قلت: يجوز في ذلك، والتحقيق ما تقدم. والثاني: ما قبل ألف أفعال نحو أجمال فتقول فيه: أجيمال؛ محافظة على بقاء الألف "التي" للجمع. تنبيه: أطلق الناظم أفعالا، ولم يقيده بأن يكون جمعا، فشمل المفرد، وفي بعض نسخ التسهيل: "أو ألف أفعال جمعا أو مفردا" فمثال الجمع ما ذكر، وأما المفرد فلا يتصور تمثيله على قول الأكثرين، إلا ما سمي به من الجمع؛ لأن أفعالا عندهم لم يثبت في المفردات. قال سيبويه: إذا حقرت أفعالا اسم رجل قلت: أفيعال كما تحقرها قبل أن تكون اسما، فتحقير أفعال كتحقير عطشان، فرقوا بينها وبين أفعال؛ لأنه لا يكون إلا واحدا، ولا يكون أفعال إلا جمعا. انتهى. وقد أثبت بعض النحويين أفعالا في المفردات، وجعل منه قولهم: برمة أعشار، وثوب أخلاق وأسمال، وهو عند الأكثرين من وصف المفرد بالجمع، وتصغيره أفيعال كما سبق. فإن قلت: إذا فرعنا على مذهب من أثبته في المفردات، فهل يصغر على أفيعال أو على أفيعيل؟ قلت: مقتضى إطلاق الناظم وقوله في التسهيل: جمعا أو مفردا أنه يصغر على أفيعال -بالفتح. ومقتضى قول من قال من النحويين: "أو أفعال جمعا" كأبي موسى وابن الحاجب أنه يصغر على أفيعيل -بالكسر. وقال بعض شراح تصريف ابن الحاجب: قيد بقوله: "جمعا" احترازا عما ليس بجمع نحو أعشار، فإن تصغيره أعيشير. انتهى. وقال الشارح: "أو ألف أفعال جمعا، وعلى هذا نبه بقوله سبق". انتهى. فقيد. وحمل كلام الناظم على التقييد، وكأنه جعل "سبق" قيدا لأفعال، أي ألف أفعال السابق في باب التكسير، وهو الجمع، أما تقييده فتتبع فيه أبا موسى ومن وافقه. وقال الشلوبين مشيرا إلى قول أبي موسى: هذا خطأ؛ لأن سيبويه قال: إذا حقرت أفعالا اسم رجل قلت: أفيعال كما تحقرها قبل أن تكون اسما، وأما حمل كلام الناظم على التقييد، فلا يستقيم؛ لأن قوله: "سبق" ليس حالا من أفعال فيكون مقيدا به، بل هو صلة ما، ومدة مفعول لسبق تقدم عليه، والتقدير: كذلك ما سبق مدة أفعال، وأيضا فإن الناظم أطلق في غير هذا الكتاب، بل صرح بالتعميم في بعض نسخ التسهيل. فعلى هذا يحمل كلامه. والله أعلم. الرابع: ما قبل ألف سكران ونحوه مما آخره ألف ونون زائدتان لم يعلم جمع ما هما فيه على فعالين دون شذوذ؛ ولهذا أحال الناظم على سكران، فيقال فيه سكيران؛ لأ،هم لم يقولوا في جمعه سكارين، وكذلك ما كان مثله نحو غضبان وعطشان، فإن جمع على فعالين دون شذوذ صغر على فعلين نحو سرحان وسريحين، فإنه جمع على سراحين، وإن كان جمعه على فعالين شاذا لم يلتفت إليه، بل يصغر على فعيلان، مثال ذلك: غرثان وإنسان، فإنهم قالوا: جمعهما غراثين وأناسين على جهة الشذوذ، فإن صغرا قيل فيهما: غريثان وأنيسان. وإذا ورد ما آخره ألف ونون مزيدتان، لم يعرف هل تقلب العرب ألفه ياء أو لا؟ حمل على باب سكران؛ لأنه أكثر. الخامس: ما كان قبل اسم منزل منزلة تاء التأنيث، والمراد به عجز المركب نحو بعلبك، فتقول فيه: بعيلبك، ولم يذكره هنا. وألف التأنيث حيث مدا... وتاؤه منفصلين عدا كذا المزيد آخرا للنسب... وعجز المضاف والمركب وهكذا زيادتا فَعْلانا... من بعد أربع كزَعْفَرانا وقَدِّر انفصالا ما دل على... تثنية أو جمع تصحيح جلا يعني: أنه لا يعتد في التصغير بهذه الأشياء الثمانية؛ لأنها تعد منفصلة، أي: تنزل منزلة كلمة مستقلة. ومعنى عدم الاعتداد بها أن ما قبلها يصغر غير متمم بها. الأول: ألف التأنيث الممدود نحو راهطاء. الثاني: تاء التأنيث نحو حنظلة. الثالث: ياء النسب نحو عبقري. الرابع: عجز المضاف المركب نحو عبد شمس. الخامس: عجز المركب، يعني: غير المضاف المتقدم ذكره نحو بعلبك. السادس: الألف والنون الزائدتان بعد أربعة أحرف فصاعدا، نحو زعفران وعبوثران، واحترز من أن يكونا بعد ثلاثة نحو سكران وسرحان، وقد تقدم حكمها. السابع: علامة التثنية نحو مسلمين. الثامن: علامة جمع التصحيح نحو مسلمين ومسلمات. فهذا لا يعتد بها فتقول في تصغيرها رويهطاء وحنيظلة وعبيقرى وعبيد شمس وبعيلبك وزعيفران وعبيثران ومسيلمان ومسيلمين ومسيلمات، فيقدر تمام بنية التصغير قبل الألف والتاء، وكذا سائرها. تنبيهات: الأول: هذا تقييد لإطلاق قوله: "وما به لمنتهى الجمع وصل" وقد تقدم التنبيه عليه. الثاني: ليست الألف الممدودة عند سيبويه كتاء التأنيث في عدم الاعتداد بها من كل وجه؛ لأن مذهبه في نحو جلولاء وبراكاء وقريثاء -مما ثالثه حرف مد- حذف الواو والألف والياء، فتقول في تصغيرها: جليلاء وبريكاء وقريثاء بالتخفيف بخلاف نحو فروقة فإنه يقول في تصغيرها فريقة بالتشديد، ولا يحذف، فقد ظهر أن الألف عنده يعتد بها من هذا الوجه، بخلاف التاء. ومذهب المبرد إبقاء الواو والألف والياء في جلولاء وأخويه، فيقول في تصغيرها: جليلاء وبركاء وقريثاء، بالإدغام مسويا بين ألف التأنيث وتائه. وحجة سيبويه أن لألف التأنيث الممدودة شبها بهاء التأنيث وشبها بالألف المقصورة، واعتبار الشبهين أَوْلَى من إلغاء أحدهما، وقد اعتبر الشبه بالهاء من قبل مشاركة الألف الممدودة لها في عدم السقوط وتقدير الانفصال بوجه ما فلا غنى عن اعتبار الشبه بالألف المقصورة في عدم ثبوت الواو في جلولاء ونحوها، فإنها كألف حبارى الأولى، وسقوطها في التصغير متعين عند بقاء ألف التأنيث، فكذا يتعين سقوط الواو المذكورة ونحوها في التصغير. واعلم أن تسوية الناظم هنا بين ألف التأنيث الممدودة وتائه تقتضي موافقة المبرد. ولكنه صحح في غير هذا النظم مذهب سيبويه. الثالث: اختلف أيضا في نحو "ثلاثين" علما أو غير علم، وفي نحو "جدارين، وظريفين، وظريفات" أعلاما، فمذهب سيبويه الحذف فتقول: ثُليْثون -بالتخفيف- لأن زيادته غير طارئة على لفظ مجرد، فعومل معاملة جلولاء، وكذا يفعل بما جعل علما مما فيه علامة التثنية وجمع التصحيح، نص على جميع ذلك. ومذهب المبرد إبقاء حرف المد في ذلك والإدغام كما يفعل في جلولاء واتفقا في نحو: "ظريفين، وظريفات" إذا لم يجعلن أعلاما على التشديد، ولم يذكر هنا هذا التفصيل. وألف التأنيث ذو القصر متى... زاد على أربعة لن يَثْبُتَا