الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.وفاة السلطان محمد وملك ابنه محمود. ثم توفي السلطان محمد بن ملك شاه آخر ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من ملكه بعد أن أجلس ولده محمودا على الكرسي قبل وفاته بعشر ليال وفوض إليه أمور الملك فلما توفي نفذت وصيته لابنه محمود فأمره فيها بالعدل والإحسان وخطب له ببغداد وكان مناهز الحلم وكان السلطان محمد شجاعا عادلا حسن السيرة وله آثار جميلة في قتال الباطنية قد مر ذكرها في أخبارهم ولما ولي قام بتدبير دولته الوزير أبو منصور وأرسل إلى المستظهر في طلب الخطبة ببغداد له في منتصف المحرم من سنة اثنتي عشرة وأقر طهرون شحنة على بغداد وقد كان السلطان محمد ولاه عليها سنة اثنتين وخمسمائة ثم عاد البرسقي وقاتله وانهزم إلى عسكر السلطان محمود على الحلة دبيس بن صدقة وقد كان عند السلطان محمد منذ قتل أبوه صدقة وأحسن إليه وأقطعه وولي على الحلة سعيد بن حميد العمري صاحب جيش صدقة فلما توفي رغب من ابنه السلطان محمود العود إلى الحلة فأعاده واجتمع عليه العرب والأكراد..وفاة المستظهر وخلافة ابنه المسترشد. ثم توفي المستظهر بن المقتدي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة منتصف ربيع الآخر ونصب للخلافة ابنه المسترشد واسمه الفضل وقد تقدم ذلك في أخبار الخلفاء..خروج مسعود ابن السلطان محمد على أخيه محمود. تقدم لنا أن السلطان ولى على الموصل ابنه مسعودا ومعه حيوس بك وأن السلطان محمود اودبيس بن صدقة سارا إلى الحلة فلما توفي السلطان محمد وولي ابنه محمود سار مسعود من الموصل مع اتابك حيوس بك ووزيره فخر الملك علي بن عمار وقسيم الدولة وزنكي بن اقسنقر صاحب سنجار وأبي الهيجاء صاحب أربل وكرباوي بن خراسان صاحب المواريح وقصدوا الحلة فدافعهم دبيس فرجعوا إلى بغداد وسار البرسقي إلى قتالهم فبعث إليه حيوس بك بأنهم إنما جاؤا لطلب الصريخ على دبيسن صاحب الحلة فاتفقوا وتعاهدوا ونزل مسعود بدار الملك ببغداد وجاء الخبر بوصول عماد الدين منكبرس الشحنة وقد كان البرسقي هزم ابنه حسينا كما مر فسار بالعساكر إلى البرسقي فلما علم بدخول مسعود إلى بغداد عبر دجلة من النعمانية إلى دبيس بن صدقة فاستنجده وخرج مسعود وحيوس بك والبرسقي ومن معهم للقائهم وانتهوا إلى المدائن فأتتهم الأخبار بكثرة جموع منكبرس ودبيس فرجعوا وأجازوا نهر صرصر ونهبوا السواد من كل ناحية وبعث المسترشد إلى مسعود والبرسقي والحث على الموادعة والصلح وجاءهم الخبر بأن منكبرس ودبيس بعثا مع منصور أخي دبيس وحسين بن أرز وبني منكبرس عسكرا لحماية بغداد فرجع البرسقي إلى بغداد دليلا ومعه زنكي بن أقسنقر وترك ابنه عز الدين مسعودا على العسكر بصرصر فالتقى ومنع عسكر منكبرس من العبور وأقام يومين ثم وافاه كتاب ابنه بأن الصلح تم بين الفريقين بعده ففشل وعبر إلى الجانب الغربي ومنصور وحسين في أثره ونزلا عند جامع السلطان وخيم البرسقي عند القنطرة القبلية وخيم مسعود وحيوس بك عند المارستان ودبيس ومنكبرس تحت الرقة وعز الدين مسعود بن البرسقي عند منكبرس منفردا عن أبيه وكان سبب انعقاد الصلح أن حيوس بك أرسل إلى السلطان محمود يطلب الزيارة له وللملك مسعود فأقطعهما أذربيجان ثم وصل الخبر بمسيرهما إلى بغداد فاستشعر منهما العصيان وجهز العساكر إلى الموصل فكتب إليه رسوله بذلك ووقع الكتاب بيد منكبرس الشحنة فبعث إليه وضمن له إصلاح الحال له وللسلطان مسعود وكان منكبرس متزوجا بأم السلطان مسعود وإسمها سرجهان فكان يؤثر مصلحته فاستقر الصلح واتفقوا على إخراج البرسقي من بغداد إلى الملك وأقام عنده واستقر منكبرس شحنة بغداد وساء أثره في الرعية وتعرض لأموال الناس وحرمهم وبلغ الخبر إلى السلطان محمود فاستدعاه إليه فبقي يدافع ثم سار خوفا من عامة بغداد والله سبحانه وتعالى أعلم..خروج الملك طغرل على أخيه السلطان محمود. كان الملك طغرل بن السلطان محمد عند وفاة أبيه مقيما بقلعة سرجهان وكان أبوه أقطعه سنة أربع سماوة وآوه وزنجان وجعل اتابك الأمير شيركير الذي حاصر قلاع الإسماعيلية كما مر في أخبارهم وكان عمره يومئذ عشرا فأرسل السلطان محمد الأمير كسعدي أتابكا له وأعجله إليه وكان كسعدي حاقدا عليه فحمل طغرل على العصيان ومنعه من المجيء إلى أخيه وانتهى ذلك إلى محمود فأرسل إلى أخيه بتحف وخلع وثلاثين ألف دينار ومواعد جميلة فلم يصيخوا إليها وأجابه كسعدي إننا في الطاعة ومعترضون لمراسم الملك فسار إليهم السلطان مغذا ليكسبهم وجعل طريقه على قلعة شهران التي فيها ذخائر طغرل وأمواله ونما الخبر إلى طغرل وكسعدي فخرجا من العسكر في خفية قاصدين شهران وأخلى الطريق عنها لما سبق من اللطف فوقعا على قلعة سرجهان وجاء السلطان إلى العسكر فأخذ خزائن أخيه طغرل وفيها ثلثمائة ألف دينار ثم أقام بزنجان أياما ولحق منها بالري ولحق طغرل وكسعدي بكنجة واجتمع إليه أصحابه وتمكنت الوحشة بينه وبين أخيه.
|