ألف التأنيث المقصورة أبعد عن تقدير الانفصال من الممدودة لعدم إمكان استقلال النطق بها، فلذلك تحذف في التصغير خامسة فصاعدا، فإن بقاءها يخرج البناء عن مثال فعيعيل كقولك في قرقرى ولغيزى: فريقر ولغيغز. فإن كانت خامسة وقبلها مدة زائدة جاز حذف المدة وإبقاء ألف التأنيث وجاز عكسه، وإلى هذا أشار بقوله: وعند تصغير حُبارى خَيِّر... بين الْحُبيرى فادْرِ والحبير فإن حذفت المدة قلت: الحبيرى، وإن حذفت ألف التأنيث قلت: الحبير، بقلب المدة ياء ثم تدغم ياء التصغير فيها. واردد لأصل ثانيا لينا قُلب... فقيمة صير قُويمة تُصب اعلم أن الثاني يرد إلى أصله في التصغير بشرطين: الأول: أن يكون لينا، والثاني: أن يكون بدل غير همزة تلي همزة، فاندرج في ذلك ثلاثة أنواع: أولها: ما كان لينا منقلبا عن لين نحو باب وميزان وقيمة وناب وموقن، فتقول في تصغير باب بويب؛ لأن ألفه عن واو، وفي ميزان مويزين؛ لأن ياءه عن واو، وكذلك تقول في قيمة قويمة وديمة دويمة؛ لأن الياء فيهما منقبلة عن واو، وفي ناب -وهو السن- نييب؛ لأن ألفه عن ياء، وفي موقن مييقن؛ لأن واوه عن ياء، وإنا رد الثاني في ذلك إلى أصله لزوال سبب انقلابه. وثانيها: ما كان لينا مبدلا من حرف صحيح غير همزة نحو: دينار وقيراط، فإن أصلهما دنار وقراط والياء فيهما بدل من أول المثلين، فتقول في تصغيرهما: دنينير وقريريط؛ لزوال سبب الإبدال. وثالثها: ما كان لينا مبدلا من همزة لا تلي همزة نحو ذيب فإن أصله الهمزة، والياء فيه بدل من الهمزة، فإذا صغرته قلت: ذؤيب -بالهمزة- رجوعا إلى أصله؛ لأن قلب الهمزة ياء إنما لانكسار ما قبلها. وخرج بالشرط الأول ما ليس بلين، فإنه لا يرد إلى أصله ولو كان مبدلا من لين فتقول في قائم قويئم -بالهمزة- وفي متعد متيعد خلافا للزجاج في متعد، فإنه يرده إلى أصله، فيقول فيه: مويعد، والأول مذهب سيبويه، وهو الصحيح؛ لأنه إذا قيل فيه مويعد أوهم أن مكبره موعد، أو موعد، ومتيعد لا إبهام فيه. وخرج بالشرط الثاني ما كان لينا مبدلا من همزة تلي همزة كألف آدم وياء أيمة فإنهما لا يردان إلى أصلهما، أما آدم فتقلب ألفه واوا، وأما أيمة فيصغر على لفظه. تنبيهات: الأول: ضابط هذا الفصل إنما أبدل لعلة ما لا تزول بالتصغير "فإنه لا يرد إلى أصله" وما أبدل لعله تزول بالتصغير رد إلى أصله. الثاني: ظهر بما ذكرناه أن قوله في شرح الكافية "وهو -يعني الرد- مشروط بكون الحرف حرف لين مبدلا من لين" غير محرر، بل ينبغي أن يقول "مبدلا من غير همزة تلي همزة" كما ذكر في التسهيل. الثالث: ظاهر قوله: "لينا قلب" أن مراده قلب عن لين، كما قال في الكافية: واردُدْ لأصل ثانيا أُبدلَ من... ذي اللين عينا فهو بالرد قَمِنْ وذلك لأن القلب في اصطلاح أهل التصريف لا يطلق على إبدال حرف لين من حرف صحيح، ولا عكسه، بل على إبدال حرف علة من حرف علة آخر، وإذا كان كذلك فمفهومه يوهم اشتراط كونه مبدلا من لين، صرح به في شرح الكافية. فإن قلت: فلعل مراده بالقلب هنا مطلق الإبدال، فيشمل ما كان مبدلا من لين وما كان مبدلا من غيره. قلت: إذا حمل على هذا ورد عليه "ما كان بدلا من همزة تلي همزة" فإنه لم يستثنه. الرابع: أجاز الكوفيون في نحو ناب مما ألفه ياء نويب بالواو، وأجازوا أيضا إبدال الياء في نحو شيخ واوا، ووافقهم في التسهيل على جوازه فيهما جوازا مرجوحا، ويؤيده أنه سمع في بيضة بويضة، وهو عند البصريين شاذ. وقوله: "وشذ في عيد عييد" وجه شذوذه أنهم صغروه على لفظه، ولم يردوه إلى أصله، وقياسه عويد؛ لأنه من عاد يعود، فلم يردوا الياء إلى الأصل. قال الشارح: حملا على قولهم: في جمعه أعياد. قلت: وقال غيره: فيه نظر؛ لأنهم قالوا: جمعوه على أعياد فرقا بينه وبين جمع عود فينبغي أن يقال: وصغروه على عييد فرقا بينه وبين تصغير عود، ولا حاجة إلى جعل أحدهما محمولا على الآخر. وقوله: ..................... وحُتم... للجمع من ذا ما لتصغير عُلم يعني: يجب لجمع التكسير من رد الثاني إلى أصله ما وجب للتصغير، كقولك في باب وناب وميزان أبواب وموازين، إلا ما شذ كأعياد وقوله: حِمى لا يحل الدهر إلا بإذننا ولا نسأل الأقوام عقد المياثق يريد: المواثق. والألف الثان المزيد يُجعل... واوا كذا ما الأصل فيه يُجهل الألف إذا كانت ثانية فلها خمسة أقسام: الأول: مبدل من ياء كناب. والثاني: مبدل من واو كباب. والثالث: مجهول الأصل كعاج وصاب. والرابع: زائد كضارب. والخامس: مبدل من همزة كآدم. فأما الأولان فتقدم أنهما يردان إلى الأصل، وأما الثالث والرابع فينقلبان واوا، وإليهما أشار بقوله في البيت، فيقال: عويج وصويب وضويرب. وأما الخامس: فينقلب واوا أيضا نحو أويدم، ولم ينبه عليه. واعلم أن حكم التكسير في إبدال الثاني كحكم التصغير؛ فتقول: ضوارب وأوادم. وكمل المنقوص في التصغير ما... لم يَحْوِ غير التاء ثالثا كَمَا المنقوص هنا هو العام، وهو ما حذف منه أصل الخاص، وهو ما حرف إعرابه ياء لازمة قبلها كسرة. فإذا صغر المنقوص المذكور كمل بأن يرد ما حذف منه إن كان على حرفين نحو "خذ" مسمى به -وثبة ويد- فتقول فيها: أخيذ وثييبة ويدية -برد فاء الأول وعين الثاني ولام الثالث. وإن كان على ثلاثة والثالث تاء التأنيث لم يعتد بها، ويكمل أيضا كما يكمل الثنائي، نحو عدة وسنة، فتقول فيهما: وعيدة وسنيهة أو سنية، برد فاء الأول ولام الثاني. فإن قلت: فهل ورد من هذا النوع محذوف العين؟ قلت: لا أعرف لذلك مثالا إلا لفظا واحدا فيه خلاف وهو ثبة، ذهب الزجاج إلى أنها محذوفة العين من ثاب يثوب، وذهب غيره إلى أنها محذوفة اللام من ثبيت إذا جمعت، وهو الأولى. وهذا الخلاف إنما في الثبة التي هي مجتمع الماء من وسط الحوض. وأما الثبة التي هي الجماعة من الناس، فهي من محذوفة اللام، لا أعرف في ذلك خلافا. وإن كان للمنقوص ثالث غير الياء لم يرد إليه ما حذف؛ لعدم الحاجة إليه؛ لأن بنية فعيل تتأتى بدونه؛ فتقول في هار وشاك وميت: هوير، وشويك، ومييت، وإلى هذا أشار بقوله: ................... ما... لم يحو غير التاء ثالثا... ففهم منه أنه إن حوى ثالثا غير التاء لم يرد إليه المحذوف، وإن كان الثالث هو التاء لم يعتد بها ورد إليه. تنبيهات: الأول: شذ قول بعض العرب في هار هوير -برد المحذوف- ولا يقاس عليه، خلافا لأبي عمرو، ونقل أيضا عن يونس والمازني إلا أن أبا عمرو ويونس يردان الهمزة في خير وشر، والمازني لا يردها فيهما. الثاني: إنما قال: "غير التاء"، ولم يقل: غير الهاء، ليشمل تاء بنت وأخت؛ فإنها لا يعتد بها أيضا، بل يقال: بنية وأخية -برد المحذوف. الثالث: يعني بقوله: "ثالثا" ما زاد على حرفين، ولو كان أولا أو وسطا، فالأول كقولك في تصغير يرى: يُري، فلا يرد اعتدادا بحرف المضارعة، وأجاز أبو عمرو والمازني الرد؛ فيقولان: يُريْ. ويونس يرد ولا ينون على أصل مذهبه في يعيل ونحوه، ويقدم مثال الوسط. فإن قلت: كان ينبغي أن يقول: ما لم يحو غير التاء أو همزة الوصل؛ لأن همزة الوصل لا يعتد بها أيضا، بل يرد المحذوف فيما هي فيه. قلت: لا يحتاج إلى ذلك، فإن ما فيه همزة الوصل إذا صغر حذفت فيبقى على حرفين لا ثالث لهما نحو: اسم وابن، تقولم في تصغيرهما: سمي وبني، بحذف همزة الوصل استغناء عنها بتحريك الأول. وقوله: "كما" أشار إلى الثنائي وضعا يكمل أيضا في التصغير توصلا إلى بناء فعيل إلا أن هذا النوع لم يعلم له ثالث، فيرد بخلاف النوع السابق. وأجاز في الكافية والتسهيل في الثنائي وضعا وجهين: أحدهما: أن يكمل بحرف علة، فتقول في عن وهل -مسمى بهما- عني وهلي. والآخر: أن يجعل من قبيل المضاعف، فتقول فيهما: عنين وهليل، وصرح في التسهيل بأن الأول أولى، وبه جزم الشارح. فإن قلت: إذا كمل بحرف علة فهل يكمل بياء أو بواو؟ قلت: خير بعضهم فقال: واو أو ياء، وظاهر كلام المصنف أنه ياء "لأنه" شبهه بدم، ونص الأبدي على أنه ياء، وهو الأظهر. تنبيهان: الأول: لا يظهر لهذين الوجهين أثر لفظي في نحو "ما" الاسمية والحرفية إذا سمي بهما، فإنك تقول على التقديرين: مُوَى، وهو واضح. الثاني: في قوله "كما" نظر؛ لأنه أراد التمثيل، فليس بجيد؛ لأن ما ونحوه من الثنائي وضعا، ليس من قبيل المنقوص فكيف يمثل به، وإن أراد التنظير، فليس نظير المنقوص إلا في مطلق التكميل؛ لأن المنقوص يرد إليه ما حذف منه، وهذا لم يعلم له محذوف، فلا يؤخذ إذ ذاك من كلامه إلا أن نحو "ما" يكمل كما يكمل المنقوص، ولا يدرى بما يكمل، والله أعلم. ومَنْ بترخيم يُصغر اكتفى... بالأصل كالعُطَيف يَعني المِعْطَفَا من التصغير نوع يسمى تصغير الترخيم، وهو تصغير الاسم بتجريده من الزوائد، فإن كانت أصوله ثلاثة صغر على فعيل، وإن كانت أصوله أربعة صغر على فعيعل فتقول في معطف: عطيف، وفي أزهر: زهير، وفي حمدان وحامد ومحمود وأحمد: حميد، وتقول في قرطاس وعصفور: قريطس وعصيفر. تنبيهات: الأول: إذا كان المصغر تصغير الترخيم ثلاثي الأصول، ومسماه مؤنث، لحقته التاء، فتقول في غلاب وسعاد وحبلى: غليبة وسعيدة وحبيلة. الثاني: إذا صغرت نحو حائض وطالق من الأوصاف الخاصة بالمؤنث تصغير الترخيم، قلت: حييض وطليق؛ لأنها في الأصل صفة لمذكر. الثالث: شذ في تصغير إبراهيم وإسماعيل بريه وسميع، فحذفوا من كل منهما أصلين وزائدين؛ لأن الهمزة فيهما والميم واللام أصول، أما الميم واللام فباتفاق، وأما الهمزة ففيها خلاف: مذهب المبرد أنها أصلية، ومذهب سيبويه أنها زائدة، وينبغي عليهما تصغير الاسمين لغير ترخيم، فقال المبرد: أبيريه، وقال سيبويه: بريهيم وسميعيل، وهو الصحيح الذي سمعه أبو زيد وغيره من العرب، وعلى هذا ينبغي جمعها؛ فقال الخليل وسيبويه: براهيم وسماعيل، وعلى مذهب المبرد أباريه وأساميع، وحكى الكوفيون براهم وسماعل بغير ياء، وبراهمة وسماعلة، والهاء بدل من الياء. وقال بعضهم: أباره وأسامع، وأجاز ثعلب براه كما يقال في تصغيره بريه، والوجه أن يجمعا جمع سلامة، فيقال: إبراهيمون وإسماعيلون. الرابع: لا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، خلافا للفراء وثعلب، وقيل: وللكوفيين، بدليل قول العرب: "يجري بليق ويذم" تصغير أبلق، ومن كلامهم: "جاء بأم الربيق على أريق". قال الأصمعي: تزعم العرب أنه من قول رجل رأى الغول على جمل أورق، فقلبت الواو في التصغير همزة. وأما قولهم: "عرف حميق جمله" فلا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون تصغير حمق. واختم بتا التأنيث ما صَغَّرْتَ مِنْ... مؤنث عارٍ ثلاثي كَسِنّ تلحق تاء التأنيث في تصغير الاسم المؤنث بلا علامة إذا كان ثلاثيا في الأصل أو في الحال أو في المآل. فالأول: نحو يد فإنه ثلاثي في الأصل، فتقول في تصغيره: يدية. والثاني: نحو سن ودار، فتقول في تصغيرهما: سنينة ودويرة. والثالث: نوعان: أحدهما: ما كان رباعيا بمدة قبل لام معتلة، فإنه إذا صغر تلحقه التاء نحو سماء وسمية؛ وذلك لأن الأصل فيه سمييي -بثلاث ياءات- الأولى ياء التصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة: بدل لام الكلمة، فحذفت إحدى الياءين على القياس المقرر في هذا الباب، فبقي الاسم ثلاثيا، فلحقته التاء كما تلحق الثلاثي المجرد. والآخر: ما صغر تصغير الترخيم مما أصوله ثلاثة، وقد تقدم بيانه. ثم استثنى من هذا الضابط نوعين لا تلحقهما التاء، وأشار إلى الأول منهما بقوله: ما لم يكن بالتا يُرى ذا لَبْس... كشجر وبقر وخَمْس يعني: أن التاء لا تلحق اسم الجنس الذي يتميز من واحده بنزع التاء نحو شجر وبقر فتقول في تصغيرهما: شجير وبقير؛ إذ لو قلت في تصغيرهما شجيرة وبقيرة؛ لالتبس بتصغير شجرة وبقرة، ولا تلحق أيضا بضعا وعشرا وما دونهما من عدد المؤنث، بل يقال: بضيع وعشير؛ إذ لو قيل: بضيعة وعشيرة؛ لتوهم أن ذلك عدد مذكر، ثم أشار إليه الثاني بقوله: وشذ ترك دون لبس. يعني: شذ ترك التاء دون لبس، في ألفاظ مخصوصة لا يقاس عليها، وهي: ذود، وشول وناب -للمسن من الإبل- وحرب وفرس وقوس ودرع -للحديد- وعرس وضحى ونعل ونَصَف، وبعض العرب يذكر الحرب والدرع والعرس، فلا يكون من هذا القبيل، وبعضهم ألحق التاء في عرس وقوس، فقال: عريسة وقويسة. تنبيهات: الأول: لم يتعرض في الكافية والتسهيل إلى اسثناء النوع الأول أعني: نحو شجر وخمس. الثاني: كان ينبغي أن يستثني نوعا آخر وهو طالق من أوصاف المؤنث، إذا صغر تصغير الترخيم، وقد تقدم التنبيه عليه. الثالث: لا اعتبار في العلم بما نقل عنه من تذكير وتأنيث، بل تقول في رمح -علم امرأة- رميحة، وفي عين -علم رجل- عيين، خلافا لابن الأنباري في اعتبار الأصل، فتقول في الأول: رميح، وفي الثاني: عيينة، واستدل بقولهم: عيينة بن حصن ونحوه، وأجيب بأن ذلك مما نقل مصغرا. الرابع: إذا سميت مؤنثا ببنت وأخت حذفت هذه التاء ثم صغرت وألحقت تاء التأنيث فتقول: بنية وأخية، وإذا سميت بهما مذكرا لم تلحق التاء، فتقول: بني وأخي. وقوله: ................ وندر... لحاق تا فيما ثلاثيا كَثر أي: ندر لحاق التاء في تصغير ما زاد على ثلاثة، وذلك قولهم في وراء: وريئة -بالهمزة- وفي أمام: أميمة، وفي قدام: قديديمة. وقوله: "كثر" بمعنى فاقه في الكثرة و"ثلاثيا" مفعوله تقدم عليه. تنبيه: أجاز أبو عمرو أن يقال في تصغير جبارى ولغيزى: حبيرة ولغيغيزة، فيجاء بتاء عوضا من الألف المحذوفة، وظاهر التسهيل موافقته، فإنه قال: ولا تلحق التاء دون شذوذ غير ما ذكر، إلا ما حذفت منه ألف التأنيث خامسة أو سادسة. وصغروا شذوذا الذي والتي... وذا مع الفروع منها تا وتِي التصغير من جملة التصريف في الاسم، فحقه ألا يدخل غير المتمكن، إلا أن أسماء الإشارة والموصولات شابهت المتمكن؛ لكونها توصف ويوصف بها، فلذلك استبيح تصغير بعضها، لكن على وجه خولف به تصغير المتمكن، فترك أولها على ما كان عليه قبل التصغير، وعوض منه ضمة ألف مزيدة في الآخر، ووافقت المتمكن في زيادة ياء ثالثة ساكنة بعد فتحة، فقيل في الذي والتي: اللذيا واللتيا، وفي تثنيتهما: اللذيان واللتيان، وأما الجمع فقال سيبويه في جمع الذي اللذيون رفعا واللذيين جرا ونصبا -بالضم قبل الواو والكسر قبل الياء- وقال الأخفش: اللذيون واللذيين -بالفتح- كالمقصور. ومنشأ الخلاف من التثنية، فسيبويه يقول: حذفت ألف اللذيا في التثنية تخفيفا وفرقا بين المتمكن وغيره، والأخفش يقول: حذفت لالتقاء الساكنين. قال بعضه: ولم ينقل عن العرب ما يستند إليه في جمع الذي. قالوا في جمع التي: اللتيات، وهو جمع للتيا تصغير التي، ولم يذكر سيبويه من الموصولات التي صغرت غير اللذيا واللتيا وتثنيتهما وجمعهما. وقال في التسهيل: واللتيات واللوايتا في اللاتي، واللويا واللويون في اللائي واللائين، فزاد تصغير اللاتي واللائين. وظاهر كلامه أن اللتيات. واللويتا كلاهما تصغير اللاتي، أما اللويتا فصحيح، ذكره الأخفش. وأما اللتيات فإنما هو جمع اللتيا كما سبق، فتجوز في جعله تصغير اللاتي. ومذهب سيبويه أن اللاتي لا يصغر استغناء بجمع اللتيا، وأجاز الأخفش أيضا اللويا في اللاي غير مهموز، وأجاز غيره اللويا في اللائي، وقال في اللائين: اللويئون. قيل: والصحيح أنه لا يجوز تصغير اللاتي ولا اللواتي، وهذا مذهب سيبويه. وصغروا من أسماء الإشارة ذا وتا، فقالوا: ذيا وتيا، وفي التثنية: ذيان وتيان، وقالوا في أولى بالقصر: أوليا، وفي أولاء بالمد: أولياء، ولم يصغروا منها غير ذلك. تنبيهات: الأول: لأسماء الإشارة في التصغير من التثنية والخطاب ما لها في التكسير. الثاني: أن اصل ذيا وتيا ذييا وتييا، بثلاث ياءات، الأولى عين الكلمة، والثانية للتصغير، والثالثة لام الكلمة، فاستثقلوا ذلك مع زيادة الألف آخره فحذفت الياء؛ لأن ياء التصغير لمعنى فلا تحذف، ولأن الثالثة لو حذفت لزم فتح ياء التصغير لأجل الألف. فإن قلت: ما الداعي إلى هذا التقدير؟ قلت: الداعي إليه المحافظة على ما استقر لياء التصغير من كونها لا تلحق إلا ثالثة. الثالث: ما ذكر من التقدير إنما يستقيم على قول البصريين أن ذا ثلاثي في الوضع وأن ألفه عن ياء، وعين الكلمة محذوفة، وهي ياء أيضا. وذهب بعضهم إلى أن عينه واو فتكون من باب طويت، وقد قيل: إن هذه الألف هي العين واللام هي المحذوفة. وأما على مذهب الكوفيين والسهيلي فلا يستقيم؛ لأن الألف عندهم زائدة، وهو مما وضع على حرف واحد. وذهب قوم منهم السيرافي إلى أن ذا ثنائي في الوضع، والتقدير السابق فيه يمكن، لأن يكمل في التصغير كما تقدم في ماء. الرابع: ذكروا أن الألف في آخر هذه الأسماء عوض من ضم أولها. قيل: ويرده ما حكي من ضم لام اللذيا واللتيا، وذكر في التسهيل أن الضم لغة. الخامس: زيادة الألف في أُليّا -بالقصر- ظاهرة؛ لأن ألفه أبدلت ياء وأدغمت ياء التصغير فيها. وأما أُليّاء -بالمد- فمذهب المبرد أن الألف المزيدة ألحقت قبل الهمزة لئلا يصير الممدود مقصورا، فالياء الأولى للتصغير والثانية منقلبة عن ألف أولاء، والألف التي قبل الهمزة هي المزيدة. ومذهب الزجاج أن الألف زيدت آخرا كما في أخواته، لكنه يرى أن أصل همزة أولاء ألف، فزيدت الياء ثالثة وقلبت الألف التي بعدها وأعيدت الهمزة إلى أصلها وزيدت ألف العوض آخرا. واعلم أن في همزة أولاء ثلاثة مذهب: أحدها: أنها عن ياء وهو مذهب المبرد. والثاني: أن أصلها ألف وهو مذهب الزجاج. والثالث: أنها أصلية غير مبدلة من شيء "يل إلا" مما فاؤه همزة ولامه همزة وهو مذهب الفارسي وقد تقدمت "هذه المذاهب في باب اسم الإشارة". فإن قلت: كيف زعموا أن الألف المزيدة في ألياء وأليا للعوض وأولها مضموم؟ قلت: الضمة فيهما ليست المجتلبة للتصغير، بل هي الموجودة في حل التكبير. السادس: اعلم أن قول الناظم: وصغروا شذوذا...، البيت معترض من ثلاثة أوجه: أولها: أنه لم يبين الكيفية، بل ظاهره أن تصغيرها كتصغير المتمكن. وثانيها: أن قوله: "مع الفروع" ليس على عمومه؛ لأنهم لم يصغروا جميع الفروع. وثالثها: أن قوله: "منها تا وتِي" يوهم أن تِي صغر كما صغرتا، وقد نصوا على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا تا، وهو المفهوم من التسهيل، فإنه قال: لا يصغر من غير المتمكن إلا ذا والذي وفروعهما الآتي ذكره، ولم يذكر من ألفاظ المؤنث غير تا.
|